خبير بريطاني: "سفاح داعش" بريطاني كويتي باحث عن هوية
السبت 28/فبراير/2015 - 03:54 م
طباعة
"بول بيفر" الخبير في شئون الإرهاب
من خلال مقطع فيديو لتنظيم "الدولة الإسلامية"، تم التعرف على إرهابي يحز الرقاب كجلاد للتنظيم المتطرف. إنه بريطاني وتبدد الخلفية التي ينحدر منها أسطورة أن المهاجرين الفقراء هم من ينجرفون نحو التطرف وفقا لـ"بول بيفر" الخبير في شئون الإرهاب والدفاع ومستشار برلماني للشئون الأمنية.
يقال: إن السلطات استخدمت تقنيات التعرف على الصوت والوجه لتحديد هوية محمد الموازي، وأدركت من ذلك أنه "جون الجهادي" المنحدر من لندن، فإلى أي مدي يمكن الوثوق بمثل هذه التقنيات؟
بول بيفر: التكنولوجيا الحديثة، ومن بينها استخدام أجهزة الكمبيوتر الفائقة وتقنيات مضاهاة الصوت شهدت تقدما مذهلا منذ عام 2000، بدافع الحاجة إلى تحديد هوية القياديين بتنظيم القاعدة. تقنية التعرف على الوجه تطورت كثيرا الآن لدرجة أن مطابقة ما بين 10 إلى20 في المئة من ملامح وجه أو رأس الشخص باستخدام الكمبيوتر يمكن أن يؤدي إلى تحديد الهوية. وتستخدم قوات الدفاع الإسرائيلي هذه التكنولوجيا منذ وقت مبكر يعود لعام 2007.
تشير رسائل البريد الإلكتروني للموازي أنه أصبح متطرفا بعد احتجازه من قبل السلطات في بريطانيا في المطار، ووجهت إليه تهمة وجود صلات تربطه بمنظمات إرهابية. هل هناك أي خطورة من أن عمليات مكافحة التجسس في الغرب ربما تلعب دورا في تطرف بعض الأفراد؟
بول بيفر: هذا محض هراء. هذا مجرد ذريعة. فخلال 20 عاما من الكفاح ضد الجيش الجمهوري الأيرلندي (PIRA) ووجود عملاء للجيش الجمهوري الأيرلندي، لا أتذكر أن أحد هؤلاء المتطرفين قد أرجع السبب في تطرفه إلى أنشطة أجهزة الأمن القومي. أكيد أن شخصية الموازي ضعيفة لكي ينحى للتطرف بهذه الطريقة، لكن الأجهزة الأمنية يجب أن تأخذ هذه النظريات بعين الاعتبار. والمشكلة في المملكة المتحدة (وبقية دول أوروبا) هي أن هناك أفراداً ومجموعات على استعداد لإلقاء اللوم على أدنى شكل ممكن من أشكال الاستفزاز لاستخدامه شماعة للتطرف.
أثارت بضع حالات من "الجهاديين محليي النشأة" في ألمانيا نقاشا حول دعاية "الدولة الإسلامية" والجمهور المستهدف منها، وهم في الغالب الأشخاص الأقل حظا وغير القادرين على الاندماج. رغم ذلك فإن محمد الموازي ينحدر من الطبقة الوسطى وحاصل على شهادة جامعية في مجال برمجة الكمبيوتر. فهل الأشخاص ميسورو الحال والحاصلون على تعليم جيد معرضون للانجراف نحو التطرف بنفس درجة الأشخاص الأقل حظا منهم في التعليم والمستوى الاجتماعي؟
بول بيفر: الموازي كان ميسور الحال. خلفية أسرته الكويتية تعني أنه حظي بالمال، والتعليم الجيد والراقي. فهناك خطر على أي مسلم من أن يغرر به الأئمة المتطرفون– وقد سمحت بريطانيا للكثير منهم، من الصومال والسعودية ومصر، بالقدوم إليها في الفترة بين 1997 إلى 2010؛ لأن الجالية المسلمة قد نمت ولم يكن هناك أئمة من أصول بريطانية لخدمة احتياجات المسلمين لوجود دعاة. وسمح لرجال الدين هؤلاء بالدخول دون إجراء التحريات المناسبة لخلفياتهم. وحقيقة وجود إرهابيين من الطبقة المتوسطة- كانوا متواجدين في ألمانيا في السبعينيات أيضا– تبدد فكرة أن التطرف رد فعل على سوء المعيشة، وانعدام فرص العمل والحاجة إلى وظيفة، وإنما نابع على الأرجح من الحاجة إلى الهوية.
يقال: إن هناك حوالي 700 مسلح بريطاني يقاتلون مع تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا. إذا نحينا استراتيجيات الدعاية السفسطائية للجماعة فما الذي يدفع هؤلاء الناس للتضحية بحياتهم بمنأى عن أوطانهم من أجل سبب ما؟
بول بيفر: التقديرات غير الرسمية للحكومة البريطانية الحالية تقول: إن أعداد المتطرفين المنضمين إلى "داعش" وجماعات شرق إفريقيا تبلغ نحو 1200 من الرجال والنساء. ويبدو أن تراث الموازي نفسه قد جاء من المجموعات الصومالية المتطرفة، التي تروق كثيرا للشباب المسلم الباحث عن هوية في العالم الحديث تخرج به عن تعاليم ما قبل القرون الوسطى التي يمثلها أئمتهم. وكثيرون منهم لا يعتقدون أنهم سوف يضحون بحياتهم، ولكن إن هم فعلوا ذلك سيصبحون شهداء (كما يملى عليهم). إنه لأمر محزن بالنسبة لجيلي في أوروبا؛ لأننا لم نفهم المخاطر، ولم نجد استراتيجية وقائية مناسبة إلا بعد أن فات الأوان تقريبا.
يبدو أن المجتمعات الغربية تشهد حالة استقطاب في منظومات القيم، مع وجود التطرف الإسلامي من جهة، واليمين الأصولي المتطرف من جهة أخرى. فإلى أي مدى تعتقد أن هذا سوف يستمر قبل أن يبدأ التغيير؟ وما المطلوب لوقف هذا الاستقطاب؟
بول بيفر: أنا لست متفائلا على الإطلاق. إذا استخدمنا القوة، سنكون كمن يلعب في أحضان الإسلاميين. وإذا لم نفعل، سيكون لدينا مزيد من الإرهاب. الإرهابيون الأيرلنديون لم تكن لديهم الجرأة على التضحية بحياتهم من أجل "القضية"، ولكن يبدو أن "داعش" والقاعدة وغيرهما لديهم الجرأة على ذلك. وما يثير مخاوف بريطانيا هو أن الفتيات الصغيرات منجذبات لفكر "داعش"، رغم ما هو معروف عن إخضاعهم للمرأة. هناك حاجة إلى مزيد من الجهد في مجال الوقاية والمؤسسة الإسلامية تحتاج إلى إصلاح– وقد كانت أوروبا في القرن الخامس عشر الميلادي تشبه الإسلام الراديكالي الذي قاد إلى قيام محاكم التفتيش الإسبانية والعقوبات الغريبة القاسية التي أشاعتها بين الناس، حتى قام رجال الدين (بالأساس في ألمانيا) بإجراء إصلاح فكري غيّر كل ذلك.
حوار لمجلة دويتشة فيله