تنظيم "حماة الدعوة السلفية" في الجزائر.. حرّم عمليات "القاعدة" ثم بايعها
الجمعة 31/يوليو/2020 - 04:01 م
طباعة
مقدمة:
برز تنظيم "حماة الدعوة السلفية" في عام 1997 غرب الجزائر، وكان يحمل اسم "كتيبة الأهوال" وقتذاك، قبل أن يغير اسمه إلى "حماة الدعوة السلفية"، ويبدو أنه ظهر في أعقاب حملة الانشقاقات التي شهدتها صفوف تنظيم "الجماعة الإسلامية"، بقيادة جهادي يُدعى سليم الأفغاني، رغم أن اسمه الحقيقي محمد بن سليم.
ورُغم أن التنظيم أظهر في بعض أوقاته رفضه الشرعي للعمليات الانتحارية التي يقوم بها تنظيم "القاعدة"، إلى جانب تشديد التعليمات على أتباعه بعدم اللجوء الى الاختطافات مقابل طلب فدية، أعلن التنظيم في 23 ديسمبر 2013 في رسالة مسجلة بالصوت والصورة الانضمام إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وتنظيم "حماة الدعوة السلفية"، كان يُعرف بـ"جماعة حماية التعاليم السلفية" و"حماة التوحيد السلفي" و"جماعة مؤيدي الاتجاه السلفي"، وهو تنظيم جهادي ينشط في محافظات غرب الجزائر، ويتركز في محافظات (تيبازة وعين الدفلى).
هذه مجموعة من الأسئلة طرحتها على قادة جماعة حماة الدعوة السلفية فأجابوا عليها بما يلي :
النشأة والتأسيس:
يقول الموقع الرسمي للتنظيم إن مؤسس الجماعة هو الأمير أبو عبد الرحيم بخالد النجدي، المعروف بـ(قادة بن شيحة)، وأن تسميته بـ"النجدي" ليست إلى نجد الحجاز، وإنما لاهتمامه بدعوة التوحيد النجدية .
ويعود أصل التنظيم إلى "كتيبة الأهوال السلفية" التي انبثقت من (كتيبة التوحيد) أول كتيبة نشأت بمدينة (س. بلعباس)، وهي أول كتيبة تكونت في المنطقة قبل الانضمام إلى الجماعة الإسلامية المسلحة، إلا أن منشأ الجماعة الرسمي يعتبر في 1995 رسمياً بعد خروج قادة سرية الأهوال على الجماعة الإسلامية المسلحة بسبب ما اعتبروه وقت ذاك، ضلال منها على دعوة أهل الحق، وكانت تضم وقتها نحو 150 مقاتلاً، وبدأت تتوالى الانشقاقات عن الجماعة لحاقاً.
ويبدو أن سبب الشقاق بين تنظيم "حماة أهل الحق" و"الجماعة الإسلامية"، هو الخلاف في الأصول الشرعية، وفهم النص، ويقول التنظيم في ذلك السياق: "بذلنا ـ كما يعلم المجاهذون وغيرهم ـ أنواعا من النصح والإرشاد والدعوة كالرسائل إلى قادة هذه الجماعة وبعث الرسل والجلسات مع المجاهدين والأشرطة والمناظرات، حول مسائل الخلاف التي بيننا وبينهم، ولما رأينا امتناعهم عن ذلك بعثنا إليهم رسلا ورسائل نطالبهم مرة أخرى بلقاء مع ضباطهم الشرعيين أمام المجاهدين للتحاكم إلى الكتاب والسنة، فرفضوا".
وتوضح تقارير إعلامية أن الانفصال الحقيقي بين تنظيم "حماة الدعوة السلفية" و"الجماعة الإسلامية" تم فعلياً بعد أسر عناصر من قيادات "الجماعة الإسلامية" مندوبين من تنظيم "الحماة" قد تم إرسالهم من أجل تقريب وجهت النظر مع "الجماعة الإسلامية"، وأرغموا مندوبي التنظيم على إبلاغهم مكان المركز الرئيس للتنظيم .
