معركة النفط في اليمن.. مأرب عنوان الحسم والتدخل

الخميس 22/يناير/2015 - 03:36 م
طباعة معركة النفط في اليمن..
 
بعد أن هدأت الأوضاع في العاصمة اليمنية صنعاء باستجابة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لمطالب الحوثيين، في تقاسم السلطة، يبدو أن معركة جديدة مؤجلة سوف تشتعل في اليمن خلال الساعات القادمة، إنها معركة مأرب الغنية بالنفط.
بتصعيدهم لوتيرة المواجهة في العاصمة صنعاء، ومحاصرتهم المقرات الرئاسية، اقترب الحوثيون من استكمال سيطرتهم على مواقع القرار السياسي والعسكري في البلاد، ولا يبقى لهم سوى البلوغ بغزوتهم الشاملة التي بدءوها في الماضي هدفها الأكبر– إن لم يكن النهائي– وهو السيطرة على محافظة مأرب الاستراتيجية بما تحتويه من مخزونات ومنشآت نفطية، وبموقعها كبوابة على باقي المحافظات جنوبا وشرقا.

أهمية مأرب

أهمية مأرب
تتمثل أهمية محافظة مأرب في ثلاث نقاط، أولها أهميتها في مجال الطاقة حيث تعتبر المحافظة من أهم المحافظات التي تحتوي على مخزون احتياطي للنفط في البلاد، حيث يصدر منها النفط عبر خط صافر- رأس عيسى على البحر الأحمر، والغاز إلى منشأة بلحاف على بحر العرب، وتوجد بها مصفاة مأرب، التي تزود البلاد بجزء لا بأس به من حاجتها للمشتقات النفطية والغاز، كما يوجد في المحافظة محطة مأرب الغازية للكهرباء، وهي المزود الرئيسي للبلاد بالطاقة الكهربائية.
وتبلغ مساحة مأرب 17405 كم 2 ويسكنها نحو 238.522 من أصل حوالي 26 مليون نسمة، وهي موطن لأهم القبائل السنية المقاتلة في البلاد، وتشكل بذلك مركزا قبليا لإقليم سبأ (شرق)، الذي يضم إلى جانبها محافظتي الجوف والبيضاء، واللتان تشاطرانها ذات الصفات القبلية (السنية) المقاتلة، أمام ثالث وآخر دوافع الحوثي للسيطرة على هذه المحافظة فتتمثل في أنها بوابة للسيطرة على عدة محافظات، أكبرها مساحة وأغناها بالثروات النفطية هي محافظة حضرموت.

بدء المعركة

بدء المعركة
تعتبر مأرب إحدى أهم المعارك التي يخوضها الحوثين للسيطرة عليها، فيما تواجهه بحلف قوي من القبائل اليمنية للدفاع عن المحافظة لأهميتها الاقتصادية والاستراتيجية، كما يخوض الإخوان معركتهم الأخيرة في مواجهة الحوثيين، ليكون لهم شرف البقاء في اليمن.
وسقط عدد من القتلى والجرحى في مواجهات مسلحة اندلعت، الخميس، بين جماعة أنصار الله ومسلحي الحزب اليمني للإصلاح "إخوان" بمحافظة مأرب.
وسيطر مسلحو الإصلاح على نقطة عسكرية في منطقة الوتدة، وأثناء مرور طاقم تابع لأنصار الله، قام الموالون للإصلاحي بإطلاق النار عليهم، عقب اندلاع اشتباكات اندلعت بين الطرفين مخلفة عددا من القتلى والجرحى.
فيما تمكن مسلحو جماعة أنصار الله "الحوثين" من السيطرة على الموقع وقامت بأسر 8 من مسلحي الإصلاح.
يمتلك الحوثيون حوالي 120 دبابة، ومقاتلين انضموا إليهم بعد تلك التوسعات، ولا سيما من أبناء المرتفعات الشمالية. وبذلك يتفوق الحوثيون على قبائل مأرب عددا وعتادا.
إلاّ أن مصادر قبلية ترى أن العدد الكبير لن يكون مفيدا للحوثيين، فليس كل من يقاتل معهم يعتنق أفكارهم، فهؤلاء الذين ينحدرون من القبائل في المرتفعات الشمالية، والذين يشكلون أغلب قوام "اللجان الشعبية" للحوثيين منذ السيطرة على صنعاء، يقاتلون مع الجماعة بدوافع الارتزاق.
 وفي المقابل تحشد قبائل مأرب المرابطة على حدود المحافظة نحو 14 ألف مقاتل. وتتميز قبائل مأرب بتوحّدها وإجماعها رغم اختلاف توجهاتها السياسية على القتال ضد الحوثيين ورفض الإذعان لسيطرتهم. لا سيما وأن الأغلبية الساحقة من تلك القبائل تتبع المذهب الشافعي السني.

