اعتقال "كاظم".. يضع تساؤلات حول مستقبل "الوفاق" الشيعية في البحرين؟

الخميس 15/يناير/2015 - 03:29 م
طباعة اعتقال كاظم.. يضع
 
حالة من الغموض تسيطر على مستقبل جمعية الوفاق الإسلامية المعارضة في البحرين، والتي تعتبر أحد أهم الجمعيات السياسية المعارضة بالبلاد، ولكن الانتقادات والتهديدات الشيعية من قبل المراجع الدينية والقيادات السياسية الشيعية في العالم العربي والإسلامي، عقب اعتقال الأمين العام علي سلمان، ثم اعتقال رئيس جميل كاظم رئيس شورى جمعية الوفاق، يؤكد أن حكومة البحرين أرادت أن ترسل رسالة خاصة عبر هذه التهديدات بأنها دولة ذات سيادة وصاحبة قرار، وأن شيعة البحرين هم شأن داخلي وليس يقعون تحت أي وصاية خارجية، فإذا كان اعتقال أشخاص في المعارضة وفقا للقانون والدستور البحريني، وأن المحاكمة تجري في إطار قانون وليس هناك أحد فوق القانون.

اعتقال رئيس شورى الوفاق

اعتقال رئيس شورى
وفي إطار سعي الحكومة لتطبيق القانون، ألقت الأجهزة الأمنية البحرينية القبض على القيادي في جمعية الوفاق الإسلامية المعارضة، جميل كاظم، في مقر الجمعية جنوب العاصمة المنامة، بعد يوم واحد من صدور الحكم عليه بالسجن 6 أشهر وغرامة مالية قدرها 500 دينار.
وقال عيسى عبد الرحمن وزير شئون الإعلام في الحكومة البحرينية لـ«الشرق الأوسط»: إن القبض على جميل كاظم الذي يشغل منصب رئيس «شورى» الوفاق (كبرى جمعيات المعارضة السياسية بالبلاد)، كان لتنفيذ الحكم الذي صدر بحقه من السلطة القضائية. وأضاف: «الداخلية قامت بتنفيذ الحكم وجرى نقله من مقر جمعية الوفاق إلى السجن من قبل عناصر أمنية مدنية في سيارة مدنية».
بدوره، قال عبد الله الشملاوي محامي كاظم: إن الحكم الصادر بحق موكله تضمن التنفيذ الفوري، مضيفا: «لو كان كاظم حاضرا جلسة النطق بالحكم لأخذ من الجلسة إلى السجن». وتابع الشملاوي: «الحكم وإن كان متوافقا مع نص القانون إلا أنه صدر بالحدين الأقصيين الحبس والغرامة». وقال إنه تقدم باستئناف للحكم وحددت له جلسة في 10 مارس المقبل.

قيادات الوفاق

قيادات الوفاق
جميل كاظم يعد القيادي الثاني في جمعية الوفاق الذي يودع الحبس بعد إيقاف الشيخ علي سلمان أمين عام الجمعية على ذمة التحقيق في 4 تهم، إحداها تمس أمن الدولة. وكان القضاء البحريني قد أصدر أول من أمس حكما أدان فيه جميل كاظم رئيس شورى جمعية الوفاق والقيادي في المعارضة البحرينية بالحبس 6 أشهر وغرامة تقدر بـ500 دينار كحكم أولي، ويأخذ صفة النفاذ بعد الاستئناف، وهي الدرجة الثانية من التقاضي حتى يصبح الحكم نهائيا.
وأدين كاظم إثر تغريدة أطلقها في التاسع من أكتوبر من عام 2014 قال فيها: «عروض المزاد السياسي ومن المال السياسي في الشارع المعارض بلغت 100 ألف دينار من أموال الشعب المظلوم لمن يرشح في الانتخابات القادمة». وعدّ القضاء البحريني تغريدة كاظم تشويشا على الانتخابات التي قاطعتها جمعيات المعارضة السياسية، وفي مقدمتها جمعية الوفاق، فيما صدر خلال الفترة حكم بتعليق نشاط جمعية الوفاق حتى تعدل من وضعها القانوني وتنهي مخالفاتها لقانون عمل الجمعيات السياسية التي كان يطالبها بها مكتب شئون الجمعيات في وزارة العدل. وكانت مملكة البحرين قد شهدت في 22 و29 نوفمبر من عام 2014 انتخابات نيابية وبلدية جاءت المشاركة فيها فوق التوقعات، حيث بلغت في النيابية 53.6 في المائة وفي البلدية بلغت 59.1 في المائة رغم مقاطعة جمعيات المعارضة.

