الحوار الليبي.. بين مساعي احتواء الأزمة وانتشار الميليشيات في البلاد

الثلاثاء 10/مارس/2015 - 12:19 م
طباعة الحوار الليبي.. بين
 
بعد محاولات عديدة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لاحتواء الأزمة الليبية، والتي باءت جميعها بالفشل، قررت مؤخرًا العمل على "لم شمل" أطراف النزاع بعيدًا عن البلاد، وبالفعل تم لقاء المتنازعين في العاصمة المغربية "الرباط"، وكانت لأول مرة منذ السعي لعقد الحوار بين الطرفين لقاءهما وجهًا لوجه.

اجتماعات فاشلة

اجتماعات فاشلة
على الرغم من أن الأطراف المتنازعة اجتمعوا أكثر من مرة، حيث إنهم لم يلتقوا على طاولة واحدة، إلا أن الاجتماع في الرباط نجح في جمع الطرفين الليبيين، ولأول مرة وجهاً لوجه على طاولة المفاوضات بحضور الوسيط الأممي ووزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار.
مع السعي المستمر من حوار إلى نظيره ومن دولة إلى أخرى، فإن النتيجة واحدة، و"يبقى الوضع على ما هو عليه"، فالأزمة الليبية دخلت شهرها العاشر، والوضع قائم كما هو لا حلول ولا آمال، ففي مساعي بعض الدول لانعقاد الحوار يقابلها ضربات دامية علي الأراضي الليبية، وكأن الأمر أصبح طبيعيا، وانتشار المسلحين والإرهابيين أمر واقع.
وشهدت المرحلة الماضية منذ مساعي الأمم المتحدة محاولات إجراء الحوار، فكانت البداية في غدامس برعاية أممية نهاية شهر أكتوبر لعام 2014، أعقبه مفاوضات في السودان والجزائر وجنيف الأولى والثانية وصولًا إلى المغرب، وهناك جلسة تفاوضية بالجزائر، وبين هذه البلد ونظيرتها؛ الأمور تتفاقم وتتصاعد ويخرج الحوار كما بدأ، بل وقد يشهد اشتباكات بين الأطراف، فبدًلا من أن يعمل على مصالحة الأطراف المتنازعة قد يكون سببا في حدوث احتقان بينهم.
وتواصل الأطراف الليبية برعاية الأمم المتحدة الوصول لمسودة تفاهمات أمنية لإنهاء الأزمة في البلاد، والتي أثارت العديد من الانتقادات، حيث تم انتقاد المتحاورين لاقتصار نظرتهم على أمور معينة دون أخرى، وخلو تفاهماتهم من الحديث عن مستقبل البرلمان المقبل وآليات حل التشكيلات المسلحة.

ثلاثة محاور

ثلاثة محاور
من جانبه، قال مصدر ليبي مطلع على الحوار في الرباط: إن الحديث عن طرح فكرة انتخاب مجلس نواب جديد لم تطرح للنقاش، مؤكدا أنه اقتراح مرفوض، وأن كل ما يثار حول ذلك محاولات "جس نبض" الشارع الليبي وإرباك للرأي العام، مشيرا إلى أن هناك حديثاً عن ضمانات قدمت تنفي الاعتراف بمجلس النواب كجسم شرعي وحيد، وإن كان هناك توجه لتحديد صلاحياته وفقا للإعلان الدستوري.
وأكد المصدر أن التزام أطراف الحوار بالرجوع إلى البرلمان الليبي فيما يتعلق بالحكومة والترتيبات الأمنية، مشيرا إلى وجود تفاهمات بين أعضاء جنيف حول ضرورة التصدي للإرهاب ووضعه كمهمة أولى من أولويات الاتفاق.
ووصف مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون جلسة الجمعة الماضي بالإيجابية، وأن لدى طرفي الحوار رغبة في التوصل إلى حل رغم عدم اجتماعهما وجها لوجه في قاعة واحدة. 
وتواصل أطراف الحوار بحث ثلاث نقاط رئيسية وهي: الوحدة الوطنية، والترتيبات الأمنية ومن ضمنها وقف إطلاق النار، وكذلك بحث موضوع العملية الدستورية.

