المؤسسة الدينية والموقف من الغرب

الخميس 12/فبراير/2015 - 07:15 م
طباعة المؤسسة الدينية والموقف
 
المؤسسة الدينية والموقف
حذرت دار الإفتاء المصرية من تنامى موجات الإسلاموفوبيا والحركات العدائية ضد الإسلام والمسلمين في الغرب، في أعقاب المظاهرات التي تجتاح بعض دول أوربا الغربية وترفع شعارات معادية للوجود الإسلامي هناك، وأكدت دار الإفتاء أن هذه الموجات والحركات تسعى لنشر الكراهية والاضطهاد ضد الجاليات المسلمة في الغرب، مما سيخلق حالة من العداء بين المسلمين الغربيين وغير المسلمين في المجتمع الواحد، وهو ما لا يصب في مصلحة الشعوب الغربية في المقام الأول وينشر التطرف ويجعل المجتمع في حالة من العنف والعنف المضاد، وأشارت دار الإفتاء في بيان لها، إلى أن المسلمين في أوروبا جزء لا يتجزأ من المجتمع الأوروبي، وهم مواطنون في بلادهم الغربية لهم جميع الحقوق وعليهم كافة الواجبات. وشددت دار الإفتاء أنه لا سبيل للسلام داخل المجتمعات الغربية وغيرها إلا بنشر ثقافة التعايش والتسامح وقبول الآخر، وعدم اصطناع الأزمات والأفعال الاستفزازية التي تشعل فتيل التوتر بين الناس، وهو ما ينعكس سلبًا على المسلمين أو على من ينتمون إلى أي دين آخر، ولفتت "دار الإفتاء" إلى أن على المجتمعات الغربية أن تدرك أن المسلمين لا يسعون إلى الانفصال عن مجتمعهم الغربي، بل غاية المسلم أن يندمج في مجتمعه مع الحفاظ على هويته وحقوقه كمواطن دون التعرض له بقول أو فعل مسيء، وهو ما يستدعى ضرورة تفعيل القوانين التي تجرم نشر الكراهية والإساءة إلى الأديان، وشددت على ضرورة وضع استراتيجية ومشروع فكرى كبير لتوضيح صورة الإسلام في الخارج يضع القائمون عليه الآليات والخطط من أجل الحد من هذه الظاهرة، مشددة أنه لا ينبغي أن نخاطب المجتمعات الغربية من مكاننا، متجاهلين اللغة التي ينبغي أن نطرح بها أفكارنا، أو غير مدركين العقلية التي يفكر بها الغرب.
مظاهرات المانية ضد
مظاهرات المانية ضد الاسلام
تقوم دار الافتاء هنا بإدانة تلك الجماعات الغربية التي تناصب الاسلام العداء ولا تعترف بحرية العقيدة والفكر، فقد احتضنت مدن أوروبية مظاهرات مناهضة للمسلمين تدعو لرفض "أسلمة الغرب"، وأخرى معارضة لها تدعو للتسامح. وشارك نحو 17 ألفا وخمسمائة شخص في المسيرة العاشرة ضد الإسلام في درسدن شرقي ألمانيا مرددين ترانيم عيد الميلاد للتعبير عن رفضهم "أسلمة الغرب"، في نهاية العام الماضي، واستمرت التظاهرات التي تندد بما يسمى أسلمة الغرب في اوروبا في الفترة الأخيرة، إلا أن تلك التظاهرات كانت تقابل بمظاهرات أخرى تدعو للتسامح والتعايش على أسس المواطنة وحرية الفكر والعقيدة، بل أصدرت القيادات الأوروبية في أكثر من موضع أنها لا تناصب الإسلام العداء ولا الشعوب الإسلامية، بينما هي ضد التطرف أيًا كان مصدره فهكذا قال فرنسوا أولاند وأنجيلا ميركل بعد احداث "مجلة شارلي ايبدو" امام العالم في تظاهرة ضد العنف والتطرف جمعت قيادات العالم.

