دول الخليج ومواجهة الارهاب
الأحد 18/يناير/2015 - 09:18 م
طباعة
عقدت مؤخرا"القمة الخامسة والثلاثين لدول مجلس التعاون الخليجي"،في الدوحة،القضية الأبرز على جدول أعمل القمة كانت سبل مواجهة الإرهاب،والذي بات التحدي الاخطرعلى دول المنطقة ،سبق تلك القمة اتخاذ دول رئيسة في الخليج ،الامارات العربية –والسعودية ايضا- تدابير واجراءات حازمة في مواجهة الارهاب،على خلفية تصاعد وتمدد مخاطر تلك الجماعات، تواكب ذلك مع التهديدات التي أطلقها أبوبكر البغدادي الخليفة الداعشي ومسئول إعلامه "العدناني" تجاه السعودية ودول الخليج: "سنتمدد إلى الجزيرة العربية".. "نستهدف دول المنطقة التي يتواجد بها قوات عسكرية امريكية".. "سنهاجم الكويت لاستضافتها 12 الف جندي امريكي..الخ".
ومع ان العالم كله ، عرف "الارهاب" المتستر بالدين على مدار العقدين الماضيين (كتنظيم القاعدة الأم وفروعه في المنطقة العربية) إلا أن المخاوف من ارهاب داعش، أحدثت ردود فعل أقوى من مثيلتها الماضية، لا يعود ذلك – والحديث هنا عن ردود الفعل الرسمية للحكومات والانظمة في المنطقة – لتطرف داعش ودمويتها فقط، فخطورة المشروع "الداعشي" على دول المنطقة يكمن جوهره في تغيير استراتيجية ونهج الارهاب المتأسلم، فاغلب التنظيمات الجهادية والتي شهدتها منطقتنا – كانت استراتيجيتها وعقيدتها الفقهية والقتالية تعطي الاولوية لقتال "العدو البعيد"، كما في حال تنظيم القاعدة "حلف اليهود والنصارى"، أي استهداف دول الغرب وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية.. "داعش" عكس الاولويات مخالفا نهج القاعدة الام، ووضع استراتيجيته على أن الاولوية الاولى تتمثل في قتال العدو القريب "الانظمة العربية" ومن لا يقبل بالفكر الجهادي التكفيري، اي الشعوب العربية، حتى ولو كانت مسلمة الديانة، ناهيك بالطبع على أن غير المسلمين في خانة "العدو القريب" الأولَّى بالمقاتلة والاستهداف..
الأمر ببساطة أن الانظمة العربية باتت الهدف والمستهدف الأول لارهاب داعش.. ومع اعتماد إستراتيجية "داعش" على المذهبية والطائفية والعشائرية .. تضاعف الخطر .. بما يعني ان خطة داعش وطموحها ترمي لتفكيك دول المنطقة وإعادة ترسيم حدودها، وإدخالها في حروب مذهبية طائفية طاحنة.
المخاطر التي تمثلها تهديدات "الدولة الداعشية"، لدول الخليج، تتضاعف عندما يتكشف ان مخطط داعش لإعادة ترسيم وصياغة دول المنطقة يتطابق ويتماشى مع مخطط التقسيم الذي يعرف بأسم مشروع الشرق الاوسط الجديد (وفقا لخطة الفوضى الخلاقة) ذلك المشروع الامريكي الصهيوني..
وليس من المصادفة ان يتفق مشروع دولة الخلافة الداعشي ومشروع الشرق الاوسط الجديد الامريكي الصهيوني على رفض مخطط "سايكس بيكو" – الذي نفذ عقب الحرب العالمية الثانية في نهاية النصف الاول من القرن الماضي.
إستراتيجية "داعش" الهادفة للتمدد خارج العراق وسوريا، تعتمد بالاساس على تزكية الصراعات الطائفية المذهبية، الامر الذي يجعل دول الخليج كلها تدرك خطورة هذه الاستراتيجية الداعشية، فالتركيبة السكانية في أغلبها لا تخلو من تعقيدات مذهبية وعشائرية، ، قد تمثل مبرراً لخلق حالة مشابهة للحالة العراقية.
مخاطر "داعش" على دول الخليج قائمة وشواهده ملموسة على ارض الواقع.. إلا أن ذلك لا يعني سهولة استنساخ "الحالة العراقية" فالأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية المتردية والمتراكمة في العراق، وضعف الاجهزة الامنية، وغياب القبضة القوية للدولة أمنيا وإداريا، بالإضافة – وهو الأهم السياسة الطائفية بامتياز لحكومة المالكي على مدار السنوات الماضية، خلق المناخ المواتي وسهل من تمدد داعش وقدرتها على بسط نفوذها داخل العراق، والحال مشابه تماما في سوريا، لكن الامر مغاير بالنسبة لدول الخليج والسعودية، على كافة الاصعدة، سياسيا واقتصاديا وامنيا، خاصة مع التدابير الإحترازية التي اتخذتها السعودية ودول الخليج، لكن يظل الخطر قائما، ويستدعي ما هو أكثر من التدابير الأمنية في الداخل، ورفع درجة الاستعداد والحيطة على الحدود، والتصدي لظاهرة سفر الشباب من تلك الدول للانخراط في القتال والانتماء للمليشيات الجهادية في سوريا، القمة الخليجية اتفقت على ان
الأمر يتطلب استراتيجية موحدة وفاعلة، لدول الخليج في التصدي للإرهاب، تشمل الاتفاق على كيفية التعامل مع الملف العراقي، لان استقرار العراق يمثل مصلحة للمنطقة، كذا من المهم وجود رؤية موحدة لدول الخليج والسعودية من اطراف اقليمية تلعب ادواراً رئيسية في العراق وسوريا وفي المنطقة (خاصة ايران وتركيا).