قاسم سليماني .. نهاية الأكذوبة الإيرانية
الثلاثاء 03/يناير/2023 - 10:46 ص
طباعة
علي رجب
وضعت دارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نهاية لأخطر إيراني في المنطقة، والمصنفة إرهابيا على قوائم الارهاب الأمريكية، بضربة جوية في مطار بغداد الدولي، الجمعة 3 يناير 2020.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، يوم الجمعة، أن الرئيس دونالد ترامب، هو من أصدر تعليمات تنفيذ عملية قتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، من خلال غارة جوية بالعراق.
وقالت الوزارة في بيان: إن ”الجيش الأمريكي، وبتعليمات من الرئيس دونالد ترامب، قتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني المدرج من قبل واشنطن على قوائم الإرهاب، ليخطو الجيش بذلك خطوة لحماية موظفي الولايات المتحدة بالعراق“.
وأوضح البيان، أن ”سليماني وفيلق القدس، مسؤولان عن مقتل مئات الجنود الأمريكيين، كما كان سليماني يخطط بشكل فعال لتنفيذ هجمات ضد الدبلوماسيين والجنود الأمريكيين في العراق ودول المنطقة“.
وأطلقت وزارة الدفاع الأمريكية اسم “البرق الأزرق” على عملية استهداف قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني وقائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
وتعود سبب إطلاق وزارة الدفاع الأمريكية اسم “البرق الأزرق” على عملية استهداف سليماني إلى الدقة والسرعة التي تميزت بها العملية.
قاسم سليماني.. حياته
ولد قاسم سليماني في الـ11 من مارس 1957 في قرية رابور، التابعة لمحافظة كرمان، جنوب شرقي إيران، من أسرة فقيرة فلاحة وكان يعمل كعامل بناء، ولم يكمل تعليمه سوى لمرحلة الشهادة الثانوية فقط، ثم عمل في دائرة مياه بلدية كرمان، حتى انتصار الثورة عام 1979 حيث انضم إلى الحرس الثوري الذي تأسس لمنع الجيش من القيام بانقلاب ضد الخميني.
وبدأ قاسم سليماني حياته العسكرية بالمشاركة في قمع انتفاضة الأكراد على جبهة مهاباد، عام 1979، ثم انضم إلى الحرس الثوري في العام التالي عندما تطوع للمشاركة في الحرب الإيرانية - العراقية (1980-1988 ) حيث أصبح قائدا لفيلق "41 ثأر الله" بالحرس الثوري وهو في العشرينيات من عمره، ثم رقي ليصبح واحدا من قادة الفيالق على الجبهات.
قائد فيلق القدس
وتولّى سليماني قيادة "فيلق القدس" عام 1998، حيث اشترك بعد عام مع قوات الحرس الثوري وجماعات الضغط المتطرفة المقربة من المرشد خامنئي والأنصار المتشددين لنظام إيران الديكتاتوري في قمع انتفاضة الطلاب في يوليو 1999.
وأصبح نفوذ سليماني داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية جليا في 2019 عندما منحه خامنئي ميدالية وسام ذو الفقار، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذه الميدالية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.
صناعات الميليشيات
ووفقا لتحقيق نشرته صحيفة "نيويوركر" الأمريكية، أجراه الصحافي ديكستر فيلكين، فإن سليماني سعى منذ تسلمه قيادة فيلق القدس خلال "إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط ليكون لصالح إيران، وعمل كصانع قرار سياسي وقوة عسكرية: يغتال الخصوم، ويسلّح الحلفاء".
يرجع لقاسم سليماني الفضل في تأسيس الميليشيات المسلحة في عدة دول عربية وأجنبية، ابرزها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وباكستان وأفغانستان ونيجيريا.
