مساع أمريكية لعقد الحوار الليبي مجددًا.. هل تنجح في إنهاء الصراعات بالبلاد؟

الأحد 11/يناير/2015 - 11:15 ص
طباعة مساع أمريكية لعقد
 
يشهد الوضع في ليبيا، تعقيدًا يوما بعد الآخر، فكانت آخر الأزمات هي فشل ثاني جلسات الحوار الليبي الذي سعت إليه الأمم المتحدة، لإنهاء الصراعات السلطوية في البلاد.
والجدير بالذكر أنه عقب سقوط نظام القذافي تحولت ليبيا إلى بؤرة للجماعات المسلحة والتي ينتمي أغلبها إلى تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين، والتي تتخذ ليبيا مأوى لها بدعم من دولتي قطر وتركيا؛ حيث تمكنت من تكوين ميليشيات وإقامة كيانات صغيرة خاصة بها.

مساع أمريكية لعقد الحوار

برناردينو ليون
برناردينو ليون
في محاولة لاحتواء الأزمة، يسعى برناردينو ليون، المبعوث الأممي جاهدا لإنقاذ الحوار من الفشل والذي قد يذهب بكل مساعي الوساطة من قبل دول الجوار.
الجدير بالذكر أن الأسبوع الماضي، كان مقررًا عقد الحوار الليبي ولكن المحاولات باءت بالفشل، وتسعى الأمم المتحدة لعقد الحوار مهما كلفها الأمر.
من جانبه قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا: "إن ليبيا بحاجة إلى عقد جولة ثانية من الحوار السياسي في القريب العاجل بغية إيقاف انزلاق البلاد نحو صراع أعمق وانهيار اقتصادي"، مقترحًا تجميد القتال.
جاء ذلك خلال محادثات له مع أطراف الخلافات في ليبيا، ففي مدينة طبرق تتمركز الحكومة المعترف بها دوليا، بقيادة عبد الله الثني وجيش اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وفى طرابلس تقيم الحكومة الموازية بقيادة عمر الحاسي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وقوات "فجر ليبيا"، حيث تطرق الحوار إلى سبل إنهاء القتال وعقد حوار سياسي في إطار الجهود لحل الأزمة السياسية والأمنية في البلاد.
ونقل الموقع الرسمي لبعثة الأمم المتحدة على الإنترنت،عن ليون قوله: "إن معظم الشعب الليبي يريدون السلام ويجب ألا يكونوا رهائن لأقلية ترى أنه بإمكانها الانتصار في هذا الصراع بالأساليب العسكرية"، مضيفا: "من المهم أن يبدأ الحوار بين الأطراف الليبية في القريب العاجل".
وحذر ليون من أن الوقت بدأ ينفد وأن المزيد من التأخير في معالجة الأزمة السياسية والأمنية في البلاد سيصعّب التوصل إلى إنهاء القتال وإعادة الوحدة السياسية والمؤسسية إلى الدولة وإنعاش الاقتصاد، مقترحًا تجميد القتال لفترة قصيرة لخلق بيئة ملائمة لعقد جلسات الحوار.
ومنذ بدء النزاع في ليبيا تبذل الأمم المتحدة، والذي يمثلها رئيس بعثتها للدعم برناردينو ليون، قصارى جهدها لحل الأزمة الليبية؛ حيث تمثلت جولة حوار أولى بين ممثلين عن مجلس النواب المنتخب وممثلين عن النواب المقاطعين لجلساته عقدت بمدينة غدامس، فيما أجلت الجولة الثانية إلى وقت لاحق.
ويرى المبعوث الأممي، أن الوقت بدأ في النفاذ، ويجب الوقوف على قدم وساق لإنهاء تلك المشاحنات على الأراضي الليبية، والتي تتفاقم يوما بعد الآخر.

