لليوم الثامن تواصل طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية، غاراتها الجوية لقصف أهداف جماعة أنصار الله "الحوثيين"، والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.

ولكن المعركة الأهم التي تريد الأطراف المتصارعة إنجازها هي معركة عدن التي تعتبر مفاتيح السيطرة والتحكم لأي تيار يكسب هذه المعركة، فعدن تمثل الأهمية القصوى للحوثيين والرئيس السابق صالح، وتمثل أيضا أهمية لأبناء الحراك الجنوبي والرئيس الحالي عبدربه منصور هادي.

تعد محافظة عدن ذات أهمية استراتيجية في الواقع اليمني العسكري والاقتصادي والشعبي، فهي تقع على ساحل خليج عدن وبحر العرب في جنوب البلاد، وهي العاصمة الاقتصادية لليمن، شهدت عدن أحداثاً تاريخية مهمة، وعرفت بأنها عين اليمن، وتبعد عن العاصمة صنعاء بمسافة تصل إلى حوالي 363 كيلو متراً، ويمثل سكان محافظة عدن ما نسبته 3% من إجمالي سكان اليمن تقريباً.

وتتحكم عدن في مضيق باب المندب والذي يعتبر من أهم الممرات البحرية في العالم؛ نظرا لأنه يتحكم في التجارة الدولية وخاصة حركة النفط.

في بداية الستينيات من القرن العشرين أصبح لمدينة عدن أهمية خاصة فـي الاستراتيجية الدولية. 

حيث أشار الكتاب الأبيض الصادر عن وزارة الدفاع البريطانية وقتذاك إلى نيَّة بريطانيا في أن تبقى قواتها العسكرية في عـدن بصورة دائمة، ويشرح السير شارلس جونستون ذلك في كتابه "ذا فيو فروم 1 سبتمبر بوينت" ( الرواية من مدينة التواهي ) بقوله: " إنَّ ذلك يعود إلى ثلاثة عوامل هي: 

أولاً: يتعلق بالاستراتيجية الدوليـة: فقد أصبح لمدينة عـدن أهمية استراتيجية ليس بالنسبة لبريطانيا فحسب، وإنما للمعسكر الغربي بأسره. 

ثانيـاً: يتعلـق باستراتيجية البترول: فعدن أصبح هو الذي يحمي آبار البترول في الخليج .

ثالثـاً: بالاستراتيجية المحلية: لأنَّ القاعدة ستحمي حلفاء بريطانيا المحليين فـي المنطقة. 

وإقليم عدن وهو أحد أقاليم اليمن الستة التي من المتوقع تفعيلها في الدستور اليمني المنتظر، ليكون منطقة حكم ذاتي فيدرالي في جنوب اليمن. ويضم إقليم عدن أربع "ولايات" يمنية وهي عدن وأبين ولحج والضالع وعاصمته عدن.

يسعى الحوثيون للسيطرة على عدن لأنها آخر معاقل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والسيطرة عليها تضعف موقف هادي الشعبي والرسمي والدولي.

كما تأتي السيطرة على المدينة؛ لأنها تمثل الواجهة والمنفذ الأهم للحصول على الأسلحة عبر البحر لجماعة الحوثيين، خاصة أن المدينة تطل على بحر العرب، والذي يمثل ساحة عمليات مفتوحة للتهرب والقرصنة.

كما يمثل السيطرة على عدن للحوثيين السيطرة بشكل أكبر على الاقتصاد اليمني، فهي العاصمة الاقتصادية لليمن والمنفذ البحري الأهم، وتتحكم في حركة التجارية اليمنية بشكل كبير ومنافذ لتصدير النفط والغاز.

كما يمثل أهمية عدن للحوثيين بأنها تتحكم في مضيق باب المندب المضيق البحري الأهم في العالم.

تمثل عدن أهمية كبرى للرئيس هادي والقوات اليمنية الموالية له، فهي تعتبر نقطة انطلاق وركيزة أساسية في مواجهة الحوثيين في اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص، ويفتح لها السيطرة على باقي محافظات الإقليم وهي أبين ولحج والضالع.

كما تمثل العاصمة السياسية القوية للرئيس هادي والذي يعتبره المجتمع الدولي الرئيس الشرعي للبلاد.

ويمثل انتصار اللجان الشعبية والقوات الموالية للرئيس هادي انتصار معنويا لباقي مدن الجنوب والأحزاب السياسية في مواجهة الحوثيين.

بشكل أو بآخر تمثل معركة عدن أهم معركة للحوثيين مع الرئيس هادي وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية؛ لأنها بسيطرتها على عدن توجه ضربة استراتيجية لقوات التحالف تقضي على أهم معاقل الرئيس هادي والحراك الجنوبي.

كما تمثل لهم انتصارا معنويا قويا يجعلهم قادرين على مواصلة المعركة مع التحالف العربي لأسابيع وأشهر قادمة، أما إذا فقدوا المعركة فإنها ستكون بداية الهزائم المتوالية مع توقعات بحدوث انشقاقات في الجيش ضد الحوثيين.

وعلى الجانب الآخر إذا استطاعت القوات المولية لهادي السيطرة على المدينة فإنها تمثل انتصارا سياسيا وعسكريا مهما على الحوثيين، وتمثل نقطة انطلاق نحو مواجهة الحوثيين في الجنوب بشكل خاص واليمن بشكل عام، وبداية محاصرة الحوثيين في عدد من المدن اليمنية، سواء في الشرق أو الوسط أو الجنوب حتى الوصول إلى العاصمة وصعدة معقل عبد الملك الحوثي.. إذن تمثل عدن مفتاح البقاء أو التراجع لقوات الحوثيين وهو ما تؤكده سعيهم للسيطرة على المحافظة منذ بداية غارات التحالف العربي.