الشباب الأوروبي تحت قبضة "داعش".. الأسباب والتداعيات

الإثنين 16/مارس/2015 - 01:51 م
طباعة الشباب الأوروبي تحت
 
فيما يبدو أن الفكر الداعشي، أصبح لم يقتصر فقط على الشباب العربي والإفريقي، بل طال وبصورة كبيرة الشباب الأوروبي، فمن بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى إسبانيا، أصبح التنظيم مؤثرا بصورة كبيرة على فكر العديد من الشباب الذين يرون أن بلادهم تتجاهل فكرهم ومطالبهم.

الدول الأوروبية في خطر

الدول الأوروبية في
منذ أن ظهر التنظيم الإرهابي في بلاد العراق والشام، بدأ بالفعل في استقطاب العديد من الشباب الأوروبي بالتحديد، الذي يرى أن اعتناق هذا الفكر هو الطريق الصحيح التي يجب أن يسلكوها.
مع توالي انضمام الشباب الأوروبي يوما بعد الآخر إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، باتت الدول الأوروبية مهددة بمخاطر عديدة قد تعرقل مسيرة استقرارها وأمنها.
كانت آخر البلاد المهددة بانضمام شبابها إلى الفكر الداعشي، هي إسبانيا، وأفادت مصادر قضائية اليوم الأحد 16 مارس، أنه تم حبس 7 من أصل الجهاديين الـ8 الذين اعتقلوا في إسبانيا السبت، للاشتباه بتشكيلهم خلية تروج لتنظيم "داعش".
ووضع الـ7 في الحبس قيد التحقيق للاشتباه بانتمائهم إلى منظمة إرهابية وتمجيد الإرهاب، بناء على قرار من القاضي خافيير غوميز برموديز الذي استمع إلى أقوالهم.
وأضافت المصادر نفسها أن الـ8 هم 6 رجال وامرأتان وقد أخلي سبيل شخص واحد منهم؛ لعدم كفاية الأدلة.
واعتبر القاضي أن المجموعة شكلت خلية تابعة لتنظيم "داعش" تقوم بالدعاية والترويج للتنظيم لدى الشبان.
وكان المتهم الرئيسي بين أعضاء المجموعة يوزع أشرطة فيديو "تدعم الإرهاب الجهادي" بحسب المصادر نفسها، التي أوضحت أن الرجل ظهر في شريط آخر إلى جانب ابن له يبلغ من العمر سنتين، يعلن أنه يريد أن يكون "جهاديًّا" عندما يصبح شابًّا.
من جهتها، قالت وزارة الداخلية الإسبانية: إن المتهمين كانوا "يشجعون على القيام بأعمال إرهابية في إسبانيا تكون مشابهة لتلك التي ترتكب في دول أخرى".
وأضافت الوزارة: "كانوا يختارون المرشحين لإرسالهم إلى سوريا والعراق عبر اتصالاتهم مع تنظيم داعش".
من جهتها لم تكشف جنسية الأشخاص الـ8 الذين كانوا يتوجهون إلى المهاجرين أو إلى الإسبان من أصل مغربي لإقناعهم طبقا لفكر متشدد بالانتقال إلى سوريا والعراق للقتال إلى جانب "داعش"، وتوصل بعدها هذه المجموعة المرشحين للجهاد إلى سوريا أو العراق.

الأسباب والتداعيات

الأسباب والتداعيات
وتقول مها يحيي، باحثة أولى في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إنه من الصعب أن تفهم إعجاب الشباب العربي والمسلم بتنظيم الدولة بشكل عام، فكثير من الناس يفترض أنه لأسباب دينية أو بسبب شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن هذه ليست بالأسباب الكاملة لإعجاب وانضمام مئات الشباب تاركين حياتهم للانضمام لقوات التنظيم في سوريا والعراق.
وقالت يحيى، في مقالها بصحيفة "ناشيونال انترست" الأمريكية: إن هناك خمسة نزعات ليس أي منها دينيا أو تكنولوجيا تفسر الانجذاب الخطير لداعش، وفهم هذه النزعات محوري لكسب الحرب ضد التنظيم، أولها أنظمة التعليم العربية الفاشلة، وثانيًا نقص الفرص الاقتصادية وضعف نظم الرفاهة، فضلا عن نظم الحكم الفاشلة التي أدت لتفاقم مشاعر الظلم، وكذلك رد الحكومات العنيف على الصحوة العربية الأخيرة، والسبب الأخير التي طرحته، باحثة مركز كارنيجي للشرق الأوسط، هو انعدام الثقة في الغرب.
من جانبها رصدت إرين ماريا سالتمان، الباحثة المتخصصة في مؤسسة كويليام، فكرة التعميم فيما يتعلق ببحث الأسباب خلف التطرف لدى الشباب وتقول في دراسة بشأن ميولات المشاركة في الجهاد: "الشباب المسلم من الجيل الثاني والثالث للمهاجرين هم المستهدفون في الغالب، لكن هناك أيضا حالات يكون أبطالها من الأشخاص الذين تحولوا للإسلام".
وتوضح الباحثة أن الأشخاص الذين يتم تجنيدهم لهذه التنظيمات الإرهابية، لديهم عادة شعور الإحساس بالتميز في عالم يبدو لهم فيه تحقيق الثروة من المستحيلات، ومثل هذا الشعور بفقدان الأمل هو ما تستغله الجماعات المتطرفة لتحقيق أهدافها من خلال إقناع هؤلاء الشباب بالانضمام لجماعات قوية، ترتبط صورتها بمغامرة القيام بتغيير العالم.
كثيرا ما تتم عملية تجنيد الشباب لهذه الجماعات في الجامعات أو السجون، وتعتمد بشكل كبير على فكرة الانتشار ونقلها بين الأشخاص عبر الإنترنت.
فيما يرى أنتوني جليس، مسئول الدراسات الأمنية والمعلوماتية بجامعة باكينجهام، أن المشكلة تكمن في منطلقات الجذور الثقافية، إذ أن السياسة الغربية التعددية تمنح القيادات الدينية المتوجهة سياسيا، الغطاء الضروري للتواصل مع الشباب، ويستدرك قائلا: ''إنهم يستغلون اعترافنا المطلق بحرية الرأي والتعبير من أجل تجنيد الأشخاص''.

