ذكرى تفجيرات الدار البيضاء.. تعيد الصراع بين السلفيين وحكومة الإسلاميين في المغرب

الأحد 17/مايو/2015 - 12:50 م
طباعة ذكرى تفجيرات الدار
 
اثنا عشر عاما مَرَّ على تفجيرات السادس عشر من مايو 2003 بمدينة الدار البيضاء كبرى مدن المغرب، والعاصمة الاقتصادية للبلاد.. جاءت الذكرى وسط اتهامات من قبل التيار السلفي في المغرب لرئيس الحكومة التي يقودها الإسلاميون بأنه العقل المدبر لهذه التفجيرات لتفتح جدلًا واسعًا في الشارع المغربي.

تظاهرات التيار السلفي

تظاهرات التيار السلفي
طالب نحو 300 سلفي في المغرب خلال وقفة نظموها أمام البرلمان في العاصمة الرباط بمناسبة مرور 12 سنة على تفجيرات الدار البيضاء، بإعادة فتح التحقيق في التفجيرات.
وتجمع نحو 300 من زوجات وأطفال وعائلات المعتقلين السلفيين في السجون المغربية بدعوة من "اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين"، ورفعوا شعارات منددة بـ "الظلم" طيلة أكثر من عقد دون إيجاد مخرج لملفهم.

اتهامات لرئيس حكومة المغرب

اتهامات لرئيس حكومة
فما اتهمت لجنة الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في المغرب، رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران رئيس حزب العدالة والتنمية المحسوب على جماعة الإخوان، بأنه العقل المدبر لتفجيرات الدار البيضاء في 2003.
وقالت لجنة الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في بيان إنها "تشك في أحداث 16 مايو 2003، وتطالب بالكشف عن المدبر الحقيقي لها، كما تسلط الضوء على معاناة ضحاياها الحقيقيين، وتطالب بإنصافهم".
وعن المقصود بـ "المدبر الحقيقي"، قال المتحدث باسم "اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين" عبد الرحيم الغزالي: "نحن نقصد من قصدهم رئيس الحكومة الحالي (عبد الإله بن كيران) ووزير العدل" في إشارة إلى مصطفى الرميد، وهو محام سابق للمعتقلين السلفيين.
وهذا التشكيك في من يقف وراء الأحداث، يتقاسمه المعتقلون الإسلاميون مع "حزب العدالة والتنمية" الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي الحالي، حيث قال عبد الإله بن كيران أكثر من مرة قبل توليه رئاسة الحكومة: "نحن نشك فيما جرى"؛ حيث طالب حزبه مرارًا بإعادة التحقيق في الأحداث.
وأوضح الناطق الرسمي: "نحن لا نسمي، بل نطالب بتحقيق من أجل الوصول إلى هؤلاء" موضحًا: "نحن المدانون بهذه الأحداث، ندينها".
وانتقدت اللجنة "تراجع رئيس الحكومة ووزير العدل عن وعدهما بإيجاد حل للملف، فور الانتهاء من إصلاح منظومة القضاء، لكن وزير العدل خرج علينا مؤخرًا ليقول بأن ملف المعتقلين الإسلاميين أكبر منه كوزير".

