معركة اليمن.. تضع باكستان بين السعودية وإيران

الخميس 09/أبريل/2015 - 12:39 م
طباعة معركة اليمن.. تضع
 
في ظل "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية ضد جماعة أنصار الله "الحوثيين" في اليمن، تسارعت في الفترة الأخيرة وتيرة الجهود الدبلوماسية الإقليمية، التي تهدف لإيجاد حل لأزمة اليمن، في الوقت الذي تشهد فيه باكستان صراعا سعوديا إيرانيا على موقفها في اليمن.

عاصفة الحزم

عاصفة الحزم
مع بدء عاصفة الحزم تقيم باكستان طلب المملكة العربية السعودية الخاص بإرسال قوات برية باكستانية، كما جددت إسلام آباد وقوفها إلى جانب السعودية، وتعهدت بالرد بقوة ضد أي تهديد يمس سيادة وسلامة أراضي المملكة، معلنة عن دعمها لـ "عاصفة الحزم".
ولقي قرار باكستان دعما شعبيا من قبل الجماعات السنية فيها، بينما قوبل برفض من قبل الجماعات الشيعية في البلاد، في ظل استمرار القيادة الباكستانية بالامتناع الآن عن المشاركة بشكل مباشر في العمليات الجارية باليمن، فيما تستمر المداولات في البرلمان الباكستاني؛ من أجل إقرار إمكانية مشاركة القوات المسلحة في "عاصفة الحزم" من عدمه.
ترجع أصول العلاقات بين البلدين إلى بدايات تكوين الدولة السعودية، حيث لعب الباكستانيون دورا في تأسيس سلاح الجو الملكي السعودي وتدريب طياريه. وتوطدت العلاقات بين البلدين رغم تعاقب الحكومات في إسلام آباد. فوقعت اتفاقية للشراكة الاستراتيجية في عهد الجنرال ضياء الحق، ثم جددت في عهد الجنرال برويز مشرف. وقد أسهم الباكستانيون دوما في الدفاع عن الممكلة في أوقات التوتر. فخلال السبعينيات والثمانينيات- تخللتها فترة قيام الجمهورية الإسلامية في إيران- استقبلت المملكة العربية السعودية نحو خمسة عشر ألف جندي باكستاني. كما وظف السعوديون الآلاف من الجنود الباكستانيين إبان حرب الخليج في بداية التسعينيات. وتستعين المملكة بالمئات من العناصر الباكستانية للمساعدة في تدريب وحدات الجيش السعودي.

السعودية وباكستان

السعودية وباكستان
في بداية العام 2014 شهدت العاصمة الباكستانية زيارات متتالية لمسئولين سعوديين كللت بزيارة لولي العهد الأمير سلمان- الملك الحالي- تضمنت تجديدا لاتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين. وقيل إن الرياض طلبت 30 ألف جندي ومدرب باكستاني لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد سيما بعد إعلان الاتفاق المبدئي بين إيران والولايات المتحدة، وتراجع ثقة المسئولين في الرياض في إمكانية الاعتماد على واشنطن كحائط صد ضدها.
أثناء زيارة رئيس الوزراء الباكستاني «نواز شريف» الرياض في بداية مارس كان الأمر طبيعيا، ولم يكن هناك سوى قليل من الدهشة والتساؤل لدى الباكستانيين عن ماهية الزيارة. لقد ذهب رئيس الوزراء الباكستاني للقاء الملك المتوج حديثا، واللحاق بالأصدقاء القدامى في البلاط الملكي. كان هناك لغط بأن السعوديين يريدون مساعدة باكستان لوضع حد للنفوذ الإيراني في المنطقة، ولكن نواز الشريف  بذل مجهودا بالغا ليقدم رفضا رقيقا للرعاة الباكستانيين في الرياض. فمنذ حصوله على 1.5 مليارات دولار أمريكي كـ«منحة صداقة» من المملكة العربية السعودية في بداية ولايته، ويعمل «شريف» بأقصى طاقته لاسترضاء الرياض. ونجح رئيس الوزراء في الحصول على 1.5 مليارات من دون الالتزام علنا بأي مصالح إقليمية سعودية.

