يد الارهاب تطول فرنسا والغرب يعلن استنفاره

الجمعة 09/يناير/2015 - 10:27 م
طباعة يد الارهاب تطول فرنسا
 
الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي
• الولايات المتحدة وبريطانيا يحذران من هجمات إرهابية جديدة
• داعش يعلن مسئوليته عن عملية شارلي إيبدو ويتوعد دول التحالف الدولي
• متابعون ينتقدون الغرب لعدم اهتمامهم بتحذيرات السيسي من انتقال الإرهاب إلى أوروبا

طالت يد الإرهاب العمق الأوربي من خلال عدد من الهجمات التي استهدفت فرنسا، مع توعد عناصر تنظيم داعش الإرهابي بتكرار مزيد من الهجمات الإرهابية ضد أعضاء التحالف الدولي الذى تقوده الولايات المتحدة ضد معاقل داعش في سوريا والعراق.
ويري متابعون أن هذه الهجمات المتتالية تأتي في إطار تجاهل الدول الغربية تحذيرات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومطالبته للمجتمع الدولي بوقف دعم الجماعات الارهابية، خاصة وانه حذر في سبتمبر الماضي  أثناء استقباله لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان  من مخاطر انتشار النزعات المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، محذرا من إمكانية امتدادها إلى أوروبا خاصة دول شمال المتوسط، ومطالبة المجتمع الدولي بتوجيه رسالة ضد من "يساندون قوى التطرف والإرهاب الساعية لفرض الأمر الواقع بقوة السلاح في ليبيا".
فلم يكد المجتمع الفرنسي خاصة والغربي عامة يستفيق من جريمة الاعتداء على جريدة شارلي إيبدو الساخرة، حتى تناقلت الأنباء بشأن احتجاز مسلحان لرهائن في محل لبيع المجوهرات في مدينة مونبيلييه جنوب فرنسا، وبعد مهاجمة مسلح، يرتدي سترة واقية من الرصاص، برشاش ومسدس عناصر من الشرطة في مونروغ بالضاحية الجنوبية لباريس، ما أسفر عن مقتل شرطية وإصابة موظف بلدي بجروح. 
وقتلت قوات الأمن الفرنسية الأخوين المشتبه بهما في هجوم على مقر صحيفة شارلي إيبدو خلال مداهمة لمطبعة احتجزا بها أحد الرهائن في حين قتل أربع رهائن في حادث منفصل، وجاءت النهاية العنيفة للحادثين المتزامنين بعد عملية أمنية على نطاق لم يسبق له مثيل فيما تواجه فرنسا أحد أسوأ التهديدات لأمنها الداخلي منذ عقود، ويري مراقبون انه قد تؤجج الخسائر الكبيرة في الأرواح على مدى ثلاثة أيام متتالية الأصوات المعادية للمهاجرين في البلاد ومناطق أخرى بالغرب.
يد الارهاب تطول فرنسا
وقال مسئولون إن الاخوين شريف وسعيد كواشي قتلا عندما اقتحمت قوات مكافحة الإرهاب مطبعة في بلدة دامارتان جويل شمال شرقي باريس حيث احتجز المشتبه بهما الرئيسيان في هجوم الأربعاء أحد الرهائن، وقال مسئول إن الرهينة حررت بسلام.
وسمع دوي إطلاق نار من أسلحة آلية أعقبته انفجارات ثم هدوء بينما شوهد الدخان أعلى المطبعة، ووسط ضباب كثيف هبطت طائرة هليكوبتر على سطح المبنى في إشارة إلى انتهاء الهجوم، وقال مصدر حكومي إن الأخوين خرجا من المبنى وفتحا النار على الشرطة قبل قتلهما، وبعد دقائق اقتحمت الشرطة متجرا للأطعمة اليهودية شرقي باريس.
