المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني... حراك لبناني لمواجهة نفذو حزب الله
في خطوة جديدة لمواجهة نفوذ حزب الله اللبناني، أعلن أكثر من 200 سياسي لبناني تأسيس "المجلس الوطني لرفع الاحتلال
الايراني عن لبنان" بقيادة النائب اللبناني السابق أحمد فتفت.
حملة مناهضة النفوذ
الايراني المتمثل بـ"حزب الله" في لبنان، خطوة متقدمة على صعيد تأطير الجهود
السيادية والوطنية، في سبيل دولة حرة ومنيعة، وأنهاء اختطاف إيران وحزب الله للقرار اللبناني والدولة اللبنانية.
ويضم "المجلس الوطني لرفع الاحتلال
الايراني عن لبنان" أكثر من 200 شخصية سياسية واقتصادية وحقوقية وإعلامية لبنانية
معروفة ومؤثرة، بينهم وزراء سابقون، إضافة إلى نشطاء مدنيين، وعقد اجتماعا شارك فيه
165 شخصية لبنانية من المغتربين خارج البلاد، عبر مؤتمر إلكتروني، ونحو 30 شخصية من
بيروت.
الوثيقة السياسية للمجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان تنص على استكمال
تنفيذ اتفاق الطائف ببنوده كافة، واستعادة سيادة الدولة على الأراضي اللبنانية كافة
وخصوصاً حصر حق استعمال العنف بالمؤسسات الأمنية الرسمية، واللامركزية الإدارية الموسعة.
وطالب المنضوون بالمجلس |حزب الله" بـ"العودة إلى لبنان بشروط لبنان،
أي بشروط القانون والدستور اللبناني، وتسليم سلاحه للدولة وفقاً للدستور والقرارين
1559 و1701، وكذلك تسليم من دبر ونفذ اغتيال قامات وطنية ومواطنين أبرياء في مقدمهم
الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
ويرفض المنتسبون للمجلس أي سلاح غير شرعي، ويتمسكون بحصره في المؤسسات العسكرية
والأمنية اللبنانية كما يرفضون أي سلاح آخر تحت أي عنوان كان.
وقال النائب اللبناني السابق الدكتور فارس سعيد بكلمة سياسية حدد من خلالها
ماهية تأسيس المجلس في هذا الوقت ودوره في هذه المرحلة التي يمر بها لبنان.
1يعيش غالبية اللبنانينَ اليوم قلقاً على المصير،
جرّاءَ انهيار الدولةِ بتعطيلِ مؤسساتِها والتلاعُبِ بدستورِها والميثاق الوطني، وصولاً
إلى استتباع القضاء وتعطيلِه. هذا وس̊طَ حالةٍ متنامية من اللايقين الوطني في المناخ
السياسي العام، وتَشَوُّشِ البوصِلة الداخلية والخارجية في أداءِ الحُكم، فيما تَشهدُ
المنطقةُ من حولنا صراعاتٍ وتدافعاتٍ كبرى وضَعَتنا على دربِ الفيَلة، أو بالأحرى،
وضَعنا أنفُسَنا بأيدينا على هذا الدرب، لأننا - وبكلّ بساطة - لم نُح̊سِن تحييد وطنِنا
و"تسييجَ حديقتِنا الجامعة لتنوُّعِنا".
2- إن تجارِبَ المئوية الأولى
من عمرِ الكيان الوطني اللبناني ظهَّرت ما يمكنُ اعتبارُه قاعدةً لتجاوز الأزماتِ المصيريّة.
هذه القاعدة تقوم على ركنين أساسيين: مبادرةُ الداخل اللبناني إلى توفير إجماعاتٍ أو
شب̊هِ إجماعاتٍ وطنية، وتوفُّرُ الريحِ الخارجية المؤاتية. هذان الركنان أو العاملان
لا يستطيع أيٌّ منهما أن يحقّقَ الانجاز وحدَه. بَي̊دَ أنّ ذلك لا يعني الانتظارَ حتى
جُهوزِ العاملِ الخارجي، وإنما ينبغي على الداخلِ أولاً أن ينهضَ إلى واجبِه وما تُمليه
عليه وطنيتُه.
