هل تنجح "القاعدة" في مواجهة "داعش" لاستعادة نفوذها في المنطقة؟

الثلاثاء 16/ديسمبر/2014 - 02:13 م
طباعة هل تنجح القاعدة في
 
على مدار الأيام الماضية، شهدت الجماعات الجهادية المسلحة صراعات فائقة، بين التنظيمات المختلفة، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام: "داعش" بزعامة "أبو بكر البغدادي"، وكذلك التنظيم الأم "القاعدة" بزعامة أيمن الظواهري.
هل تنجح القاعدة في
واحتدمت الصراعات بين التنظيمات، عقب مبايعة "أنصار بيت المقدس" والذين لقبوا أنفسهم بـ"ولاية سيناء"، لتنظيم "داعش"، مما أثار غضب تنظيم القاعدة، ويعد انشقاق بيت المقدس عن القاعدة ضربة موجعة للتنظيم، وبالأخص لأنه كان الذراع الأيمن له في سيناء بمصر، حيث كان بيت المقدس ينفذ معظم العمليات الإرهابية على أرض سيناء بتوجيه من القيادة الأم "القاعدة"، عقب انضمام بيت المقدس لـ"داعش"، أحدث ذلك غضبًا عارمًا وتوترًا بين داعش والقاعدة، وبات كل طرف يتوعد للأخر عن طريق التهديدات بتنفيذ عمليات إرهابية بحق الآخر.
والجدير بالذكر أن هناك جناحا من بيت المقدس، عاود الانضمام إلى القاعدة؛ مما يؤدي إلى حرب في سيناء بين التنظيمين، ويأتي هذا الإعلان بعد ارتباك في صفوف الجماعة التي سبق أن بايعت البغدادي ثم نفت البيعة، قبل أن تجزمها بتغيير اسمها. 
كما أن الصراعات المباشرة بين التنظيمين "داعش" و"القاعدة" لم تحدث إلا في سوريا واليمن؛ لتكون ساحة الصراع الثانية بين الطرفين، وليس من الواضح من سيهيمن على الساحة الجهادية في المستقبل، وذلك يعتمد على تطوع المقاتلين وعلى التمويل، بالإضافة إلى ذلك فإن الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" قد تغير المعادلة.
ويصف بعض المراقبين هذه الحرب بأنها لا تخلو من أمرين، فهي إما حرب بين "الأحبة"؛ لأنها بين فصيلين كانا حتى الأمس القريب متآخيين وينتهجان نفس الفكر الجهادي المتشدد، أو إنها صراع "الولاءات" بين زعيم تنظيم القاعدة الظواهري، والبغدادي.
هل تنجح القاعدة في
وجاء في شبكة الجهاد العالمي المؤيدة لـ"القاعدة" ما قالت إنه "البيان الأول لكتيبة الرباط الجهادية في سيناء"، وذخر بتحذيرات لأنصار داعش، ورفض لتسمية ولاية سيناء.
وقال البيان: عندما صدر بيان من بعض إخواننا بمبايعة جماعة دولة الإسلام، وأذاع بعضهم أن الجمع الجهادي في سيناء يخضع لركابهم وأن سيناء باتت ولاية، فأردنا تبياناً وتوضيحاً.
وأضاف البيان أن الجهاد في سيناء لا يقتصر فقط على أنصار الدولة، ولا يخضع الجهاد لبيعة جماعة أو دولة. وحذر المبايعين لجماعة الدولة من تحويل العدو إلى قبائل وجماعات المسلمين، وطالبهم بـ "إكرام أصحاب السبق في الجهاد من الشيوخ والعلماء… فخطابهم نتاج تجارب كثيرة وحروب مريرة".
وحذر من التطاول على أهل العلم والجهاد… وإطلاق أحكام غالية من دون أدنى بينة فتكون فتنة صارمة، ولكم في أحداث الشام عبرة وعظة.. في إشارة إلى القتال بين داعش وجبهة النصرة التابعة لـ "القاعدة".
وأكد أن كتيبة الرباط الجهادية في سيناء لم ولن تخضع لبيعة البغدادي؛ لأننا لا نرى أن خلافته أقيمت بوجه شرعي. وختم بتحذير شديد اللهجة: "إن تجاوزتم الدين وحِدتم عن الطريق المستقيم فديننا دونه الرقاب".
ويبدو أن الصراعات التي تشهدها الجماعات المسلحة ستحتدم في الفترة المقبلة.
وتعد أنصار بيت المقدس واحدة من عدة جماعات جهادية تنشط في سيناء، كجماعة جند الإسلام، وتنظيم الرايات السود، والتكفير والهجرة والجماعة الجهادية والتوحيد والجهاد وجماعة أنصار السنة، كما أنها دمجت في كيان يعرف بجماعة مجلس شورى المجاهدين "أكناف بيت المقدس".
هل تنجح القاعدة في
وتتصارع جماعات جديدة على إعلان ولائها لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في إفريقيا وآسيا ونشرت بيانات بيعتها وانضوائها للتنظيم الذي يتسم براديكالية أكثر من "القاعدة"؛ مما جعله يجتذب عددا أكبر من الجهاديين على حساب القاعدة التي كانت تشغل وحدها هذه المساحة، كما تمدد التنظيم الجديد ليرث أراضي كانت تحت سيطرة التنظيمات الموالية للقاعدة.
