العشائر العراقية بين مبايعة "داعش" والثأر لأبنائها

الأربعاء 01/أبريل/2015 - 02:30 م
طباعة العشائر العراقية
 
تشكل العشائر في العراق رقم مهم في الحرب الدائرة حاليا بين تنظيم الدولة في العراق والشام "داعش " والحكومة العراقية وقوات الحشد الشعبي، التي شكلت في السابق وقبل استيلاء داعش على الموصل، السبب الرئيسي في الوضع الحالي، نتيجة لسياسات فاشلة انتهجتها حكومة المالكي تسببت في تأزم العلاقات بين الشيعة والسنة وانتفاضة ممثلي السنة،  بل وانضمامهم للقتال مع داعش، واعتبارهم أن ما حصل في يونيو عام 2014م هو ثورة سنية ضد سياسية المالكي “الطائفية”  لوقف التمييز ضدهم و تهميشهم، والسماح بمشاركتهم بصفة فعالة في الحياة السياسية إلى جانب التوقف عن اعتبارهم إرهابيين من قبل حكومة المالكي والشيعة بشكل عام، وعلى الرغم من أن هناك العديد من العشائر التي رفضت وجود داعش ومنها عشائر شمر وطي  وعبيد والدليم  والبخاري والأعرجية،  وأعلن جمال الدهلكي عضو مجلس عشائر الموصل أن شيوخ عشائر الموصل اجتمعوا بمدينة أربيل وواقعوا على اتفاق ينص على هدر دم كل من ينتمي لتنظيم داعش الإرهابي وإجراء مباحثات مع عشائر أخرى ما تزال مخدوعة بالتنظيم الإرهابي، وذلك لإعادتها وضمها إلى الصف الوطني.
العشائر العراقية
وهو ما أكد عليه خالد العبيدي  وزير الدفاع العراقي بقوله "جميع عشائر وأهالي المحافظة سيقاتلون مع الجيش والشرطة ضد الإرهاب.
ولكن داعش حاولت استباق أي حشد عشائري ضدها من خلال  بث فيديو للمكتب الإعلامي فيما يعرف بـ"ولاية نينوى" التابعة لتنظيم الدولة مشاهد من بيعة رموز 30 عشيرة عراقية لأبي بكر البغدادي زعيم التنظيم في إحدى القاعات الضخمة بمدينة الموصل التابعة لمحافظة نينوى شمالي العراق بل ورحب أحد شيوخ عشائر الموصل وهو أيضا من قيادات التنظيم بشيوخ العشائر الحاضرين، قائلا في الفيديو "مرحبا بتاج الرؤوس، ومرحبا بعلية القوم ومرحبا بآبائنا وأعمامنا وأخوالنا، مرحبا بسادة القوم ووجهاء القوم وسادتهم"، وتابع: "فأنتم أهل العزة والرفعة والشرف وأهل الأنفة، هكذا تربينا في أحضانكم ودواوينكم".
 ولكنه عاد مهددا بقوله "أن قيادة التنظيم لها الفضل على وجوه العشائر في قبول توبتهم كونهم من المرتدين سابقا، وأول يوم بالفتح فتحنا باب التوبات وقبلنا الناس كما قال أميرنا مع أننا قدرنا عليهم والله عز وجل يعذرنا، يعني من قبل القدرة كان الباب مفتوحا ولكن بعد القدرة أصبحت منة من أمير المؤمنين وأن باب التوبة مفتوح ولو قتل منا ألف ألف، فتوبة المرتد الواحد أحب علينا من قتل المرتدين جميعا".
العشائر العراقية
 وأكد عمر مهدي زيدان أشهر منظري تنظيم الدولة في الأردن قبل سفره إلى العراق والتحاقه بصفوف التنظيم في أكتوبر 2014م   إن "الدين الإسلامي سيبقى منتصرا سواء بقيت الدولة الإسلامية أم ذهبت، لكن إن أردنا النجاح في الدنيا والنجاح في الآخرة فلنمتثل لقول الله عز وجل (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن)".
وكشف الشيخ عبدالسلام الجبوري؛ أحد وجهاء عشائر الجبور أن سبب بيعتهم لتنظيم الدولة هي قوته وقدرته على أخذ واسترداد حقوق أهل السنة، قائلا: "من من السياسيين قدر يشيل صخرة وحدة تعيق طريقنا؟ كم من النساء انتهكت أعراضها؟ الرجولة والنخوة يجب أن تكون في وقتها".
الشيخ راشد الحمداني من العشيرة المعروفة في الموصل هاجم التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة قائلا بإنه أوهم العراقيين بنيته تحريرهم من الظلم، إلا أنه في الحقيقة يريد تحريرهم من كلمة "لا إله إلا الله"، وفق قوله.
