رءوس المسيحيين تحت سيوف "داعش" مجددا

الأربعاء 25/فبراير/2015 - 03:50 م
طباعة رءوس المسيحيين تحت
 
لا يترك تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" أي فرصة لتشويه الإسلام إلا واستغلها استنادا إلى اجتهادات وأقوال عفا عليها الزمن ولا تتوافق مع سماحة الإسلام ورحمته، ويمارس هذه الأفعال غير الإنسانية بشكل يومي، ويعد ما يفعله مع المسيحين في العراق وسوريا من قتل واختطاف- نموذجا صارخا على دموية هذا التنظيم وعدم إنسانيته حيث كشف ناشطون في هيئات حقوقية آشورية عن أن عدد المختطفين المسيحيين الآشوريين في مناطق الحسكة السورية بلغ ما يقارب 150 شخصا بينهم نساء وأطفال.
رءوس المسيحيين تحت
وأكد أسامة إدوارد، مؤسس "شبكة حقوق الإنسان الآشورية" أن داعش يحتجز 150 مسيحيا آشوريا، وفقا للأرقام المقدمة من الناشطين على الأرض، بعد أن كانت الأرقام الأولية ترجح وجود 70 إلى 100 مختطف فقط تم اختطافهم من قريتي تل شاميرام وتل هرمز الآشوريتين الواقعتين في محيط بلدة تل تمر، في محافظة الحسكة، شمال شرق سوريا، وأنه من المتوقع أن تقوم داعش بإصدار بيان موجه مباشرة إلى الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ودول أخرى تشارك في التحالف الدولي ضد التنظيم للإعلان عن تهديد جديد ضد المسيحيين بالقتل أو الذبح أو الحرق، وأنهم ربما سيواجهون نفس مصير المسيحيين الأقباط الذين ذبحهم التنظيم في ليبيا الشهر الماضي، ولذلك نخاطب العالم بأسره، أمريكا وأوروبا وقوى التحالف الدولي، ونطالبهم بتوفير الحماية للآشوريين في سوريا وإنقاذهم، فهم يواجهون الموت بدون سلاح وليس لديهم أحد ليحميهم.
رءوس المسيحيين تحت
تنظيم داعش قام بتغيير استراتيجيته بعد هزيمته في عين العرب "كوباني" الواقعة في ريف حلب الشمالي، والتي استعاد الأكراد السيطرة عليها مع 19 قرية وبلدة بها، ووصلوا إلى محافظة الرقة معقل التنظيم الذي حاول حفظ ماء وجهه بالتمدد نحو محافظة الحسكة، التي تقع شمال شرق سوريا، وبالتحديد نحو مدينة تل تمر كبرى المدن الآشورية "المسيحية" في ريف الحسكة الغربي واستولى على 35 قرية وبلدة آشورية بها وهم  قرى تل شميرام وتل طلعة وتل طال وتل هرمز، وعدد من القرى والمزارع الآشورية في المنطقة، بالإضافة إلى بلدة غبشة قرب المدخل الغربي لمدينة تل تمر والتي تقع على الضفة الجنوبية من نهر الخابور، بعد أن اشتبك مع ميليشيات وحدات الحماية الكردية التي تسيطر على هذه القرى، ليقطع الطريق الواصل بين تل تمر ومدينة الحسكة في محاولة منه للسيطرة على المدينة الآشورية العريقة. 
وفي محاولة من التنظيم الدموي للفت الأنظار إليه مجددا قام مقاتلوه باقتحام منازل المدنيين في البلدات التي سيطروا عليها، وقاموا بخطف عدد كبير منهم كرهائن، وقاموا باحتجاز مئات العائلات الآشورية في منازلهم، ولم يكتف بذلك بل قام بإحراق كنيسة قبر الشامية التي تبعد عن تل تمر عشرة كيلومترات وتمركز فيها بمقاتليه، ولا زالت الاشتباكات مستمرة بعنف في محيط تل تمر.
 تنظيم "داعش" ودولته رغم عمره القصير إلا أنه يملك تاريخا طويلا من اضطهاد المسيحيين في مناطق انتشاره في العراق وسوريا، فعقب استيلائه على الموصل في يوليو 2014 "خير" المسيحيين بين أن يشهروا إسلامهم، أو يدفعوا الجزية أو يغادروا مدينة الموصل في مهلة حددها لهم من مساجد المدينة عبر مكبرات الصوت.
رءوس المسيحيين تحت
