بعد سقوطها في قبضة التنظيم.. "الرمادي" ذراع "داعش" في مواجهة الحكومة العراقية

الأحد 17/مايو/2015 - 10:02 م
طباعة بعد سقوطها في قبضة
 
بعد سقوطها في قبضة
تمثل مدينة  الرمادي عاصمة محافظة الأنبار أهمية خاصة لتنظيم الدولة "داعش"، بحكم موقعها الجغرافي المتميز  وتأثيرها الاستراتيجي على موازين القوى العسكرية المناوأة للتنظيم، ولذلك تشكل  سيطرةُ داعش “الجزئية” عليها مؤشرا  على قدرة داعش على الاحتفاظ بواقعها وثقلها اللوجستي في المنطقة الرابطة مع الأراضي السورية معقلها الأساسي 
 عادت مدينة الرمادي الى الواجهة بعد سيطرة داعش على المجمع الحكومي بها،  وقيامه بقتل العشرات من خلال استخدامه للسيارات المفخخة  على الرغم من انسحابه مرة أخرى تحت ضغط قصف قوات التحالف ولكنه بقى مسيطرا على نصف المدينة، وعلى مقر قيادة عمليات الأنبار غربي العراق وتشهد المعارك بها وتيرة متسارعة ونشر تنظيم داعش صورة توضيحية عبر حسابات مقربة منه على مواقع التواصل الاجتماعي، بين فيها التنظيم انه يسيطر على 70% من المدينة  وهو ما يؤشر على سقوطها في يد التنظيم
بعد سقوطها في قبضة
وتتمثل الأهمية الاستراتيجية للمدينة فيما يلى:  
1-  تعد المدينة بحكم موقعها الجغرافى  ورقة ضغط كبيرة على الجيش العراقي  لقربها من  العاصمة العراقية بغداد والعاصمة الدينية للشيعة  كربلاء.  
2-  ارتباط حدودها بالأراضي السورية يحافظ على التمدد العسكري للتنظيم ويسمح باستمرار الارتباط بين أراضي التنظيم في  ما يسميه  ولايتي الشام والعراق.
3-  تعد ثقل جغرافي وسكاني كبير حيث أنها  مركز أكبر المحافظات العراقية التي تشكل ثلث مساحة العراق.
4- الأهمية الكبيرة لسكانها الذين يقارب عددهم 2مليون  نسمة وغالبيتهم من العشائر السنية ، التي  استخدمتهم داعش في تأجيج الصراع السنى الشيعي في العراق من أجل الحفاظ على وجوده وأستمرارها  
بعد سقوطها في قبضة
هذه الاهمية هي ما خلقت حالة من الجدل حول أوضاع المدينة من عدة جوانب تمثلت فيما يلى 
أولا: وضع  العشائر وتسليحهم، ففي الوقت الذى تطالب هذه العشائر  بالسلاح للوقوف إلى جانب القوات الحكومية في معركة طرد  داعش  نجد الحكومة تترك هؤلاء العشائر ضحية لمجازر داعش وترفض بشدة تسليحهم .  
 ثانيا: الموقف الأمريكي لا يزال عائما بين القول والفعل فرغم غارات التحالف الموجهة بحراب واشنطن ضد داعش، لكنها لا تملك عرقلة زحف  تقدم التنظيم او منعه من الاستيلاء على المدينة على الرغم من  تصريحات جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي عن  أن واشنطن ستسرع في إرسال الأسلحة إلى العراق،  والتي ستشمل أسلحة ثقيلة كالصواريخ المحمولة على الكتف لمواجهة السيارات المفخخة والتي أجاد التنظيم تصفيحها.
 ثالثا: سكان المدينة الذين عانوا من التهميش ومع اشتداد المعارك في معظم مدن محافظة  الانبار  في الفلوجة وهيت والقائم والرطبة  و وراوة اصبحت غالبيتها تحت سيطرة تنظيم داعش،  مما دفعهم الى النزوح جراء المعارك الى مناطق عدة ومنها اقليم كوردستان والعاصمة بغداد .
رابعا: حكومة بغداد ومنذ عام 2006، عانى عشائر الأنبار من إهمال الحكومة العراقية عقب مقاتلتها لتنظيم داعش وتحقيق انتصارات عدة أسفرت عن استعادة جميع مدن الأنبار، وهو الأمر الذي لم تستطع القوات العراقية ومن قبلها الامريكية تحقيقه  وسارعت حكومة نوري المالكي انذاك بمكافأة عشائر الانبار عن طريق الزج بهم في السجون وعدم احتساب رواتب المقاتلين  وفى الوقت الحالي تكرار حكومة العبادي نفس الأمر حيث  فرضت شروطها على وجهاء مدينة وحكومة الأنبار  والتي تمثلت في إشراك مقاتلي الحشد الشعبي بمعارك الأنبار، وهذا أمر تم رفضه رغم توغل قوة مسلحة من مليشيا حزب الله العراق الى مناطق محددة بمدينة الرمادي قبيل انسحابها مؤخرا لتدخل مع سكانها في مقايضة رخيصة  اما التنازل عن حقوقهم  او منع الاسلحة والمعدات العسكرية عنهم  وبالتالى تصبحون فريسة للتنظيم
بعد سقوطها في قبضة
واعتبر الدكتور رائد العزّاوي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية أن "هناك مؤامرة دولية سمحت لقوات داعش بدخول محافظة الأنبار والانتشار في أرجائها في ظل ضعف تسليح عشائر المحافظة، وعدم وجود رغبة في الدفاع عنها رغم أن هناك وجوداً عسكرياً أميركياً كثيفاً بالأنبار وأن المحافظة شهدت منذ بدء الاحتلال الأميركي، وحتى الآن، تقلبات سياسية، وعانت طويلاً الإهمال على الصعد المختلفة، ما جعلها "محافظة هشة" على مستوى التركيبتين السياسية والجيوسياسية، وباتت ضعيفة في مواجهة أي مخاطر تتعرض لها علاوة على ضعف تسليح العشائر التي تسكنها، وهو ما جعلها تقع في يد تنظيم "داعش".
هذه الأوضاع هي ما تجعل المدينة ترتد الى الخلف  في تكرار لما جرى عام 2006 فالعشائر وفي مقدمتهم المقاتلين في جبهات القتال أمام مسلحي داعش، في وقت تمتنع حكومة العبادي عن الاستجابة لمطالب العرب السنة وأبرزها تشكيل قوات الحرس الوطني من أبناء الأنبار وإطلاق سراح المعتقلين فضلا عن إمدادهم بالسلاح  وبذلك  تصبح المدينة   بعد سقوطها هي ذراع  داعش القوية في الأنبار التي تحركها لتضرب بها حكومة بغداد وتوسع من خلالها نفوذها في شرق العراق وغرب سوريا.

شارك