وفي نهاية الاجتماع وقف جميع شيوخ العشائر لتلاوة نص البيعة العلنية لزعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي، مرددين: "نبايع أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي خليفة المسلمين على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر وعلى أثرة في أنفسنا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا من الله فيه برهان، والله على ما نقول شهيد، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر".
العشائر العراقية
وتعد بيعة عشائر الموصل العلنية لتنظيم الدولة هي الأكبر منذ تأسيس التنظيم في العام 2006، حيث تفوقت على غيرها من فيديوهات البيعات السابقة في عدة "ولايات" مثل حلب والرقة والأنبار وغيرها من حيث عدد الحضور والتغطية الإعلامية.
 وسبق هذه البيعة تشكل لجاناً في المحافظات السنية التي استولت عليها داعش  لمفاتحة شيوخ العشائر ورجال الدين والفصائل المسلحة في الأنبار والموصل وديالى وصلاح الدين وأطراف بغداد لمبايعة  أبو بكر البغدادي وأن أعضاء هذه اللجان تم اختيارهم بعناية، وهم من بليغي الكلام ومن أبناء العشائر العراقية وليسوا أجانب، كما أنهم يقدمون عروضاً مقابل القبول بالبيعة أبرزها أن يكون لشيوخ العشائر دوراً في قيادة قبائلهم بعيداً من تدخل الدولة الإسلامية باستثناء القضايا الكبيرة وتقوم داعش باستغلال واجهة حزب البعث وأعضائه السابقين للدخول إلى المناطق السنية لما لهم من شعبية فيها، ولكن في النهائية تكون الكلمة الفصل لداعش.
العشائر العراقية
هذه المبايعة التي تستعرض بها  داعش بعد خسارتها لمحافظة صلاح الدين وعاصمتها "تكريت " لن تخفى المجازر التي قام بها التنظيم في حق أبناء العشائر في العراق ومنها عشيرة البونمر، وهو من أكثر العشائر التي ارتكب التنظيم الداعشي ضدها العديد من المجازر، حيث قام التنظيم بقتل أكثر من 500 من أبنائها خلال الأيام الأخيرة، ولا يزال هناك مئات الشباب مصيرهم مجهول، بينما تستمر عمليات الخطف والتصفيات وتزداد يوما عن يوم، بالإضافة إلى 322 قتيلًا قبل ذلك و أكثر من 50 جثة تم القاؤها في بئر للماء في هيت بينها جثث تعود لنساء وأطفال، كما قامت داعش  بخطف أكثر من 65 شخصًا من عشيرة البونمر واعتبرهم أسرى حرب، فضلا عن نهب وسلب قطعان الماشية والأغنام العائدة إلى أفراد العشيرة،  وقام والي داعش في الأنبار عدنان السويداني الملقب بـ "أبو مهند" بالاشتراك مع مسئوله العسكري في المحافظة سعد محمد العبيدي بإصدار أمر بإعدام أبناء عشيرة البونمر بدعوى أنهم مرتدين ، مما ترتب عليه قتل ما يقارب الـ400 فرد من عشيرة البونمر في عدد من مناطق الأنبار، منهم  48 تم إعدامهم في هيت و250 في مدينة البو عساف القريبة من الرمادي مركز محافظة الأنبار و30  في منطقة الزوية، وهي عبارة منطقة تحتوي آبار نفط أشهرها بئر الزوية. ومن أعدموا هناك تم إلقاء جثثهم في بئر الزوية و 75 شخصا تم إعدامهم في منطقة الثرثار وغالبيتهم من صيادي الأسماك عند بحيرة الثرثار.
العشائر العراقية
 وقام التنظيم بقتل 300 من  عشيرة البوعلوان  ومازالت  المواجهات على أشدّها  بين أبناء العشيرة  ومسلّحو داعش ولم تسلم عشيرة البوفهد،  من مجازر  التنظيم بعد أن شن الجيش هجوما مضادا بمساعدة العشيرة  على التنظيم وبدأ أن عملية القتل الجماعية لهم جاءت انتقاما من معارضة العشيرة لداعش، على غرار عدة عشائر سنية في محافظة الأنبار ومحافظات أخرى، دعمت  القوات الحكومية في عملياتها الرامية إلى هزيمة التنظيم الدموى في المناطق الخاضعة  له .

شارك