"الفلوجة" عاصمة السُّنَّة في العراق ومعركة الحسم مع "داعش"

الإثنين 27/أبريل/2015 - 11:40 ص
طباعة الفلوجة عاصمة السُّنَّة
 
تشكل مدينة الفلوجة أهمية خاصة لتنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام "داعش"، حيث إنها تعد معقل السنة في العراق ويعيش فيها العديد من العشائر والقبائل التي أعلنت دعمها لداعش، بالإضافة إلى قربها من العاصمة بغداد التي لا تبعد عنها سوى بـ 60 كيلو مترا شمال غرب العاصمة.
الفلوجة عاصمة السُّنَّة
 وتبذل الحكومة العراقية جهود كبيرة لاستعادة المدينة التي يحمل معنى اسمها "الأرض الصالحة للزراعة" والتي حولتها داعش إلى خراب لا تصلح حتى للسير عليها، وقد أعلن وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، عن تحرير 90% من ناحية الكرمة المحاذية لمدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، وأن القوات الأمنية تمكنت من تحرير أكثر من 90% من الأهداف المرسومة لها في مركز ناحية الكرمة التي تُعد بوابة لتحرير مدينة الفلوجة، وللتغطية على هذه العملية قامت العصابات الإرهابية بالتعرض للقطعات المرابطة في موقع "ناظم تقسيم" شمال الرمادي ضمن قيادة عمليات بغداد في يوم 24 أبريل 2015، وقد تمكن العدو من تفجير 3 عجلات مفخخة وأدت العملية إلى مقتل 13 من العسكريين المدافعين عن هذه المواقع وتشرع قواتنا المسلحة بحملة عسكرية نوعية لاستعادة المواقع التي تسللت العصابات الإرهابية إليها، ولم يتبق سوى كيلومتر واحد لتحقيق الأهداف وطرد العدو من المنطقة.
الفلوجة عاصمة السُّنَّة
حديث وزير الدفاع العراقي يؤكد على الأهمية الاستراتيجية الكبيرة للمدينة، والتي تتمثل فيما يلي: 
1- الأهمية الكبير ة للمدينة باعتبارها ثاني أكبر المدن في محافظة الأنبار التي سيطر التنظيم على 70 %منها وعلى 6 أقضية فيها وهي القائم والرطبة وعانة وراوة وهيت والفلوجة.
2- موقعها الاستراتيجي الهام الذي يجعلها معبر ل 3 دول هي السعودية والأردن وسوريا.
3- أهمية المدينة كعمق استراتيجي للتنظيم داخل المحافظة وخاصة مع سوريا، وبالتالي خسارتها تعني فقدان التنظيم لأهم خطوط الإمداد.
4- تتحكم الفلوجة بالطريق الدولي الذي يربط العراق بسوريا والأردن.
5- رغم أن عددا من العشائر قام بالبيعة لداعش إلا أنه هناك عشائر الدليم وخاصة البو علوان والبونمر رفضت مبايعة البغدادة ودخلت في صدام معه. 
الفلوجة عاصمة السُّنَّة
وعلى الجانب الآخر هناك العديد من المخاوف في حال الهجوم على المدينة منها: 
1- عدم فعالية الضربات الجوية ضد التنظيم داخل المدينة وهو ما يشكل صعوبة في اقتحامها. 
2- التخوف من تكرار ما حدث في تكريت، خاصة أن المدينة جميعها من السُّنة. 
3- قيام داعش بالعديد من التفجيرات الانتحارية وحفر الخنادق والأنفاق في المدينة تحسبا للهجوم عليها، ومنها استشهاد ستة عناصر من الشرطة بتفجير انتحاري غرب الرمادي، وتفجير انتحاري استهدف نقطة تفتيش أمنية غرب الرمادي، وآخر استهدف نقطة تفتيش أمنية غرب الرمادي.
4- لا زالت خطوط الإمداد مفتوحة بها من سوريا، وبالتالي من تركيا التي تشكل معبرا هاما لمتطوعي "داعش". 
5- قربها من عامرية الفلوجة التي تبعد 23 كيلومتراً عنها وجرف الصخر المحررة حديثاً من الشمال. 
