إغلاق بعض سفاراتها.. ليبيا على حافة الانهيار الاقتصادي

الأربعاء 21/يناير/2015 - 01:55 م
طباعة إغلاق بعض سفاراتها..
 
الفوضى التي تعيشها ليبيا الآن، أدخلت البلاد في طريق مظلم، أدى بها إلى السقوط نحو الهاوية، على عكس المتوقع، وبدأت ليبيا بالفعل تستنفذ كل طاقتها المخزونة، التي كانت متمثلة في القطاع النفطي، وبعد أن كانت غنية بما هو أكثر من النفط والغاز، أصبحت اليوم تعاني من أزمات مالية، وقد تسبب التدهور الأمني في ليبيا والفوضى السياسية بتعطيل القطاع النفطي وتهديد مستقبله، ليهوي إنتاج البلاد من 1.4 ملايين برميل يومياً إلى 200 ألف فقط، وهو ما يتوقع أن يكبد الاقتصاد الليبي خسائر كبيرة في حال استمرت الأوضاع الأمنية والسياسية على حالها.
إغلاق بعض سفاراتها..
في الوقت الذي تنتشر فيه الميليشيات المسلحة في المنطقة، إلى جانب الصراعات السلطوية بين حكومتين وبرلمانيين، بدأت ليبيا تفقد سيطرتها على الوضع القائم، وقررت الخضوع لما آلت إليه الأمور، حيث أعلنت الحكومة المؤقتة اليوم الأربعاء 21 يناير 2015، إغلاق عدد من السفارات في الخارج، لمواجهة العجز المالي بسبب تدني أسعار النفط، وانخفاض صادرات الخام نظرا لتوقف عدد من الحقول والموانئ النفطية .
وأوضحت الحكومة الليبية في بيان لها اليوم الأربعاء، أن مجلس الوزراء برئاسة عبد الله الثني، عقد يوم أمس اجتماعه العادي الثالث للعام الجاري، وناقش كتاب وزير الخارجية محمد الدايري، بشأن مقررات مجلس الوزراء في اجتماعاته السابقة، بضرورة تخفيض الإنفاق لمواجهة العجز الحاصل في الميزانية نتيجة انخفاض أسعار النفط وانخفاض الإنتاج، مشيرا إلى أن وزير الخارجية أبلغ مجلس الوزراء بإغلاق عدد من السفارات الليبية في عدد من الدول، حتى الآن لم يتم الكشف عن أسماء الدول التي أغلقت فيها مقرات السفارات .
ونوه بيان الحكومة الليبية في ختامه، إلى إعادة مجلس الوزراء النظر في الملحقين الفنيين، وتخفيض الأعداد الكبيرة من هؤلاء الملحقين المتواجدين في السفارات، والذين لا توجد حاجة لبقائهم، والإبقاء على أعداد محدودة منهم لتسيير الأعمى، التي تتماشى مع العلاقات بين ليبيا وهذه الدول.
كانت ليبيا في بداية العام 2014 تنتج نحو 1.4 ملايين برميل نفط يومياً، إلا أن هذا الإنتاج هبط إلى نحو 200 ألف برميل في الوقت الراهن، وذلك بعد أن أغلقت غالبية المنشآت النفطية وتوقفت عن العمل بشكل شبه كامل.
وقال مسئول في المؤسسة الوطنية للنفط الليبية: إن إنتاج ليبيا من النفط تراجع إلى 200 ألف برميل يوميا نتيجة للصراعات المسلحة حول الهلال النفطي.
إغلاق بعض سفاراتها..
ومنطقة الهلال النفطي هي منطقة خليج سرت الممتدة من سرت وحتى الزويتينة شرق البلاد، وتضم ميناء السدرة، ومجمع رأس الأنوف النفطي، والبريقة، والزويتينة.
وأصبح حقل "الشرارة" النفطي الذي كان ينتج 350 ألف برميل نفط يومياً متوقفاً عن العمل تماماً منذ أواخر أكتوبر الماضي، وذلك بسبب الحرب المسلحة التي أدت إلى تدهور الأوضاع الأمنية في العديد من مناطق البلاد.
وقال مدير الحقل النفطي، حسن سعيد، إنهم يجعلوننا نخسر الأموال، مشيراً إلى أن هذا الإغلاق الأخير ليس الأول من نوعه، حيث كانت "المنشأة النفطية قد أغلقت ستة مرات منذ اندلاع الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي"، كما قال سعيد.
ويضيف المسئول النفطي: "إننا نخسر زبائننا، وإن الذين يشترون النفط من ليبيا أصبحوا يواجهون مشاكل بسبب العرقلة المتكررة للإمدادات".
ويتميز البترول الليبي بنوعيه عالية الجودة، حيث يطلق عليه النفط العربي الخفيف، ويعتمد الكثير من المستهلكين في أوروبا على هذا النفط الذي يتم منه استخراج وقود الطائرات.
وتتوقف الإمدادات بين الحين والآخر بسبب العنف الذي تمارسه الميليشيات المسلحة والتي تمثل التهديد الأكبر لشركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد.
وتحث الحكومة الليبية العديد من الشركات الأجنبية على العودة للعمل في البلاد، إلا أن هذه الشركات لا تبدي أية حماسة للعودة إلى ليبيا في ظل الأوضاع الراهنة المتوترة.
وقال المدير التنفيذي لشركة نفط غربية: "إن الوقت الحالي ليس مناسباً من أجل الدخول مجدداً للعمل في ليبيا.. انتظرنا نحو ثلاث سنوات منذ الثورة حتى الآن، لكن يبدو أننا نحتاج لثلاث أو أربع سنوات أخرى مقبلة".