أمريكا تفرض عقوبات على التنظيم:
وفي أول رد فعل غربي على ممارسات التنظيم الإرهابي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على الجماعة، في عام 2003، بعد اتهامها بالارتباط بتنظيم القاعدة، ومبايعة زعيمها السابق أسامة بن لادن.
البيت الأبيض قال وقت ذاك: "جماعة حماة الدعوة السلفية منظمة بشكل جيد ومزودة بالمعدات العسكرية وتقوم بنشاطات إرهابية في الجزائر وخارجها"، وأوضح البيت الأبيض أن هذه المنظمة مسئولة عن عدد من عمليات القتل في منتصف التسعينات وأنها كثفت هجماتها في السنوات الأخيرة الماضية.
من جانبه، حاول التنظيم مرارً ان ينفي علاقته وانضمامه إلى “الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، الذي يتزعمها المدعو عبد المالك درودكال، بعد انضوائها تحت لواء "القاعدة"، وأكد التنظيم في بيان له أنها لم تنضم لأية جماعة أخرى بعد انفصالها عن الجماعة الإسلامية المسلحة التي وصفتها بالضالة.
وأشارت تقارير أمنية إلى أن تنظيم حماة الدعوة السلفية، لم يعد له أثر كبير في الأعمال المسلحة منذ سنوات طويلة، بسبب فقدانه أبرز عناصره على أيدي قوات الأمن ومغادرة الكثير من المسلحين صفوفه، مستفيدين من إجراءات عفو رئاسي ، تمت عامي 1995 و2000 .
ويعتقد أن مؤسسه سليم الأفغاني المنحدر من مدينة سيدي بلعباس (440 كم غرب الجزائر) قتل في الشهور الأخيرة، وخلفه في قيادة العمليات في الشريط الحدودي أمير سابق يدعى جمال قرقابو ويكّنى بـ"جمال أبو داوود" لكن قُتل بدوره قبل نحو عام وعُثر على جثته مدفونة في جبل العصفور.
فتوى الأفغاني بحرمة العمليات الانتحارية:
كان عدد من المواقع المهتمة بنشر أخبار الجماعات الجهادية، قد تداولت فتوى للأفغاني، في 2008 ولا تزال تصنع عدة "اهتزازات" تبرأ فيها من العمليات الانتحارية التي تستهدف المدنيين، وشدد فيها على أن "التفجيرات التي تقع في الأماكن العامة ويتبناها تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال؛ "بحجة قتل طاغوت من الطواغيت كبير أو صغير أو قتل كافر فيها تعَد اعتداء على حرمة دماء المسلمين المعصومة، وعبث واضح بأرواحهم ونفوسهم التي حرم الله قتلها إلا بالحق في آيات عديدة وأحاديث كثيرة".
وتلفت (الفتوى) إلى أن "أغلب هذه التفجيرات يذهب ضحيتها مدنيون من الشعب الجزائري المسلم، وأن هذه التفجيرات ليس لها جدوى عسكرية"، وهو ما ترفضه جماعة "حماة السلفية" وهي ثاني أكبر تنظيم مسلح والتي تقول إن عملياتها المسلحة تستهدف فقط الجيش وقوات الشرطة والحرس البلدي.
وعلى الرغم من تلك الفتوى إلا أن التنظيم ذاته أباح دماء قوات (الأمن) من الرجال والنساء، بحجة أنهم طواغيت يجب قتلهم.
"حماة الدعوة السلفية" يعلن انضمامه لـ"القاعدة":
وفي خطوة وصفها الكثير من خبراء الحركات الأصولية بـ"الغريبة"، أعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، في أواخر ديسمبر 2013، انضمام جماعة "حماة الدعوة السلفية"، لصفوف التنظيم، وقال بيان للتنظيم نشرته مواقع جهادية "قرر إخواننا في جماعة حماة الدعوة السلفية الجزائرية، الانضمام لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لتكون في المغرب كله جماعة واحدة لا تفرق فيها ولا تعدد".
