الإخواني حسن الترابي.. مهدد بإهدار دمه في السودان
الجمعة 12/مايو/2023 - 10:00 ص
طباعة
حسام الحداد
أهدر أئمة مساجد في السودان دم زعيم الإسلاميين السودانيين حسن الترابي، عقب إفتائه بمساواة الرجل بالمرأة في الشهادة، واعتبروها تشكيكا في كلام الله ورسوله، ودعوا الحكومة لتحكيم شرع الله، ولجم من يتطاول على الله ورسوله.
وتجددت اتهامات التكفير بحق الرجل المثير للجدل، بعد أن ذاب جليد الخلافات بينه وبين تلاميذه الحاكمين بقيادة الرئيس عمر البشير، إثر خلاف على السلطة دام 15 عاما، وبعد حديثه في ندوة عن التعديلات الدستورية، نظمتها نقابة المحامين السودانيين الموالية للحكم الأسبوع الماضي.
حياته:
حسن عبد الله الترابي ولد في 1 فبراير 1932 في كسلا شرقي السودان، بالقرب من إريتريا لعائلة كبيرة في منطقة كسلا عُرفت بالعراقة في العلم والدين، فكان والده أحد أشهر قضاة الشرع في عصره، وأول سوداني حاز الشهادة العالمية.
حفظ الترابي القرآن الكريم صغيرا بعدة قراءات، وتعلم علوم اللغة العربية والشريعة في سن مبكرة على يد والده، وجمع في مقتبل حياته أطرافا من العلوم والمعارف لم تكن ميسرة لأبناء جيله خاصة في السودان، وحصَّل صنوفا شتى من المعارف والثقافات الغربية حتى عده خصومه من الإسلاميين متغربا، وليس شيخا أصوليا.
ويعد الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق للسودان ورئيس حزب الأمة السوداني صهر الترابي؛ حيث تزوج الترابي وصال الصديق المهدي شقيقة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي زعيم حزب الأمة.
تعليمه:
درس الترابي الحقوق في جامعة الخرطوم منذ عام 1951 حتى 1955، وحصل على الماجستير من جامعة أوكسفورد عام 1957، دكتوراة الدولة من جامعة سوربون، باريس عام 1964.
يتقن الترابي أربع لغات بفصاحة وهي العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية.
كان أستاذاً في جامعة الخرطوم ثم عين عميداً لكلية الحقوق بها، ثم عين وزيراً للعدل في السودان.
في عام 1988 عين وزيراً للخارجية السودانيه، كما اختير رئيساً للبرلمان في السودان عام 1996.
انضمامه لـ "الإخوان":
الترابي له دور فعال في الصحوة الإسلامية بالسودان وله دور فعال في ترسيخ قانون الشريعة الإسلامية.
بعدما تخرج أصبح أحد أعضاء جبهة الميثاق الإسلامية وهي تمثل أول حزب أسسته الحركة الإسلامية السودانية، والتي تحمل فكر الإخوان المسلمين.
بعد خمس سنوات أصبح لجبهة الميثاق الإسلامية دور سياسي أكثر أهمية، فتقلد الترابي الأمانة العامة بها عام 1964.
عمل الترابي في ظرف سياسي اللاعب الأساسي فيه طائفتا الأنصار والختمية صاحبتا الخلفية الصوفية، واللتان تدعمان حزبي الأمة والاتحادي ذوي الفكر العلماني.
بقيت جبهة الميثاق الإسلامية حتى عام 1969 حينما قام جعفر نميري بانقلاب.
