داعش هل هي إمتداد للفكر الوهابي ؟ (2من2)
الأحد 21/ديسمبر/2014 - 06:10 م
طباعة
إن الكثير من الافكار المتشددة التي اعتمدتها هيئات ومفكرون ورجال دين داخل المملكة السعودية، والتي اشرنا لبعضها في الجزء الاول من هذا المقال، شكلت أهم روافد البيئة الأيديولوجية للتنظيمات الجهادية على كثرة تعددها بدءا من "القاعدة" وانتهاء بـ"أنصار الشريعة". ولا عجب أن مؤلفات محمد بن عبدالوهاب مثل "كتاب التوحيد"، "كشف الشبهات"، و"نواقص الإسلام" وغيرها من الكتب والمؤلفات يتم توزيعها في المناطق التي تسيطر عليها داعش ويتم تدريسها وشرحها عن طريق الجهاز التربوي في التنظيم وبمراجعة مسيرة وأفكار تنظيم "داعش" سوف نكتشف بسهولة اعتناقهم للفكر الوهابي، بل إنهم أتقنوا العمل بكل تفاصيل هذا الفكر المتشدد. فمثلاً أبو عمر البغدادي وهو أول أمير للمؤمنين، في "دولة العراق الإسلامية" عام 2006 صاغ على سبيل المثال ثوابت دولته المأمولة فكانت سلفية وهابية، وجاء ذلك في الوثيقة التعريفية للدولة حيث من أهدافها "إمامة الدين ونشر التوحيد الذي هو الغاية من خلق الناس وإيجادهم والدعوة إلى الإسلام.."، وهي نفس الصيغ المتعارف عليها في رسائل الشيخ محمد عبدالوهاب، والمفارقة أن الأفكار الوهابية تأتي الآن من خارج الدولة السعودية وهو ما يزيد القلق لدى الحكومة السعودية. ويجعلها الأكثر حرصاً على مكافحة الإرهاب وتنظيم داعش على كافة المستويات وهو ما يفسر التقارب القوي بين الحكومة السعودية والحكومة المصرية، خاصة في مجال الحرب على الإرهاب.
إن الأزمة البنوية في هياكل الدولة السعودية ما زالت أرضًا خصبة؛ لأن الخطاب الديني هو الأكثر استخداماً وتأثيراً على الشباب، وإضفاء الريادة على العالم الإسلامي بحكم التاريخ، وحالياً بحكم أن النظام السعودي من أقوى الأنظمة في المنطقة، خاصة في الجانب العسكري، وفي المقابل فإن تنظيم "داعش" يطلق خطاباً دينيًّا جهاديًّا يعلي فيه من قيمة الدين فوق الوطن والدولة والحدود الإقليمية وتأسيس لدولة الخلافة العالمية التي تجتذب أفكار الكثير من الشباب المسلم في جميع أنحاء العالم في مواجهة حالة الإحباط التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية، سواء على أيدي أنظمة الحكم أو التآمر من العالم الغربي على مقدرات هذه الشعوب والانحياز ضد إرادة الشعوب العريقة والإسلامية خاصة عندما هبت رياح ثورات "الربيع العربي" حينما تم الالتفاف على هذه الثورات بصورة أو بأخرى من الداخل والخارج.
إن مواجهة خطاب "داعش" يجب أن تكون مواجهة حادة وصارمة، ليس على المستوى الأمني فقط ولكن بخطاب يدفع الشباب إلى الالتفاف حوله، مؤكداً أن التنظيمات الجهادية السلفية لا تحمل مشروعاً جاداً على أرض الواقع، بل يتم استغلاله لتمزيق وتقطيع ورسم دويلات عربية صغيرة على هيئة "إمارات إسلامية" أو خلافة من أشكال الدويلات العرقية أو العقائدية.
أما النظام السعودي فعليه مواجهة الفكر السلفي الوهابي داخل المؤسسات والهيئات السعودية، خاصة في مجال التعليم الديني والجامعي بخطاب معتدل أكثر واقعية في مجال التطبيق على الأرض، مع مراعاة للدولة الحديثة ومكوناتها وعلاقاتها بالعالم الخارجي من الدول والشعوب.