تفجيرات الدار البيضاء

تفجيرات الدار البيضاء
12 عامًا على التفجيرات التي شهدتها الدار البيضاء في 16 مايو 2003، وراح ضحيتها 45 شخصًا، بينهم 12 انتحاريًّا، واعتقل على إثرها أكثر من 8000 من المواطنين، صدرت أحكام مختلفة بحق أكثر من ألف منهم، بينهم 17 حكموا بالإعدام.
وتفجيرات الدار البيضاء كانت سلسلة من الهجمات المُتزامنة بالأحزمة الناسفة وقعت في 16 مايو 2003 . في مدينة الدار البيضاء كبري مدن المغرب والعاصمة الاقتصادية للبلاد، وكانت الهجمات أسوأ هجوم وأكثره دموية في تاريخ البلد.
مُنفذو هجمات الدار البيضاء أتوا من منطقة سيدي "مومن" وهي ضاحية فقيرة في الدار البيضاء، وقد أشارت أصابع الاتهام بضلوع جماعة من تسمى بـ"السلفية الجهادية" وراء الحادث، حيث اعتقل أكثر من 2000 مشتبه فيه، ولم تتبن أي جهة تلك التفجيرات، ولم تعلن حتى الآن الجهة الحقيقية المسئولة عن الحادث.
مُنفذو التفجيرات أربعة عشر شخصاً ومعظمهم بين سن (20) و(24) سنة، استهدفوا عدة أماكن في تلك الليلة، وفي أسوأ هجوم قتلوا حارسًا بالسكين في مطعم يملكه إسباني، ثم اندفعوا داخل المبني وفجروا أنفسهم في الزبائن وقُتل 20 شخصًا داخل المطعم.
الهدف التالي كان فُندق فرح وهو فندق 5 نجوم حيث وقع به انفجار قتل البواب وحامل الأمتعة.
تفجير آخر قُتل فيه 3 أشخاص في محاولة من المُنفذين لتفجير مقبرة يهودية، حيث قام من نفذ التفجير بفعلته بواسطة جهاز تحكم عن بعد، واستهدف مهاجمان آخران المركز الاجتماعي اليهودي في المدينة، لكن لم يصب أحد؛ لأن المركز كان مغلقًا وقتئذ.
مُفجر آخر هاجم مطعماً إيطاليًّا، وآخر فجر قرب القنصلية البلجيكية التي تبعد بضعة أمتار عن المطعم قاتلًا رجلي شرطة مغربيين.
في جميع تلك الهجمات قتل منفذو التفجيرات الاثنا عشر، وأيضًا توفي 31 مدنيا ورجلا شرطة، معظمهم مغاربة، من بينهم 8 أوروبيين (بينهم 3 إسبان)، في حين اعتقل 2 من المهاجمين قبل أن يقوموا بهجماتهم، كما جُرح ما يزيد عن 100 شخص.
في أبريل 2008 هرب 9 متهمين بضلوعهم في هجمات الدار البيضاء التي أدت لمقتل 45 شخصًا وجرحت أعداد كبيرة أخرى، فروا من سجن القنيطرة شمال الرباط الذي يقضون فيه عقوبتهم، وذلك بحفرهم نفقًا إلى خارج السجن بعد صلاة الفجر، أحدهم حكم عليه بالإعدام، و6 منهم حكم عليهم بالسجن المؤبد و2 بعقوبة عشرين عامًا.

مطالب المعتقلين

مطالب المعتقلين
فيما يصر المعتقلون على تطبيق اتفاق 25 مارس 2011 المبرم بين ممثلي معتقلي ما يسمى السلفية الجهادية ومسئولين في وزارة العدل والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية العام لإدارة السجون، وممثل منتدى الكرامة لحقوق الإنسان مصطفى الرميد الذي صار وزيرًا للعدل في الحكومة الحالية.
ويقضي الاتفاق بحل الملف حلًّا شاملًا وفي إطار زمني معقول، من خلال تسريع الأحكام والبت في القضايا الرائجة أمام القضاء، مع مراجعة كل الملفات القابلة للمراجعة، والتي استنفذت كل وسائل الطعون، ومعالجة القضايا العالقة معالجة عادلة وفي أقرب الآجال وتفعيل مسطرة العفو.
وأصدر الملك محمد السادس عفوًا عن مئات الأشخاص بينهم 196 سلفيًّا ضمنهم ثلاثة من شيوخ السلفية المعروفين، وذلك تحت ضغط الشارع الذي قادته "حركة 20 فبراير" الاحتجاجية في 2011، والتي طالبت بـ "الحرية لمعتلقي الرأي".
لكن مع تراجع الحركة وصعود حكومة عبد الإله بن كيران رئيس حزب العدالة والتنمية المحسوب على جماعة الإخوان، لأول مرة في تاريخهم نهاية 2011 شهد ملف المعتقلين الإسلاميين جمودًا، تكررت معها إضرابات المعتقلين عن الطعام واحتجاجات عائلاتهم؛ بغرض نيل عفو ملكي لكن دون جدوى.

المشهد المغربي

يبدو أن ذكرى تفجيرات الدار البيضاء أعادت إلى الشارع اليمني الذكريات أليمة، ولكن هذه المرة عادت بشكل آخر مع وجود حكومة منتمية للإسلاميين في الحكم، واتهامات لرئيس الحكومة بأنه العقل المدبر لهذه التفجيرات؛ مما يهدد الشارع المغربي بعد الاستقرار باضطهاد من قِبل الحكومة الإسلامية لجماعات منتمية للتيار الإسلامي، وبالتالي يهدد استقرار الشارع المغربي.

شارك