أزمات الشباب المنضم

أزمات الشباب المنضم
الدكتور إبراهيم عوض، أستاذ السياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، قال: إن انضمام الشباب والفتيات في البلدان الأوروبية لـ داعش، سببه هو أن القارة الأوروبية تمر بأزمة اقتصادية ممتدة لا ريب فيها، ولكن حدة هذه الأزمة تتراوح بين البلدان، وليس هناك ما يدلّ على أن عدد المنضمين إلى "داعش"، أو نسبتهم، أعلى في حالة البلدان الأكثر تأثرا بالأزمة الاقتصادية أو حيث ترتفع نسبة البطالة ارتفاعا ملموسا.
ويوضح عوض، أن الأزمة الاقتصادية من أسباب صعود قوى اليمين الأوروبي المتطرف بخطابه المتمحور حول كراهية الأجانب، ومعاداة الهجرة والمهاجرين، وإشاعة الخوف من الإسلام، وهي كلها مما يؤدي إلى تطرف مضاد للمقصودين بهذا الخطاب، إلى حدّ خروجهم من المجتمع الذي يعيشون فيه. 

فشل الدول دافع أساسي

فشل الدول دافع أساسي
كانت صحيفة "المونتيور" الأمريكية، أجرت استطلاعا بين الشباب في الدول الأوروبية، حول نسب تأييد داعش، وتوصلت إلى أنهم لا يؤيدون التنظيم فعليًا، ولكنها في المحصلة النهائية كشفت أن السبب هو "الغضب" و"النقمة" و"الحنق" على فشل الدول، في تحقيق ما يصبو إليه الشباب.
ورأى محللون أن أغلب الشباب ذا الخلفية الإسلامية المؤيدين والمنبهرين بنموذج داعش، وخصوصًا المعتقلين منهم الآن، مجرد "ألتراس لداعش"، أي مشجعين فقط، وسيكتفون بالتأييد للفكرة من دون تطبيقها.
على الرغم من مساعي الدول الأوربية لإنقاذ شبابها من يدي "داعش"، فإن الأعداد في زيادة مستمرة، وكانت الهند أيضا تعرضت لانضمام أحد شبابها للتنظيم الإرهابي، وكان يقاتل في العراق بين صفوف داعش، وتم نقله إلى الهند في إطار عملية سرية نفذتها الاستخبارات الهندية.
 وقد أعلنت جماعة أنوار التوحيد الإرهابية، مقرها باكستان، استشهاد أريب عبر موقعها الإلكتروني، كان أريب 23 عاما طالب هندسة، واحدا من بين 4 أشخاص من مومباي توجهوا للعراق للانضمام لــ داعش ومنذ أيام قلائل، اتصل بأسرته من تركيا، طالبا معاونتهم له في العودة للهند.

محاولات الاستقطاب

محاولات الاستقطاب
من جانبها حذر مكتب التحقيقات الاتحادي ووزارة الأمن الداخلي في الولايات المتحدة، من سعي شبان وشابات أمريكيين للانضمام لتنظيم "داعش"، وأشار مسئول أمريكي إلى تعقب "حالات كثيرة" مشابهة لحالة فتى في ضاحية لواشنطن، يشتبه في مساعدته لرجل في السفر إلى الشرق الأوسط للانضمام للتنظيم المتشدد.
كانت بوابة الحركات الإسلامية تناولت في أحد موضوعاتها انضمام الشباب الأوروبي لداعش، بعنوان مع استمرار هجرتهن إلى "سوريا".. فتيات بريطانيا تحت قبضة "داعش"، استطاع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" سوريا، أن يغري بعض الفتيات البريطانيات للانضمام له، وذلك عن طريق وعود وإغراءات جمة لهن.
لفت مراقبون إلى أن التنظيم المتطرف يحاول اصطياد الفتيات عبر الإنترنت موهماً إياهن بأحلام وردية وحياة خيالية أشبه بـ"ديزني لاند" في سوريا، حيث يحظين بالعريس والبيت الآمن، وأن أنصار داعش يصورون سوريا للفتيات الصغيرات والمراهقات على أنها أشبه بأرض الخيال.
وفي موضوع آخر تحت عنوان بعد انضمام 20 جنديًّا للتنظيم الإرهابي.. شباب ألمانيا تحت قبضة "داعش"، كان أكثر من 450 شاباً ممن يطلق عليهم في ألمانيا الجهاديون كانوا قد سافروا إلى المناطق التي تدور فيها الحرب الآن، إلى سوريا والعراق، ويزداد الأمر خطورة مع ازدياد أعداد الشباب التي يراودهم الفكر المتطرف "الراديكالي".
ونظرا لصعوبة رصد كل العناصر المساهمة في انضمام بعض الشباب لجماعات متطرفة، يدعو الخبراء إلى التركيز بالخصوص على الطرق المنتهجة في تجنيد هؤلاء، حيث يمكن من خلالها عرقلة تطورات مسارها.
يرى مراقبون أن الحل يكمن في سحب جوازات السفر من الشباب المشتبه فيهم بصفة عامة في الدول الأوروبية.

شارك