"نموذج آرهوس".. هل ينجح في وقف انضمام الاوربيين الي "داعش"؟
الأربعاء 14/يناير/2015 - 06:28 م
طباعة
فاقت أوربا علي كابوس مذبحة صحيفة "شارلي ايبدو" لتزيد المخاوف من العائدين من جبهات القتال في سوريا والعراق، مع ارتفاع وتيرة المنضمين للجماعات الإرهابية وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وتنظيم القاعدة، التنظيمات الإرهابية الأبرز في بؤر الصراع بالعالمين العربي والاسلامي.
أرتفاع وتيرة المنضمين:
ومع تكرار التقارير الاعلامية وارتفاع وتيرة التصريحات لرجال الامن في أوربا عن ذهاب مواطنيهم للمشاركة في القتال في سوريا، لا سيما أن الكثير منهم ينضم لصفوف تنظيم "داعش"، ووقع حادث "شارلي ايبدو" فتح الطريق لينصب الاهتمام حالياً على منع سفرهم ووصولهم إلى هناك، فإن مراكز الاستخبارات الأوروبية تقوم أيضا بجهد حقيقي لملاحقة شبكات التجنيد، وتفكيكها، مع إدراكهم حقيقة أن الكثير من الذاهبين إلى سوريا يتم تجنيدهم عبر شبكة "الانترنت".
ويقدر مسؤولين في الاتحاد الأوربي بوجود أكثر من 3 آلاف مقاتل أوروبي يشاركون في الصراع الحالي سواء في سوريا أو العراق. ويقول مسؤول بلجيكي في مكتب مكافحة الارهاب إنهم متأكدين من وجود حوالي 200 مقاتل بلجيكي في سورية، معظمهم يقاتلون في صفوف "داعش"، وإن ما يزيد عن 15 شخصاً يغادرون بلجيكا إلى سورية شهرياً. وأضاف المسؤول أن حوالي 35 بلجيكياً يعتقد أنهم قُتلوا، بينما عاد حوالي 70 شخصاً إلى بلادهم.
وتقدر السلطات الفرنسية، عدد الفرنسيين الذين ذهبوا إلى سورية أو يستعدون للقيام بذلك أو في طريقهم إلى هذا البلد بنحو 800 فرنسي، وتم إحصاء وجود 320 شخصًا في سوريا فيما عاد 140 آخرون وقتل ثلاثون.
وكان منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي "فيليس دي كيرجوف"؛ قدّر في أبريل الماضي عدد الذين ذهبوا من دول الاتحاد الأوروبي؛ للقتال في سوريا بـ 2000 شخص، في حين كان تقديره للعام الفائت لا يتجاوز الـ 500 شخص.
تعهد الاتحاد الأوروبي باستمرار دعم جهود أكثر من 60 دولة لمواجهة تهديدات «داعش» بما في ذلك العمل العسكري وفقا للقانون الدولي، وقال الاتحاد الأوروبي، إن العمل العسكري ضروري لمواجهة خطر «داعش» ولكنه غير كاف لهزيمة «داعش» وإنما يجب أن يكون جزءا من جهود أوسع نطاقا، تضم تدابير في المجالات السياسية والدبلوماسية ومكافحة الإرهاب وتمويله، ولا بد من تكثيف الجهود لحرمان «داعش» من فوائد مبيعات النفط غير المشروعة.
التجربة الدنماركية:
رغم ان الدول الاوربية تواجه تجربة صعبة، في مواجهة أزمة العائدين الي اوربا، الا أن الدنمارك بحث عن الحل عبر قواعد واسلوب لإعادة تأهيل المنضمين للقتال في سوريا "الجهاد"، عبر برنامج إعادة تأهيل لهؤلاء الشباب يدعى "نموذج آرهوس"، المبني على أساس نهج عريق ومتكامل معروف في الدنمارك لمكافحة الجريمة، وفيه ترافق مجموعات من الخبراء والمستشارين النفسيين، والرعاية الصحية، هؤلاء الشباب، بهدف مساعدتهم في العودة إلى المسار التعليمي أو المهني، والبحث عن إقامة والعودة إلى نمط الحياة اليومية الطبيعية والانسجام مع المجتمع.