الحوار في جينيف الأسبوع المقبل

الحوار  في جينيف
في ذات السياق، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أمس السبت، 10 يناير 2015، أن جولة جديد للحوار السياسي الليبي ستعقد في مقر الأمم المتحدة في جنيف الأسبوع القادم.
وقالت البعثة في بيان لها: إن الأطراف الليبيين وافقوا على عقد جولة جديدة للحوار السياسي لإنهاء الأزمة السياسية والأمنية في البلاد، على أن ينعقد الاجتماع الأسبوع القادم حيث ستقوم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا باستضافته في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
وأكدت البعثة، أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن عقد الجولة القادمة للحوار بعد مشاورات مكثفة واسعة النطاق أجراها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، برناردينو ليون، مع الأطراف خلال الأسابيع العديدة الماضية، موضحة أن عملية الحوار السياسي هي بقيادة ليبية، وأن دور الميسر الذي تضطلع به يهدف إلى المساعدة في عملية البحث عن أرضية مشتركة.
ولفت البيان إلى أن الهدف الرئيسي لهذا الحوار السياسي يكمن في التوصل إلى اتفاق بشأن إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمتع بدعم واسع النطاق، وتهيئة بيئة مستقرة للعملية الدستورية تمكن من إقرار دستور دائم جديد، مشيرة إلى أن المناقشات ستسعى إلى وضع الترتيبات الأمنية اللازمة بغية إنهاء أعمال القتال المسلح التي تعصف بأنحاء مختلفة من البلاد.
وقالت إنه يجب على الأطراف الرئيسيبن التعامل مع هذا الحوار بشجاعة وإصرار وأن يضعوا المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار عند هذا المنعطف الحرج من عملية الانتقال السياسي في البلاد، ملتزمين بالمبادئ الديمقراطية لثورة 17 فبراير التي وحدت الشعب الليبي، كما وحدت المجتمع الدولي في دعمه لليبيا.

المرحلة الأخيرة

فيديريكا موغيريني
فيديريكا موغيريني
فيما اعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فى بروكسل، فيديريكا موغيريني الاجتماع بين أطراف النزاع، فرصة أخيرة لإعادة الاستقرار الى البلد الذي تعمه الفوضى.
وقالت موغيريني: "إن هذا الاجتماع يوفر فرصة حاسمة لجمع أبرز الفاعلين للتوصل إلى حل سلمي يقوم على الحوار، مضيفة أنه لا ينبغي إضاعة فرصة التوصل إلي وقف لإطلاق النار ولحل سياسي اجتماع جنيف يمثل فرصة اخيرة ينبغي اغتنامها. ليبيا تقف عند منعطف حاسم ولا ينبغي أن يكون لدى مختلف الأطراف أي شك حول مدى خطورة الوضع في بلادهم".

تعنت الأطراف في إجراء الحوار

يرى مراقبون أن فشل جولة الحوار الثانية نظرا إلى تعنت الأطراف المعنية وإطلاقها شروطا تعجيزية، حيث اعتبر مؤيدو حكومة الثني، أن تمسك ميليشيا "فجر ليبيا" بشرعية المؤتمر العام سيسهم بشكل كبير في عرقلة المشاورات من أجل بلورة حلول عاجلة للأزمة، فيما اعتبر مؤيدو الإخوان أن مجلس النواب قد انتهت شرعيته بحكم المحكمة الدستورية، وهو الأمر الذي رآه محللون سياسيون أن حكم المحكمة كان نتيجة لضغوط المتطرفين في البلاد.

لا حوار مع إرهابيين

اللواء خليفة حفتر
اللواء خليفة حفتر
وحول رأي اللواء خليفة حفتر قائد عمليات "الكرامة" والمنتمي للحكومة المعترف بها دوليًا، والذى كان مجتمعا مع المبعوث الأممي، أنهم أطلعوه على الوضع القائم حاليا في ليبيا والمتمثل في محاولة عصابات إرهابية السيطرة على الدولة موضحًا أن ليبيا تمتلك مؤسسة شرعية متمثلة في مجلس النواب المنتخب ويجب أن تُبنى الدولة الليبية على أساس هذا الجسم.
وأشار إلى أن الحرب التي أطلقها هي حرب لحماية مؤسسات الدولة التي تتعرض للخطر من قبل الجماعات المتشددة، مؤكدا أنهم لن يسمحوا للمجموعات والميليشيات، الذين لا يفهمون إلا معنى العصابات، بالتحكم في الدولة.
دعا حفتر الأمم المتحدة إلى الوقوف إلى جانب الحق إذا أرادت ترسيخ العدالة في العالم، مشيرا في الوقت ذاته إلى عدم إمكانية قبول الحوار مع إرهابيين.
وجدد حفتر اتهامه لدولتي تركيا وقطر بـ"دعم الميليشيات المسلحة عن طريق إمدادها بالسلاح الذي وصل إلى مدينة مصراته لاستخدامه في الهجوم على شرق ليبيا".