حوار في الجزائر

وزير الخارجية الجزائري
وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة
في سياق مواز، أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن الجزائر متفائلة بشكل معقول بخصوص نجاح الحوار الليبي الشامل الذي ستستضيفه بلاده اليوم الثلاثاء، ولم تفصح الخارجية الجزائرية عن شكل الحوار الذي سترعاه ولا الأطراف الليبيين الذين دعوا إليه، مكتفية بالتوضيح أن 15 قيادياً ليبياً سيحضرون إلى العاصمة، وبدأت وفود ليبية الوصول إلى العاصمة أمس، بانتظار صدور قرار يسمح لوسائل الإعلام بتغطية بداية الجلسات.
وقال لعمامرة: "نحن متفائلون بشكل معقول، ونعمل من أجل أن يمكّن الحوار بين الأشقاء الليبيين من تسوية الأزمة التي تعيشها بلادهم"، مضيفًا: "نأمل بأن يكون لقاء الجزائر هبة جماعية لأشقائنا وشقيقاتنا في ليبيا نحو اتفاق وإجماع وطني حول تشكيل حكومة توافق وطني وحول اتفاقات أمنية تسمح للبلد بالتطور، والمضي قدماً نحو الدستور وتنظيم انتخابات في كنف الهدوء والسكينة والأمن والاستقرار".
وأوضح أن ما يقرب من 15 سياسياً بارزاً ورؤساء أحزاب ومناضلين كبارا معروفين على الساحة الليبية سيشاركون في اجتماع الجزائر، مضيفاً أنه سيتم تحديد المراحل المقبلة بالنظر إلى نتائج لقاء اليوم.

مجلس الأمن يعلق القرار

مجلس الأمن يعلق القرار
من جانب آخر اعترضت سبع دول في مجلس الأمن الدولي أمس الاثنين طلب الحكومة الليبية رفع الحظر على الأسلحة استثنائياً، للسماح لها بمحاربة المجموعات المتطرفة بشكل أفضل، وفقاً لعدد من الدبلوماسيين.
ويتضمن الطلب الليبي لاستثناء الحظر مرة واحدة شراء المروحيات والمقاتلات والدبابات وآلاف البنادق الهجومية مع الذخيرة، على أمل شراء هذه الترسانة من أوكرانيا وصربيا وتشيكيا.
وأعطى المجلس نفسه مهلة لاتخاذ قرار، لكن إسبانيا طلبت وضع القرار جانباً بانتظار نتائج جهود الوساطة التي يقوم بها موفد الأمم المتحدة برناردينو ليون، الذي يحاول إقناع الأطراف الليبية تشكيل حكومة وحدة وطنية.
في المقابل أيدت الطلب 6 دول، هي فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وتشيلي ونيوزيلندا وليتوانيا، لكن تم تأجيل البحث في القرار إلى إشعار آخر، بحسب دبلوماسي في المجلس.
وتعتزم الحكومة الليبية شراء 6 مروحيات هجومية و150 دبابة من نوع تي 72 وحوالي 30 مقاتلة من طراز سوخوي وميغ من أوكرانيا، وآلاف البنادق الهجومية ومدافع هاون وذخيرتها من صربيا وتشيكيا.