رد فعل كاظم

رد فعل كاظم
وجاء رد فعل رئيس مجلس شورى الوفاق، حول قرار إلقاء القبض عليه، وعقب صدور الحكم، فقال كاظم: إنهم تواصلوا مع مسئولين في الداخلية للاتفاق على أن يقوم هو بتسليم نفسه عند السابعة من مساء اليوم الأربعاء 14 يناير، بعد أن يودّع عائلته ويرتّب بعض الأمور العائلية، مع تعهّد من أحد مسئولي الجمعية بذلك، وقد وافقت الداخلية ابتداءً على الأمر إلا أنها سرعان ما تراجعت عن ذلك ورفضت الأمر.
وأكد كاظم أن المحامي تقدم اليوم بطعن ضد الحكم الصادر أمام محكمة الاستئناف، لانتظار موقفها مشيراً إلى احتمال لجوئهم للتمييز إن كان موقف محكمة الاستئناف مؤيداً للحكم الصادر بحقه، كاشفاً عن طلب سيتقدم به المحامي غداً لوقف إجراءات التنفيذ، موضحا أن القاضي لم يوقع على الحُكم وكان مقرراً أن يقوم بالتوقيع عليه مساء اليوم إلا أن السلطات على ما يبدو "مستعجلة للزج بي داخل السجن"، على حد قوله.
واعتبر كاظم اعتقاله كرئيس لشورى "الوفاق" واعتقاله أمين عام "الوفاق" الشيخ علي سلمان أنه يأتي في سياق استهداف "الوفاق" كمؤسسة وقيادات، لكنه أكد على أن "الوفاق لا تعتمد فقط على شخصية شيخ علي سلمان كأمين عام أو سيد جميل كرئيس للشورى، الوفاق فيها من الرجال الكُثر في الأمانة العامة والشورى من القادرين على حمل مسئولية هذه المؤسسة". 
في ختام حديثه الأخير قبل تسليم نفسه وجه كاظم رسالةً "للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأمم المتحدة والسلك الدبلوماسي والذي تربطه علاقة جيدة بالوفاق، أقول لهم: إن السلطة برهنت من جديد على أنها تصادر ما تبقى من مساحة لحرية التعبير، وكل ما تدعيه من إصلاحات وديمقراطية وحقوق إنسان سقط أمام هذه المحكمة السياسية الكيدية التي أوضحت أنه لا مجال لأي رأي مخالف للسلطة، ولا لأي فصيل أو تيار أو حزب لممارسة العمل السياسي" مضيفاً: إن السلطة "أطلقت رصاصة الرحمة على العمل السياسي المسموح به في المساحة الضيقة الممنوحة وهي تُجبر الشعب على اللجوء إلى العمل السري كما كان في حقبة السبعينيات والثمانينيات" مُحمّلاً المجتمع الدولي والسلك الدبلوماسي وخصوصاً الدول الكبرى "المسئولية في الضغط على النظام للتراجع عن هذه الإجراءات التي تدفع البحرين للمجهول والمغامرات المحلية والإقليمية". على حد قوله.

مستقبل الوفاق

مستقبل الوفاق
يبدو أن جمعية الوفاق دخلت على منحى خطير في مواجهة السلطة الحاكمة التي تستخدم معها الشئون القانونية، وليس الاعتقال العشوائي ليكون بعيدا عن اتهامات التضييق على حرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى أن هجوم قيادات ورموز شيعية في الخارج من إيران والعراق ولبنان، أدى إلى أن يكون موقف الوفاق موقفا ضعيفا أمام الشعب البحريني ويؤدي إلى تراجع التعاطف معها باعتبار الشأن البحريني شأنا داخليا وليس خارجيا، سيؤدي إلى تراجعة وقيمة الجميعة في الوسط السياسي والحقوقي البحريني.
مستقبل غامض لجمعية الوفاق البحرينية المعارضة، بل ربما تدخل الجمعية إلى مرحلة الأخطر في تاريخها وهي أزمة المصداقية بين أبناء الشعب مع نجاح الانتخابات البرلمانية والبلدية بالبلاد، واستمرار الوضع الداخلي، والتدخل الخارجي سيؤدي إلى تراجع مكانة وحضور الوفاق في الحياة السياسية البحرينية.. فهل تنجح الوفاق في الخروج من أزمتها الحالية وعودة مكانتها كطرف رئيسي في كيانات المعارضة؟ أم أن الأزمة ستضعف الجمعية وتظهر كيانا في المعارضة أقوى وأكثر براجماتية من الوفاق؟

شارك