هل ستشكل هزيمة "داعش" تجديداً للصراع السني الشيعي في العراق؟

الخميس 12/فبراير/2015 - 03:09 م
طباعة هل ستشكل هزيمة داعش
 
شكلت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" على مناطق التماس بين المناطق الكردية والمناطق السنية التابعة للحكومة العراقية في شمال العراق- "تأجيلا" مؤقتا للصراع المحتدم بينهم على مناطق النفوذ والسيطرة على المناطق الاقتصادية والاستراتيجية المهمة، وهذا ما ظهرت بوادره حاليا بإعلان النوّاب في التحالف الكردستاني، أن إقرار قانون الحرس الوطني في مجلس النواب العراقي، من شأنه أن ينهي خلاف بغداد وإقليم كردستان، حول المناطق المتنازع عليها، بينها محافظة كركوك بعد طرد داعش
هل ستشكل هزيمة داعش
وحذر اللواء المتقاعد عبد الكريم خلف الخبير في الشأن الأمني العراقي، من أن مرحلة ما بعد طرد تنظيم "داعش" المتطرف من المدن التي سيطر عليها شمال وغرب العراق، تنذر بصراع بين العرب السنّة والأكراد في حال تم تشكيل قوات الحرس الوطني لأن الصراع في المستقبل سيكون عربيا كرديا حول المناطق المتنازع عليها في كركوك والموصل؛ حيث إن أغلب تلك المدن ذات طابع عشائري سني، قبل أن تسيطر عليها القوات الكردية بعد طرد تنظيم داعش.
وشدد القيادي الكردي محسن سعدون على أن "تشريع قانون الحرس الوطني سيكون البديل الوحيد للقوة العسكرية الموجودة في كركوك، والقوات التي ستتشكل ستكون هي البديل للقوة العسكرية في كركوك، وذلك وفقا للآليات القانونية"، ومن الصعب جدا التنازل عن الأراضي التي استشهد فيها الكثير من أبناء هذه المناطق؛ لأن وجود أي حشد شعبي في المناطق المتنازع عليها لن يكون إلا بالتنسيق مع البيشمركة؛ لذلك نتأمل بأن يأخذ الدستور مجراه، وأن يتم تشكيل الحرس الوطني في وقت قريب.
وشدد على أن الإجراءات التي ستتخذ بعد مرحلة داعش ستكون إجراءات سياسية وقانونية جديدة، ولابد من الأخذ بنظر الاعتبار من الذي دافع ووقف بوجه الإرهاب، وأعاد الحرية لهذه المناطق؟ وأن التنازل عن دماء الشهداء لن يكون سهلا، ومن الصعب جدا التنازل عن الأراضي التي استشهدوا فيها.
هل ستشكل هزيمة داعش
 واعتبر النائب عن التحالف الكردستاني اردلان نور الدين أن قوات الحشد الشعبي تم تنظيمها تنظيما طائفيا من طائفة مسيطرة على العراق بالكامل، وأن مشروع قانون الحرس الوطني هو في طور القراءة الأولى في مجلس النوّاب العراقي، ونأمل بأن يتم تمرير هذا القانون بأسرع وقت ممكن؛ لكي تأخذ قوات الحشد طابعا قانونيا في المناطق التي تقاتل، وأننا نعارض بشدة تشكيل أي قوة تعمل بشكل طائفي، لكننا ندعم القوة الوطنية التي تتعامل بحيادية تامة.
هل ستشكل هزيمة داعش
وتتمثل المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والسنة في عدد من الأقضية والنواحي المحددة، وتقع هذه المناطق بمحاذاة الجزء الواقع تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان العراق، وهي محافظة كركوك التي تطالب الحكومة الكردستانية بضم مدينة ومحافظة كركوك لكردستان، وتعتبر مدينة كركوك تاريخيا مدينة تركمانية، وحاليا خليط من الأكراد والتركمان والعرب، ويعتبر قضاء لحويجة والرشاد والرياض وداقوق ذات أغلبية عربية سنية ومحافظة نينوي، وتطالب الحكومة الكردستانية بضم عدة مناطق مختلطة ذات غالبية سريانية مسيحية وتركمانية وشبكية ويزيدية وعربية في سهل نينوي، وتشمل أقضية الشيخان، والحمدانية وتلكيف، وكذلك منطقة التواجد اليزيدي في بلدة سنجار الواقعة في محيط عربي وكذلك ناحية زمار من قضاء تلعفر وناحية القحطانية في قضاء البعاج وقضاء مخمور، وغالبية سكانه من العرب السنة، إضافة إلى أقلية كردية ومحافظة ديالي وتطالب الحكومة الكردستانية بضم مدينة خانقين ذات الغالبية السنية الكردية، وكذلك ناحية مندلي من قضاء بلدروز وقضاء بدرة الواقع ضمن الحدود الإدارية لمحافظة واسط، ويسكن بهما الكرد الفيليين والتركمان والعرب الشيعة ومدينة السعدية وجولاء، وهي مناطق مختلطة بين العرب والتركمان والأكراد وقضاء كفري المكون من خليط من الأكراد والتركمان والعرب في محافظة ديالي، بالإضافة إلى محافظة صلاح الدين، وتطالب الحكومة الكردستانية بضم قضاء طوز خورماتو ذي الغالبية التركمانية ضمن صلاح الدين لكردستان
هل ستشكل هزيمة داعش
القوات الكردية "البيشمركة" وبعد سيطرة داعش على العديد من هذه المناطق استطاعت تحريرها منها، وبسط نفوذها عليها، ومنها قرى سنية شمال غربي وقرى أخرى سنية في محور زمار- عين زالة، بالإضافة إلى بلدتي مخمور والكوير في محافظة نينوي، و4 قرى غرب آربيل، وهي حسن الشام وسيوديان وبحرة وجسر الخازر، وتقع في منطقة الحمدانية الواقعة شرق مدينة الموصل 350 كيلومتراً شمال بغداد، وهي قرى مسيحية ومنطقة ربيعة شمالي غربي مدينة الموصل 400 كم شمالي بغداد، وقرى العذبة وعيونات والدولعة المحيطة بناحية ربيعة شمال غربي الموصل، بالإضافة إلى سنجار ومناطق جلولاء في الموصل. 
الأكراد يحاولون الاستفادة من وجودهم على الأرض بتعزيز وتوسيع سيطرتهم على محافظة كركوك الغنية بالنفط، وخاصة مدينة كركوك التي يسكنهما خليط من الأكراد والعرب والتركمان، وتم الاعتراف بوضع المدينة الخاص كمدينة متنازع عليها، ولكن الوضع حاليا أصبح لصالح الأكراد بعد إحكام قوات البيشمركة السيطرة عليها، وأصبحت ثمرة ناضجة في يدهم. 
وضع الأكراد الحالي حَسَّن من علاقتهم مع بعض قادة العشائر الذين أعطوا تطمينات لهم بأنه لن يتم الاحتكاك بهم على حدود المناطق الخاضعة لحكومة آربيل، وأن قواتها تمثل الفصيل الرئيسي في القتال ضد قوات الجيش العراقي، مقابل ألا تقف حكومة آربيل في طريق العرب السُّنَّة للحصول على حكم ذاتي لمناطقهم، على غرار ما فعلته كردستان نفسها.
وهذا ما يجعل الأكراد حاليا في وضع أقوى ما دامت داعش مسيطرة على معظم المناطق المتنازع عليها؛ ليبقى السؤال: هل ستشكل هزيمة "داعش" بداية للصراع السني الشيعي في العراق؟! هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.

شارك