الأزمة السورية بين "الحراك الروسي" و"الممانعة الأمريكية السعودية"

السبت 13/ديسمبر/2014 - 08:25 م
طباعة الأزمة السورية بين
 
الأزمة السورية بين
لا تزال الأزمة السورية مستمرة بالرغم من الجهود الدولية لوضع انفراجة للأزمة التي اندلعت في 2011، ومع تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية وقدوم مزيد من المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك جبهة النصرة وغيرها من الجماعات، واستمرار معاناة المواطنين السوريين، في ظل انشغال المجتمع الدولي بمستقبل النظام السوري، على حساب الشعب السوري نفسه.
ولا يزال المرصد السوري لحقوق الإنسان هو المرجع الوحيد لوكالات الأنباء والصحف لإبراز ما يحدث في الساحة السورية، ويكشف يوميا عن الأوضاع على الأرض، والكشف عن الخسائر، سواء الخسائر في صفوف النظام السوري أو في تنظيم داعش الإرهابي وبقية الجماعات الإرهابية، دون التأكد من مصداقية الأرقام المتوفرة وكذلك المعلومات المتداولة، خاصة وأن مدير المرصد رامي عبد الرحمن يتخذ من لندن مقرا له.
وحسب التقارير الواردة من داخل سوريا، كشف المرصد السوري أن قوة الشرطة التابعة لتنظيم داعش الإرهابي في غرب سوريا ذبحت أربعة رجال بتهمة "سب الله عز وجل"، والرجال الأربعة ذبحوا في ريف حمص الشرقي على يد "الشرطة الإسلامية" التابعة للتنظيم، ونشر المرصد الذي يراقب الصراع في سوريا بالاستعانة بمصادر على الأرض تقريرا عن واقعة مماثلة، عندما ذبح التنظيم رجلا في ساحة بلدة بشمال البلاد.
ونقلت وكالة رويترز في تقرير لها أن تنظيم داعش ذبح ورجم الكثير من الأشخاص في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق؛ بسبب أفعال يرون أنها تنتهك تفسيرهم للشريعة الإسلامية، كما قتلوا مقاتلين من جماعات منافسة بأساليب مماثلة، بعيدا عن ساحة القتال، وشكلوا دوريات لمراقبة السلوك العام في مسعاهم لإقامة خلافة إسلامية.
وفي هذا السياق تم الكشف عن مقبرة جماعية في دير الزور، تضم 11 جثة من أبناء عشيرة واحدة قتلوا بيد المتطرفين في وقت سابق، وأنه بمجرد عودة الأهالي إلى قراهم، اكتشفوا حتى الآن مقبرتين خلال أسبوع واحد، حيث وجدوا أربعة جثامين لقتلى من بلدة "الجرذي" قبل أيام.
الأزمة السورية بين
وتأتي هذه الخطوة أعقاب سماح مقاتلي داعش لأهالي قرى الشعيطات بالعودة إلى بيوتهم، بعد تهجير دام لعدة أشهر، مقابل شروط قاسية تتضمن إجبارهم على تأمين سلاح لتنظيم "داعش" ودفع غرامات.
وعلى صعيد الانفراج في الأزمة، مع تدخل روسيا بقوة في المشهد، ومحاولة فتح حوار بين النظام والمعارضة، يسعى نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوجدانوف لفتح حوار مع المعارضة والنظام السوري، وتخفيف معاناة السوريين، وإنهاء العنف، ومن خلال جولات مكوكية يقوم بها لإسراع وتيرة المحادثات بين جميع الأطراف، وسط تخاذل المجتمع الدولي، ومحاولة بعض الأنظمة العربية والغربية الإطاحة بالنظام السوري قبل الحديث عن أي تغيير للواقع.
وكشف بوجدانوف عن تصريحات أدلى بها رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير بندر بن سلطان: "نريد تدمير هذا النظام العلوي في سوريا حتى لو جرى تدمير سوريا"، وحين سأله بوجدانوف: "كيف كانت علاقتكم بالرئيس الراحل حافظ الأسد؟"، سارع الأمير السعودي بقوله: "كانت ممتازة، وكان رجلا حكيما"، فقال له بوجدانوف: "إذاً المشكلة ليست في النظام العلوي، بل مع الرئيس بشار الأسد نفسه"، وهي الرسالة التي ربما سيكون لها تداعياتها خلال المرحلة المقبلة، نتيجة حساسية الموقف السعودي السوري.

الأزمة السورية بين
يرى مراقبون أن بوجدانوف لم يكتف بكشف ما دار بينه وبين المسئول السعودي السابق، وإنما عمل على توجيه انتقادات أيضا إلى الغرب وخاصة المسئولين الأمريكان، وتأكيده على أن جون كيري جاء بعد 3 أسابيع على مفاوضات جنيف 2 باعترافه بفشل المفاوضات، إلا أن المسئول الروسي عاد يحدث كيري بقوله: "حين تتولون الإشراف على التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين تمضون 9 أشهر، ثم تمددون 9 أشهر أخرى، ثم تكررون الأمر لفترات طويلة، فلماذا لا تفعلون الشيء نفسه لإنقاذ سوريا؟".
ويرى متابعون أن زيارة بوجدانوف إلى دمشق الداعمة لجهود المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا لتسوية الأزمة السورية سلميا، سيكون لها مردود إيجابي خلال الفترة المقبلة، حيث جرى خلال اللقاء الحديث عما في جعبة المبعوث الأممي من أفكار، إضافة إلى تفاصيل عقد لقاء للمعارضة على اختلاف تشعباتها وذلك تمهيدا للحوار السوري- السوري على أسس جنيف.

الأزمة السورية بين
ويتوقع الخبراء أن تشهد الأيام المقبلة حراكا مماثلا لشتى فصائل معارضة الداخل وبعض الخارج، ناهيك عن الاجتماعات شبه اليومية التي يعقدها المسئولون الروس مع سفراء الدول الإقليمية في موسكو في هذا الشأن في ظل الجهود الروسية لإحياء عملية السلام، والتنقل من موسكو إلى دمشق وإسطنبول وبيروت، ومقابلة مسئولي النظام السوري وكذلك معارضين سوريين، وقد سبق هذه الجولة اجتماع بين نائب وزير الخارجية الروسي والسفير القطري بموسكو.
وتماشيا مع هذه المبادرات أكد نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، أن الخطوة الروسية الحالية على أهميتها، تبقى في إطار ترتيب اجتماع سوري- سوري، وتنطلق من ثابتين أساسيين، هما أولوية مكافحة الإرهاب، وشرعية الرئيس بشار الأسد، معتبرا أن الحراك الروسي، جادّ للغاية، وإلى الحد الذي يفرض الالتزام بالصمت إزاء التوقعات، لكن الخطوة الأولى من المبادرة الروسية واضحة ومحددة، بما يجعل كل ما يتسرّب مجرد آراء لا غير، وكل ما يقال تحليلات، وربما رغبات، لا تستند إلى معطيات.

شارك