3- قلتُ إنّ تحقيقَ الانجاز
- وعنوانه الكبير الجامع هو السيادة والاستقلال - يُوجِبُ نهوضَ الداخلِ اللبناني أولاً
إلى ما تُمليه عليه وطنيّتُه.. والوطنيةُ هنا تعني المشترك لا الخاص، وإلا أصبحت الوطنية
وجهةَ نظر، كما خَبِر̊نا في معظمِ الأزمات قبل انحسارها. ذلك أن لبنان يكون بكلّ بَنيه
أو لا يكون، ولكلِّ بَنيه أو لا يكون. كذلك فإن هذا اللبنان يقومُ على قوةِ التوازن
لا موازينِ القوى المتغيّرة، وإلا بَقِيت̊ زعامات الجماعات الطائفية مدفوعةً على الدوام
إلى خو̊ضِ معركتين على قاعدة الموازين: معركةٌ أولى طاحنة داخلَ طائفتها لتثبيتِ زعامتِها
الأوحدية المطلقة، ومعركةٌ ثانية مع الطوائف الأخرى لتعيين حصّتِها في الدولة وتكبير
هذه الحصّة ما أمكن، فكيف إذا جرى هذا التدافع المحموم في كنفِ وصايةٍ خارجية أو انتدابٍ
أو احتلال!.. ذلك ما أشار إليه بوضوحٍ واستغراب آخِر المتصرّفين العثمانيين على لبنان
يوهنّس باشا في مذكراته، وهو ما زال حتى اليوم الآليّة التي يعمل بموجبها معظمُ الزعماء،
رغمَ نَفَاذ ما يمكن اقتسامُه!...
4- لن أُس̊هِبَ في
وص̊فِ الانهيارات المتسارعة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية
والادارية والمعيشية، لا سيما في السنتين الأخيرتين؛ فذلك مما يُعايِنُهُ ويُعانيه
كلّ مواطنٍ لبناني، كما تتزايدُ مساحاتُ الاستنكار الشعبي لما يحصل، مصحوباً بغضبٍ
غير مسبوق، وغالباً بانقطاع الرجاء، في ظلّ دولةٍ حَوَّلها سوء الادارة وعجزِها وتلَهّي
أركانِها بالبحث عن جنس الملائكة إلى "دولةٍ فاشلة" بكل المعايير والمؤشرات.
هذا فيما تتقاذف القوى السياسية الفاعلةُ كرةَ النار، ويُلقي كلٌ منها المسؤولية على
الاخرين، وِفقَ شعار "الآخرون هم الجحيم". والأنكى في ذلك كلّه هو ردُّ الانهيارات
إلى الفسادِ والإفساد حصرياً، مع إغفالِ حقيقةٍ أساسية هي أنّ الانهيارات، بما فيها
الفساد، ليست سوى نتيجةٍ حتميّة لغياب السيادة والاستقلال، تحت وطأةِ احتلالٍ سوري
سمّي "وصاية" أعقبَها احتلالٌ ايراني يسمى "نفوذ" منذ الطائف حتى
الآن.. وهما وصايتان لم تختلفا جوهرياً وعملياً عن الاحتلال، وقامتا على مقايضة وقحة
عمرُها ثلاثين سنة ونيِّف، بين طرفين: سلطة الاحتلال التي توفِّرُ مكاسبَ شخصيةً لزعماء
على صعيد الحُكمِ والمؤسسات، مقابلَ سكوتِ هؤلاء عن أصلِ المشكلة!.. أما عندما يتمرّدُ
بعضُ هؤلاء على تلك المعادلة-المقايضة، بصحوةِ ضمير أو بفعل استياءٍ شعبي عارِم، فعِقابُهُ
الاغتيالُ أو "القَب̊ع" من دون قُفّازات!.. وجميعُكم تعرفون هذا العقاب بالوقائع
والأسماء والتواريخ منذ اغتيال رينيه معوض إلى اغتيال لقمان سليم، وما بينهما بطبيعة
الحال اغتيال رفيق الحريري.
