السيطرة على مساجد السنة.. هل ينتصر الرفض الشعبي السوري على مشروع إيران في دير الزور؟
الأربعاء 15/ديسمبر/2021 - 02:22 م
طباعة
علي رجب
كشف تقرير سوري عن تغلغل النظام الإيراني في سوريا، عبر مؤسسات اجتماعية وثقافية، بما يخدم المشروع الايراني في سوريا.
السيطرة على المساجد السنية
وبدأت منظمة جهاد البناء الإيرانية في الشروع في ترميم المساجد “السنة” المدمرة وتغيير أسمائها لترك بصمتها في محافظة دور الزور شرق سوريا، والتي تشهد نشاط إيراني ومحاولة طهران تغيير الهوية المذهبية للمنطقة، بوجود جماعات شيعية موالية لها.
وفي سياق ذلك، غيرت اسم جامع الفاروق في حي الطيبة بأطراف مدينة الميادين إلى جامع الحمزة بعد أن قامت بإعادة ترميمه على نفقتها، وفقا للمرصد السورى لحقوق الانسان.
كما رممت جامع الفاروق في بلدة محكان بريف الميادين وغيرت اسمه إلى مسجد محكان الكبير.
وأشار المرصد السوري في 25 نوفمبر الماضي، إلى أن الوقف الإسلامي الشيعي في مدينة ديرالزور يدير عددًا من المساجد بعد أن كانت لأبناء الطائفة السنية، ففي حي الجورة جامع الحسن والحسين، ومسجد عمار بن ياسر في حي العمال ومساجد أخرى في حي هرابش وبلدة الحسينية، وجامع عبدالرحمن بن عوف في حي جمعيات الحزب، وجامع الكراج وجامع عبدالله بن عباس في مدينة البوكمال.
النشاط الثقافي والاجتماعي
وعلى صعيد النشاط الثقافيى والاجتماعي الايراني في دير الزور، أقام الوقف الإسلامي الشيعي بدعم من الميليشيات الإيرانية حسينيات في بلدة حطلة شرق نهر الفرات، وقاموا بالاستيلاء على قبة الإمام علي في بلدة السويعية بريف دير الزور.
كما تقدّم إيران نفسها للمجتمع المحلي في محافظة دير الزور، وتعمل للتقرب منه عبر نشاطات ثقافية وخدمات، تغلّفها بطابع إنساني، إلا أنها ترمي من ورائها إلى بسط السيطرة، بحسب ما يقوله شهود.
ايضا يشكّل المركز الثقافي الإيراني- اسس في منتصف 2018- نموذجًا للجهات التي تنشط داخل محافظة دير الزور، إذ افتتح المركز فروعًا له في مختلف مدن المحافظة، وادعى مديره السابق، “أبو صادق”، في حديث لقناة “سما“، أن هدف المركز رسم الفرح على وجوه أبناء دير الزور وأطفالها، وتعهّد بإقامة المزيد من المهرجانات في مدن البوكمال والميادين بريف المحافظة.
وأنشأت إيران ثلاثة مراكز ثقافية أساسية في مدن دير الزور والميادين والبوكمال، وتعتبر الأنشط من حيث الفعاليات التي تُقام واهتمام المسؤولين الإيرانيين، إضافة إلى وجود مراكز فرعية في مناطق أخرى غربي دير الزور كبلدة التبني.
تتفرع أنشطة المركز الثقافي الإيراني في المحافظة إلى أكثر من مجال، منها الثقافي الديني، والصحي والإغاثي، والتعليمي.
في شهر شباط 2020، نشرت شبكة “عين الفرات” أيضًا، فيديو يظهر مركز الكشّاف التابع للمركز الثقافي الإيراني في حي القصور بمدينة دير الزور، الذي تتخذ منه الميليشيات الإيرانية مركزًا لنشاطات تستهدف الأطفال، من خلال إقامة الاحتفالات، وتكريم الطلاب بهدف “تشييعهم”، وإرسالهم رحلات إلى إيران والسيدة زينب بدمشق، التي أصبحت معقلًا للميليشيات الإيرانية ومركزًا لنشر التشيّع.
كما عمدت الميليشيات الإيرانية منذ السيطرة على أجزاء من محافظة دير الزور وبدعم من المركز الثقافي الإيراني، إلى افتتاح أو إعادة تأهيل مستشفيات ومراكز طبية تنتشر في مدن وبلدات محافظة دير الزور غرب نهر “الفرات”.