 الجدير بالذكر أنه عقب إعلان عدد من الجماعات الجهادية ولاءها لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في إفريقيا وآسيا ونشرت بيانات بيعتها وانضوائها للتنظيم؛ مما جعله يجتذب عددا أكبر من الجهاديين على حساب القاعدة التي كانت تشغل وحدها هذه المساحة، كما تمدد التنظيم الجديد ليرث أراضي كانت تحت سيطرة التنظيمات الموالية للقاعدة، وصارت أعلام تنظيم "الدولة الإسلامية" ترفرف بعيدا عن العراق وسوريا، وأعلنت جماعات مسلحة في عدة بلدان ولاءها لتنظيم "داعش" وبيعتها لخليفته أبو بكر البغدادي، ففي شرق ليبيا قرر "تنظيم أنصار الشريعة" المنضوي في مجلس شورى شباب درنة إعلان منطقة درنة الساحلية إقليما تابعا لـ "الدولة الإسلامية"، وبذلك بدأ تنظيم القاعدة يفقد تدريجيا الهيمنة والقيادة الأيديولوجية بين المتطرفين الإسلاميين.
ويرى محللون أن بدايات تنظيم "داعش" كانت ضمن تنظيم القاعدة الأم، وكان قد ورث مقاتلي تنظيم "التوحيد والجهاد" الذي كان يرتبط بتنظيم القاعدة. 
وتنظيم "التوحيد والجهاد" كان يقوده الأردني أبو مصعب الزرقاوي في العراق، ولكن الزرقاوي تمرد لاحقا عن تنظيم القاعدة ولم يتبع أوامرها وتحذيراتها.
 وابتعد الزرقاوي كثيرا عن خط القاعدة الأصلي، خاصة بعد قراره القيام بعمليات قتل ضد الشيعة في العراق.
ويعد الخلاف بين أعضاء التنظيمين على مدى التأثير والهيمنة على الحركات الجهادية العالمية، وعلى التمويل وعلى إمكانية كسب مقاتلين جدد، وأيضا المكانة والهيبة بين صفوف الميليشيات الإسلامية.
 البروفيسورة كاثرين براون خبيرة شئون الإرهاب في كلية "كنغ" في لندن تشبه تنظيمي القاعدة و"داعش" بشركات عالمية تحاول أن تكسب المجموعات المحلية لأجندتها الأيديولوجية وإلى الجهاد العالمي، حيث ينضم إلى تنظيم القاعدة عدة مجموعات، كتنظيم "القاعدة في شمال المغرب" وتنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، وكذلك حركة الشباب الصومالية التي أعلنت ولاءها لقائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
هل تنجح القاعدة في
أما "داعش" فيضم مجموعة "أنصار بيت المقدس" في شبه جزيرة سيناء ومجموعة "جند الخليفة" في الجزائر، والتي قتلت أحد الرهائن الفرنسيين في سبتمبر الماضي. والفرق بين التنظيمين يكمن في طموحاتهما. 
فتنظيم القاعدة مثلا لم يذكر إطلاقا أنه يريد الحكم والسلطة- كما توضح البروفيسورة كاثرين براون- أما "داعش" فيطالب علنا بالحكم ويطلب من المجموعات الأخرى بأن يكونوا جزءا من نظامه الجديد.
الفارق بين داعش وبيت المقدس في التطوير من العمليات الإرهابية التي يقوم بها الطرفان، وهي أن العمليات التي نفذها تنظيم القاعدة عالميا، كهجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة وهجمات لندن عام 2005، لم يستطع تنظيم القاعدة تكرارها منذ أمد بعيد؛ ولذلك لا يمكن للقاعدة "كسب مقاتلين وأموال جديدة للتنظيم، ما لم يحقق مكاسب ضد أعدائه"، كما توضح الخبيرة براون؛ ولذلك تراجع تمويل التنظيم وقَلَّ عدد مقاتليه بعد أن توقفت عملياته ضد الغرب، وفي المقابل طور "داعش" وسائل جذب قوية للفصائل الصغيرة، التي انشقت عن تنظيم القاعدة الأم وكانت تقوم بعملياتها بعيدا عنها. 
وتوجد عدة أسباب لانضمام الجهادين لـ "داعش"، حيث ينجذب الجهاديون أكثر إلى تنظيم "داعش"، كونهم يعتبرون أن "داعش" وصفة رابحة في عالم الجهاد مقارنة بتنظيم القاعدة.
خلاصة القول أن تنظيم "القاعدة" يحاول جاهدًا استعادة نفوذه في المنطقة، والحفاظ على ما تبقى من التنظيمات التابعة له من الالتحاق بـ"داعش"، بعد أن أحس بالخطر الشديد على تواجده ومستقبله في المنطقة؛ مما أدى إلى إشعال حرب فكرية بين الطرفين، فإن مجمل الخلاف الفكري بين التنظيمين، سيمثل عائقًا قويًّا ومانعًا كبيرًا في طريق الوحدة أو الاندماج بين التنظيمين في المستقبل، خاصةً أن كلا من التنظيمين سيحاول جاهدًا أن يعوض خسارته، فالقاعدة ستحاول أن تعوض ما خسرته من نفوذ لصالح داعش، وفي المقابل سيحاول تنظيم داعش أن يعوض ما خسره من نفوذ وقدرات بسبب الحرب الدولية ضده.

شارك