بعد 4 أعوام على الثورة.. هل أصبحت ليبيا بؤرة للجماعات الإرهابية؟

الثلاثاء 17/فبراير/2015 - 02:04 م
طباعة بعد 4 أعوام على الثورة..
 
4 أعوام مرت على ثورة ليبيا، والتي قامت في 17 فبراير 2011 للإطاحة بمعمر القذافي، والتي لم تحقق مطالبها على الإطلاق، بل زادت الأمور تعقيدًا، وتدهورت الأوضاع في الأراضي الليبية.
بعد الإطاحة بالقذافي، بدأت الصراعات الداخلية على السلطة؛ ما أدى إلى الفوضى العارمة في البلاد وانتشار الميليشيات المسلحة، التي ساعدت على زيادة حدة التوتر والانهيار.
بعد 4 أعوام على الثورة..
مع النزاعات التي تشهدها ليبيا انتشرت العديد من الجماعات الجهادية، والراديكالية؛ ما أدى إلى خراب ودمار الدولة وبالأخص مع توغل هذه الميليشيات.
كانت المطالب الشعبية في كافة المدن الليبية، رافعة شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، ليشهد العالم ثورة بدأت سلمية وتطورت لتصبح مسلحة، ويسقط نظام القذافي الذي تربع على عرش ليبيا وإفريقيا، أربعة عقود.
مراقبون أكدوا على أن الحالة التي تمر بها البلاد، تنحدر بسرعة؛ مما يؤدي إلى تفتت الدولة، مع استمرار الاستقطاب السياسي والعسكري.
وتشهد ليبيا منذ نوفمبر الماضي تناميا غير مسبوق للجماعات المتطرفة، يتقدمها تنظيم الدولة "داعش"، الذي بايع "أبو نبيل الأنباري" واليًا له، والذي يعد أحد أهم القيادات المقربة من "أبوبكر البغدادي" زعيم التنظيم، فضلا عن انتشار أنصار الشريعة الإرهابية، وعدد من الميليشيات المسلحة.
انقسام سياسي حاد تشهده ليبيا، حيث يوجد برلمان وحكومة في طبرق تحظى بدعم دولي برئاسة عبدالله الثني، وحكومة أخرى موازية برئاسة عمر الحاسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك تجمع لحركات متشددة تقودها قوات "فجر ليبيا" في طرابلس التي صنفها البرلمان المنعقد في طبرق، جماعة إرهابية.
الأوضاع الحالية التي تشهدها ليبيا غير مبشرة بعودة الاستقرار، على وجه الإطلاق، وبالأخص مع فشل المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة لعودة الاستقرار والهدوء ولم شمل الأطراف المتنازعة.
بعد 4 أعوام على الثورة..
كان مركز الناطور للدراسات والأبحاث أكد في تقرير سابق له حمل عنوان ''اللاعبون الكبار في الملعب الليبي... أمريكا فرنسا بريطانيا وإيطاليا الأبعاد والأهداف والنتائج''- أن لاعبين إقليميين صغاراً ودوليين كباراً يمارسون لعبة السيطرة على ليبيا مستخدمين كل الوسائل والأسلحة، منها النشاط الاستخباراتي، وتوظيف الفكر السلفي، وإعادة التأهيل الديني وفق قواعد التثقيف بالفكر السلفي المتشدد، إضافة إلى محاولة تفجير العنصر الإثني؛ لتتصارع ليبيا وتدخل في نفق الحرب المظلم خدمة لأهداف هؤلاء اللاعبين.‏ 
''ألكسي بودسيروب'' خبير بمعهد دراسات الشرق الأوسط في الأكاديمية الروسية للعلوم ـ موسكو، يقول: ''إن الذين استفادوا من الوضع القائم بعد الثورة في ليبيا هم تلك الدول التي تضع الآن يدها على المقدرات الليبية المجمّدة حالياً''، مشيراً في ذلك إلى قطر التي تمكنت من بسط نفوذها بشكل كبير، في المقابل تدهورت ظروف المعيشة في ليبيا، حيث ترتفع معدلات البطالة وينخفض الدخل القومي، وما زال حتى الآن عشرات الآلاف من الأشخاص في السجون الليبية، فالأوضاع  في ليبيا تدعو إلي الخوف من مستقبل مجهول. 
عمران خليل الباحث
عمران خليل الباحث الليبي في الشئون الأمنية
عمران خليل الباحث الليبي في الشئون الأمنية يعتقد أن الحالة التي تمر بها البلاد لن تتخطاها بسرعة؛ لأن الجهود الوطنية وحدها لا تكفي، وتحتاج إلى مساعدة دولية خاصة على مستوى بناء أجهزة الأمن والجيش.
ويؤكد خليل على ضرورة تعاون هذه الدول استخباراتيا وعلى مستوى عالٍ، وتدريب قوات نخبة من الجيش والشرطة، لتتمكن على الأقل من حماية مصالح الدولة، التي باتت هدفاً متكررا لعناصر التنظيمات المتطرفة.
ويعتبر الصراع القائم في ليبيا أكثر بكثير من حرب أهلية بين الليبيين- كما ذكر متابعون للشأن الليبي- فالميليشيات المعادية للنظام السابق لم تثبت رحمتها وشفقتها على الشعب الليبي، ويبدو أنهم يريدون الثأر أكثر من تطبيق العدالة كما يدعون.
