بعد عملية التصويت.. هل تُعيد المرحلة الانتقالية الاستقرار لـ"ليبيا"؟

الثلاثاء 05/مايو/2015 - 12:53 م
طباعة بعد عملية التصويت..
 
رغم اختلاف الأطراف المتنازعة في ليبيا على المسودة المقدمة من الأمم المتحدة الأمريكية بشأن إنهاء الأزمة الراهنة في البلاد، فإن احتمالية التصويت على القائمة المقترحة للمرحلة الانتقالية المقبلة اقتربت من التنفيذ.
بعد عملية التصويت..
حسبما ذكر مسئولون في المباحثات الجارية الآن بين الأطراف المتناحرة، فقد يصوت مجلس النواب الليبي البرلمان المنعقد في مدينة طبرق، المعترف به دوليًا، خلال الـ24 ساعة المقبلة، على اعتماد المسودة، وذلك بعد إجراء تعديلات عليها.
وأكد مجلس النواب الليبي، الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية وسياسية، في بيان له: إن النواب قدموا التنازلات المعقولة؛ من أجل استقرار الوطن والعيش الكريم لليبيين، كما أكد العزم على المحافظة على المسار الديمقراطي مهما كانت نتائجه ضعيفة ولا ترتقي إلى المستوى المطلوب.
كان برناردينو ليون، المبعوث الأممي لدى ليبيا، سَلَّمَ الأطراف الليبية المشاركة في مباحثات الصخيرات المغربية، الأسبوع الماضي، مُسْوَدَّةً مُقْتَرَحَةً تتضمن حلًّا للأزمة وفق بنود كتبت على ضوء تلك المباحثات.
وأرسلت البعثة الدولية مسودة اتفاق إلى طرفي الأزمة في ليبيا: السلطتان التشريعية والتنفيذية المعترف بهما في شرق البلاد، والسلطتان المناوئتان لهما في طرابلس، بعد جلسات حوار خاضها الطرفان برعاية الأمم المتحدة.
وتنص مسودة الاتفاق على فترة انتقالية محدودة لا تتجاوز السنتين يتخللها تشكيل حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي وإعادة تفعيل هيئة صياغة الدستور.
وتؤكد المسودة على احترام القرارات القضائية ونتائج الانتخابات الديمقراطية التي جرت في ليبيا في يونيو 2014، والتي انبثق عنها البرلمان والحكومة المعترف بهما دوليًّا بقيادة عبدالله الثني.
بعد عملية التصويت..
فيما تواجه هذه النقطة تحديدًا رفض المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، وهو الذراع التشريعية للحكومة في طرابلس بقيادة عمر الحاسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، والتي تواليها مجموعات مسلحة تتمثل في "فجر ليبيا".
ويعتبر المؤتمر أن البرلمان المعترف به دوليا والذي يعمل من "طبرق" منذ سيطرة قوات "فجر ليبيا" على العاصمة "طرابلس" الصيف الماضي، فقد شرعيته؛ استنادا إلى قرار للمحكمة العليا قضى بحله.
وأصدر المؤتمر العام الذي انتهت ولايته مع انتخابات العام 2014، بيانًا أعلن فيه رفض هذه المسودة جملة وتفصيلا؛ لأنها لم تتضمن ما يمكن النظر فيه، متهمًا بعثة الأمم المتحدة بالانحياز إلى السلطات المعترف بها، مطالبا بعثة الأمم المتحدة بإعادة النظر في آليات عملها.
ودفع هذا الرفض البعثة الدولية إلى الإعلان في بيان جديد الأربعاء أن "الوثيقة لا تزال في مرحلة التطوير، وعليه فإنه يجب أن يتم التعامل معها على هذا الأساس، إلى أن تتوصل جميع الأطراف إلى إجماع حول ما تعتقد أنه يشكل تسوية سياسية قابلة للتطبيق.
من جانبه قال طارق الجروشي، عضو مجلس النواب: إن المجلس سيصوت خلال الأسبوع الجاري، على اعتماد المسودة المقدمة من الأمم المتحدة، بعد أن أجرت اللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس تعديلات عليها أول أمس الأحد 3 مايو 2015. 
وأوضح الجروشي أن البرلمان سيصوت على قبول المسودة المعدلة، أو إرجاعها للجنة نفسها لإجراء تعديلات أخرى عليه، وبحسب النائب نفسه فإن اللجنة أجرت ثلاثة تعديلات على المسودة المقدمة من المبعوث الأممي، بينها أن يكون القائد الأعلى للجيش تابعاً لرئيس مجلس النواب بدلاً من رئيس الحكومة كما جاء في مسودة ليون.