ويبدو أن الأسباب الحقيقية التي دفعت التنظيم إلى ذلك هو ضعف التنظيم وقلة موارده، وأن إعلان الانضمام محاولة إلى إنعاش التنظيم قبل اندثاره، خاصة أن فتوى سليم الأفغاني زعيم التنظيم قبل ذاك كانت تحرم العمليات الانتحارية التي يتبناها تنظيم "الدعوة السلفية للدعوة والقتال" المعبر عن تنظيم "القاعدة" إلا أن التنظيم انقلب وأعلن انضمامه للقاعدة.
وأضاف البيان: "وإذ نزف هذه البشرى لأهل الجهاد وأنصاره في المغرب الاسلامي وسائر ساحات الجهاد المباركة، ولعامة المسلمين، نؤكد للعاملين في ساحة الدعوة والقتال أهمية الاجتماع لإقامة دين الله تعالى، ووجوب نبذ الحزبية والعصبية للكيانات إيثارا للمصلحة العامة الجامعة".
وقال علي زاوي الخبير في شؤون الجماعات الجهادية بالجزائر لـ"وكالة الأناضول" تنظيم "حماة الدعوة السلفية" الإرهابي ليس له قوة كبيرة على الأرض وعدد عناصره لا يتجاوز الثلاثين شخصا ينشطون غرب العاصمة في مناطق محدودة، موضحاً أن التنظيم شهد في الآونة الأخيرة انضمام عناصر جديدة كانت تنشط في الساحل الإفريقي إلى صفوفه.
الضابط السابق في الجيش الجزائري زاوي، وهو أحد القادة الذين قادوا فرقا لمكافحة الجهاديين خلال تسعينيات القرن الماضي ، أوضح أن التنظيم فلسفته الجهادية تقوم على استهداف القوى الأمنية فقط ويرفضون التفجيرات الانتحارية واستهداف المدنيين.
وعن سبب لجوء التنظيمين إلى الوحدة يقول المتحدث إن تنظيم القاعدة يريد إظهار أنه تنظيم دولي يسعى لضم عناصر جديدة بسبب النزيف الداخلي الذي يشهده في الآونة الأخيرة بعد جملة المبايعات لتنظيم (الدولة الإسلامية).
وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي كان قبل عام 2007 يسمى ‘الجماعة السلفية للدعوة والقتال’ قبل الانضمام للتنظيم العالمي .
المرتكزات الفكرية للتنظيم:
1 - قال التنظيم إن المصدر الرئيس الذي يستقي منه علومه الشرعية، هو القرآن والسنة، على فهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين، معتمدين في ذلك على ما قرره أئمة أهل السنة والجماعة قدماء ومتأخرين في الأصول والفروع .
2 - الجهاد في سبيل الله وفق ما قاله النبي محمد (ص)، اعتماداً على النص القرآني: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)، وما قاله النبي: "بُعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم".
3 - غاية قتال الجماعة هو بحسبهم رفع الفتنة ودفعها، حيث يعتبرون أن الفتنة هي الشرك والكفر.
4 - لا ينتهي قتال الجماعة إلا إذا صار الدين كله لله وحده، فيكون هو المعبود من طريق الرسول دون أحد سواه من البشر.
5 - القتال واجبا على جميع المسلمين بإجماع العلماء، ولذلك سيستمر القتال حتى يكون الدين كله لله.
6- الاستمرار في القتال حتى يحكم الاسلام في بلاد الجزائر.
7 - محاربة الشرك جملة وتفصيلا.
8 - عدم تفرقة التنظيم بين ما يسميه البعض بشرك القصور وشرك القبور، فعدم التفرقة بين الشرك في عبادة الله الذي يتوجه به قصدا وطلبا إلى البشر والحجر والجن وبين الشرك في الحكم والتشريع.
9 - كفر الحكام والعلمانيين الذين يحكمون بغير ما أنزل الله.
10 - الاعتماد على الأفكار السلفية في أحكام التكفير والرد على الشبهات.
11 - رفض ما يسمى بالدساتير أو المواثيق، والاعتماد على كتاب الله كمصدر أساسي للتشريع، معتمدين على قول النبي: ( تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ )، وقال: (قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ).