خلافه مع الإخوان:
ثار خلاف كبير بين حسن الترابي والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين عندما رفض مبايعة المرشد العام آنذاك بحجة أنه بالسجن، ولكن صادق عبد الله عبد الماجد والذي كان ضمن الوفد- رفض موقف الترابي وكذلك الوفد؛ مما أدى إلى مبايعة الوفد المرشدَ العام بدون حسن الترابي، وعند العودة للسودان انشق حسن الترابي؛ حيث كانت له علاقات قوية بأكثر الشباب، وكان خطيبا متمكنا وسياسيا قويا، وكاستجابة للظرف الذي تمر به الجماعة في السودان وضغوط الرئيس النميري أعلن الترابي حلها فعليا؛ مما جعل جماعة تظل تحمل اسم الإخوان المسلمين تتمسك بالاسم والتوجه بقيادة الدكتور يوسف نور الدايم، وهي التي اعترفت بها الجماعة العالمية، لم تدخل جماعة الإخوان الحبر يوسف نور الدايم الحكم مع الرئيس نميري.
اعتقاله:
تم اعتقال أعضاء جبهة الميثاق الإسلامية، وأمضى الترابي سبع سنوات في السجن.
أطلق سراح الترابي بعد مصالحة الحركة الإسلامية السودانية مع النميري عام 1977.
علاقته بالنظام:
أعلنت حكومة نميري فرض قوانين الشريعة الإسلامية في عام 1983، وانقلبت بعدها على جبهة الميثاق الإسلامية- حليفتها في السلطة- عارض الشعب هذا الأمر بواسطة الإجراءات القانونية مثل حل البرلمان السوداني، وبواسطة المظاهرات؛ مما أدى إلى ثورة شعبية ضد نميري في عام 1985. أسس الترابي بعد عام الجبهة الإسلامية القومية، كما ترشح للبرلمان ولكنه خسر.
في يونيو عام 1989، أقام حزب الترابي انقلابا ضد حكومة المهدي المنتخبة وعين عمر حسن البشير رئيسا لحكومة السودان.
في عام 1991 أسس الترابي المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي الذي يضم ممثلين من 45 دولة عربية وإسلامية، كما انتخب الأمين العام لهذا المؤتمر.
وقف الترابي ضد التدخل الأجنبي في المنطقة بحجة تحرير الكويت إبان الغزو العراقي عام 1990؛ مما أدى إلى تدهور علاقاته مع الغرب وبعض الدول العربية.
اختلف مع حكومة الإنقاذ حول قضايا، أهمها الفساد، والشوري، والحريات، وحل البشير البرلمان، في أواخر عام 1999م، وبعدها أصبح الترابي أشهر معارض للحكومة.
شكل مع عضوية حزبه الموتمر الشعبي، في 31 يونيو 2001م.
وحوى معظم قيادات ورموز ثورة الإنقاذ الوطني، ومسئولين كبارا في الحكومة تخلوا عن مناصبهم... اعتقل في 2001م لتوقيع حزبه مذكره تفاهم مع الحركة الشعبية، ثم اعتقل مرة أخرى في مارس 2004 بتهمة تنسيق حزبه محاولة لقلب السلطة.
إدانته:
نسبت صحيفة الصيحة المملوكة لخال الرئيس البشير، إلى إمام وخطيب المسجد الكبير بالخرطوم إسماعيل الحكيم، قوله: إن تصريحات الترابي بشأن مساواة شهادة المرأة بشهادة الرجل تعد تشكيكا في كلام الله ورسوله.
وقال الحكيم الجمعة الماضية: "يا من وليتم علينا، ولم تحكموا شرع الله فينا، فقط نطالبكم بلجم من يتطاول على الله ورسوله"، وأضاف: "تعكفون على الحوار ولا تعكفون على كتاب الله".
وأكد الأمين العام لجماعة أنصار السنة المحمدية محمد الأمين إسماعيل في خطبته أن الترابي يطعن في أحاديث صحيحة.
وأضاف: "إذا صدر مثل هذا الحديث من ذوي العهد فإنه يهدر دمه، فما بالكم بأن يصدر عن داعية".
ووجه الأمين انتقادات حادة للدولة، ومجمع الفقه الإسلامي؛ بسبب مواقفها من فتاوى الترابي، وطالب الحكومة بمحاسبته وإيقافه عند حده، على حسب قول الصحيفة.