صفقة لتصفية المتشددين

صفقة لتصفية المتشددين
كشفت مصادر مسئولة، عن وجود تنسيق أمني وسياسي بين السلطات الجزائرية والولايات المتحدة الأمريكية بهدف اعتقال أو تصفية قادة إسلاميين، مطلوبين للدولتين بليبيا، مقابل ضمان مكاسب سياسية لأطراف داخل الجماعات الإسلامية، في مستقبل الدولة الليبية.
وأكدت المصادر أن جماعات متشددة من مدينة مصراتة الليبية، تتهم القيادي الإسلامي الليبي عبد الحكيم بلحاج، بالتورط في التخطيط لتسليم عدد من القيادات الإسلامية، المطلوبة للجزائر والولايات المتحدة؛ مقابل وعد جزائري أمريكي، برعاية حوار وطني ليبي، تتحصل من خلاله جماعته على نصيب من السلطة.
وقالت المصادر: إن الجزائر تنسق مع إخوان ليبيا، في الترتيب لحوار سياسي، يمكن الجماعات الإسلامية من التحكم في مفاصل الدول الليبية، مقابل قيام هذه الجماعات بتسليم المطلوبين للأمن الجزائري والمخابرات الأمريكية، ولعل ترحيب إخوان ليبيا، بموقف الجزائر من الأزمة الليبية، في جامعة الدول العربية، يرجح صحة هذه المعلومات.

الكيانات المتصارعة

الكيانات المتصارعة
الانقسامات التي تشهدها ليبيا منذ الإطاحة بالقذافي، أظهرت ميليشيات على الأراضي الليبية، تقسم إلى نحو 20 كيانًا، بعضها تابع للمؤتمر الوطني العام بالعاصمة طرابلس، والآخر تابع لمجلس النواب المعترف به دوليًا بمدينة طبرق، وكل منها يدعي أنه يدافع عما يسميه الشرعية وما يعتبره صالحا لليبيين. والجدير بالذكر أن هناك حكومة وبرلمان في طرابلس وحكومة وبرلمان في طبرق، وقوة عسكرية هنا وأخرى هناك يسميها كل فريق بـ"الجيش"، إضافة إلى كيانات أخرى لا تعترف بالفريقين الأولين.
وتنضم إلى حكومة طبرق بقيادة عبد الله الثني والمعترف بها دوليًا، 12 قوة عسكرية، "قوات رئاسة أركان الجيش"، و"قوات حرس المنشآت النفطية"، و"كتائب الزنتان"، و"كتائب رشفانة"، و"صحوات المناطق"، و"كتيبة حسن الجويفي"، و"كتيبة 319 التابعة للجيش"، و"كتيبة 204 دبابات"، و"كتيبة 21 صاعقة"، و"قوات الصاعقة"، و"مديريات الأمن"، وأخيرا "كتيبة محمد المقريف".
في الجانب المواز تنضم أربعة كيانات مسلحة مع الحكومة الموازية في طرابلس التي يقودها عمر الحاسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين هي: "قوات فجر ليبيا"، و"غرفة عمليات ثوار ليبيا"، و"الدروع"، وأخيرا "كتيبة الفاروق".
وهناك أربعة كيانات مسلحة، لا تعترف بالحكومتين، وهي: "مجلس شورى ثوار بنغازي"، و"تنظيم أنصار الشريعة"، و"تنظيم مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها"، و"تنظيم شباب شورى الإسلام"، وتناهض هذه الكيانات مجلس النواب وحكومة عبد الثني وتقاتل قوات حفتر، ورغم عدم اعتراف تلك الكيانات بالمؤتمر الوطني وحكومة الحاسي، فإنها لا تقاتل قوات ذلك الطرف، وتتلقى دعما سياسيا من المؤتمر وحكومة الحاسي.
ويوضح المشهد الحالي أن الحوار يعد فرصة مهمة لا يجب إهمالها، حتي يتمكن الليبيين من استعادة الاستقرار ومنع البلاد من الانزلاق نحو المزيد من النزاع والانهيار الاقتصادي، على يد الجماعات المسلحة والميليشيات المنتشرة كما سبق ذكرها.

شارك