لذلك اعتقد مع كثيرين يتزايدون باستمرار، أنّ رَفعَ الاحتلال، أكان سافراً أو
مقنّعاً، هو المدخل الأساس لمعالجةِ النتائج وتصحيح البوصلة الداخلية والخارجية: الداخلية
بالتزام وثيقة الوفاق الوطني والدستور، نصاً وروحاً وبنوداً كاملة؛ والخارجية بتصويب
علاقاتنا مع محيطنا العربي والمجتمع الدولي. ذلك بالإضافة إلى تنفيذ قرارات الشرعيتين
العربية والدولية، ولا سيما قرارات الإجماع العربي والقرارات الدولية 1559 و1680 و1701.
5- ما تقدّم يمثّلُ في تقديرنا
ورؤيتنا الدافعَ الرئيس لمبادرتنا إلى تشكيل "مجلسٍ وطني لبناني لرفعِ الاحتلال
الايراني"، لا سيما وأن الداخل اللبناني (سلطةً قابضة ومعارضاتٍ متفرِّقة) يعاني
من تشتُّتِ الأولويات وتضارُبِها في أكثر الأحيان، إلى درجةِ أنّ كلّ فريقٍ أو مجموعة
باتت أولويّةُ الأولوياتِ عنده المحافظة على الذات، ولو على حساب المصير الوطني.. إلى
ذلك فإنّ تجربة ما بعد الطائف بيَّنت بوضوح أنّ كلّ أنواع الانجازات على صعيد التّعافي
والنّهوض بعد الحرب تبقى مهدّدةً بالسقوط والضياعِ في ظلّ وصايةٍ خارجية أو احتلال.
هذا رغمَ الفُرَص الكثيرة التي أضاعَها التَّشَتُّتُ اللبناني وتفنَّنَ في إضاعتها،
بأنانياتٍ وفَهلَوياتٍ وأُلعُبانياتٍ ما أنزلَ الله بها من سلطان، ولا استساغَها أيُّ
ضميرٍ وطنيٍ حي!
6- نؤمنُ أنّ "المجلس
الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان" ليس منبراً أو مِنصّةً للتزاحُم على
حصّةٍ من الحصص، ولا بطبيعة الحال مِنبراً انتخابياً عشيّة هذا الاستحقاق الجوهري.
إنه محطةٌ للمراكمة في مسيرةٍ طويلة، غايتُها تحقيق السيادة والاستقلال الناجزَي̊ن.
وقال سعيد "نؤمنُ أنّ السيادة والاستقلال لا يتحققان لمرةٍ واحدة وإلى
الأبد، بل هما في حالةِ إنجازٍ دائم، ضمانتُه سلامةُ العيش المشترك في "وطنٍ نهائيٍّ
لجميع أبنائه، عربيّ الهويةِ والانتماء" ومنفتح على التطوّر والسلام العادل. ويترتّبُ
على هذه القناعة، من بين ما يترتّب، أمران في غاية الأهمية: إنّ "المجلس الوطني"
ليس رقماً يُضاف إلى الأرقام الحاضرة، ينافسُها أو يُعاديها على مسرحِها، وإنما هو
مساحة للقاء والتضامن بين جميع المؤمنين بمعنى لبنان ودورِه ورسالته، بصرف النظر عن
بيئاتهم الاجتماعية والثقافية، وحتى الحزبية بفعل الاستمرار. إنه مساحةٌ للقاء جميع
الذين اتّعظوا واستفادوا من التجاربِ المريرة، خصوصاً وأنّ المغامرات والمراهنات الخاطئة
باتت مكشوفة لكلّ بصرٍ وبصيرة.
وأضاف النائب اللبناني السابق أن "المجلس الوطني" يرفضُ أيّ نزعةٍ
لمعاداةِ العالم والعروبة تحتَ عناوين من مثل "المشرقية" وما سواها، كما
يرفضُ أيّ تفكيرٍ في فدراليةٍ أو مثالثةٍ أو عقدٍ وطنيٍّ جديد، من شانها أن تُفضي إلى
تقسيمٍ واقعيّ وحتميّ في ظلّ الواقع الراهن المتمثّل باحتلال إيراني للبنان من خلال
سلاح حزب الله.