تنسيق الأوقاف والسلفيين.. دفاعًا عن البخاري أم دعاية انتخابية؟

الأربعاء 11/مارس/2015 - 07:55 م
طباعة تنسيق الأوقاف والسلفيين..
 
كشفت مصادر مطلعة داخل الدعوة السلفية عن قبول وزارة الأوقاف بعض المقترحات التي قدمتها الدعوة بشأن تجهيز خطة عمل دعوية مشتركة في مساجد محافظات الصعيد، وإتاحة الفرصة لأئمة الدعوة بهدف الدفاع عن صحيح البخاري، ومواجهة دعاة العنف المسيطرين على بعض المساجد، ممن ينتمون للجماعة الإسلامية والإخوان.
وقالت المصادر إن الدكتور عادل نصر، رئيس الدعوة السلفية لقطاع الصعيد والفيوم بالوزارة، تسلم خطة العمل، وبدأ توزيعها على مجالس الإدارة بالصعيد، بالإضافة إلى قائمة بالقوافل الدعوية المقرر تنظيمها بالتنسيق مع الوزارة.
وأكدت المصادر أن الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، كلف رموز الدعوة من الشيوخ الموثوق فيهم بإعطاء درس أسبوعي وخطبة في كل محافظة، بهدف نشر فكر الدعوة في مواجهة التيار السلفي المؤيد للإخوان، والدفاع عن منهج الوسطية والاعتدال في الإسلام.
وقالت المصادر إن الدعوة قررت رسميا تدشين حملة دعوية، للدفاع عن السنة والإمام البخاري، تشمل الرد على المشككين في بعض الثوابت، وأيضًا الرد على المنحرفين عن السنة كـ "داعش" والجماعات التكفيرية.
حول هذا الموضوع تتبادر للذهن الكثير من الأسئلة الهامة، والتي نودَ أن تجيب عنها وزارة الأوقاف وكذلك الأزهر الشريف، فهل نضبت الكفاءات العلمية والدعوية في مؤسسة الأزهر حتى تستعين الأوقاف بالسلفيين لمواجهة الفكر المتطرف والدفاع عن البخاري؟! 
محافظات الصعيد والمعروفة بضيق العيش وانخفاض المستوى التعليمي والثقافي، نظرًا لعدم وصول قطار التنمية إليها نتركها فريسة لهؤلاء السلفيين بمباركة من وزارة الأوقاف، وبالتالي مباركة الدولة وندعي في نفس الوقت على أنفسنا أننا نواجه الإرهاب، فكيف نواجه الارهاب ونحن نسمح له باعتلاء المنابر ونطلق له حرية الحركة في صعيد مصر ليس هذا فقط بل نحن من نقوم بفتح الأبواب له وتقديمه للناس.

الموقف من الأقباط

الموقف من الأقباط
يطلق حزب النور على أقباط مصر لفظ "النصارى"، وهذا للدلالة على تمسكهم بالقرآن والسنة حتى في استخدام الألفاظ والعبارات، رغم أنهم بعيدون كل البعد عن استخدامهم للمفاهيم القرآنية والنهج القرآني الذي تعامل به مع الآخر، حيث نشر الموقع الرسمي للدعوة السلفية "أنا السلفي" 4 يناير الماضي فتوى متطرفة لتحريم تهنئة المسلمين للأقباط بأعياد الميلاد. وكانت على شكل سؤال: ما "حكم تهنئة النصارى بما يسمى بـ"عيد ميلاد المسيح" أو "الكريسماس".. وأردف بالإجابة على السؤال بفتوى قديمة للشيخ "ابن عثيمين" والتي جاءت كالتالي: "قال الشيخ ابن عثيمين: تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم- رحمه الله- في كتابه "أحكام أهل الذمة" حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الكُفْرِ فَهُوَ مِنَ المُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ أَنْ تُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدرى قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه".
بعد هذا التصريح بحرمة التهنئة بالأعياد فكيف لهذه الدعوة السماح للأقباط بالترشح على قوائم حزب النور الزراع السياسية لها، إن لم تكن الفتاوى والآراء تتغير حسب تغير المصالح! فإن كانت مصلحة الدعوة الآن مع الأقباط فلا مانع من غض الطرف عن هذه الفتوى وهذا الرأي!