موقف حزب صالح

موقف حزب صالح
ربما أدرك الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، أن معركة مأرب ليست محلية بل لها أبعاد إقليمية ودولية، ولتعقيداتها القبلية نأى وحزبه المؤتمر الشعبي العام، عن الوجود في قلب المعركة، ومن المستبعد- بحسب مقربين- أن يدفع صالح بمن يوالونه من قبائل وعسكريين للقتال إلى جانب الحوثي، كما فعل مع سقوط العاصمة صنعاء.
وأصدر حزب المؤتمر الشعبي العام وائتلاف أحزاب اللقاء المشترك بيانا أكدا فيه أن "القوى والأحزاب السياسية في محافظة مأرب تعلن وقوفها إلى جانب قبائل المحافظة في نخلا والسحيل وفي بني جبر ومراد" معلنين أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال السماح بدخول أي ميليشيات تعبث بأمن واستقرار محافظتنا".
واتهم البيان المجلس السياسي لجماعة الحوثيين الذي وصفه بـ"عش الدبابير" بمحاولة "جر محافظة مأرب إلى الاحتراب المناطقي والطائفي فأصبحت مسرحا للفوضى والدمار".
ووقع على البيان عن حزب المؤتمر الشعبي، رئيس فرعه بمأرب، الشيخ عبد الواحد علي القبلي نمران، وعن أحزاب اللقاء المشترك، الشيخ مبخوت بن عبود الشريف.. 

الدور الإقليمي

الدور الإقليمي
يبدو أن معركة مأرب سيكون فيها الدور الإقليمي فالحوثيون يدعمون إيران وهو واضح من التصريحات للقيادات والكتاب الإيرانيين ذوي العلاقة بالحرس الثوري الإيراني من إشادة ودعم لنجاحات ميليشيات الحوثي، في السيطرة على عدد من المحافظات اليمنية، وفي مقدمتها العاصمة صنعاء.
فيما تذكر وسائل إعلان يمنية أن قبائل مأرب تحظى بدعم سعودي، وهو ما لم يكن متوفرا للقبائل الأخرى التي قاتلت ضد الحوثي في عمران وصنعاء. وتتميز قبائل مأرب أيضا بأنها تخوض المعركة على أرضها الصحراوية، على عكس مقاتلي الحوثي القادمين من الجبال.

صراع دولي

صراع دولي
الجانب الآخر من المعركة في مأرب هو الدور الأمريكي والأوروبي "بريطانيا – فرنسا"، هذه الدول تسعى إلى السيطرة على النفط، فبريطانيا تعتبر اليمن "خاصة اليمن الجنوبي" ضمن أهم مناطق نفوذها، فيما لفرنسا تواجد واستثمار كبير في مجال النفط، وأمريكا لديها حصة نفوذ لا أحد يمكن أن ينكرها في اليمن، وهو ما يشير إلى أن معركة مأرب هي معركة معقدة ستدار من الخارج أكثر من الداخل وسيكون اليمنيون "الحوثيون- قبائل مأرب" وقودا لها.

المشهد اليمني

المشهد اليمني
أصبح واضحا أن الحوثيين انتهوا مع الرئيس هادي إلى اتفاق يخص مأرب، فالصراع إلى جانب الدستور والأقاليم، سيحمل في طياته اتفاقا على حسم معركة مأرب، هذه المعركة التي يحدد مسارها الخارج أكثر من الداخل، وإذا كان هناك تحرك يمني من أجل استقرار البلاد، فإن حسم معركة "النفط- مأرب" سيكون له دور كبير في استقرار أو سقوط اليمن في بحور الدماء.. فهل سينجح الحوثيون في حسم المعركة بدعم خارجي قد يكون أمريكيا في ظل سياسة التفاهمات الأمريكية الحالية، أم سيكون لقبائل مأرب كلمتها؟

شارك