 وقال مصدر بنقابة الشرطة إن أربع رهائن على الأقل قتلوا هناك فضلا عن المسلح الذي يعتقد أنه على صلة بنفس الجماعة الإسلامية التي ينتمي لها الاخوان كواشي، وأظهرت لقطات تلفزيونية لمتجر الأطعمة اليهودية في حي فينسان عشرات من ضباط الشرطة المدججين بالسلاح خارج مدخلي المتجر، وبدأ الهجوم بإطلاق النار وانفجار على الباب ثم بدأ خروج الرهائن
من جانبه أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند مقتل أربع رهائن في متجر للأطعمة اليهودية في شرق باريس، ودعا أولوند إلى الوحدة الوطنية وقال إن البلاد يجب أن تظل "قوية" في مواجهة العنصرية ومعاداة السامية.
وعن احتجاز الرهائن على يد مسلح إسلامي في متجر الأطعمة اليهودية في حي فينسان قال أولوند "حقا ارتُكب عمل مروع معاد للسامية".
رئيس الوزراء الفرنسى
رئيس الوزراء الفرنسى مانيول فالس
وشوهد بعض الرهائن وهم يفرون من المتجر بعدما اقتحمت الشرطة المدججة بالسلاح المتجر في نفس الوقت الذي قتلت فيه الشرطة المشتبه بهما في الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو .
مراقبون يرون ان هذه الحوادث الاجرامية تعد استهدافا متعمدا للمواقع الغربية، والدول التى تقف وراء الحرب على داعش، واعلان التنظيم رسميا ملاحقة الدول الغربية، وتوعد أمريكا وبريطانيا.
وجاء التهديد رسميا على لسان مسؤول أئمة وخطباء تنظيم "داعش"، الشيخ أبو سعد الأنصاري، الذى أكد في خطبة الجمعة بأحد مساجد الموصل أن الهجوم الذي استهدف مقر مجلة "شارلي إبدو" بالعاصمة الفرنسية، باريس، رسالة لكل دول التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم، مشيرا إلى أنه "سيتكرر  في كل من بريطانيا وأمريكا"، وأن ما تشهده فرنسا بسبب مشاركتها في قصف وقتل العشرات من تنظيم "داعش" انطلقنا بعمليتنا في فرنسا، وغدا في بريطانيا وأمريكا وغيرها، وسيكون ردنا الحاسم لأن داعش سيحرر كل بلاد الفساد والكفر".
وبعد ساعات من استهداف الصحيفة الساخرة، قامت الشرطة الفرنسية بنشر صورتين لشقيقين متهمان بتنفيذ الهجوم وصدر بحقهما قرار للقبض عليهما في إطار التحقيق، وهما الشقيقان شريف وسعيد كواتشي، وتم تعقبهم حتى استهدافهم مساء الجمعة وقتلهم فى عملية موسعة قامت بها الشرطة الفرنسية. 
والإخوان كواشى أحدهما – سعيد-  ذهب إلى اليمن عام 2005، وشريف عاد من سوريا منذ عام وهي نفس المعلومات التي قال مسئولون إنها تم تبادلها بين أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة وفرنسا. كما أن اسمي كلا الأخوين كواشي مدرجين على قاعدة بيانات أجهزة الأمن الأمريكية لـ"الإرهابيين الدوليين المعروفين أو المشتبهين"، المعروفة باسم TIDE، وكذلك فإن اسميهما مدرجان أيضاً، ومنذ سنوات، على قائمة الممنوعين من ركوب الطائرات في الأجواء الأمريكية.
من جانبه أكد رئيس الوزراء الفرنسى مانيول فالس، خلال زيارته لمركز شرطة الدائرة الحادية عشر والذى لقى أحد عناصره مصرعه خلال الحادث إن فرنسا تلقت "ضربة فى القلب" وكل فرنسي يشعر بأنه حزين ومفزوع مشددا على إصرار الدولة على حماية الفرنسيين، ورفع  حالة التأهب القصوى بالعاصمة الفرنسية وضواحيها و تشديد الإجراءات الأمنية حول المحلات الكبرى ومقرات المؤسسات الإعلامية وبالمواصلات العامة وحول دور العبادة، كما تم إلغاء الأنشطة المدرسية الخارجية.
من جانبه أكد صامويل لومير، وهو رسام كاريكاتير في العديد من الصحف والدوريات البلجيكية ايضا على قناعته بأن كافة الصحفيين ورسامي الكاريكاتير يشعرون بالتهديد قائلا "مات بعضنا بسبب رسومهم فقط".