الموقف من المرأة

الموقف من المرأة
أما الموقف من المرأة رغم ان الدعوة السلفية وزراعها السياسية حزب النور يؤكدون في اكثر من موضع عدم الاعتراف بها وبترشحها ويؤكدون على حرمانية هذا إلا أنهم يقومون عمليا بضم النساء إلى قائمة حزب النور في الانتخابات البرلمانية القادمة وكأنهم لم يطلقوا تلك الفتاوى والآراء من قبل مثال ذلك ما قاله الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن تولِّي المرأة لمنصب الرئاسة حرام بإجماع العلماء، والأئمة الأربعة وغيرهم، لأنها من الولايات العامة، مؤكدًا أن الدعوة "لديها ثوابت إسلامية" في أنه لا يصح أن تتولى أمور الحكم امرأة، وهذا يفسر رفضهم للجلوس مع إحدى النساء اللواتي أعلنَّ عن خوضهن انتخابات الرئاسة الماضية.
وقال الشيخ أحمد حمدي، مسئول الدعوة السلفية بالقاهرة: إن الأصل في جميع الولايات سواء كانت ولايةً كبرى أو صغرى أن تكون للرجال، مشيرًا إلى وجود خلاف في كون ترشح المرأة لعضوية البرلمان، من الولايات أم لا؟ واعتبار أن المجلس يمثل ولايةً بمجموع أفراده أم بآحادهم؟
وأكد في مقطع صوتي أن الدعوة السلفية تعتقد أن وجود المرأة في البرلمان من الولايات التي حرمها الإسلام، لافتًا إلى أنهم وافقوا على قبول ترشحها على قوائمهم في الانتخابات المقبلة بشكل اضطراري بسبب قانون الانتخابات، وأنهم يوازنون بين مفسدتين، أحدهما وجود المرأة في البرلمان مع كونه حرامًا، ومفسدة حل الحزب وضياع الدعوة.
وأضاف مسئول الدعوة بالقاهرة أن مسألة تحريم تولي المرأة للرئاسة من المسائل التي أجمع عليها فقهاء الإسلام، ومن يقول بخلاف ذلك يكون قد خرق إجماع الأمة.
فأين ذهبت هذه الثوابت بتحريم تولى المرأة الرئاسة، والمشاركة في البرلمان؟

النموذج الإسلامي في الحكم

النموذج الإسلامي
تعددت الأقوال والتصريحات من فصائل مختلفة للتيار الاسلامي حول ما يسمى ب "نموذج الحكم الاسلامي" ولأننا هنا نتناول الفصيل السلفي فقد نعرض تصريحات عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية والذي يطلقون عليه "أسد السنة" حول هذا الموضوع من خلال تفريغ لمجموعة من حلقاته المسجلة على موقع "أنا سلفي" والتي يتدارسها أعضاء الدعوة السلفية.
ففي 31 اكتوبر تحت عنوان "لماذا نقاطع الانتخابات" تساءل عبد المنعم الشحات في بداية الحلقة "اذا كنا ممكنين هل نبني النموذج الديموقراطي؟"
وقد اجاب على نفسه بالقول "ما نجزم به لا.. لا نبني النموذج الديموقراطي.. بل نبني النموذج الاسلامي، والنموذج الاسلامي يخالف النموذج الديموقراطي تماما.
واحد المشاكل ان اخواننا الذين يدخلون الانتخابات يضطرون الى الثناء على النموذج الديموقراطي ويضطرون الى ان يجعلوا اسمى امانيهم هو تطبيق النموذج الديموقراطي.
لدينا نظام اسلامي مقيد بالشرع والشورى فيه مقيدة بالشرع، بينما النظام الديموقراطي ليس فيه كذلك، وان كان هناك نظام ديموقراطي الشورى فيه مقيدة بالشرع فلم تكن هذه ديموقراطية، لان قوام الديموقراطية حكم الشعب فحينما نقيدها بالشرع فأنت تهدم الركن الأعظم للديموقراطية، فإذا نحن سنقيم نظام فسوف نقيم نظام اسلامي وليس ديموقراطي.
والنظام الإسلامي الشورى فيه مقيدة بالشرع، والشورى لا تلزم بوجود احزاب بل لا يجوز وجود احزاب، فكل كتب العقيدة تنص على التحذير من الفرقة، فالشورى ان يشاور الامام الأمة، فليس هناك من هو جالس في كراسي المعارضة ومن هو جالس في كراسي الحكومة، وليس هناك تداول سلطة، فعقد الإمامة عندنا عقد أبدي الى أن يموت الإمام أو يطرأ عليه ما يوجب انخلاعه."
ويتساءل مرة أخرى عبد المنعم الشحات "فماذا تبقى من الديموقراطية؟ ولماذا ننقح اسلامنا من غيرنا؟ 
ليس هناك مجلس مخصص للشورى بل الامام يستشير اهل الحل والعقد، والامام يحتاج في النظام الاسلامي الى مجتهدين دائمين ليشاورهم في الامر الشرعي" هذا النموذج الاسلامي للحكم طبقا لرؤية الدعوة السلفية وزراعها السياسية حزب النور، والتي تؤكد على :
1- ليس هناك تداول للسلطة
2- عدم وجود أحزاب سياسية
3- عقد الإمامة ابدي ينتهي بموت الامام
4- ليس هناك مجالس نيابية 
5- الامام يختار المجموعة التي يحق له مشاورتها
6- رأي الشورى ليس ملزم للإمام لأنه راي استشاري وليس قرار او قانون
7- الامام هو الذي يسن القوانين
فلماذا اذن يمارسون الديموقراطية طالما انها لا تتوافق مع نظامهم الاسلامي كما يدعون؟ 
وخلاصة القول عند الدعوة السلفية:
خلاصة القول عند الدعوة السلفية وحزب النور:
1- لا يجوز ترشح المرأة للانتخابات
2- لا يجوز ترشح المسيحي للانتخابات
3- الديموقراطية كفر