لم يبدأ برنامج معالجة التطرف في آرهوس سوى مطلع هذا العام، ولكنه يعتمد على نهج عريق ومتكامل معروف في الدنمارك لمكافحة الجريمة، حيث تعمل الشرطة والخدمات الاجتماعية والمدارس سويًا وتتبادل المعلومات، هذا ما يقوله يورجِن إلوم، رئيس آرسليف في العمل. جهود معالجة التطرف التي كانت منصبة فيما سبق على ما يُعرَف بعصابات الموتسيكلات، ومجموعات اليمين واليسار المتطرف، تكثّفت منذ عام 2007، بعد تفجيرات لندن ومدريد، لتشمل التطرف الديني والإرهاب الناشئ من الدنمارك.
يقول إلوم أن العديد من المدرسين والموظفين الاجتماعيين والأندية الشبابية تشارك في هذا الجهد، “نحن ندربهم للتعرّف على العلامات المبكرة لتلك الأنشطة، وننصح الشباب الذين نعتقد أنهم في خطر كبير، ونُجري ورش عمل في المدارس. لدينا صلات جيدة بكافة الأقليات، وبالآباء والأمهات أيضًا. في عام 2012، حين بدأ بعض الشباب يسافر إلى سوريا رُغم كل جهودنا، كانوا أول من يصارحنا بنيته في السفر.”
وحسب المعلومات يأتي العدد الأكبر من هؤلاء الشباب المنضمين لجماعات الارهابية من منطقة آرهوس (شمال يولاند)؛ بسبب النسبة العالية للمهاجرين واللاجئين من أصول عربية وإسلامية، حيث تصل إلى 15% من عدد السكان الكلي.
وحسب شرطة آرهوس، فإن 29 مقاتلًا هم أبناء الجيل الثاني من المهاجرين، وأغلبهم من الأفارقة ، تحديدًا من الصومال، والبعض الآخر تركي وفلسطيني وعراقي.
وحسب المعلومات المتوفرة لدى الشرطة سافر من آرهوس (325 ألف نسمة)، 31 شابًا بين عامي 2012 و2013 للجهاد في سوريا، ولم يسافر أحد عام 2014.
قيمة البرنامج:
مدي نجاح برنامج اعادة التأهيل الاوربيين الذين شاركوا في الصراع بسوريا والعراق بالعودة الي حياتهم الطبيعية، يقول أستاذ علم النفس في جامعة آرهوس بريبِن بِرتيلسِن، إن "نموذج آرهوس"، يتمحور حول الاحتواء، مضيفًا "انظر لكل هؤلاء الشباب، ستجدهم يكافحون مشاكل مشابهة لما يواجهه شباب كثيرون حول العالم ابتداءً من بناء حياتهم وفهم العالم من حولهم، وصولًا إلى إيجاد مساحة ومعنى في مجتمعاتهم. فإذا لم يرتكبوا أي نوع من الجرائم، سنساعدكم نحن على إيجاد طريق للعودة".
ويضيف ان من مهام البرنامج ايضا كشف من يميلون الي التطرف والمشاركة في افكار الصراع "الجهاد" قبل الانضمام الي جماعات التطرف والتشدد اليت تقاتل في سوريا والعراق وغيرها من منطق بؤر الصراع، وعن هؤلاء الشباب، يقول أحد المدربين في برنامج "نموذج آرهوس" منذ عام 2010، الحاصل على شهادة جامعية في الدراسات الدينية ومقارنة الأديان، وقدّم الدعم لثلاثة مقاتلين من قبل ويقدم الدعم الآن لرابع (طالب بالمرحلة الثانوية)، وأخبرنا عن الأخير بالقول "استحوذت عليه تمامًا فكرة الذهاب إلى سوريا، حتى أنه لم يعد قادرًا على التركيز في أي شيء آخر، فهو يحضر للمدرسة يوميًا لكنه غائب تمامًا ذهنيًا. كما وصل اثنان ممن عمل معهما إليه بعد أن لوحظت عليهما علامات تطرف (اهتمام مفاجئ وشديد بالدين، وتفاعل مع مواقع معيّنة، تحوّل مفاجئ في المظهر، وانقطاع عن الأهل والأصدقاء التقليديين".
المشهد الأن:
امام المخاطر المتنامية واحتمالات ان تشهد اوربا موجات ارهابية "انتقامية"، يبدو أن أوربا قد قررت ان تسير علي نهج" دراسة المرض- التطرف - بصورة دقيقة من أجل الوصول الي علاج للمرض" من خلال اتباع اسلوب علمي لإنهاء واستئصال الفكر المتطرف من شباب أوربا المسلم، عبر محاربة الفكر بالفكر عبر برامج "نموذج آرهوس"، والذي يعتبر أولي خطوات القضاء علي انضمام الاوربيين الي "داعش" والجماعات الجهادية، فهل تنجح التجربة ؟