حصاد الإرهاب.. 4 أعوام على احتلال المليشيات لعفرين السورية
الأربعاء 19/يناير/2022 - 12:27 م
طباعة
روبير الفارس
تنام عفرين على انتهاك وتستفيق على ازيز الرصاص ، وفي كثير من الأحيان لا يكون ليلها إلا أضواء آليات عسكرية وصياح المتقاتلين المتناحرين على المنهوبات، وفي كل يوم تزداد الانتهاكات بشكل أكبر وبخاصة مع دخول قوات ومليشيات الارهاب لمدينة عفرين وكامل المنطقة عامها الرابع على التوالي، وذلك منذ تمكن القوات التركية والفصائل المقاتلة في الـ 18 من مارس 2018، بعد عملية عسكرية بدأت تحت مسمى “غصن الزيتون” في الـ 20 من يناير من العام ذاته، وساندت هذه العملية قوات من مجموعات الذئاب الرمادية التركية والطائرات الحربية والمروحية التركية التي تسببت في دمار بممتلكات المواطنين وفي مجازر وقتل تسبب في استشهاد نحو 655 مدني من الكرد والعرب وغيرهم من المكونات بينهم 84 امراة "6 حالات انتحار " نتيجة المعاملة اللاإنسانية وغير الأخلاقية التي تمارس بحقهن وعشرات الاطفال ، و70 حالة اغتصاب وتحرش جنسي بحق النساء ، واستشهاد العشرات منهم في انفجارات الالغام والمفخخات واكثر من 90 شخصا استشهد تحت التعذيب على يد عناصر الفصائل عملية “غصن الزيتون”، وغالبيتهم ممن قضوا في القصف الجوي والمدفعي والصاروخي التركي، وفي إعدامات طالت عدة مواطنين في منطقة عفرين، وقتل تحت التعذيب، منذ الـ 20 من يناير من العام 2018، إضافة لجرح أكثر من 696 بينهم 303 اطفال و216 نساء و217 نتيجة المفخخات والتفجيرات ، وتهجير وتشريد أكثر من 300 ألف مدني من السكان الأصليين وتوطين أكثر من 400 ألف ممن تم استقدامهم من مناطق سورية اخرى ، فيما بقيت الانتهاكات والممارسات اللاإنسانية حصة من تبقى من سكان منطقة عفرين ممن رفضوا الخروج من المنطقة، وترك منازلهم ومزارعهم للقوات التركية والفصائل التي تناهبت وعفَّشت وسرقت واستولت على ممتلكات المدنيين والممتلكات الخاصة والعامة في كامل منطقة عفرين.وقال تقرير لمنظمة حقوق الانسان بعفرين
لم تقف الأمور عند هذا الحد فقط، إذ أن الفصائل العاملة في عملية ماتسمى “غصن الزيتون” ولعدم وجود ما يردعها، عن ممارسة الانتهاكات بحق المواطنين الكرد من سكان منطقة عفرين، عمدت على إيجاد أسلوب انتهاك جديد يتمثل باختطاف السكان وتوجيه تهم إليهم أولى هذه التهم هي الارتباط أو الانتماء للقوات الكردية او التعامل مع الادارة الذاتية السابقة ولمرات متتالية بنفس التهم ، وهذا ما سهل على هذه الفصائل توسعة نشاطها واعتقال المزيد من المدنيين، وممارسة القتل حتى دون اكتراث أي من الأطراف الدولية أو الإقليمية وحتى المحلية بما تتعرض له المنطقة من انتهاكات، وتم اعتقال واختطاف مايزيد عن 8090 مواطناً جرى اعتقالهم واختطافهم ،حيث ان مايزيد عن 3400 مواطن بينهم نساء وأطفال لايزال مصير هم مجهول ، فيما أفرج عن البقية بعد دفع معظهم للفدى المالية، يفرضها عناصر عملية ماتسمى “غصن الزيتون”، وتصل في بعض الأحيان لأكثر من 10 ملايين ليرة سورية .
