أزمة الرسوم المسيئة تتجدد والخسائر دائمًا مزيد من الضحايا

الإثنين 04/مايو/2015 - 01:26 م
طباعة أزمة الرسوم المسيئة
 
ما زالت أزمة الرسوم المسيئة تتجدد من يوم إلى آخر وتتسبب في مزيد من الضحايا والعنف، ويتداخل معها التنظيم الدموي "داعش"، هذا ما أعلنت عنه الشرطة الأمريكية في مدينة "غارلاند" الواقعة بولاية تكساس والقريبة من مدينة دالاس، حيث قتل اثنان من المسلحين بالرصاص فجر اليوم، بعد إطلاقهما النار على معرض فني مناهض للإسلام، كان يعرض صوراً للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان المسلحان، وهما مجهولا الهوية حتى الآن، قد فتحا النار على ضابط أمن أمام مركز "كرتيس كولويل سنتر"، حيث أقيم المعرض في "غارلاند" وتبادلت الشرطة معهما إطلاق النار بعد إصابة حارس الأمن بفخذه، وتنوي المباحث الفيدرالية التحقيق مع جميع زوار المعرض ومن كانوا في المكان، بعد الاشتباه بأن يكون من قام به من  المناصرين للتنظيم "الداعشي" أو تنظيم متطرف آخر.
أزمة الرسوم المسيئة
دوغلاس أثاس المتحدث باسم الشرطة في المدينة أكد على أن الرجلين قتلا على الفور، فيما أصيب رجل أمن بجراح بعد إطلاقهما النار عليه من سيارة كانا يركبانها، فيما تم التأكد من عدم وجود أي مسلحين آخرين في المنطقة التي يقع فيها المعرض، حيث انتشر فريق خاص بتفكيك القنابل لاعتقاد الشرطة أن السيارة التي استخدمها المسلحان تحتوي على متفجرات، وعلى إثر ذلك تم نقل 48 شخصاً من الحضور إلى مدرسة مجاورة، وكذلك 75 إلى غرفة أخرى، وهم من زوار المعرض الذي أقيم تحت شعار "ارسم محمد" في إشارة إلى النبي الكريم.
المعرض جاء تحت رعاية "المبادرة الأمريكية للدفاع عن الحريات" التي خصصت جائزة قيمتها 10 آلاف دولار لأفضل رسم كرتوني يصور النبي محمد من بين 350 مشاركا في المعرض، الذي تحدث على هامشه السياسي الهولندي المتطرف "غيرت ويلدرز" الذي عرف بإنتاجه فيلما مسيئا للرسول وللإسلام والمسلمين قبل عدة سنوات.
 وأكدت باميلا غيلر رئيسة "مبادرة الدفاع عن الحرية" على أنها خططت للمعرض لتسجيل موقفًا مدفاعا عن حرية التعبير ردا على الانتقادات وأعمال العنف بشأن الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد.
أزمة الرسوم المسيئة
 الواقعة تعد تكرارًا لنفس السيناريو الذى تم من قبل على صحيفة "شارلي إيبدو"، عندما اقتحم ملثمان اثنان مقر الصحيفة الساخرة "شارلي إيبدو" في باريس في 7 يناير 2015 بحدود الساعة 11 صباحًا بتوقيت وسط أوروبا. وأدى هذا الهجوم إلى مقتل 12 شخصاً وإصابة 11 آخرين وذلك عندما دخل المسلحون المبنى وبدأوا إطلاق النار من أسلحة كلاشنكوف.
وفي 14 يناير ظهر تسجيل مصور تبنى فيه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب العملية، وقال فيه المتحدث باسم التنظيم: إن العملية تمت بأمر زعيم التنظيم أيمن الظواهري، وقامت في فرنسا مسيرات تحت اسم مسيرة الجمهورية مدعومة بمسيرات في مدن أخرى في العالم هذه المسيرات كانت الأكبر في تاريخ البلاد حيث بلغت أكثر من ثلاثة ملايين مشارك منهم حوالي 2 مليون في باريس وحدها، المسيرة المقامة في باريس شارك فيها حوالي 50 من قادة العالم.
خلّف الهجوم 20 قتيلا في باريس وضواحيها، وذلك في عدة هجمات مختلفة، بينهم مرتكبو الهجمات الثلاث، سعيد كواشي وشريف كواشي وأميدي كوليبالي و12 في هجوم شارلي إيبدو، 4 في احتجاز رهائن بورت دو فإنسان، و1 في حادثة إطلاق النار في مونروج. وهي أكبر حصيلة قتلى تتلقاها فرنسا منذ أكثر من 40 عامًا. 
الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب
 الأزهر الشريف يقف دائما في وجه هذه الإساءات؛ حيث طالب على لسان شيخه الدكتور أحمد الطيب الإعلام الغربي بالالتزام بحرية التعبير المسئولة التي لا تسيء إلى مقدسات الآخرين ومعتقداتهم، مؤكدين أن التجاوزات في هذه القضية لن تخدم السلام الاجتماعي والحوار والتفاهم بين الشعوب والحضارات المختلفة.
 وقال الدكتور عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر: « إن ذلك لا يخدم مصلحة أحد؛ بل يزيد من الكراهية بين فئات المجتمع الواحد".
وقال في بيان سابق له "إنه يستنكر هذا الخيال المريض ويدعو المسلمين إلى تجاهل هذا العبث الكريه؛ لأن مقام نبي الرحمة والإنسانية صلى الله عليه وسلم، أعظم وأسمى من أن تنال منه رسوم منفلتة من كل القيود الأخلاقية والضوابط الحضارية وعلى كل عقلاء العالم وأحراره بالوقوف ضد كل ما يهدد السلام العالمي".
وأكد الشيخ أحمد الغربي أن العنف دخيل عن الإسلام، فعندما نعود للتاريخ سنلاحظ أن الإسلام انتشر بفضل أطروحاته الواقعية والمعتدلة والمبنية على التسامح واحترام الآخر ولم ينتشر في العالم باستعمال العنف والقوة، فهذه النظريات معادية للإسلام، وكل أسلوب فيه العنف والقوة والتشفي والتشنيع هو دخيل على ديننا. وعلينا العودة إلى السيرة النبوية الشريفة، حيث نجد الرسول ورغم ما تعرض له من الإساءات والاستفزازات ومن تحرش واعتداء فإنه لم يعرف بأنه قاوم العنف بالعنف والبطش بالبطش والسيف، لقد كان أسلوبه صلى الله عليه وسلم مبنيا على الرفق واللين والحكمة والموعظة الحسنة والدعوة لما هو أحسن.
ناجي جلول أكاديمي
ناجي جلول أكاديمي متخصص في الحركات الدينية
وقال ناجي جلول أكاديمي متخصص في الحركات الدينية: "الرد على العنف والإساءة والإرهاب يجب أن يكون على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، فعندما حاول أبو سفيان قتله لم يرد عليه ولم يرد على من اضطهدوه بالإساءة".
وأضاف: "هناك كارثة تعتبرها أوروبا وهي انتشار الإسلام بصورة سلمية لقد انتشر الإسلام في بلدان كثيرة من العالم ومنها إندونيسيا عن طريق الجمعيات الصوفية، وكان الإسلام رمز السماحة، لكن اليوم أصبح الإسلام مقترنا في أوروبا بالسمر والمتخلفين والعدوانيين، وهو عكس ما كان للإسلام باعتباره دخل بقوة رهيبة من خلال قيمه الحقيقية وما حدث يمنع الإسلام من الانتشار ويشوهه ويجعله مرتبطا بكل ما هو سلبي، وأن الحل لمواجهة العداء للإسلام والإساءة هي الثقافة، لا بد من حملة للتعريف بالرسول الكريم وصفاته الحسنة كما حدث في أمريكا".
واختتم حديثه بقوله: "شيوخ الفتنة أساءوا كثيرا للإسلام، وقاموا بنشر ثقافة تسيء للدين، بدلاً من أن يساعدوا على كشف مزاياه".
وفي النهاية بقدر ما في هذه الأفعال من استفزاز لمشاعر المسلمين،  يجب أن تدفع بهم إلى الاجتهاد في العمل لنصرة الدين والحق، وقد كشفت هذه الوقائع أيضًا عن حقيقة العلاقة القوية بين المسلمين ومواطنيهم المسيحيين في مصر، ومواقف الكنائس المصرية الرافضة لهذه الإساءة، ومجموعات الشباب المسيحي الذي يشارك في الوقفات الاحتجاجية ضد هذه البذاءات التي كانت سببًا في تجلية الوحدة الوطنية الجامعة، وكان ذلك إعلانا واضحا بفشل أهداف هذه الحملات التي يريدون منها تفجير الصراعات الطائفية. 

شارك