حرب سلفية علي بيع الخمور بالجزائر... تهدد التعايش بين الإسلاميين والعلمانيين

الخميس 30/أبريل/2015 - 03:43 م
طباعة حرب سلفية علي بيع
 
تتجلى صعوبة التعايش بين العلمانيين والإسلاميين في البلاد العربية في الكثير من المظاهر التي تمثل حرية يراها الإسلاميون متعارضة مع الشريعة الإسلامية؛ الأمر الذي يؤكد الحاجه إلى عقد اجتماعي جديد يضمن السلام الأهلي بين العقليتين بلا صراع، تلعب فيه السلطة دور الوسيط لتهدئة الطرفين دون حزم، ومن المعارك المشتعلة في الجزائر، وتمثل هذه القضية معركة تحرير بيع الخمور؛ حيث تسبب قرار لوزير التجارة عمارة بن يونس حول تحرير بيع الخمور بالجملة بتوتر داخل الحكومة الجزائرية بعد أن هدد السلفيون بالتظاهر ضد المشروبات الكحولية المستهلكة بكثرة والمنتجة في بلد أغلب سكانه مسلمون.

حرب سلفية علي بيع
وقام رئيس الوزراء عبد المالك سلال في منتصف أبريل بإلغاء توصية أصدرها وزير التجارة عمارة بن يونس يحرر فيها تجارة الخمور بالجملة، بعدما كانت تخضع لرخصة فرضها وزير سابق ينتمي لحزب إسلامي.
ويُظهر قرار رئيس الوزراء صعوبة التعايش بين الوزراء العلمانيين والإسلاميين، بل والمعتدلين منهم؛ كون الأحزاب المتطرفة أُقصيت من العمل السياسي!
وأوضح عمارة بن يونس وهو يعلن بنفسه إلغاء قراره أن "رئيس الوزراء أراد أن يضفي الهدوء بعد الهجمة الإعلامية الشرسة" التي تعرض لها من قنوات فضائية خاصة.
حرب سلفية علي بيع
وفي قناة "النهار" المعروفة بميولها السلفية اتهم الشيخ شمس الدين بوروبي وهو مقدم برنامج الفتاوى على قناة "النهار"- وزيرَ التجارة بـ "إعلان الحرب على الله"، مضيفاً: "نريد قوانين توافق الشريعة الإسلامية، وليس قوانين منظمة التجارة العالمية".
وتابع: ".. ما نخشاه أن يتم تحرير بيع لحم الخنزير وممارسة الدعارة".
حرب سلفية علي بيع
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أطلقت حملة ضد بيع الخمور بمسميات مختلفة أشهرها "معا من أجل جزائر بلا خمور"، والتي جمعت 10 آلاف معجب في بضعة أيام. وفي مقابل قناة "النهار" المحافظة التي رحبت بقرار رئيس الوزراء أسفت صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية لـ "ضعف السلطة الحالية أمام التيار الإسلامي".
وكتبت الصحيفة أن "الضغوط السياسية والدينية التي تخضع لها السلطات كثيرا ما أجبرت الوزراء والولاة (المحافظين) على خرق التنظيم، بإصدار قوانين متناقضة تماشيا مع ميولهم الحزبية أو علاقاتهم الشخصية".
والتوصية التي ألغاها وزير التجارة عمارة بن يونس العلماني والتي كان أصدرها سلفه الإسلامي تفرض الحصول على رخصة لبيع الخمور بالجملة، في حين أن القانون ينص فقط على رخصة لبيع الخمور في المحلات.
وعبّر بن يونس عن غضبه من الاحتجاج على قراره عبر الإذاعة الحكومية، قائلا: "أنا لست إماما ولا مفتيا، لكني وزير في الجمهورية لا يهتم بما هو حلال وما هو محرم"، مشيرا إلى أن 70 في المئة من المشروبات الكحولية المستوردة تباع بصفة غير قانونية.
وتنتج الجزائر النبيذ والبيرة فقط، بينما يتم استيراد المشروبات الكحولية الأخرى مثل الويسكي.
وفي بلد مسلم بنسبة 99 في المئة من سكانه البالغ عددهم 40 مليون نسمة، استوردت الجزائر في 2014 ما يعادل 82 مليون دولار من المشروبات الكحولية مقابل 70 مليون دولار في 2013 و53 مليون دولار في 2012، أي بزيادة أكثر من 40 في المئة خلال عامين.
وخلال الأعوام الماضية أغلقت السلطات مئات من الحانات لأسباب متعددة تتعلق بعدم احترام القوانين.
وعلق صاحب حانة في العاصمة الجزائرية طلب عدم كشف هويته أن "العديد من أصحاب الحانات ينتظرون يائسين الترخيص لهم بإعادة فتح محلاتهم، بعد أن استجابوا لكل الالتزامات المتعلقة بالنظافة والأمن والبيئة".
وأضاف أن "هذا قرار سياسي؛ لأن السلطة تخشى الإسلاميين".
وأيده في ذلك أحد الزبائن قائلا: "كان لدينا في الحي الذي أقطن فيه 15 حانة اختفت كلها".
ويضطر مستهلكو الخمور في الجزائر إلى التستر خلف الأبواب في حانات مظلمة، أو في بيوتهم مع الأصدقاء، أو حتى في الغابات والمناطق النائية؛ حيث يتم إلقاء الزجاجات الفارغة.

شارك