ليعلن وقتها بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو "أنه لأول مرة في تاريخ العراق تفرغ الموصل التي تضم 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها إلى نحو 1500 سنة، من المسيحيين، وأن العائلات المسيحية نزحت باتجاه دهوك وأربيل في إقليم كردستان العراق، وجاء هذا النزوح بعدما وزّع تنظيم "الدولة" الذي يسيطر على المدينة منذ أكثر من شهر بياناً يطالبهم بتركها.
 وتابع: "لقد دعا البيان المسيحيين في المدينة صراحة إلى اعتناق الإسلام، أو دفع الجزية من دون تحديد سقفها، أو الخروج من مدينتهم ومنازلهم بملابسهم من دون أية أمتعة، كما أفتى بأن منازلهم تعود ملكيتها منذ الآن فصاعداً إلى تنظيم الدولة".
 ولم يكتف التنظيم الدموي بذلك بل قام بقتل أطفال مسيحيين عراقيين رفضوا الدخول في الإسلام وهو ما كشف عنه كانون أندور وايت، قس أبرشية بغداد، قائلا: "مقاتلو تنظيم داعش قطعوا رءوس أطفال مسيحيين عراقيين يبلغ عددهم 4، جميعهم دون الـ 15 عامًا، بعدما تعرّضوا لضغوط هائلة للنطق بالكلمات التي تؤكد دخولهم الإسلام، ولكنهم رفضوا قائلين: "لا.. نحن مسيحيون، نحن نحب المسيح، ونتبعه دائمًا، وهو دائمًا معنا"، فما كان من عناصر داعش إلا أن قالوا لهم "انطقوا". فرفضوا، فكان مصيرهم قطع رءوسهم!.
وتابع: "لقد تم قتل أعداد كبيرة من المسيحيين، بعدما رفضوا النطق بالكلمات التي يتحوّلون بموجبها من المسيحية إلى الإسلام، وكان الموقف الأكثر تأثيرًا حينما حاولوا الضغط على أحد المسيحيين، وهددوه بقتل أطفاله، إذا لم يدخل في الإسلام، فما كان منه إلا نطق بالكلمات التي تؤكد تحوله دينيًا، ولكنه هاتفني باكيًا، وسألني عمّا إذا كان المسيح لن يحبه، ولكنني قلت له إنه سيظل يحبه وأنه لا يزال مستمرًّا في مطاردة المسيحيين في العراق، وأن القتل بحق المسيحيين في العراق مستمر من جانب داعش، وحتى بعد الهروب إلى نينوي، التي كانوا يظنون أنها مأوى مسيحي آمن، تم تعقبهم وقتلهم".
رءوس المسيحيين تحت
وكشف اميل نونا رئيس أساقفة أبرشية الموصل للكلدان المطران عن معاناة المسيحيين الذين لا زالوا في الموصل تحت "سيوف داعش"، قائلا: "المسيحيون أصبحوا قلة ولم يتبق منهم سوى 50 عائلة أي زهاء 200 شخص تقريباً من أصل 4000 مسيحي، وأن "داعش" سيطرت على مبنى المطرانية الكلدانية في الموصل، وحولوها مقراً عسكرياً ورفعوا عليها علمهم، ودخلوا كنيسة كاتدرائية السريان الارثوذوكس، وخلعوا صليب المذبح ظنا منهم أنه من الذهب الخالص، كما دخلوا كنيسة مطرانيتنا، ولم نعلم السبب بعد، كما أنهم قاموا بتحطيم تمثال السيدة العذراء في مدينة الموصل والذي كان موجوداً على مدخل المطرانية، لكن ذلك ليس لأنه تمثال مسيحي، فالأمر يدخل في إطار حملة تكسير التماثيل والشعارات الإسلامية والمسيحية، إضافة إلى تماثيل الشعراء والأدباء والفنانين وقبور الأولياء، فقد كسروا كل شيء في يوم واحد".
 يذكر أن الآشوريون هم مجموعة عرقية تسكن في الشمال ما بين النهرين في العراق وسوريا وتركيا، وينتمي أفراد هذه المجموعة العرقية إلى كنائس مسيحية سريانية متعددة، كما يعتبرون من أقدم الشعوب التي اعتنقت المسيحية، وذلك ابتداءً من القرن الأول الميلادي ويبلغ عدد الآشوريين الإجمالي في سوريا حوالي ثلاثين ألفا من 1,2 مليون مسيحي، ويتحدرون معظمهم من قرى الخابور في الحسكة الواقعة في محيط تل تمر. 

شارك