الدفاع عن البخاري

الدفاع عن البخاري
يغيب عن الذهنية التقليدية ذات البعد الواحد والتفكير في اتجاه واحد كممثلي الدعوة السلفية وأعضائها، وكذلك من عقدوا اتفاقًا معهم من الأزهر والأوقاف، أن الامام البخاري ما هو الا عالم جمع الحديث وما هو بملاك او كان يأتيه وحي من السماء، وأنه بشر يصيب ويخطئ وليس عيبًا أو كفرا أن تتم مناقشة البخاري وتنقية صحيحه الجامع لأحاديث الرسول، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد نقد القدماء البخاري ولم يتم تكفيرهم  فلماذا الآن يتم تكفير كل من ينتقد البخاري؟ أم أنها معركة مصنوعة في سبيل إطلاق يد السلفيين في صعيد مصر؟ 
فهناك جمع من العلماء والمحدثين والحُفّاظ، وشُراح الصحيحين الذين يعتمد أهل السنة على أقوالهم ويعترفون بعلوّ مقامهم العلمي، قاموا بنقد البخاري، فقد نقد بعض أحاديث البخاري الإمام أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وأبو داود السجستاني وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وأبو عيسى الترمذي والعقيلي والنسائي وأبو علي النيسابوري وأبو بكر الإسماعيلي وأبو نعيم الأصبهاني وأبو الحسن الدارقطني وابن مندة والبيهقي والعطار والغساني الجياني وأبو الفضل الهروي بن عمار الشهيد وابن الجوزي وابن حزم وابن عبد البر وابن تيمية وابن القيم والألباني وكثير غيرهم، فهل كل هؤلاء العلماء مبتدعة متبعون غير سبيل المؤمنين؟!
ومن الكتب التي تضمنت نقدًا لأحاديث في البخاري كتاب "الالتزامات والتتبع" للحافظ الدار قطني، بتحقيق الشيخ مقبل الوادعي، طبع دار الكتب العلمية ببيروت، وهو ينتقد حوالي مائتي حديث بعلل قادحة في نظره، وقد ركز على العلل أكثر مما ركز على ضعف الرواة.
وحاول ابن حجر في كتابه "هدى الساري" وهو مقدمة "فتح الباري شرح صحيح البخاري "أن يدفع انتقادات الدار قطني حديثاً حديثاً، وقال في ختام حديثه عنها: "أكثرها الجواب عنه ظاهر القدح فيه مندفع، وبعضها الجواب عنه محتمل، واليسير منه في الجواب عنه تعسف".
وضعَّف العقيلي عددًا من أحاديث صحيح البخاري، بل ضعَّف بعض ما اتفق عليه البخاري ومسلم مثل حديث همام بن يحيى في الأبرص، ورد أبو حنيفة الحديث المروي عن أن يهوديًا رض رأس جارية بين حجرين، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم برض رأسه بين حجرين، وقال إنه هذيان، كما رد حديث رفع البدن عند الركوع وهناك أحاديث أخرى ردها أبو حنيفة وأوردها الشيخ أبو زهرة في كتابه "الإمام أبي حنيفة" ص 324، وكان مالك يضعف حديث غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعًا، ويقول: "يؤكل صيده فكيف يكره لعابه"، وأهمل حديث "من مات وعليه صوم صام عنه وليه" لمنافاته الأصل القرآني "لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".
وبعد كل ما تقدم يتضح لنا جليا أن التوافق  بين الأوقاف والدعوة السلفية ما هو إلا لتقديم الدعوة السلفية وحزبها النور السلفي،  من أجل الانتخابات البرلمانية القادمة وينم على نية مبيتة باستبدال الإخوان في الصعيد السياسي بالسلفيين بغض النظر عن ما يمثله هذا في المستقبل القريب.

شارك