و كانت حصيلة قتلى القوات التركية والفصائل المقاتلة حتى نهاية الثلث الثاني من مارس من العام 2018، وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان حيث ارتفع إلى 677 تعداد عناصر القوات التركية والفصائل المقاتلة والإسلامية بينهم 83 جندياً من القوات التركية، كما وما لا يقل عن 1582 من مقاتلي وحدات حماية الشعب وقوات الدفاع الذاتي، ممن قضوا منذ بدء عملية “غصن الزيتون” وممن قتلوا وقضوا في الاشتباكات مع القوات وحدات حماية الشعب في منطقة عفرين والاستهدافات التي تعرضوا لها، وعمليات الاغتيال منذ بدء عملية “غصن الزيتون” في يناير من العام 2018، كما كان قد قتل 91 على الأقل من عناصر قوات النظام الشعبية في القصف التركي منذ بدء دخولهم في الـ 20 من فبراير من العام 2018، الفصائل المسلحة السورية التابعة للاحتلال التركي تستهدف بشكل رئيسي المدنيين المتبقيين في عفرين من خلال تصعيد انتهاكاتها تجاههم ، والذي بات استياؤهم يتصاعد يوماً تلو الآخر، مع الإجراءات غير العادلة وغير الرحيمة، وصم القوات التركية القائدة لعملية “غصن الزيتون” آذانها عن الاستجابة لشكواهم.
ووسط كل هذه الأرقام بدت عملية التضييق بعد السيطرة على منطقة عفرين، والتي تنفذها قوات عملية ماتسمى ب “غصن الزيتون”، متطابقة مع رغبة من القوات التركية التي تحاول إبعاد نفسها عن أي انتهاك من شأنه أن يثير الرأي العام الإقليمي والدولي تجاهها، وفي التفاصيل كيفية الاستيلاء على ممتلكات المواطنين الكرد في عفرين ، فإن فيلق الشام المقرب من السلطات التركية، شكل محاكم صورية وقام بطلب أوراق ثبوتية تتعلق بملكية العقارات في منطقة عفرين الواقعة في القطاع الشمالي الغربي لمحافظة حلب، وأكدت المصادر أن عملية طلب الأوراق تترافق مع معلومات أوردتها مصادر متقاطعة، عن بدء تحضيرات من محكمة الفيلق لإعادة العقارات التي يقطنها مقاتلون لأصحابها حسب أدعائهم ، كما أكدت المصادر أن المنازل يجري الحجز عليها، لحين إثبات ملكية المنزل، بسند من السجل العقاري بحلب، يثبت أن ملكية المنزل للمدعي، فيما من لا يمكنه إثبات ذلك، فتجري عملية الحجر على الممتلكات وبيعها في مزاد علني حيث تم بيع أكثر من 75 منزل وعشرات المحلات التجارية في مديتة عفرين في عام 2021 فقط والاستيلاء على أكثر من 160 منزل ، وبيع السلاح الفردي والمقتنيات الشخصية، كذلك بالطريقة ذاتها في مزادات مخصصة، الأمر الذي أثار استياءاً واسعاً لدى سكان عفرين الذين لم يفسح لهم النظام المجال للوصول إلى مدينة حلب كنازحين، وسط مخاوف من عدم إمكانية الكثير من الأهالي المهجرين والمتبقين حتى من إثبات ملكيتهم، واعتبر الأهالي ذلك فصلاً جديداً في عملية التضييق لتهجير المدنيين المتبقين .
بينما كان قد قام لواء “السلطان شاه” المنخرط ضمن فصائل “غصن الزيتون” على شرعنة سرقاته لأرزاق أهالي عفرين عبر سلسلة قرارات أصدرها وعممها فيما يتعلق بموضوع جني محصول الزيتون، في ناحية شيه بريف عفرين، تنص هذه القرارات على فرض أتاوات بنسب مختلفة من محصول الزيتون، حيث تم إجبار أصحاب الأراضي الزراعية المتواجدين في الناحية على دفع 10 % من إنتاج محصولهم، أما في حالة عدم وجود أصحاب الأراضي الزراعية في الناحية ونيابة الوكلاء عنهم فتم تحديد نسب أكبر على النحو التالي: – يتم دفع نسبة 15 % من إنتاج المحصول في حال كان الوكلاء على قرابة بأصحاب الأراضي من الدرجة الأولى (أب – أم – أخ – أخت)، أما إذا كان الوكلاء من أهالي الناحية وليسوا على قرابة من أصحاب الأراضي فستكون نسبة الأتاوة 25% من إجمالي إنتاج المحصول، فيما يتم دفع نسبة 35 % من إنتاج المحصول إذا كان الوكلاء من “أنصار ومؤيدي” الادارة الذاتية السابقة " وفق ما عمم به فصيل السلطان شاه ، كما تم فرض اتاوة 25 % من كمية إنتاج زيت الزيتون من قبل فصيل السلطان سليمان شاه العمشات بقيادة المدعو محمد الجاسم ابو عمشة بحق اهالي شيه ، وعلى غرارها الفصائل الأخرى في المناطق الخاضعة لسيطرتها في ريف عفرين المحتلة.
