داعش يحطم آثارا مسيحية وانتفاضة دولية تطالب الأمم المتحدة بالحفاظ على مسيحيي الشرق الأوسط

الأربعاء 18/مارس/2015 - 09:56 ص
طباعة داعش يحطم آثارا مسيحية
 
 يتفاعل عدد من دول العالم مع المبادرة المشتركة التي تقدمت بها روسيا ولبنان والفاتيكان في شكل وثيقة تم طرحها على المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تتضمن إعلان مشترك للمطالبة بالحفاظ على الوجود التاريخي للجماعات المسيحية في منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي نشر فيه تنظيم "داعش" صورا لتدمير تماثيل وآثار وأيقونات دير ماركريوس بالموصل العراق ومن بينها تمثال ضخم وأثري لمارجرجس، وهي الجريمة البشعة التي تضاف إلى جرائم التنظيم في تحطيم المتحف الآشوري وحربه المستمرة على الآثار والتراث.
حيث أكد رئيس الأساقفة سيلفانو تومازي ممثل الفاتيكان الدائم لدى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، بأن الوثيقة تندد بالانتهاكات التي يتعرض لها أشخاص ينتمون إلى ديانات وأعراق وثقافات مختلفة، مشدداً على أن وجود العديد من الجماعات الدينية بات مهدداً بشكل خطير، من بينها الجماعات المسيحية التي تعاني من هذه الانتهاكات بنوع خاص وبات بقاؤها موضع تساؤلات. وأشار رئيس الأساقفة تومازي، خلال حديثه لإذاعة الفاتيكان، إلى أعمال العنف الهمجية التي يتعرض لها المسيحيون وغير المسيحيين، معتبراً أن تلك الجماعات المسيحية تُركت من قبل القوى السياسية وهي تذهب ضحية قطع الرءوس وشتى أنواع الجرائم التي لا تستثني الأطفال، فيما يتم الاتجار بالنساء والصغار كعبيد. ولفت إلى وجود ملايين الأشخاص المرغمين على مغادرة أوطانهم وأراضي أجدادهم لتسيطر عليها مجموعات إرهابية تقدم على انتهاك حقوق الإنسان وتمارس القمع وشتى أنواع الانتهاكات. كما تم تدمير عشرات الكنائس المسيحية ودور العبادة التابعة لديانات أخرى من بينها مبان أثرية. وعاد المسئول الفاتيكاني ليشدد على حق المسيحيين في البقاء في أرضهم شأنهم شأن باقي الجماعات الدينية، كالشيعة والسنة والإيزيديين والعلويين، وقال: إن هذا الحق هو حقهم كمواطنين يتمتعون بالحقوق والواجبات نفسها. وختم تومازي حديثه مؤكداً أن الوثيقة التي رفعها إلى مجلس حقوق الإنسان تتمنى أن تتوحد الحكومات وتتكاتف جهود جميع القادة الدينيين والمدنيين في الشرق الأوسط؛ من أجل مواجهة هذا الوضع المثير للقلق، وكيما نتمكن من أن نبني معاً ثقافة العيش السلمي، دون عنف أو إقصاء لأحد.

حلم العراق المستقر

حلم العراق المستقر
 وفي سياق العمل على المحافظة على العيش المشترك والتصدي لتنظيم داعش نظمت لجنة الأوقاف والشئون الدينية في البرلمان العراقي مؤتمرا بعنوان: منهجية الاعتدال والتسامح طريقنا لعراق مستقر وآمن. في مقر مجلس النواب، حضره رئيس مجلس النواب العراقي د. سليم الجبوري، والعديد من البرلمانيين ورجال الدين مسيحيين ومسلمين وأكاديميين.
وشارك فيه البطريرك روفائيل الأول ساكو بطريرك بابل للكلدان وألقى كلمة جاء فيها: 
 في العراق توجد جماعات تشكل فسيفساء ثقافات وحضارات ولغات وديانات متعددة الوجوه والألوان، وكلها تحمل تراثا إنسانيا ووطنيا ودينيا مشتركا، له صدى في عمق حياتنا اليوميّة. هذا التراث الثقافي والروحي الثري علينا مسلمين ومسيحيين أن نحمله كشهادة ورسالة لتحقيق السلام والوحدة، وكقاعدة للتسامح والتعايش والتواصل والتكامل وتحقيق الحياة الكريمة للجميع. 
الدين إيمان وعلاقة، معاملة ورسالة أخُوّة ومحبة وتلاقٍ بين جميع بني البشر. لا يمكن فرضُه بالإكراه والعنف، إنما بالوعظ والتعليم الهادي واهتداء حرّ للعقول والقلوب. من المؤسف القول أن الذاكرة التاريخية للأديان لم تكن دومًا على هذا المستوى، فاليوم لا نزال نتوجس من مفهوم الحوار والتعايش والتواصل. ووجود تيارات دينية متشددة ولجوؤها إلى العنف عمقت هذا الهاجس. علينا الاقتناع بأن الله خلقنا مختلفين. هذا تصميمه ومستقبلنا. وبالمحبة نجعل الأشياء المُرّة حلوة.
 أما العيش المشترك فيقوم على مفهوم الإنسان والمجتمع والعلاقة بين المواطنين في مجال الحقوق والقانون والواجبات والمساواة في كل شيء والتعاون في جميع ميادين الحياة بتناغم وانسجام.
 التحديات كبيرة، والموقف الدولي ليس جادا في القضاء على الإرهاب وأشكاله. عليه نقترح خطة عملية للخروج من هذه الحلقة المفرغة. 
1- قيام المرجعيات الدينية العليا بتقديم مشروع مدروس من كل الجوانب يحقق مصالحة حقيقية بين القوى السياسية العراقية بميثاق شجاع وواضح، يغلب مصلحة الوطن والمواطنين على كل شيء، ويزيل الحواجز، انطلاقا من قاعدة أن كل مسئول في الدولة مسئول عن الكل، وعليه أن يدافع عن الكل.
2- تبني خطاب ديني نهضوي في الجوامع والكنائس والمعابد وبرامج التعليم الديني في المدارس، يرسخ مفاهيم التعايش السلمي بين المواطنين ويبتعد عن الفرقة والكراهية وروح الانتقام. 
3- إصدار قانون بتجريم ومحاسبة الخطابات الدينية التي تؤجج وتزرع الفتنة وتهدد العيش المشترك.
4- تحصين المواطنين على أرض الواقع، من عواقب التطرف والعنف والإرهاب من خلال تقديم فكر وسطي- معتدل، ملتزم بتعميق ثقافة المواطنة، أي انتماء العراقيين إلى وطنهم وليس إلى طوائفهم أو عشائرهم. قد يكون مفيدا التفكير بمشروع دولة مدنية تحترم الأديان، فأوروبا لم تتقدم إلا عندما فصلت الكنيسة عن الدولة.
 في الأجواء الحالية هذه، يجب ألا نعيش على حدود وهميّة، بل علينا استدراك أمرنا وفهم التنوع الديني والاثني والجنسي والثقافي كثراء، نواجه به مستقبلنا ونبنيه، في إطار دينامية خلاقة تعزز العيش المشترك..".

شارك