بعد عملية التصويت..
من ضمن التعديلات التي أجرتها اللجنة التشريعية والدستورية أيضاً تعديل الاسم من المجلس الأعلى للدولة الذي اقترحته المسودة إلى مجلس الحكومة الاستشاري.
وجاء في التعديل أيضاً، أن يتكون المجلس من قانونيين وأعضاء من مركز المعلومات والتوثيق وأعضاء من مجلس التطوير الاقتصادي ومجلس التخطيط الوطني وهيئة تقصي الحقائق وهيئة المصالحة الوطنية وهيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة وعدد من نشطاء المجتمع المدني.
كانت انطلقت الجولة الرابعة من الحوار الليبي في مدينة الصخيرات المغربية أول شهر أبريل الماضي بين وفدين يمثلان المؤتمر الوطني ومجلس النواب، في ظل تبادل الاتهامات بين الطرفين.
وطرحت البعثة الأممية في ليبيا، في مارس الماضي، مسودة مقترحة لتجاوز الأزمة تتضمن عدة نقاط وأهم 3 نقاط فيها؛ الأولى: حكومة وحدة وطنية توافقية، ومجلس رئاسي من شخصيات مستقلة، والثانية: اعتبار مجلس النواب الهيئة التشريعية ويمثل جميع الليبيين، والثالثة: تأسيس مجلس أعلى للدولة، ومؤسسة حكومية، وهيئة صياغة الدستور، ومجلس الأمن قومي، ومجلس البلديات، وتعد النقطة الثانية في المقترح الأممي، محل الخلاف الأبرز بين طرفي الحوار.
في هذا الصدد أكد مفوض الشئون السياسية بالاتحاد الأوروبي لورنزو كلوزر، أن الحل السياسي وحده كفيل بتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، وهو ما من شأنه أن يكون له انعكاسات إيجابية للتخلص من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
جاء ذلك خلال لقائه أمس الاثنين في العاصمة التونسية وزير الشئون الخارجية التونسي الطيب البكوش، وسفراء إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية ومالطا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا لدى تونس.
وطرح كلوزر، وفقًا لوكالة الأنباء الليبية، المشروع الذي تعده الأمم المتحدة لإخراج ليبيا من أزمتها، مبينًا أن المشروع يجد سندًا قويًّا من المجتمع الدولي خصوصًا من الاتحاد الأوروبي ودول الجوار الليبي، مشيرًا إلى أن التزام تونس في هذا المسار أصبح أمرًا ملموسًا، باعتبارها بلدًا مجاورًا لليبيا، وما زال لها تمثيل دبلوماسي فيها.
بعد عملية التصويت..
من جهته، أكد وزير الشئون الخارجية التونسي الطيب البكوش أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، قائلاً: إن تونس ترفض أي تدخل عسكري في ليبيا، مضيفًا أن الحل يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية من أجل مكافحة الإرهاب، مشددًا على ضرورة التنسيق مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون؛ من أجل تنفيذ خطة العمل الأممية لإنهاء الأزمة في ليبيا.
ويرى مراقبون أن التصويت على المسودة دون موافقة أحد الأطراف سيدخل البلاد في صراعات أعمق مما عليه الآن، لافتين إلى أن التوافق هو الحل.
وتوقع خبراء استمرار النزاع حال رفض البرلمان المنتهية ولايته للمسودة المطروحة، فقد تُعيد الوضع إلى نقطة الصفر.
وأشاروا إلى أن توافق طرفي النزاع والتوصل إلى رأى موحد، هو الحل الوحيد لتخطي المرحلة والموافقة على التعديلات المطروحة الطرفين أيضا سيدفع إلى الدخول في مرحلة جديدة خالية من النزاعات وستقود إلى الاستقرار وعودة الأمن للبلاد.
المشهد يوضح أن ليبيا أصبحت على أعتاب الدخول في مرحلة جديدة قد تدفعها إلى الاستقرار وقد تدفعها إلى الهاوية، في جميع الأحوال فالتصويت على المسودة المطروحة لحل الأزمة الراهنة سيقلب كافة الموازين إما بالنجاح أو الفشل.

شارك