التناقض في موقف المؤسسة الدينية:

الشيخ شلتوت
الشيخ شلتوت
وبينما تنادي دار الإفتاء بتفعيل قوانين غربية لمواجهة العداء والإساءة ضد الاديان، فهي في الوقت ذاته مطالبة بتطبيق ما تنادي به على المؤسسة الدينية في مصر أولا ومنتجاتها الدعائية مقروءة أو مسموعة أو مرئية، حيث إن الكثيرين مما ينتمون إلى المؤسسة الدينية الرسمية يخرجون في الفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام يكفرون هذا ويتهمون الآخر بالفسق والانحراف وغيره من الاتهامات التي تنال من الاخرين وتعد اتهامات في جوهرها داعية للتطرف والإرهاب، فهناك تاريخ طويل من التحريض على العنف وعدم قبول الآخر مارسته المؤسسة الدينية الرسمية في مصر وغيرها من الدول العربية، بداية من علي عبد الرازق وطه حسين وأمين الخولي ونجيب محفوظ وفرج فودة ونصر حامد أبو زيد، وأخيرا ذلك الخطاب التحريضي الذي تقوم به المؤسسة الدينية في مواجهة كل من يتناول التراث الإسلامي بالنقد أو التحليل، وكأن التراث الإسلامي أصبح حكرًا للمؤسسة الدينية او ما انتجه القدماء لا يحق لاحد الاقتراب منه بالنقد او التحليل لقداسة هؤلاء، ورغم هذا تعجز نفس المؤسسة عن استصدار فتوى بتكفير تنظيم الدولة "داعش" والذي يرتكب ابشع الجرائم في العراق والشام باسم الاسلام، ومن ناحية أخرى تقوم نفس المؤسسة بنفي ما تنادي به، في تناقض طالما عودتنا عليه، فبينما تصدر فتوى من الأزهر في عصر الشيخ محمود شلتوت بجواز الصلاة خلف المذهب الشيعي الجعفري، تصدر هذه الايام فتاوى تكفر الشيعة جميعا وتناصبهم العداء وتدعوا للتخلص منهم فهم على حد قول هذه الفتاوى "اشد خطرا على الاسلام من اليهود"، وهذا ما يؤكده اصدار من مؤسسة الازهر وهو "مجلة الأزهر" والهدايا التي تقدها مع كل عدد حيث يستمر الاستاذ الدكتور محمد عمارة رئيس تحرير مجلة الازهر في طرح الأفكار الطائفية ونشرها في المجتمع المصري تارة من خلال كتاباته هو وتارة أخرى من خلال انتقاء الكتب التي تدعوا للتطرف والطائفية داخل المجتمع المصري، ليس فقط بل داخل المجتمع الإسلامي، ويقوم بنشر وتوزيع هذه الاعمال كهدية مجانية مع " مجلة الأزهر" والتي لا يزيد ثمنها عن 2 جنيه مصري وبالتالي فهي في متناول اليد ومن هنا تكون المجلة الاسلامية التي يصدرها " مجمع البحوث الاسلامية " التابع لمؤسسة الازهر الشريف، تلك المؤسسة التي يثق فيها الجميع ويتغنون بوسطيتها هي نفس المؤسسة التي تنشر الفكر الطائفي.
محمد عمارة
محمد عمارة
 فهذا هو الآخر المسلم الذي يختلف مذهبيا، بل وصل الامر الى تكفير والتحريض على الاخر من نفس المذهب السني والذي لا يتفق في الرأي الفقهي مع هذه المؤسسة، فما بالنا بالآخر المختلف دينيا كيف تنظر له هذه المؤسسة؟ وكيف لها أن تطالب غيرها بنشر روح التسامح والعدل وهي في مناهجها لا تقوم به؟ فلتضرب لنا مثال في التسامح الفكري وقبول الاخر حتى نصدق تلك الدعوة التي تدعوا اليها. فثقافة التعايش والتسامح وقبول الآخر، وعدم اصطناع الأزمات والأفعال الاستفزازية التي تشعل فتيل التوتر بين الناس أولى بنا أن نطبقها في بلداننا قبل أن نطالب الآخر بها.

شارك