مع زيادة السخط الشعبي ..هل تدخل "داعش" مرحلة الهدم الذاتي؟

الثلاثاء 16/ديسمبر/2014 - 11:45 م
طباعة داعش تعدم مواطن بدعوي داعش تعدم مواطن بدعوي الوشاية
 
زادت الأخبار التي تتناول قيام مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بإعدام مواطنين عراقيين وسوريين، أو قيادات في التنظيم بدعوى التجسس لصالح القوات الحكومية السورية والعراقية، الأمر الذي يطرح  تساؤلات حول مدى حقيقة وحجم الصراع الدائر داخل التنظيم، ومدى الرضى الشعبي عن أسلوب إدارة "داعش" وسط أنباء عن ارتفاع  الغضب الشعبي في مناطق نفوذها.

ارتفاع حالات الإعدام :

ارتفاع حالات الإعدام
يبدو أنه مع اتساع المساحات التي يسيطر عليها "داعش" وفي ظل التكهنات المختلفة عن وجود صراعات بين أجنحة  "داعش"، كشفت تقارير ومواقع جهادية عن إعدام  تنظيم القاعدة لواحدٍ من أهم قياداته، وهو "والي الموصل معمر توحلة"، وتسعة آخرين من مسلحيه في معسكر الغزلاني جنوب الموصل رميا بالرصاص، بتهمة التجسس لصالح الحكومة العراقية والتحالف الدولي.
كما نفذ تنظيم "داعش" خلال الأسابيع القليلة الماضية عمليات إعدام جماعية رميًا بالرصاص في صفوف مسلحيه الذين انسحبوا من المعارك ورموا أسلحتهم، وآخرون اتُهموا بالتجسس لصالح حكومة الإقليم والحكومة العراقية والتحالف الدولي.
وكر مراقبون ان عدد المسلحين الذين أعدموا في الموصل من قبل زعيم تنظيم الدولة الاسلامية ابو بكر البغدادي تخطي ال200 مسلحا، أكثرهم عراقيون، مع وجود عدد قليل من الجنسيات العربية.
كما نفذ تنظيم الدولة عملية الإعدام في مدينة تكريت جنوبي العاصمة العراقية  بغداد قبل خمسة أيام، فقد أعدم قبل أيام قليلة ستة في تكريت من عناصر الشرطة النهرية بعد اتهامهم بالعمالة لصالح حكومة المركز.
كما نفذ تنظيم "داعش" عملية اعدام بحق 17 شخصاً من أبناء عشيريتي الجبور والجيسات بينهم 15 عسكرياً.
وفي أغسطس الماضي أعدم تنظيم الدولة الإسلامية، رئيس مخابرات التنظيم "ابو عبيدة المغربي"، وفي سبتمبر المنتهي، أعدمت مغربيًا آخر من قياداتها، وبنفس التهمة: تهمة التخابر مع دول أجنبية.
وتصاعدت علميات الإعدامات التي ينفذها تنظيم "داعش" بحق معتقليه تزامناً مع محاصرة القوات الامنية للتنظيم في العديد من مناطق البلاد ومنها تكريت وتزايد الضربات الجوية على معاقله.

السخط الشعبي:

السخط الشعبي:
إقدام "داعش" على الإعدامات في حق أبناء العشائر، سواء العراقية أو السورية، أدى إلى تراجع شعبيته وسخط عام في مناطق نفوذه، فإذا كان نجاح تنظيم الدولة الإسلامية في السيطرة على مساحات مهمة من الأنبار بل وإعلانه إمارته الإسلاميّة في الفلوجة، إلا أنه يواجه حاليا غضبًا شعبيًا قد ينتهي بدعم قوي من القوات العراقية أو التحالف الدولي.
فقد كان "داعش" قبل أن يتحول إلى السطة، يمثل كتلة حرجة أمام الحكومة العراقية، في عدم وجود أسلوب لهزيمته، مع استثماره السخط الشعبي السني الواسع النطاق ضد حكومة نوري المالكي، الأمر الذي اعطاه قوة، ولكن مع لعب دور السلطة والاحتكاك المباشر بالسكان ونشر عدد كبيرة من مقاتليه الاجانب سواء العرب او من جنسيات غربية واسيوية واوربية  في مناطق ذات يهيمن عليها الطابع العشائري- المحلي عليها، عحلت من وتيرة الصدام مع القوي المحلية السنية، خصوصاً جماعات "الصحوة" التي شكلها الجيش الأميركي لقتال "القاعدة" في وقت سابق.
وبدأ مشايخ العشائر في العراق وسوريا الاتفاق علي عدم شرعنة ووجود "داعش" والتكاتف فيما بينها من اجل محاربته، لذلك يبدو أن تنظيم "داعش" يخوض أخطر معاركه وسيكون من الصعب تصور انتصاره في هذه المعارك مع ارتفاع وتيرة السخط الشعبي، وفي ظل الاعدامات المتتالية لاعضائه وللمواطنين بتهمة التجسس مما يهدد كيان التنظيم بشكل عام.

المشهد الآن:

المشهد الآن:
فيما يبدو أن مرحلة الانتصارات والزخم الكبير لتنظيم "داعش" قد ولى، وبدأ مرحلة الهزائم المتكررة  لمقاتلي "داعش" من قبل قوات البيشمركة ومن قبل الجيش العراقي، ومن طائرات دول التحالف التي باتت تقصف مواقعهم بلا هوادة، ومن قبل الجيش العربي السوري، والفصائل المسلحة علي الأراضي السورية، بالإضافة إلى سعي شيوخ العشائر بالبلدين لمواجهة وحشية التنظيم وتشدده.
وقد اتخذت الأوضاع بين مقاتلي التنظيم أنفسهم،  منحى التراجع، ولم يعد لحلم الخلافة نفس الصدى الذي كان موجودًا من ستة أشهر، مع اكتساح التنظيم لمعاقل الجيش العراقي وفرض سيطرته على مقاليد الامور.
وكنا قد أشرنا في تقرير سابق بعنوان "الخلافة الإسلامية" بين تطلعات "داعش".. وتجربة "طالبان" الأفغانية"،  إلى أن تجربة تنظيم الدولة الإسلامية لن تختلف أو تزيد على تجربة حركة طالبان في أفغانستان، وستكون أسباب صعودها هي أسباب القضاء عليها.
فمع الصراع الدائر بين أجنحة ما يُسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية"  "داعش"، وارتفاع وتيرة السخط الشعبي، وفي ظل السعي لمواجهته، فشل التنظيم في كسب أصدقاء له، حتى من أبناء جلدته من الحركات الجهادية، وهجومه المستمر ضد تنظيم القاعدة، يتضح أن التنظيم، بدأ رحلة السير نحو نهايته، عبر ما يطلق عليه  المحللون مرحلة "الهدم الذاتي"، والتي تمهد لوضع لنهاية لتنظيم خرج من رحم القاعدة واستثمر الظروف في إقليم سُني ليخرج لنور، وعندما تنتهي اسباب وجوده سيختفي كما بدأ، لكن هل سندخل في مرحلة أخرى من مراحل التطرف والتشدد.

شارك