استمرار معركة الفتاوى بين الأزهر والسلفيين حول الاحتفال بشم النسيم
الثلاثاء 14/أبريل/2015 - 01:41 م
طباعة

الأزهر يبيح والسلفيون يحرمون.. فكيف يسمح لهم باعتلاء المنابر؟
إن المعركة الدائرة بين الأزهر من ناحية والدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور من ناحية أخرى حول الاحتفال بشم النسيم، وتهنئة الإخوة الأقباط بأعيادهم لهو دليل قطعي على التناقض البين والواضح بين منهجين مختلفين في فهم النصوص الدينية، ليس هذا فقط بل يؤدي هذا التناقض إلى حالة من حالات عدم الثقة في الطرفين والبعد عن الأخذ عنهما، ناهيك عن الصراع الدائر بين من يحلل ومن يحرم، وصولا إلى حالة من التحريم تصل بصاحبها إلى إطلاق أحكام التكفير على الآخر، والسؤال الذي بدأنا به والذي يحتمل إجابات كثيرة مع وجود هذا التناقض في فهم النص والعمل به والتناقض في الفتاوى المستمر بين الأزهر والدعوة السلفية وحزبها، كيف يسمح لهم الأزهر باعتلاء المنابر؟
وقد عرضنا يوم السبت الماضي 11 أبريل عن بوادر معركة الفتاوى بين الأزهر والسلفيين حول الاحتفال بأعياد شم النسيم، والجديد في الأمر أنه سادت حالة من الخلاف والجدل داخل التيار الإسلامي حول تهنئة الأقباط بعيد القيامة، والاحتفال بيوم شم النسيم، حيث أكدت دار الإفتاء ومشيخة الأزهر أن تهنئة غير المسلمين في عيدهم جائزة، وأن المسلم مطالب بالإحسان لجميع الخلق، وكذلك مطالب بأن يقول للناس حسنًا، بينما حرّمت الدعوة السلفية وحزب النور تهنئة الأقباط، والاحتفال بيوم شم النسيم.
رأي ممثلي الأزهر

قال محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: إن الشريعة الإسلامية لم تحرّم تهنئة الأقباط بعيدهم، وإن الإسلام جاز الزواج من غير المسلمة من أهل الكتاب؛ فبالتالي يجوز التهنئة من باب العدالة والبر.
كما أضاف عفيفي، في بيان رسمي الأحد 12 أبريل 2015، أن التهنئة فيها نوع من تقوية النسيج الوطني، وترسيخ قيم المودة، وتقوية الانتماء والتلاحم بين المصريين.
ومن جانب آخر أكدت دار الافتاء، في بيان آخر الأحد، أن تهنئة الأقباط جائزة، وتعتبر من باب البر والإحسان، وليس من باب إقرار العقيدة، مضيفة أن المسلم محثوث على البر والقسط بغير المسلمين ممن لم يقاتلوه في دينه، وكذلك مطالب بالإحسان لجميع الخلق، وتهنئة غير المسلم من باب الإحسان، وبناءً على ذلك يجوز تهنئة غير المسلمين في عيدهم بألفاظ لا تتعارض مع العقيدة الإسلامية.
الدعوة السلفية

بينما أفتى سامح عبدالحميد، القيادي بالدعوة السلفية، بحرمة تهنئة الأقباط بعيدهم، والاحتفال بيوم شم النسيم قائلًا: "تهنئة الأقباط بأعيادهم حرام شرعًا؛ نظرًا لما تضمنه من اعتراف بها؛ فأعياد المشركين ترتبط بعقائدهم المخالفة للتوحيد، كميلاد الرب والقيامة، فكيف يمكن لمسلم أن يهنئ مَن يحتفل بهذه المناسبة؟ ولا يدخل ضمن البر والإحسان الذي أمرنا الله به؟".
وتابع عبدالحميد، أنه لا يجوز الاحتفال بشم النسيم؛ لأنه ليس في الإسلام سوى عيدين هما الفطر والأضحى، مستدركًا: "الاحتفال بهذا اليوم بدعة ولا يوجد نص واضح في القرآن الكريم بهذه الاحتفاليات".
كما استشهد عبدالحميد، ببعض فتاوى لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف، للراحل عطية صقر، والتي أشرنا لها السبت الماضي- يؤكد فيها أنه لا توجد حاجة للاحتفال لعدم خلط الحق بالباطل، مؤكدين أن الاحتفال يعد مخالفة لسنة النبي.

