انهيار الهدنة بين الجيش الوطني و"فجر ليبيا" ينذر بفشل المساعي الدولية لاحتواء الأزمة

الخميس 22/يناير/2015 - 07:42 م
طباعة انهيار الهدنة بين
 
رغم المحاولات المستمرة والمساعي التي تنتهجها بعض الأطراف لعودة الهدوء والاستقرار للحياة في ليبيا، والتي كان آخرها اتفاق التهدئة بين أطراف النزاع في جينيف، فإن المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته قد أعلن تعليق مشاركته في الحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة بهدف حل الأزمة الليبية، معللا قراره بالعمليات الأخيرة التي قادها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في شرق البلاد، ويعد جيش حفتر المسمى بجيش "الكرامة" منتميًا إلى الحكومة المعترف بها دوليًا، بقيادة عبد الله الثني، المقيم في طبرق.

انهيار الهدنة بين
ونقلت وكالة الأنباء الليبية (وال) اليوم الخميس 22 يناير 2015 بيانًا للمؤتمر تلاه النائب الثاني لرئيسه صالح المخزوم، مصرحًا فيه بـ"أن المؤتمر اتخذ هذا القرار بعد التصعيد الذي شهدته ساحات القتال من ما يسمى بجيش القبائل، واقتحام عصابات "المدعو" خليفة حفتر، فرع مصرف ليبيا المركزي في بنغازي لسرقة أموال الشعب الليبي".
وفى الوقت الذي أكد المؤتمر الوطني العام على استمراره في التواصل مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى أن يصدر عنها موقف واضح من هذا التصعيد الخطير، داعيا المجتمع الدولي إلى أن يبين مدى جديته في دعم ليبيا من أجل الوصول إلى تهيئة الظروف الملائمة لإنجاح هذا الحوار، فقد انهارت أمس هدنة وقف إطلاق النار في ليبيا بعدما اندلعت اشتباكات عنيفة مجددا بين قوات الجيش الوطني وميليشيات "فجر ليبيا" في محيط قاعدة الوطية الجوية، التي تعتبر من أهم القواعد العسكرية غرب ليبيا.
 فيما أعربت بعثة الأمم المتحدة عن قلقها إزاء هذه الخروقات، وحثت في بيان أصدرته أمس الأطراف على مناقشة تدابير ملموسة وعاجلة لتوطيد الهدنة ومعالجة أي انتهاكات والالتزام بها.
وقالت مصادر من "فجر ليبيا" التي تسيطر بقوة السلاح على العاصمة طرابلس منذ شهر أغسطس الماضي، إن هذه الميليشيات فقدت اثنين من عناصرها وأصيب اثنان آخران في المعارك التي شهدت استخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
قاعدة الوطية الجوية عقبة بن نافع سابقا، تعد من كبرى وأهم القواعد العسكرية غرب ليبيا وأكبرها مساحة، وتقع على بعد 140 كيلومترا في الجنوب الغربي للعاصمة طرابلس. 
وتنطلق من القاعدة طائرات ومروحيات تابعة لسلاح الجو، وتنفذ ضربات جوية على مواقع تسيطر عليها قوات "فجر ليبيا" غرب البلاد، وقد نفذت العشرات من الطلعات الهجومية.
انهيار الهدنة بين
المفارقة على صعيد الأحداث أن كلا الجيشين اتهما الآخر في شن الهجمات، حيث اتهم المكتب الإعلامي لقوات فجر ليبيا، الجيش الليبي بشن الهجوم الذي شمل قاعدة الوطية، وامتد إلى جنوب صبراتة والعجيلات، باستهداف قواتها المتمركزة في مواقعها بوابل من الصواريخ الموجهة والمدفعية الثقيلة.
وفى الوقت الذى عادت فيه الهجمات على الأراضي الليبية، أعلنت عملية الكرامة في ليبيا، التي يقودها حفتر ضد المجموعات المتشددة، ويدعمها الجيش الليبي، أن الجيش ملتزم بوقف إطلاق النار، وذلك بعد إعلان برلمان "فجر ليبيا" الانسحاب من الحوار الوطني، بسبب هجمات شنها الجيش الليبي في بنغازي، فيما اعتبره البرلمان خرقا لوقف إطلاق النار.
وقال محمد بويصير، المستشار السياسي لعملية الكرامة، إن الهجمات التي شنها الجيش الوطني الليبي، استهدفت مجموعات "أنصار الشريعة" التي تصنفها حكومة عبدالله الثني على أنها جماعات إرهابية، وكان الجيش قد أعلن مسبقا أن وقف إطلاق النار يستثني ملاحقة الإرهابيين.
وأضاف أن العمليات العسكرية الأخرى التي قام بها الجيش الليبي في بنغازي، كانت بهدف حماية البنك المركزي في المدينة، بعد تعرضه للنهب وسرقة 57 مليون دينار ليبي منه.
ووقعت اشتباكات عنيفة في جميع المحاور بجنوب العجيلات بين الجيش الليبي  وفجر ليبيا، ما أدى إلى نزوح بعض أهالي منطقة السوينية، فيما تم اغتيال كل من علي المبروك أبو شوفة الفرجاني في منطقة سرت، وهو من داعمي عملية الكرامة، ومسئول خزانة التعليم بالمنطقة، وكذلك تم اغتيال العقيد السنوسي كعيبة مدير مديرية أمن سرت المكلف، ومرافقه مصطفى الشريف موظف بالمديرية ، في شارع دبي بالمدينة.