وعرف عنه توليه المهام الصعبة في حالة التوتر بين الثورة الإيرانية وأي دولة، وهو ما تم بالفعل من خلال تكليفه من قبل علي خامنئي بتدريب المقاتلين العرب في البوسنة؛ بهدف إرسالهم عبر الحدود الإيرانية الأفغانية في عامي 1996 و1997 بعد تصاعد التوتر بين إيران وحركة طالبان خلال حكمها لأفغانستان، وهو ما دفعه إلى القول بأن "الجنوب اللبناني والعراق يخضعان لإرادة طهران، والأردن مرشح لثورة إسلامية".
التي كتبها عنه لمجلة تايم في عددها المخصص لأكثر مئة شخصية نافذة في العالم عام 2017، "بالنسبة لشيعة الشرق الأوسط، إنّه خليط من جيمس بوند وارفين رومل ولايدي غاغا".
وأضاف "بالنسبة إلى الغرب، إنّه (...) المسؤول عن تصدير الثورة الإسلامية، دعم الإرهابيين (...) وقيادة حروب إيران في الخارج".
دور سليماني في سوريا والعراق
منذ بداية الأزمة السورية عام ٢٠١١، بدأ سليماني يسافر بشكل دوري إلى دمشق، وقد كان "يدير المعركة بنفسه" بحسب تقارير استخباراتية أمريكية.
وبحسب مسؤولين أمريكيين، فقد كان سليماني يدير معركة بقاء الأسد من دمشق، محاطاً بقادة متعددي الجنسيات الذين يديرون الحرب، بينهم قادة ميليشيا حزب الله اللبناني، وممثلون عن الميليشيات الشيعية العراقية والافغانية والباكستانية، يتبعهم آلاف المقاتلين الشيعة، الذين استطاعوا بالسيطرة على معظم المدن والمحافظات السورية التي كانت بيد المعارضة لسنوات.
ومن أهم ما ارتكبه سليماني ضد الثورة السورية هو استخدام نفوذه على العراق للسماح باستخدام الأجواء العراقية في نقل ما تحتاجه ايران من جنود وعتاد إلى سوريا عبر العراق طول 9 سنوات من الحرب.
فبالنسبة لسليماني، كان سقوط الأسد يعني القضاء على مشروع التوسع الذي قاده سليماني لخمسة عشر سنة في قيادة فيلق القدس.
وفي كلمة له أمام مجلس الخبراء الإيراني عام ٢٠١٣، قال سليماني: "سوريا هي خط الدفاع الأول للمقاومة، وهذه حقيقة لا تقبل الشك".
وفي مقابلة متلفزة بثّت في اكتوبر الماضي، روى أنّه أمضى فترة من النزاع اللبناني-الإسرائيلي في 2006 في لبنان إلى جانب قادة حزب الله.
ولقاسم سليماني جرائم كبيرة في المنطقة لايتسع المقام إلى ذكرها بدءا من العراق عقب سقوط نظام صدام حسين حيث ساهم بشكل كبير بتصفية كوادر السنة عبر تشكيل فيلق بدر وجيش المهدي التابع لمقتدى الصدر، ومروار بسوريا إلى لبنان ودعم ميلشيا حزب الله التي تغولت على الدولة هناك وانتهاء باليمن ودعم جماعة الحوثي ضد حكومتها الشرعية.
ووصفه مسؤول عراقي رفيع بأنّه رجل هادئ وقليل الكلام، وقال لمجلة نيويوركر "يجلس وحيدا في الطرف الآخر من الغرفة، بطريقة هادئة جداً. لا يتكلم، لا يعلّق (...) يستمع فقط".
وآخر الأدوار التي لعبها سليماني قبل مقتله هو مواجهة الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام العراقي، إذ زار سليماني بغداد عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة، في محاولة منه لقمع التظاهرات وإخمادها، وحماية أذرع طهران في البلاد.
غطرسة سليماني:
وقد كشف تقرير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في 22 فبراير 2017، عن ارتفاع النزعة الفارسية لدى قائد فيلق القدس الجنرال الإيراني قاسم سليماني في التعامل مع المليشيات الشيعية التي تقاتل إلى جانب قوات بشار الأسد في سوريا.
