مع صعود الحوثيين .. تساؤلات حول مستقبل اليهود في اليمن

الجمعة 27/فبراير/2015 - 11:11 ص
طباعة مع صعود الحوثيين
 
مع سيطرة جماعة أنصار الله "الحوثيين" بدأ القلق يتسرب إلى يهود اليمن في ظل الغياب الأمني والمخاوف التي يرفعها صرخة الحوثي "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصرة للإسلام"؛ الأمر الذي يجعل من تبقى من يهود اليمن في حالة ترقب وحذر من المجهول.

تاريخ اليهود باليمن

تاريخ اليهود باليمن
يُعتقد أن اليهود هاجروا إلى اليمن عندما سمعوا عن الدمار الوشيك للهيكل الأول والذي حدث عام ٥٨٦ قبل الميلاد. وعلى الرغم من الخلاف حول تاريخ وصول اليهود إلى اليمن، ليس هناك شك حول تاريخهم الطويل الغني.
بحلول القرن العاشر الميلادي، كان الإسلام قد وصل إلى الحكم ومنح اليهود الحق في حرية الدين مقابل دفعهم الجزية. وفي عام ١٦٧٩ طُرد قسم كبير من أبناء الجالية اليهودية من المنطقة، ولكن بعد عام واحد طُلب منهم العودة عندما كان الاقتصاد في اليمن يعاني من صعوبات، حيث كان اليهود يتمتعون بمهارات حرفية وصناعية مهنية كانت البلاد بحاجة إليها. وبحلول القرن الثامن عشر حدث تجدد في الحياة اليهودية في اليمن.
شهد عام ١٨٨٢ أول موجة من الهجرة اليهودية إلى فلسطين عندما بدأت ظروف اليهود تزداد سوءاً. ويتطلب قانون إسلامي قديم فُرض عام ١٩٢٢ تحويل جميع الأيتام تحت سن ١٢ عاما قسراً إلى الإسلام. وعندما أُعلن عن نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين عام ١٩٤٧ حدثت أعمال شغب أسفرت عن وقوع جريمة قُتل خلالها ٨٢ يهوديا، وتم تدمير مئات المنازل والأعمال التجارية. وعندئذ أصبحت الجالية اليهودية مشلولة من جراء الخسارة. وهكذا بدءاً من عامي ١٩٥٠- ١٩٤٩ تم نقل جميع أبناء الجالية اليهودية اليمنية تقريباً عن طريق الجو إلى إسرائيل عبر "عملية البساط السحري". وقد منعت الحرب الأهلية التي اندلعت عام ١٩٦٢ بقية أبناء الطائفة اليهودية الذين بقوا في اليمن من مغادرة البلاد، على الرغم من أن عدداً قليلاً منهم قد تمكن من الهرب على أي حال.
بعض يهود اليمن يؤكدون أنهم ظلوا هدفا لنشاط منظمات صهيونية تروج لترحيلهم من اليمن إلى فلسطين المحتلة، وأن ضغوطات ترحيلهم ما زالت مستمرة وبوتيرة عالية، منذ أن تجددت بشكل ملحوظ عام 1992، الذي شهد ظهور ناشطين من يهود اليمن مرتبطين بحركة (ستمار)، والذين تمكنوا حتى عام 2000 من ترحيل عدة آلاف من يهود اليمن إلى أمريكا وإسرائيل.
وعلى مدى السنوات الماضية وحتى اليوم يجري إرسال العشرات وربما المئات من اليهود اليمنيين الشباب في بعثات دراسية مجانية إلى أمريكا، كما قام الكثيرون منهم بزيارة إسرائيل عن طريق بلد ثالث.
 وبحلول عام ٢٠٠٥ كان هناك أقل من ٢٠٠ يهودي فقط ما زالوا يعيشون في اليمن.