 أما الحكومة التي تحكم البلاد نظرياً، فهي غير قادرة على وقف ممارسات التكفيريين الإرهابيين، وهي ليست في وضع يؤهلها لوقف عمليات التطهير التي تقوم بها الجماعات المقاتلة التابعة للقاعدة ضد الشعب الليبي.
فالحكومة المعترف بها دوليًا مشلولة ومسئولوها عاجزون جميعهم عن وضع حد للميليشيات المسلحة، وهم جميعهم يعترفون بأن هذه الميليشيات هي من تدير البلاد بعدما ملأت الفراغ الذي خلفه سقوط ''معمر القذافي'' والقضاء على القوات النظامية من أمن وشرطة. فالمسلحون يرفضون التنازل عن أسلحتهم وعن سلطتهم. 
من جهته، يرى محمد مخلوف وهو أحد قادة الثوار الذين أطاحوا بنظام القذافي قبل أربع سنوات، بأن الأزمة الراهنة خطيرة جدا، وأدخلت ليبيا في نفق لا يمكن التنبؤ بعمقه؛ الأمر الذي يستدعي من الشعب كافة، تضافر الجهود نحو الحوار، الذي يبدو أن هجمات داعش الأخيرة أصابته في مقتل قبل أن يبدأ.
بعد 4 أعوام على الثورة..
الأيدي المرتعشة للحكومة الليبية وعدم قدرتها على مواجهة الميليشيات المسلحة التي قضت على البلاد، جعل مستقبل قرار الدولة بيد أمريكا وحلفائها، وتم إفساح المجال للولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو بالتدخل في تفاصيل الأوضاع الداخلية الليبية، ورسم مستقبل ليبيا.
وترعى الأمم المتحدة الحوار الليبي، حيث يرى مراقبون أن هناك فرصة حقيقية لنجاحه؛ لأن التناسب طردي كلما زادت هجمات المتطرفين، كلما انقسم السياسيون على أنفسهم.
كانت جولة جديدة للحوار قد انطلقت الأسبوع الماضي في مدينة غدامس بين الفرقاء الليبيين، تحت اسم "غدامس2"، برعاية من بعثة الأمم المتحدة، حيث تركزت اللقاءات المنفصلة التي عقدها برناردينو ليون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، حول تنظيم المباحثات والاتفاق على جدول زمني واضح، بهدف التوصل إلى حل سياسي سريع، لمنع مزيد من التدهور الأمني والسياسي في ليبيا وإنهاء الانقسام المؤسساتي.
ومع الأحداث التي شهدتها ليبيا اليومين الماضيين، وقيام تنظيم "داعش" الإرهابي بذبح 21 قبطيًا مصريا؛ ما أدى إلى رد مصري سريع حيث تدخلت القوات المسلحة بضربات جوية على مواقع داعش في مدينة "درنة" الليبية كنوع من رد الاعتبار المصري، مع كل هذا يرى متابعون أن المفاوضات بين أطراف الأزمة الليبية سواء تلك التي تمت في الخارج أو في الداخل لم تراوح مكانها، وأنها بإطارها الحالي، الخاص بنوعية المشاركين أو طبيعة موضوعات النقاش، لن تصل إلى أي مكان، وأن جُل ما يمكن أن ينتج عنها هو توفير غطاء سياسي ولوجستي وحاضنة فكرية للميليشيات المسلحة، وشرعنة الاستقواء بالسلاح من أجل تحقيق أهداف سياسية وحزبية.
وأكد المتابعون أن مثل هذا المناخ هو الذي يسمح بنمو الأفكار والاتجاهات المتطرفة، وهو ما حدث في سوريا والعراق، ومهد لظهور تنظيم داعش.
ووصفت تلك المصادر المحاولات الجارية للتفاهم مع بعض الميليشيات المسلحة في الغرب الليبي بأنها مضيعة للوقت، وأنها لن تؤدي إلا إلى مزيد من الانفلات والتمزق الليبي وإلى استفحال خطر الجماعات المسلحة على دول الجوار الإفريقي وعلى دول شمال المتوسط. 
الرئيس المصري عبد
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
وفي ذات السياق دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إصدار قرار أممي يفوّض تحالفا دوليا بالتدخل في ليبيا.
وقال السيسي في حديث لإذاعة "أوروبا 1" الفرنسية بث اليوم الثلاثاء 17 فبراير ، "ليس هناك خيار آخر"، أخذا في الاعتبار موافقة الشعب الليبي وحكومة ليبيا و"دعوتهم لنا للعمل".
وأكد الرئيس المصري ردا على سؤال حول استئناف قصف مواقع تابعة لتنظيم "داعش" في ليبيا: "نحن بحاجة للقيام بذلك، وكلنا معا". وقال متابعون: إن فكرة بناء تحالف دولي للاقتصاص من تنظيم داعش الليبي، أصبحت الآن على صفيح ساخن، مؤكدين أن التحالف الدولي المنتظر سيكون أكبر من مجرد عمل انتقامي محدود.
وأوضح متابعون أن ثلاث دول على الأقل تتحرك حاليا لبناء هذا التحالف، وعلى رأسها مصر، وإيطاليا وفرنسا، فضلا عن دول الغرب الإفريقي التي باتت في مرمى النار الليبية.
المشهد يوضح أن الوضع الراهن في ليبيا يزداد سوءا يوما عن الآخر، في ظل عدم السيطرة على الأوضاع الجارية في البلاد، وكذلك انتشار الإرهاب؛ ما أدى إلى توغل البؤر الإرهابية في جميع المناطق.

شارك