أيضاً أكدت أن قائداً عسكرياً في فيلق الرحمن من غوطة دمشق الشرقية، أجرى اتفاقاً مع المجلس المحلي في مدينة عفرين آنذاك ، يقوم على أخذ القائد العسكري، لمساحة من أرض جبلية تقع في منطقة بين الباسوطة ومدينة عفرين، على اعتبار أنها “أرض مشاع”، ولا تعود ملكيتها لأحد، ومن ثم منح المستوطنين من غوطة دمشق الشرقية مساحة 400 متر، لقاء مقابل مادي قدره 100 دولار، وأكدت المصادر الموثوقة أن الاتفاق جرى بين الجانبين، فيما لم تجرِ إلى الآن أية عملية تسليم للمستوطنين ، فيما تعدى كل ذلك لفرض الأتاوات المفروضة على السكان المدنيين والمستوطنين في منطقة عفرين، على الطرق الرئيسية والفرعية، من حيث يجري دفع مبالغ مالية متفاوتة لحواجز قوات “غصن الزيتون”، الذين يعمدون لتوقيف السيارات الصغيرة والكبيرة والعامة والخاصة، وفي بعض الأحيان يتعدى الأمر كونه تحصيل أتاوة إلى عملية سلب ونهب، ناهيك عن تحكم فصائل عملية “غصن الزيتون” بشكل اعتباطي في الموارد الاقتصادية في عفرين، واستيلاء فصائل عملية “غصن الزيتون”، على غالبية مزارع الزيتون في عفرين، وتضمينها لتجار وعاملين للعمل بها واستلامها مبالغ مالية سلفاً كثمن لعملية الضمان هذه للمزارع المستولى عليها والتي بلغت نسبتها أكثر من 75% من مساحة مزارع الزيتون الموجودة في عفرين، عقب عملية تقاسم الفصائل السيطرة على مزارع الزيتون.
وكذلك عملية استيلاء على مدينة عفرين بشكل كامل من قبل القوات التركية وفصائل عملية “غصن الزيتون”، حيث تعمدت هذه الفصائل تقسيم مناطق سيطرتها، وكتابة عبارات على كل ما يجري الاستيلاء عليه، لتثبت ملكيتها عليها وتمنع بقية الفصائل من الاستيلاء على نفس العقار أو الآلية، كما تعمدت حرق مزارع الزيتون حيث تم حرق أكثر من 17 ألف شجرة وحرق مساحة تقدر ب 12 ألف هكتار من أصل 33 الف هكتار من أصل المسلحة المخصصة للزراعة حسب احصائية الدولة السورية ، كما وتم قطع قرابة 400 ألف شجرة زيتون والاف الاشجار الحراجية للاتجار بحطبها وقلع أكثر من 20 ألف شجرة زيتون بحجة فتح طرقات و الانتقام من أصحابها .
في حين تعدت الانتهاكات من الاستيلاء وتقسيم الممتلكات إلى تنفيذ عمليات مداهمة يومية للمنازل، بحجة البحث عن أسلحة وخلايا نائمة، وغيرها من الذرائع، والقيام بسرقة ممتلكات المنازل من مجوهرات وأموال وأجهزة إلكترونية وحتى الهواتف النقالة والأثاث، كما وصلت السرقة من الممتلكات الخاصة إلى الممتلكات العامة، إذ أقدمت مجموعات من فصائل عاملة في منطقة عفرين على سرقة الأكبال النحاسية الناقلة للتيار الكهربائي، على رؤوس الأشهاد ودون رادع، وسرقة المشافي والمؤسسات الخدمية، فيما خلقت هذه السرقات عمليات اقتتال داخلي بين الفصائل المقاتلة العاملة في عملية “غصن الزيتون”، قتل وأصيب على إثرها عشرات العناصر، في جولات متكررة من الاقتتال الدامي، فيما لم تعمل السلطات التركية على ممارسة أي نوع من الردع أو الضغوطات، بل تحاول فض النزاعات التي من الممكن أن تخرج عن السيطرة الكاملة.
كما وان المنطقة تعرضت لكبرى عمليات التغيير الديمغرافي في التاريخ الحديث حيث تم بناء أكثر من 30 مستوطنة " تحت مسميات واعتبارات إنسانية، ومسح الهوية التاريخية للمنطقة من خلال جرف ونهب وتخريب الأماكن الأثرية حيث تم جرف وتخريب ونهب أكثر من 59 تل وموقع أثري من أصل 75 تل و28 مزار ديني لمختلف الطوائف الدينية في عفرين بحسب احصائية مديرية اثار عفرين .