وتقدم تلك المراكز خدماتها الطبية، كما تشمل توزيع لقاحات للأطفال وأدوية للسكان، خصوصا أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة كالقلب والسكري، كما شهدت بعض المراكز مع انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) مؤخرًا، تقديم عناية طبية لمصابي الفيروس، إلى جانب توزيع أقنعة طبية وفيتامين “سي” على الأهالي.
وبالمثل، يتمّ الإعلان بشكل كبير عن المنح الدراسية للدراسة في الخارج والتي تستهدف الطلاب المهتمين بمتابعة الدراسات الدينية والعودة إلى سوريا كدعاة مبشرين بمذهب الإثني عشرية. وتخصص المنح الدراسية للفئات العمرية بدءاً من أطفال المدارس الابتدائية ووصولاً إلى الطلاب الذين هم في الثلاثينات من عمرهم. وقد سبق لحوالي مائة طالب من دير الزور أن سافروا إلى إيران للالتحاق بهذا البرنامج (الصغار برفقة أولياء أمورهم). بالإضافة إلى ذلك، يدير أساتذة إيرانيون ثلاث مدارس في الميادين والبوكمال ومدينة دير الزور، حيث يدّرسون اللغة الفارسية والتاريخ إلى جانب مواد أخرى؛ وتفيد بعض التقارير عن التحاق نحو مائتي طالب بهذه المدارس.
أيضا عملت إيران على التقرب من وجهاء وشخصيات عشائرية، لتوسيع نفوذها في محافظة دير الزور، ويعتبر نواف البشير، المعارض السابق البارز وشيخ عشيرة “البقارة” وقائد فيلق “أسود سوريا“، الذي عاد إلى سوريا بعد زيارته لموسكو وطهران بداية عام 2017، أبرز الشخصيات التي اعتمدت عليها إيران للتغلغل داخل العشائر السورية، بعد أن نسبوا عشيرته لآل البيت.
البشير زار طهران في أكثر من مناسبة مع وفود من عشائر دير الزور، توجَّه لهم دعوات بشكل دوري من إيران لزيارتها، بحسب ما أكده الدكتور أنس الفتيح لمعدّ التحقيق.
نفوذ الميليشيات
وتسعى إيران إلى توزيع المهام بين ميليشياتها على الأرض لضمان الحفاظ على المكاسب واستمرار النفوذ الإيراني، فقد أنشأت الميليشيات الإيرانية مزارات للحجاج الشيعة، أهمها مزار “عين علي” في بادية القورية شرق ديرالزور على خط البادية الشامية، وهي منطقة أثرية موجودة منذ مئات السنين ومعروفة بإسم “عين أباغ” إلا أن الميليشيات الشيعية قامت بالاستيلاء عليها وجعلتها مزارًا للحجاج الشيعة من خارج سوريا، فضلاً عن قيامهم بمصادرة الأراضي التي تقع قرب المزار لبناء استراحات وفنادق لاستقبال الزوار.
وفي الوقت نفسه، تقوم إيران ببناء قاعدتين عسكريتين جديدتين في المنطقة: إحداهما في الضواحي الغربية لمدينة الميادين، والأخرى أكبر حجماً في البوكمال أُطلق عليها اسم "الإمام علي". ويتمّ بناء القاعدتين بالتعاون مع "جهاد البناء" و"منظمة الإمام الحسين"، وهما مؤسستان ترعاهما إيران ولهما فروع في مدن دير الزور، الميادين، والبوكمال. وستعزز هاتين المنشأتين هدف طهران المتمثل في السيطرة على طريق استراتيجي رئيسي: من البوكمال شمالاً إلى محطة ضخ النفط في الميادين "تي-2"؛ ومن ثم غرباً إلى التياس التي تضّم محطة الضخ/القاعدة الجوية السورية "تي-4"؛ وأخيراً إلى سهل البقاع في لبنان، المعقل الرئيسي لـ "حزب الله".
في الآونة الأخيرة، دفع هذا المزيج من الآليات الإيرانية بسكان محافظة دير الزور إلى تنظيم احتجاجات ضد الحكومة السورية وانتقاد الوجود الايراني وتأثيره الاجتماعي والثقافي على هذه المناطق، رافضين الوجود الايراني ومطالبين بإخراج ايران وميليشياتها من دير الزور وشرق سوريا، في ظل غياب تام من قبل الحكومة السورية وسيطرة طهران على مقاليد الأمور في دير الزور ومناطق الحدود السورية العراقية.
ويعتبر احتجاجات ورفض السوريين للوجود الايراني، حجر عثرة أمام هدف إيران المتمثل بتأسيس "هلال شيعي" عبر العراق وسوريا ولبنان، فهل ستنجح الارادة الشعبية السورية في انهاء الوجود الايراني في شرق سوريا؟.