مخاوف من حكام صنعاء الجديد

مخاوف من حكام صنعاء
ومع صعود الحوثيين وسيطرتهم على اليمن، كشفت تقارير إعلامية أن يهود اليمن متخوفون من سيطرة الحوثيين على اليمن، وتحديداً على مناطق سكناهم.
وأعرب "يعقوب موسى"- أحد المواطنين اليهود باليمن- عن أن الخوف الذي يتملكه هو وأبناء المجتمع اليهودي باليمن هو خوف وتهديد لم يشعروا به من قبل، وأنه لم يبق لهم أصدقاء هناك بعد سيطرة الحوثيين.
وتسيطر جماعة الحوثي بشكل كامل على منطقتين يسكن فيهما أواخر اليهود، وهما: مدينة ريدة التي فيها 55 يهودياً، والعاصمة صنعاء التي تبقى بها عدد قليل من اليهود الذين يقبعون تحت الإقامة الجبرية التي فرضها عليهم الحوثيون.
وفي مدينة  ريدة، قال إبراهيم يوسف أحد اليهود الباقين هناك، إن جيرانه من المسلمين "ليسوا جميعاً سيئين، لكن من الصعب تجاهل شعارات الحوثيين العدائية التي تتكرر خلال جميع احتجاجاتهم وبرامجهم التلفزيونية وخطاباتهم، وتكتب على جميع الحوائط البيضاء في المدينة".
وتزداد تخوفات الأقلية اليهودية في اليمن عقب إغلاق الولايات المتحدة وبريطانيا لسفاراتيهما في اليمن، كما فعلت غالبية دول الغرب، وهو ما يعني خلو اليمن من أي جهة رسمية تقدم الحماية والمساعدة لهم كما في السابق. وقد بدأت المخاوف من بعد إسقاط نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي كان يشكل حَصَانة ليهود اليمن فترةَ حُكمه. وهنا يقول يعقوب إنهم يحاولون "الابتعاد قدر الإمكان عن الجميع"؛ لضمان عدم الأذى.

هجرة جديدة

هجرة جديدة
وشهدت اليمن عقب احتجاجات 2011 هجرة مكثفة لليهود في السنوات الأخيرة، حتى تبقى منهم 55 فقط، غالبيتهم من الأطفال، وهم إبراهيم يعقوب المذكور في التقرير، و8 عائلات أخرى فقط، ولأنهم يتميزون بمظهرهم اليهودي التقليدي، فإنه يسهل معرفتهم عن بعد، حتى الأطفال منهم؛ لذلك يقومون في الكثير من الأحيان بإخفاء هويتهم عن طريق لبس الكوفية خارج المنزل.
وارتفعت مخاوف اليهود مع سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، في ظل الشعارات التي ترفعها الجماعة "اللعنة على اليهود"، فقد سكنوا سابقاً في محافظة صعدة شمالي اليمن، التي سيطر عليها الحوثيون الزيديون ورفعوا هناك شعار "الموت لأمريكا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود"؛ لذلك بعد بداية مقاتلة الحوثيين لنظام الرئيس علي عبد الله صالح عامي 2004 و2007، قام صالح بترحيل اليهود من هناك ونقلهم إلى منطقة مغلقة بجانب السفارة الأمريكية في صنعاء.
وتفرض جماعة الحوثي قيوداً على القيادة الدينية لليهود في صنعاء، وفي كل الأحوال جميع طلباتهم قوبلت بالرفض، وقد وضع رجال أمن مسلحون عند بوابة المبنى الذي يقطنه اليهود يمنع الجميع من الدخول.

مستقبل اليهود

مستقبل اليهود
يبدو أن مخاوف اليهود تحمل مَن تبقى منهم إلى خارج اليمن فهناك خوف حقيقي من سيطرة الحوثيين على السلطة، لكن يهود اليمن لا يرغبون في الهجرة لإسرائيل، بل إلى الولايات المتحدة وأوربا؛ "لأنها أكثر هدوءًا".  وقد لا نرى في القريب العاجل أي يهودي في أرض اليمن، ويتلاشى وجودهم كما تلاشى في عدد من الدول العربية التي كانوا يتواجدون فيها بالآلاف منذ عشرات السنين، كما أن تأسيس دولة إسرائيل أدى إلى التأثير على وجود اليهود في البلاد العربية والإسلامية.

شارك