واوضح معهد واشنطن حقائق جديدة عن العلاقة بين إيران وميليشيا الشيعية وفي مقدمتها مليشيا حزب الله اللبناني وكيفية استغلال قائد ميليشيا الحرس الثوري قاسم سليماني لعناصر الحزب وزجهم بالصفوف الأمامية للمعارك وقطع الرواتب عنهم وازدرائه للشيعة العرب.
وذكر التقرير:" اشتكى العديد ممن أجريت مقابلات معهم من "القسوة" و"الغطرسة" التي يعامل بها الإيرانيون المقاتلين العرب. فقد علّق أحد المقاتلين على هذا الموضوع قائلًا: "أشعر أحيانًا أنني أقاتل إلى جانب غرباء لن يكترثوا إذا متّ... علينا أن نسأل أنفسنا لم تعذّر علينا تحقيق أي هدف في سوريا، على الرغم من أننا نمتلك أسلحة متطورة في حين تمكن من سبقنا من مقاتلي «حزب الله» من تحقيق الكثير باستعمالهم كمية أكبر من الأسلحة التقليدية. نحن نقاتل في المكان الخاطئ".
وأضاف التقرير "كما تعتبر العلاقات بين عناصر حزب الله وقادتهم في الحرس الثوري الإيراني معقدة أيضاً تشير بعض التقارير إلى أنه قد يفقد مكانته لدى طهران، بسبب الغطرسة الفارسية في التعامل مع الشيعة العرب.
ويبدو أنه لا يوجد لدى سليماني قدر كبير من التسامح تجاه مثل هذه الانتقادات. فقد جاء على لسان قيادي أنه: "عندما ازدادت الشكاوى وأوقفت قيادة "حزب الله" تنفيذ مطالب سليماني الرامية إلى إرسال المزيد من المقاتلين إلى حلب، قطع سليماني الرواتب لمدة ثلاثة أشهر، إلى أن لبّى "حزب الله" طلبه."
وبينما عبّر معظم من أَجريتُ معهم هذه المقابلة بأنهم يكرهونه، بالإضافة إلى إزدرائه الواضح من العرب، إلا أنهم يحترمونه ويخشون منه، على أساس أن علاقتهم به أصبحت أشبه بعلاقة موظف برب عمله أكثر مما هي شراكة بين فريقين. ونتيجة لذلك، أصبح العديد من المقاتلين المخضرمين يعتقدون أن مفهوم "وحدة الهوية الشيعية" هو خيال، وأنهم سيعودون إلى بلادهم كعرب لبنانيين خائبي الأمل أكثر من كونهم مقاتلين منتصرين يمثلون عموم الشيعة.
نهاية الأكذوبة
الجنرال قاسم سليماني لم يكف عن إثارة الجدل حول نفسه ودول الجوار، وآخر ما كشف عنه من أطماع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التوسعية في المنطقة، ما أعلنه عن المملكة الأردنية حيث قال: "إنه تتوافر في الأردن إمكانية اندلاع ثورة إسلامية تستطيع إيران أن تتحكم فيها وتوجهها ضد العدو. وإن بلاده قادرة على تنظيم أي حركة تؤدي إلى تشكيل حكومات إسلامية في لبنان والعراق، وإن هذه المناطق تخضع بشكل أو بآخر لإرادة الجمهورية الإسلامية وأفكارها".
وكانت كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" The New York Times الأميركية، عن تقارير استخباراتية إيرانية مسربة عن مخطط إيران للنفوذ الإقليمي، معتمدة على الوثائق التي كتبها ضباط وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية في عامي 2014 و2015، لافتة إلى أن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني هو من يحدد سياسات إيران في لبنان وسوريا والعراق.
والجمعة 3 يناير 2020، وضعت واشنطن الكلمة الأخيرة في حكاية" قاسم سليماني" أبرز جنرالات ايران في جمهورية الخميني بعد سنوات من الغموض والارهاب.