ورفض يونس مخيون، رئيس حزب النور السلفي تهنئة المسيحيين بأعيادهم، قائلًا: "التهنئة مسألة عقائدية لا نجبر عليها وليس لها مجال للنقاش أو التنازل عنها". مضيفًا في تصريحات تليفزيونية: "موقفنا كحزب سياسي واضح من الأقباط وفي حقهم الكامل في ممارسة شعائرهم وحماية أموالهم وأعراضهم، ولم يثبت أن اعتدى أحد من الحزب أو الدعوة السلفية على كنيسة في يوم من الأيام".
الهجوم على الأزهر
وعلى نفس الصعيد فقد شن الداعية السلفي أحمد هلال، القيادي بالدعوة السلفية بالإسكندرية هجوما شرسا على الأزهر الشريف وجامعة الأزهر بعد اعتبارهما الاثنين إجازة رسمية احتفالا بعيد شم النسيم.
وقال هلال في تصريحات خاصة لـ"البوابة" عن تلك الإجازة التي أعطاها الأزهر وجامعته لأبنائه الطلبة: "يحرم التهنئة بعيد الربيع أو عيد النصارى، كما يحرم أيضا إعطاء الإجازات في تلك الأعياد الشركية والبدعية لما فيها من الفرح والسرور بالبدع، وما عليه أهل الكفر".
وفي سياق متصل وفي رفض جديد للاحتفال بشم النسيم من السلفيين، أطلق محمد رجب– الداعية السلفي وأحد أبرز تلامذة الشيخ محمد حسان– دعوة لصوم يوم الاثنين سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بدلا من الاحتفال بأعياد شم النسيم الذي أكد على أنها بدعة، وقال رجب في تصريح صحفي له: "هل يجوز الاحتفال بشم النسيم الاثنين؟ نعم يجوز صوم الاثنين سنة عن الرسول".
والجدير بالذكر أن حزب النور والدعوة السلفية قد شنوا هجوما شرسا على المسلمين المحتفلين بشم النسيم مؤكدين على عدم جواز هذا الاحتفال، بل حرموا أيضا أكل الفسيخ والرنجة في هذا اليوم؛ لأنه تشبها بالمحتفلين بهذا اليوم، كما قام ياسر برهامي بطلب منع التجارة في الرنجة والفسيخ في هذا اليوم تحديدا.
منشور سلفي يحرم الاحتفال

وقد أفتت "الدعوة السلفية" في منشور لها بحرمة الاحتفال بيوم شم النسيم، مستندين إلى بعض فتاوى لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف، يؤكد فيها أنه لا توجد حاجة للاحتفال لعدم خلط الحق بالباطل. وتضمن منشور الدعوة السلفية أربعة أقسام: الأول يعرف منشأ عيد شم النسيم، والثاني مظاهر الاحتفال به، والقسم الثالث حكم الاحتفال به، والرابع مواقف المسلم من عيد شم النسيم، واختتمت الدعوة السلفية منشورها بفتوى للجنة الفتوى بالأزهر الشريف في حكم الاحتفال بيوم شم النسيم. وقال منشور الدعوة السلفية: "لا يجوز الاحتفال بشم النسيم؛ لأنه ليس في الإسلام إلا عيدان وهو ينهى الأنصار عن الاحتفال بأعيادهم في الجاهلية، قال: كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الأَضْحَى"، مؤكدين في المنشور على أن الخروج إلى المنتزهات وأكل الفسيخ والأطعمة والبيض الملون هي عادات فرعونية، مشيرين إلى أن الاحتفال بهذا يعد مخالفة للنبي كما نشر السلفيون فتوى سابقة لأبي إسحاق الحويني، الداعية السلفي، يفتي بحرمانية الاحتفال بشم النسيم وقال: حرم جميع العلماء مشاركة المشركين في أعيادهم متسائلا: "من الذي يذهب إلى الحدائق في شم النسيم ومن الذي يملأ الطرقات أليس هؤلاء الغافلون"، متابعا "وحق من الله عليهم أن يفرض عليهم الذل والعار؛ لأنهم لا يستحقون غير ذلك". وأضاف، أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وجميع العلماء يحرمون الاحتفال بهذا اليوم وعندما أخرج يوم شم النسيم أرى المنتقبات في الشوارع في جولات ويصطحبون أولادهم إلى الحدائق متسائلا: ما الذي يحدث أين أزواجهم؟ وكيف أن تكون المرأة منتقبة وتخرج تشم هواء في هذا اليوم؟ وأفتى الحويني بأنه يحرم على أي بائع أن يبيع في هذا اليوم أي مطعوم يقوم به هذا العيد، فلا يجوز بيع البيض أو الرنجة أو الفسيخ، ومن فعل ذلك فهو آثم وكسبه حرام.