باكستان وإيران

باكستان وإيران
في مقابل المطالب السعودية من باكستان سعت طهران عبر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إلى استكشاف الموقف الباكستاني من عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد حلفائها الحوثيين في اليمن، وعرقلة أي دور باكستاني متوقع في دعم المملكة في ظل علاقات قوية بين الرياض وإسلام آباد، تسعى طهران من أجل استخدام نفوذها لوقف الدعم الباكستاني وخاصة الدعم البري.
وطالب وزير الخارجية الإيراني، إلى إيقاف فوري لعملية "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، معتبراً ذلك خطوة أساسية لعقد حوار يمني شامل يفضي إلى حلحلة الأزمة، والتي وصفها بالشأن الداخلي لليمن، بينما شدد مستشار رئيس الوزراء الباكستاني للأمن القومي، سرتاج عزيز، على أن باكستان قلقة إزاء ما يجري في اليمن، وأنها ترغب في إيجاد حل سلمي لتلك المعضلة.
ولفت ظريف في مؤتمر صحافي مشترك مع عزيز، إلى أن إيقاف العملية ضد الحوثيين أولاً، ثم انطلاق عملية سلام تشمل كافة الأطياف اليمنية ثانياً، هو الحل الوحيد للمعضلة، موضحاً أنه ناقش مع القيادة الباكستانية الأوضاع على الحدود الإيرانية الباكستانية ومجمل الأوضاع الأمنية في المنطقة، علاوة على الملف اليمني.
من جهته قال عزيز: إن باكستان قلقة إزاء ما يحدث في اليمن، وإنها تسعى من خلال استخدام كافة القنوات الدبلوماسية لإيجاد حل للأزمة، مشيراً إلى أن بلاده تولي اهتماماً كبيراً بعلاقاتها مع إيران.
ويتوقع أن يجتمع الوزير الإيراني مع رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، وقائد الجيش راحيل شريف، حيث سيناقش معهما ملفات عدة، لا سيما الوضع في اليمن.

"إسلام آباد" بين الرياض وطهران

وضعت حرب اليمن باكستان أمام طريقين لا ثالث لهما؛ إما الموافقة على إرسال قوات برية إلى السعودية، أو الامتناع عن المشاركة في عاصفة الحزم، وهو ما قد يجعل موقف الدعم السعودي الخليجي لباكستان في وضع حرج، أو الموافقة فيؤدي أن يستعدي إيران، ويؤجج الصراع الطائفي في الداخل، ويفتح على الجيش جبهة حرب جديدة في الغرب. 
في ظل خروج جماعات شيعية باكستانية رافضه للدخول في حرب اليمن، يواجه جماعات سنية مؤيدة لعاصفة الحزم 
وبالرغم أن السعودية هي شريك قديم لباكستان فإن إيران الآن تمثل قوة إقليمية مهمة، وباكستان بحاجة للشراكة مع إيران في عدد من القطاعات بمقدمتها الطاقة، إذ إن مشروع خط الغاز الباكستاني الإيراني يُسهم في سد العجز الذي تعاني منه باكستان في هذا القطاع، والذي يتوقع أن يزداد خلال السنوات القادمة.
وسيكون من المجحف القول بأن حكومة نواز شريف، أو الجيش الباكستاني، في موقف يسمح لهما بالتخلي عن السعودية؛ نظرا لحاجة باكستان للحصول على التمويل الأجنبي للحفاظ على الاقتصاد واقفا على قدميه، في ظل مفاوضات بين السعودية وباكستان على إنهاء صفقة مقاتلات «JF-17» الباكستانية الصنع والتي وصلت أيضاً إلى مراحلها الأخيرة. ستفيد هذه الصفقات، التي يتوقع أن تصل قيمتها إلى عدة مليارات من الدولارات، الاقتصاد الباكستاني، والصناعة العسكرية الباكستانية بشكل كبير، ولا سيما أنها قد طرحت ضمن إطار تعاون عسكري باكستاني سعودي أكثر اتساعاً.
أصبح موقف حكومة نواز الشريف والجيش رهن البرلمان الباكستاني، والذي يوجد فيه قوى مؤيدة للسعودية، وقوى أخرى مؤيدة لإيران.

المشهد الباكستاني

المشهد الباكستاني
تسود أجواء الترقب في السعودية وإيران، بانتظار موقف باكستان من "عاصفة الحزم"، والذي يحدد بشكل كبير مدى الاستمرار في عملية عاصفة الحزم.
ليس معروفا إلى أي مدى يمكن أن تنخرط إسلام آباد في معركة اليمن، في ظل الصراع السعودي الإيراني على باكستان والتي تسعى إسلام آباد لتستفيد منه لأقصي درجة دون خسارة أي طرف.

شارك