إغلاق بعض سفاراتها..
ويبدو أن الحكومة المعترف بها دوليا بقيادة عبدالله الثني، فقدت كافة السبل التي من خلالها تعيد ليبيا كما كانت، ولكن الصراع الدائر في الشرق الليبي في دولة غنية بالبترول، بين تيارات الإسلاميين والوطنيين والقوميين والقبليين، وغيرهم من الجماعات، حول النفط والحدود وتجارة السلاح، جاء اليوم الذي أدى بها إلى الانهيار الاقتصادي التام.
من الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة دعت الأطراف الليبية المتنازعة إلى حوار في جينيف، لكن على ما يبدو أن الفجوة القائمة بين كافة الأطراف لم تجمعهم على طاولة واحدة، ولكن في ذات الوقت اجتمعت بعض الفصائل المتنازعة في إجراء حوار ليبي موازي لحوار جنيف انطلق في سرية تامة أمس بتونس، جمع الفصائل المتناحرة بما فيها عناصر تمثل ميليشيات فجر ليبيا.
وقالت مصادر: إن الوفد الليبي المجتمع بتونس ضم أعضاء برلمان طبرق الذين قاطعوا اجتماع جنيف وممثلين عن فجر ليبيا، وممثلين لرئاسة الأركان العامة التابعة لحكومة عمر الحاسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين في طرابلس غير المعترف بها دوليا، وممثلين عن المجلس الوطني المنحل، ومن المرجح أن تحضر شخصية عسكرية لتمثيل رئاسة أركان الجيش إلى جانب شخصيات أخرى تمثل الأحزاب السياسية. 
من جانبه علق المبعوث الأممي برنادينو ليون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، حوار جنيف، واتجه إلى تونس، ومن المنتظر أن يلتقي الفرقاء السياسيين الليبيين المجتمعين اليوم بمقر بعثة الأمم المتحدة بتونس، ويعتبر اجتماع الفرقاء الليبيين بتونس خطوة مفاجئة لحوار جنيف وحوار الجزائر.
وأكد مراقبون للوضع السياسي في ليبيا أن الأطراف المتناحرة في ليبيا ليست ضد الحوار ولكن بشروط الإخوان.
إغلاق بعض سفاراتها..
في سياق مواز، وفي ظل تفاقم الأوضاع، وفشل محاولات احتواء الأزمة، أكد ميشال غلاي الخبير الاستراتيجي الفرنسي أن التدخل العسكري في ليبيا بات وشيكا؛ نظرا إلى تدهور الأوضاع وانفلات الأمن بسبب تصاعد نفوذ التنظيمات المسلحة المتشددة.
وأكد أن عملية عسكرية فرنسية باتت وشيكة في الجنوب الليبي، رغم مرور أيام قليلة على استبعاد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند فكرة القيام بتدخل عسكري في ليبيا في مقابلة مع محطة "فرانس انتير الإذاعية".
ويرى غلاي أن حادثة شارلي إيبدو أفضل تحضير للرأي العام الفرنسي لعملية عسكرية بهذا الحجم؛ مما يجعل الجنوب الليبي في مرمى الأهداف العسكرية الفرنسية أكثر من أي وقت مضى.
ورجّح الخبير الفرنسي ألا تبدي باريس أي حماس أو قدرة على المضي في هكذا عملية بمفردها، لحاجتها إلى دعم توفره الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في المقام الأول، حيث إن مثل هذه العمليات تستوجب وسائل كبرى لا تقدر القوات الفرنسية وحدها على تأمينها.
ولم يستبعد غلاي أيضا أن تشمل العمليات العسكرية الفرنسية إلى جانب ليبيا، منطقة أقصى الشمال المالي ونيجيريا والصومال حيث تنشط جماعتا بوكو حرام والشباب، فضلا عن مناطق صراع أخرى تضم بدورها جماعات مسلحة، وأوضح أن كل ذلك سيتم بموافقة من مسئولي هذه الدول مع انتفاء احتمال الحصول على دعم عسكري من الجيوش المحلية.
يشار إلى أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان سبق وأن أكد أن التدخل العسكري في ليبيا بات أمرا ضروريا؛ نظرا إلى تصاعد أعمال العنف وتنامي الأنشطة الإرهابية.
وتباين المراقبون في آرائهم حول نوعية التدخل، بين من يرى حتمية التدخل العسكري المباشر، ومن يعتقد أن التدخل سيقتصر على الضغط، لجمع الأطراف الليبية في عملية سياسية، تحترم الشرعية التي تمثلها الحكومة المنتخبة، وتوفر للمجتمع الدولي والقوى الإقليمية شريكا ليبيا مستعدا وقادرا على محاربة الإرهاب.
المشهد يوضح أن الأمور في ليبيا تزداد تعقيدا مع تفاقم الصراعات فيما بين الأطراف المتنازعة، كما أن وصول الأمر لإغلاق بعض السفارات بسبب أزمة مالية سيؤدي إلى سوء الوضع، الطبيعي أن التدخل الدولي في الوقت الحالي أمر لا محال منه، حتى يتم احتواء الأزمة بقدر المستطاع.

شارك