وتهكم الترابي في ندوته بدار اتحاد المحامين الأسبوع الماضي من الانتخابات في غالب الدول العربية، معتبرا الحصول على نسبة فوز بمقدار 99 في المائة أمرا مستحيلا، وأضاف بطريقته الساخرة: لو صوت الناس على وجود الله في الفاتيكان لما حصل على تلك النسبة، وحتى لو صوتنا في مكة أيضا لن يحصل على تلك النسبة، هو الأمر الذي عده رجال دين سوء أدب مع الخالق.
وينكر الترابي في تفسيره للقرآن عذاب الجسد في القبر، وعلامات الساعة المعروفة مثل الدجال ودابة الأرض، ويقول: إن الساعة تأتي بغتة حسب الآيات القرآنية. وشكك الترابي في محاضرة بجامعة الخرطوم عام 2006 بالناسخ والمنسوخ، وبدا متحديا وساخرا من خصومه رجال الدين الذين يطلق عليهم فقهاء السلف، ويصفهم بمن حولوا الشورى من إلزامية إلى صيغة مطلقة لا تتيح إلا طاعة الحاكم وولي الأمر، وبعبور العهد إلى الدستور إرضاء للغرب من دون أن ينزلوا الدساتير التي أتوا بها لأرض الواقع، ولا تنفذ، ويحتمي بها السلطان والجبروت، ويقول: الشيوعيون أفضل لنا من هؤلاء.
وعقب تلك المحاضرة كفرت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان- الترابي، وقالت: إن الترابي كافر مرتد يجب أن يتوب عن جميع تلك الأقوال ويعلن توبته على الملأ، ويتبرأ عن كل ما صدر منه أمام أهل العلم.
إهدار الدم:
لا يعد إهدار دم الترابي هو الأول في تاريخ الصراع الديني، وأحكام التكفير والردة في السودان، إذ نفذ حُكم بالإعدام بحق زعيم الإخوان الجمهوريين محمود محمد طه في عهد حكم الرئيس الأسبق جعفر النميري عام 1985، واعتبر وقتها أول محاكمة +للفكر.
وأُعدم زعيم الجمهوريين أثناء مشاركة الترابي وجماعته في نظام حكم النميري الذي نصب نفسه إماما للمسلمين بعد إعلانه لقوانين سبتمبر 1983، وكان زعيم الجماعة حسن الترابي يشغل وقتها وظيفة مستشار قانوني للرئيس النميري، ويحمله كثير من غرمائه مسئولية إصدار تلك القوانين.
لا يعد إهدار دم الترابي هذا هو الأخير في سلسلة الفتاوى التي تكفر الرجل، فقد سبق إهدار دم رجل عن طريق الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان عام 2006.
وتمت استتابة القاضي النيل أبو قرون بعد اتهامه بالردة العقد الماضي، على الرغم من أنه كان أحد مشرعي القوانين التي حكم على زعيم الجمهوريين محمود محمد طه، وفقا لها. وأصدرت جماعة متطرفة تطلق على نفسها جماعة أبو حمزة قبل أشهر فتوى بردة الفتاة السودانية (مريم) التي حكمت عليها محكمة بالإعدام بحد الزنا وبتطليقها من زوجها المسيحي الأمريكي الجنسية، بيد أن محكمة أعلى ألغت الحكم، وبردة الزعيم القبلي موسى هلال، والصحفي صلاح عووضة، والعضو المنتدب لشركة سكر كنانة محمد المرضي التجاني.
مؤلفاته
قضايا الوحدة والحرية عام 1980، تجديد أصول الفقه عام 1981، تجديد الفكر الإسلامي عام 1982، الأشكال الناظمة لدولة إسلامية معاصرة عام 1982، تجديد الدين عام 1984، منهجية التشريع عام 1987، المصطلحات السياسية في الإسلام عام 2000، الدين والفن، المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع، السياسة والحكم، التفسير التوحدي، عبرة المسير لاثني عشر السنين، الصلاة عماد الدين، الإيمان وأثره في الحياة، الحركة الإسلامية... التطور والنهج والكسب، التفسير التوحيدي.
للمزيد من التفاصيل عن الترابي اضغط هنا