قوات الأمن الفرنسية
قوات الأمن الفرنسية
وفي هذا السياق أعلنت قوات الأمن الفرنسية الاستنفار الكامل لملاحقة العناصر الاجرامية، والتأكيد في الوقت نفسه على ادانة استهداف دور العبادة، واحتواء الغضب المنتشر في المدن الفرنسية خاصة والاوروبية عامة، بعد دعوات من قبل جماعات متطرفة باستهداف المساجد والمسلمين انتقامات لحادثة شارلي إيبدو.
واعتبرت وكالة الانباء الفرنسية، أن مسألة احتمال تورط تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" في الهجوم الدامي ، ونقلتا لفرنسية عن مصادر امنية يمنية تواجد سعيد كواشي في هذا البلد عدة مرات بين العامين 2009 و2013، اولا كطالب في جامعة الايمان بصنعاء التي يهيمن عليها الاصوليون ثم في معسكرات تدريب في جنوب اليمن والجنوب الشرقي، وهو ما اعتبرته مؤشرا لاحتمال تورط القاعدة في اليمن صدر من احد الاخوين كواشي خلال الاعتداء الذي قضى على هيئة تحرير شارلي ابدو عندما قال وفقا لما نقلته وسائل اعلام فرنسية عن شهود، "بلغوا وسائل الاعلام انه تنظيم القاعدة في اليمن". 
وقال استاذ العلوم السياسية في باريس المتخصص في اليمن لوران بونفوا ان "السفر الى اليمن يفسح المجال امام التدريب" بالنسبة للراغبين في الجهاد، ويبدو ان اقامة سعيد كواشي في اليمن، حسب رواية احد زملائه، بدأت في 2009 عندما تردد على جامعة الايمان التي يشرف عليها الداعية الاصولي عبد المجيد الزنداني المدرج على اللائحة السوداء للولايات المتحدة،  وهذه الجامعة على غرار مؤسسات خاصة اخرى في اليمن تستخدم غطاء لتنظيمات اسلامية سنية متطرفة تستدرج الراغبين في الجهاد من مختلف مناطق العالم. 
وبالتزامن مع هذه المخاوف، حذر ندرو باركر رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني من ان مجموعة اسلامية متطرفة متواجدة في سوريا تخطط لشن "اعتداءات واسعة النطاق" في الغرب، وان الاستخبارات قد تكون عاجزة عن وقفها، وأن المقاتلين العائدين الى الغرب بعد القتال في سوريا يمكن ان يحملوا معهم "عقيدة ملتوية" قد تقودهم الى تنفيذ اعتداءات على معالم شهيرة في دولهم.
على الجانب الآخر أعلن اليمين المتطرف مشاركته في "المسيرة الجمهورية" التي دعت إليها أحزاب اليسار للمطالبة بالوحدة الوطنية والتنديد بالهجوم الدامي الذي استهدف "شارلي إيبدو" الساخرة، بين مؤيد يعتبر أن هذا التجمع سيكون موعدا جمهوريا يجمع كافة طبقات المجتمع الفرنسي، ومعارض يعتبر المواقف المتطرفة المعادية للمسلمين التي يتبناها اليمين المتطرف يمكنها أن تأجج الصراع بين الفرنسيين.
وهذه المسيرة التي دعا إليها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وأحزاب اليسار الحاكم من أجل المطالبة بوحدة المجتمع الفرنسي والتنديد بالهجوم الدامي الذي استهدف "شارلي إيبدو" ستشارك فيها جميع أحزاب اليسار واليمين.
 كما نددت الجبهة الوطنية التي حققت انتصارات انتخابية السنة الماضية وباتت تعتبر الأوفر حظا للتفوق على الأغلبية الاشتراكية الحاكمة، والمعارضة اليمينية في الانتخابات الرئاسية 2017، بفرضية إقصائها من "الوحدة الوطنية" التي من المفروض أن تجمع جميع الأطياف السياسية في المجتمع الفرنسي.

شارك