انهيار الهدنة بين
من جانبه أعلن عمر حميدان المتحدث باسم برلمان "فجر ليبيا" المسيطر على العاصمة طرابلس، أمس الأربعاء 21 يناير، عدم مشاركته في محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، قائلا: إن قرار عدم المشاركة في المحادثات جاء بعد أعمال العنف الجديدة التي شنتها قوات الحكومة المعترف بها دوليا.
وأكد المتحدث باسم المؤتمر الوطني العام أن برلمان "فجر ليبيا" لن يشارك في أية محادثات لا داخل ليبيا ولا خارجها، مضيفا أن القوات المتحالفة مع الحكومة المعترف بها دوليا اقتحمت فرعا للبنك المركزي في مدينة بنغازي شرق البلاد وارتكبت أعمال عنف أخرى.
في المقابل، اعتبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن أي انتهاك، حتى وإن كان محدودا، يشكل تطورا خطيرا من شأنه تقويض الهدنة بشكل كامل. 
وناشدت كل طرف من الأطراف بالإسراع في تعيين ممثل له للتواصل معه بشأن تنفيذ الهدنة والامتثال لها. 
وذكرت البعثة في بيان لها الأطراف بأن وقف إطلاق النار يشمل وقفا تاما لحركة العناصر المسلحة والمركبات وينطبق على العمليات على الأرض وفي البحر والجو، مضيفة أنه علاوة على وضع حد لسفك الدماء والدمار، ستسهم الهدنة في إيجاد بيئة مواتية للحوار السياسي لتسوية الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. 

انهيار الهدنة بين
من جانبها دعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، جميع الأطراف المسلحة لوقف فوري وعاجل لإطلاق النار، بمناطق غرب وجنوب وشرق البلاد، وذلك استجابة لدعوات الأمم المتحدة، بالالتزام التام بمخرجات الجولة الأولي من حوار جنيف، وتوفير بيئة مواتية للحوار والدفع بعملية السلام وتحسين الوضع الإنساني للشعب الليبي.
وكان المبعوث الأممي برناردينو ليون، قد استأنف الحوار الليبي الذي بدأه في جنيف، وتمحور اللقاء الذي جمع الشخصيات الليبية حول الوضع الإنساني والتأكيد على مواصلة الحوار، وأكد مصدر مقرب من برناردينو ليون أن المبعوث الأممي عبر عن استياءه من السلطات التركية التي تواصل مساندتها للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، رغم اجتماعه بها وإقناعها برفع أيديها عن ليبيا.

المشهد الحالي

في ظل الدعم الدولي الذى تتلقاه ميلشيات فجر ليبيا، والاقتتال الدائر يزداد الوضع في ليبيا تأزمًا وتعقيدًا يومًا بعد الآخر، خاصة بعد تصاعد الأحداث وتعليق المؤتمر الوطني الليبي مشاركته بحوار الأمم المتحدة للتهدئة، على خلفية اقتحام فرع مصرف ليبيا المركزي في بنغازي، توازيًا مع أطماع غربية تسعى للسيطرة على آبار النفط، مما ينذر باستمرار العمليات القتالية على الأراضي الليبية.

شارك