12 - اعتبار المُصالحة مع النظام، هي مصالحة مع الطاغوت، وهي موالاة تُخرج صاحبها من الإسلام وهي الردة.
13 - اعتبار المصالحة الحقيقية التي يريدها المجاهدون هي المصالحة الشرعية، وهذه لا يمكن أن تكون مع "المرتدين" بحسب قولهم، إلا إذا اصطلحوا مع الله وحكموا شرعه ورجعوا إلى دينه.
14 - الإيمان يقتضي محاربة الحكام لا مسالمتهم ومصالحتهم.
15 - الكفر هو السبب الرئيس لشقاء الجزائر، حيث القوانين الوضعية التي تخالف شرع الله.
الانتقادات الموجهة للتنظيم:
وجهت العديد من الفصائل السلفية خاصة "السلفية العليمة" انتقاداتها، لتنظيم "حماة الدعوة السلفية" بأنها:
1 - تخالف ما يسمونه الدعوة السلفية النقية، في أصول مهمة وقواعد شرعية وأصولية عميقة، كأبواب الجهاد والاحتساب والسياسة الشرعية وكثير من الأبواب المفصلية في العقيدة والفقه.
2 - اختارت هذا المسمى لأنه المصطلح الأكثر جذبًا للأتباع وأكثر إقناعا وانتشارا.
3 - اللجوء إلى العنف كمنهج في التغيير، كونه تنظيم مسلح ينسب نفسه إلى التيار الجهادي.
4 - تزكيته استهداف قوات الجيش والشرطة، ورفضه الانخراط في مسعى المصالحة الوطنية الذي أطلقه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفيلقة في عام 2006.
5 - مباركة التنظيم للهجمات التي نفذها تنظيم "القاعدة" في 11 سبتمبر ف الولايات المتحدة الأمريكية .
مستقبل التنظيم:
وتؤكد جميع المؤشرات أن التنظيم في طريقه إلى التفكيك، كونه بات أقل عددًا من الناحية التنظيمية بسبب الضربات الأمنية من جهة، وهجرة العديد من كوادر التنظيم من جهة أخرى.
تقارير إعلامية قالت إن معلومات أفادت أن أحوال التنظيم الإرهابي "حماة الدعوة السلفية" أن حرب زعامة التنظيم الذي يقوده حالياً مكي عبد القادر، قد وصلت إلى نهايتها لتفكك كامل "هياكل" التنظيم وتفرق عناصره ومقتل عدد كبير منهم.
وذكرت مصادر أن محاولات مكي عبد القادر، لزيادة حدة النشاط المسلح في ولايات الغرب باءت بفشل ذريع، في حين تعود "سليم الأفغاني" على رفض "التفجيرات التي تقع في الأماكن العامة ويتبناها تنظيم "الجماعة السلفية"، وأدى الانقسام الحاصل إلى إمكانية استسلام عشرة من إرهابيي تنظيم "حماة الدعوة السلفية" بقيادة سليم الأفغاني، و يتعلق الأمر بمسلحين قدامى سبق لهم أن نشطوا في الجماعة الإسلامية المسلحة.
ويعيش تنظيم "حماة الدعوة السلفية"، وهو ثاني تنظيم إرهابي نشط في الجزائر (ينشط في الغرب)، صراعات داخلية كبيرة، أولا بسبب إقدام عناصر من التنظيم على تسليم أنفسهم للسلطات بعد اقتناعهم بـ"الفتوى" التي أصدرها مؤخرًا أمير جماعة "حماة الدعوة السلفية" أبو جعفر السلفي الشهير بسليم الأفغاني واسمه الحقيقي محمد بن سليم ( شارك في حرب أفغانستان كما تدل كنيته)، وتفيد مصادر أن "الأفغاني" نفسه أعلن نيته تطليق السلاح على خلفية "حرب زعامة" تجتاح تنظيمه.
ما يعزز فكرة اندثار وانقراض التنظيم هو، عدم رصد أي نشاط منذ سنوات طويلة للتنظيم، وهو ما برره خبراء الحركات الأصولية بأنه يعود إلى قلة عدد أفراده وإمكاناته المتواضعة.