محاولات لرفع الحظر عن الأسلحة

السفير الليبي لدى
السفير الليبي لدى الأمم المتحدة إبراهيم دباشي
كان السفير الليبي لدى الأمم المتحدة إبراهيم دباشي أعلن الخميس الماضي أمام مجلس الأمن أن "قيادة الجيش الليبي قدمت للجنة العقوبات طلبات محددة للحصول على استثناءات على حظر الأسلحة" المفروض على ليبيا. 
وأضاف أن هذه الطلبات تتعلق بتعزيز قدرات سلاح الجو الليبي لمراقبة أراضي البلاد وحدودها، ومنع الإرهابيين من الوصول إلى الحقول والمنشآت النفطية؛ من أجل حماية ثروات البلاد".
ولفت دباشي، إلى أن طلب الموافقة على الصفقات ترافق مع إجراءات لتشديد الرقابة، ومن بينها السماح لمراقب بالتواجد في مكان التسليم للتأكد من ألا تقع الحمولات في الأيدي الخطأ.
وفي السياق ذاته دعت الجامعة العربية في ختام اجتماع لوزراء الخارجية العرب مجلس الأمن الدولي إلى "رفع الحظر على الأسلحة المفروضة على الحكومة الليبية"، مناشدة المجتمع الدولي "منع تدفق الأسلحة جواً وبحراً من الوصول إلى المجموعات والمنظمات الإرهابية".
ومع السعي لمنح "الشرعية والثقة" لحكومة وطنية ليبية واحدة أصبح الأمر معلقا، فبالنسبة للبرلمان الليبي جماعة طبرق، يقدم طلب "منح الثقة لهذه الحكومة من مجلس النواب"، المتواجد جغرافيا في مدينة طبرق، والحاصل على اعتراف دولي، وهددت جماعة طبرق بـ"الانسحاب"، فيما ترى "جماعة طرابلس" أن "من يمنح الثقة للحكومة الوطنية" في ليبيا هو "المحكمة الدستورية العليا"، ومقرها الجغرافي في مدينة طرابلس.

مؤامرة لإعادة الإخوان للمشهد

المتحدث باسم الحكومة
المتحدث باسم الحكومة الليبية، محمد بزازاة
من جانبه قال المتحدث باسم الحكومة الليبية، محمد بزازاة: "إن الحكومة لم تدع للحوار المنعقد في المغرب بشكل مباشر، لكن الجهة التي وجهت له دعوة هو البرلمان الليبي، مضيفا أنه بعيدًا عن مخرجات هذا الحوار، فإنهم كحكومة ستلتزم بما يقره البرلمان، لكن مسئوليتهم السياسية والتاريخية والأخلاقية يجب أن يشيروا إلى أن شريحة واسعة من أبناء الشعب الليبي بدأت تتذمر من هذا الحوار، خاصة بعد التسريبات التي ظهرت عقب جلسات حوار المغرب".
ودخلت المفاوضات الليبية في المغرب يومها الثالث، حيث توصلت إلى مسودة أولية لاتفاق وأن الرجوع سيكون غدًا الأربعاء لاستئناف الحوار الليبي في المغرب، ويؤكد مراقبون أن هناك تخوفا كبيرا جدا من المواطنين الذين بدءوا يستشعرون بأن هناك مؤامرة لإعادة إنتاج "الإخوان" والجماعة الإسلامية المقاتلة والميليشيات إلى المشهد السياسي، وبالتالي إفشال مشروع الجيش الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر الرامي إلى مكافحة الإرهاب، واستهداف مؤسسات الدولة من قبل تنظيمات وتشكيلات مسلحة وإعادة تدوير الإرهاب لصالح منظمات إرهابية معروفة على المستوى الإقليمي والدولي.

المشهد الآن

المشهد الآن
يرى محللون أن تصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا، تشير إلى أن الوضع لا يزال صعبا جدا، وتصريحات المبعوث الأممي دبلوماسية وإعلامية فقط.
في حين يرى خبراء، أن هناك تقدم في المفاوضات الليبية، والتي تناقش في المغرب كل التفاصيل حيال الحكومة الليبية المقبلة ومعايير اختيار الأشخاص في الحكومة، كما أن الأطراف ستأخذ الحصيلة لعرضها على مجلس النواب للتصويت، ويستمر طرفان اثنان هما البرلمان المنتهية ولايته في طرابلس ومجلس النواب وباقي الأطراف.
وتحتاج ليبيا في الوقت الحالي "حكومة إنقاذ وطني"؛ من أجل الخروج من أزمتها الحالية.

شارك