6- يحشد داعش عناصره في مناطق اليتامى والحصى والفحيلات والبوهوا، ويعد هذا الحشد الأكبر من نوعه في محاولة للحفاظ على المدينة. 
وعلى الرغم من ذلك ستشارك في عملية تحرير الفلوجة قوات عسكرية ضخمة من الشرطة المحلية والاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب، وعشائر الأنبار، بعد أن قام الجيش بتسليح 10 آلاف مقاتل من أبناء العشائر ضمن الحشد الشعبي، وكل هذه القوات ستكون مدعومة بغطاء جوي توفره طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
الفلوجة عاصمة السُّنَّة
مدينة المساجد التي يصل عددها إلى 550 مسجدا، منها الجامع الكبير المؤسس عام 1899 م وجامع الخلفاء وجامع أبي بكر الصديق وجامع عمر بن الخطاب وجامع عثمان بن عفان وجامع علي بن أبي طالب، وجوامع أخرى كثيرة خاضت معارك كبيرة ضد الاحتلال الأمريكي، بعد سقوط بغداد في 9 أبريل 2003،م وعندما قامت القوات الأمريكية بدخول الفلوجة، وأخذ مركز لها في البنايات المدرسية وبعض الأبنية الرسمية الأخرى، ومقرات حزب البعث في 28 أبريل 2003م قام 200 شخص من سكان المدينة بتظاهرة احتجاجية على تصرفات الجنود الأمريكان من اعتقالات ومداهمات وانتهت هذه التظاهرة بصورة عنيفة حيث قتل 17 من الأشخاص المشاركين في التظاهرة، وكانت هذه الحادثة الشرارة الأولى التي أدت فيما بعد إلى نشوب عمليات المقاومة ضد جيش الاحتلال الأمريكي، وإلى ما يعرف بمعركة الفلوجة الأولى، وفي 2 أكتوبر 2003 أسقط مسلحون عراقيون مروحية شينوك أمريكية في الفلوجة ضاحية الكرمة؛ مما أدى إلى مقتل 16 جندي أمريكي وجرح 26 آخرين، وخلال معركة الفلوجة الثانية قبل الهجوم البري على المدينة قامت القوات الأمريكية بقطع تيار الكهرباء والمياه عن المدينة، وبقصف المدينة لأكثر من خمسة أشهر متواصلة منذ الشهر الخامس 2004 إلى بداية الهجوم في نهاية العام، وقامت القوات الأمريكية بتدمير المستشفيات والمراكز الطبية، وقد استعمل الجيش الأمريكي مختلف الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً: قنابل فوسفورية وقنابل النابالم شديدة الاحتراق على أهالي الفلوجة، فأدى إلى مقتل العديد من المدنيين ونزوح الآلاف، ومن ثم قامت القوات الأمريكية بمساندة قوات الحرس الوطني بعمليات تخريبية لبنايات ومساجد وبيوت المدينة. 
الفلوجة عاصمة السُّنَّة
وفي 24 ديسمبر 2004 م اضطرت القوات الأمريكية إلى الانسحاب إلى الأحياء الشرقية من المدينة بسبب هجمات الجماعات المسلحة، ولكن المدينة وقعت فريسة لتنظيم القاعدة، ففي 18 مارس 2007 قام مسلحو تنظيم القاعدة بتفجير صهريج لغاز الكلور السام جنوب الفلوجة تسبب في مقتل ثلاث جنود أمريكيين وشخصين واختناق 350 شخصا في الفلوجة- ضاحية العامرية، وفي 18 مايو 2008 انسحبت القوات الأمريكية تقريباً بالكامل من مدينة الفلوجة، وفي 26 يونيو 2008 قتل ثمانية جنود أمريكيين وجرح ستة وعشرين أخرين عندما قام شرطي بتفجير حزام ناسف على تجمع لجنود أمريكيين في الفلوجة- ضاحية الكرمة لتقع المدينة في يوم 1/1/2014 على يد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ليبقى السؤال: هل تسطيع "داعش" الحفاظ على المدينة؟ أم ستتحول إلى مقبرة لهم كما حدث مع القوات الأمريكية من قبل؟ 

شارك