دويتشه فيله: خبير ألماني: "السلطة المركزية في اليمن تنهار"
الأربعاء 28/يناير/2015 - 12:23 م
طباعة
في ظل احتدام الصراع على السلطة في اليمن استولى المتمردون الحوثيون على قصر الرئيس عبد ربه الذي قدم في وقت سابق استقالته؛ ما يسوق الوضع الأمني إلى "شبيهه في الصومال" على حد قول غونتر ماير الخبير في شئون الشرق الأوسط.
لم يصوت البرلمان اليمني بعد على الاستقالة التي تقدم بها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من منصبه، لماذا تم تأجيل هذا القرار مرة أخرى؟
غونتر ماير: ينص الدستور اليمني على ضرورة موافقة الأغلبية في البرلمان للمصادقة على استقالة الرئيس. وحتى الآن لم يتم الحصول على هذه الأغلبية؛ نظرا للوضع الأمني المزري الذي تعيشه اليمن، وعدم تجرؤ معظم النواب الوصول إلى وسط العاصمة صنعاء للمشاركة في عملية التصويت على قرار الرئيس اليمني في البرلمان؛ ولهذا يعتبر الحوثيون هذه الاستقالة ملغية ليبقى الوضع على ما هو عليه، اليمن بدون أي حكومة تبسط سيطرتها على البلاد.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لليمن؟
هذا يعني أن الحوثيين، الذين يسيطرون حاليا على صنعاء، غير مرغوب فيهم في المناطق الأخرى من البلاد. فالحكم في اليمن يستند في الأساس إلى تحالف بين مختلف القبائل والطوائف الدينية المختلفة التي تتبع مصالح محددة. فبالإضافة إلى حركة جنوب اليمن الانفصالية التي لم تعد تدعم الحكومة في صنعاء وأقرت عدم استعدادها الاعتراف بالقيادة الحوثية، صرح ممثلو قبائل مختلفة في أجزاء أخرى من البلاد بأنهم لن يقبلوا أية أوامر من صنعاء مستقبلا مع تقدم قوات سنية مسلحة تضم في صفوفها أتباع من تنظيم القاعدة في اتجاه العاصمة لمواجهة الحوثيين.
ما هي أسباب القتال بين كل هذه الجماعات المختلفة؟
يتمحور الخلاف كله في الأساس حول تقاسم السلطة، ولكي نفهم صعوبة الوضع في اليمن علينا أن نلقي نظرة على الماضي. فقد دفع الربيع العربي، في أعقاب مبادرة من دول الخليج، إلى تقديم الرئيس علي عبد الله صالح استقالته عام 2012 ، وأدت وساطة دول الخليج إلى فتح حوار وطني بين الأطراف المتنازعة على السلطة في اليمن، ولكن القضايا الرئيسية لم يتم النظر فيها بتاتا، وعلى رأسها كيف يمكن إنشاء دولة فيدرالية؟ تحديات كبيرة واجهت اليمن من بينها أن المناطق الجنوبية أرادت الاستقلال عن باقي اليمن، كما حاولت النخبة السياسية القديمة في مؤتمر الحوار الوطني أن تنقض بمخالبها على السلطة واستبعاد الحوثيين والثوار الشباب وحركة جنوب اليمن الانفصالية.
لماذا تعتبر فكرة إنشاء دولة فيدرالية صعبة التنفيذ؟
لم يعد الثوار الشباب والانفصاليون- غير المسلحين- والحوثيون أيضا يثقون في الحكومة بتاتا؛ ما أدى إلى تفاقم الصراعات حول فكرة إنشاء يمن فيدرالي. فحكومة الوحدة الوطنية تتكون من أحزاب الحكومة والمعارضة السابقة ولم تتمكن من حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد. وما زاد الأمر تدهورا هو ضعف السياسة الداخلية للرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يتمتع بدعم في سياسته الخارجية من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ولكن الصراع على السلطة بين القوى السياسية القديمة وفشلها في احتواء الوضع فتح الباب بمصراعيه للحوثيين.
لماذا لم تضم الحكومة بقيادة عبد ربه منصور هادي جميع القوى السياسية من أجل إقامة دولة فيدرالية قابلة للحياة؟
فكرة المفهوم الفيدرالي الجديد الذي يرى تقسيم اليمن إلى ست مناطق فيدرالية مستمدة أساسا من الرئيس عبد ربه منصور هادي باتفاق مع النخب السياسية القديمة. لكن الحوثيين يرون أن هذا التقسيم الفيدرالي سيُشكل مناطق غنية وأخرى فقيرة وهذا ما سيؤدي حتما إلى انهيار هذا المشروع. وقد قرر الرئيس عبد ربه منصور هادي الإعلان عن مشروعه الفيدرالي الذي سعى الحوثيون إلى منعه وقاموا بإلقاء القبض عليه ليصل الأمر إلى التصعيد الأخير.
ولكن ما هي المناطق التي قررت الحكومة إخضاعها لفيدرالية الحوثيين؟
الحوثيون يريدون تقسيما فيدراليا آخرا؛ تقسيم البلاد إلى ثلاث مناطق فيدرالية، ولكنهم لم يقدموا حتى الآن أي اقتراح واضح، وينبذون مرارا وتكرارا مقترح الرئيس عبد ربه منصور هادي.
هل يتوقعون تقسيم اليمن مرة أخرى إلى يمن شمالي ويمن جنوبي أو تقسيم البلاد إلى مناطق صغيرة؟
حتى الآن تشير كل المعطيات بأن الوضع في اليمن يتجه إلى نفس الوضع في الصومال. فشيوخ القبائل في الصومال هم أصحاب القرار الأخير والسلطة المركزية هناك ليست إلا رمزية فقط. الحكومة المركزية في صنعاء على وشك الانهيار ولا أحد يدري كيف يمكن إنشاء نظام مستقر وتخطي هذه الأزمة إلى حد ما.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لتنظيم القاعدة في اليمن؟ وهل لهذه الجماعة الإرهابية من دور في ظل هذا الفراغ في السلطة؟
أخفق اليمن كدولة بالفعل في جمع شمل البلد والسيطرة على جميع أنحاء البلاد خصوصا في شرق وجنوب شرق اليمن، فسلطة الحكومة اليمنية غائبة هناك منذ فترة طويلة. فتنظيم القاعدة بسط سيطرته على الجنوب بأكمله تقريبا واتخذت القوات اليمنية إجراءات ضد تنظيم القاعدة، جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة، واستخدمت في معظم العمليات طائرات بدون طيار. ومن المرجح أن يتوقف هذا التعاون في المستقبل ما سيصعب مأمورية الولايات المتحدة في مواصلة القتال ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.