الحوار الليبي.. الملاذ الأخير لمنع توغل العناصر المسلحة في البلاد

الأربعاء 20/مايو/2015 - 11:58 ص
طباعة الحوار الليبي.. الملاذ
 
في ظل انتشار العناصر المسلحة في ليبيا نظرًا لما تشهده من فوضى عارمة نتيجة تصارع أطراف على السلطة عقب الإطاحة بمعمر القذافي، بدأت بعض العناصر الإرهابية في محاولة فرض هيمنتها داخل عدة مواقع ليبية، وكان آخرها التنظيم الإرهابي "داعش" الذي توغل في معظم المناطق الليبية.
الحوار الليبي.. الملاذ
نشرت حسابات تابعة لتنظيم داعش أمس الثلاثاء 19 مايو 2015، صورًا قالت إنه احتفال جنود الخلافة وعامة المسلمين في سرت ودرنة بتحرير وفتح الرمادي في العراق.
ويسيطر تنظيم "داعش" على مواقع حيوية في مدينة سرت منذ أواخر فبراير الماضي، حيث يتمركز عناصر التنظيم في المدينة بالمقار الحكومية ومجمع قاعات واغادوغو ومفترق سوق الخضراوات وإذاعة سرت الحرة وسط المدينة في الاتجاه الجنوبي للمدينة، وكذلك بمنطقة السبعة والزعفران والظهير ومصنع الأعلاف وطريق الأقواس- جارف، فيما يسيطر التنظيم على مدينة "درنة" بالكامل.
ويسعى التنظيم إلى زيادة مسلحيه والمدربين في ليبيا، بالإضافة إلى تكثيف تدفق الأموال؛ من أجل توسيع دائرة نفوذه في البلاد المفتتة التي تستمر فيها الحرب من 4 سنوات، كما يسعى لتحويل ليبيا إلى معقله الرئيسي في إفريقيا، كما ذكرت إحدى الصحف الأمريكية، وأن ليبيا باتت جزءًا من خريطة الإرهاب الخاصة بهم.
مع تنامي نفوذ "داعش" في المنطقة العربية بدأت الجماعات المسلحة المختلفة في الانتساب إليه؛ من أجل الاستفادة من الصورة الإعلامية الذي خلقها التنظيم لنفسه، كما استفاد التنظيم نفسه من هذا الانتساب الوهمي، باعتباره دليلًا على "توسع الخلافة".
وذكر مراقبون أن النجاحات الأخيرة لـ"داعش" في شمال إفريقيا، تعد أول توسع حقيقي لنفوذ التنظيم الإرهابي خارج المشرق العربي.
الحوار الليبي.. الملاذ
يقف الغرب مكتوف الأيدي أمام فرض تنامي نفوذ التنظيم في عدة دول عربية أبرزها ليبيا، كما أن الولايات المتحدة لا تخطط لتوسيع حملتها الجوية ضد "داعش"، مكتفية بحربها على التنظيم في العراق وسوريا، باعتبار أن واشنطن لا تثق بالجماعات المسلحة المتواجدة في ليبيا على حد قول الصحيفة.
وتعد محاولات الجيش الليبي الموالي لحكومة عبد الله الثني، في مواجهة التنظيم الإرهابي جميعها غير مجدية، ودائمًا تبوء بالفشل، وحتى الآن لم يتمكن الجيش من فرض سيطرته على المدن الليبية الكبرى الأخرى.
وتبقى ميليشيات "فجر ليبيا" وأخرى قبلية، تسيطر على النصف الغربي من البلاد باستثناء منطقة الزنتان، كما تسيطر فصائل "فجر ليبيا" و"أنصار الشريعة" على العاصمة طرابلس، وهناك أيضًا تواجد قوي للمتطرفين بمن فيهم مسلحون موالون لتنظيم "داعش" في سرت ونوفيليا وبنغازي ودرنة.
وتخوض القوات التي يقودها "حفتر"، معارك يومية مع الجماعات المسلحة بهدف السيطرة الكاملة على بنغازي، بعدما سقط الجزء الأكبر من المدينة.
من جانبه شن رئيس الوزراء الليبي، عبدالله الثني المعترف به دوليًّا، انتقادات للغرب بسبب عدم شن حملة على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على غرار الحملة المتواصلة على مواقعه في سوريا والعراق.
وقال الثني: إن الغرب يتعامل مع الإرهاب "بمفهومين"؛ لأن جهود التحالف الدولي ترتكز على محاربته في المشرق العربي فقط في حين تنتشر مجموعات مماثلة في ليبيا، محذرًا من أن عدم تمكين الجيش الليبي من محاربة التنظيم سيؤدي إلى آثار سلبية ستتأثر بها الدول الكبرى.
الحوار الليبي.. الملاذ
بدا واضحًا أن التنظيم الإرهابي لم يتوسع في المنطقة العربية فقط، بل بدأ يتوغل في أوروبا، حيث نقل مركز "سايت" المتخصص في رصد نشاط المتطرفين في الإنترنت، صورًا التقطت على خلفية الكولوسيوم في روما وفي مناطق أخرى بالعاصمة الإيطالية، تظهر عليها لافتات كتب عليها: "دولة الإسلام باقية... باقية.. روما"، "دولة الخلافة في روما"، "في روما الآن يتم الرصد وتحديد الهدف.. بانتظار ساعة الصفر".
 وتظهر بعض الصور شوارع ميلانو، بما في ذلك كاتدرائية المدينة. كما التقطت العديد من الصور على خلفية سيارات تابعة للشرطة.
 وبالتزامن مع نشر الصور، حذرت الحكومة الليبية من وجود متطرفين في صفوف المهاجرين الذين لا ينقطع تدفقهم إلى أوروبا على الرغم من تزايد حوادث غرق القوارب والتي أسفرت خلال الأشهر القليلة الماضية عن مصرع المئات.
من جانب آخر أعلنت عددٌ من كتائب مصراتة أمس الثلاثاء دعمها للحوار والمصالحة في البلاد والدفع نحو التهدئة؛ للقضاء على التنظيمات الإرهابية في البلاد.
وأكدت كتائب الحلبوص والمحجوب وحطين والكتيبة 166، في بيان مشترك أنها ستتواصل مع كل الجبهات والمحاور والمؤسسات الرسمية والمدنية الراغبة في السلم والحوار وإنهاء الاقتتال، وفقًا لوكالة الأنباء الليبية.
وأشار البيان، إلى أن هذه المساعي الإيجابية بدأت في عدد من المناطق مثل براك الشاطئ وورشفانة والهلال النفطي.
وأكد أفراد هذه الكتائب في بيانهم أنهم كما كانوا في مقدمة صفوف المقاتلين في جبهات القتال، سيكونون في مقدمة ساحات السلم وجزءًا من الحل، وأنهم سيردون بكل قوة وبلا هوادة على كل مَن يحاول خلخلة حالة السلام والحوار والتهدئة.
الحوار الليبي.. الملاذ
كما أكدت كتائب الحلبوص والمحجوب وحطين والكتيبة 166، دعمها مجلس مصراتة البلدي كجهة شرعية وحيدة تمثل المدينة، ودعت كل الثوار إلى الالتزام بما جاء في البيان، قائلة: إنها ستبادر بإعادة انتشار التشكيلات المسلحة وبناء مؤسستي الجيش والشرطة، وتفعيل المؤسسات القضائية ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وكانت أعلنت العديد من الكتائب الجهادية في دول المغرب انشقاقها عن تنظيم القاعدة والالتحاق بصفوف داعش، فإلى جانب "جند الخلافة" أولى الكتائب التي بايعت خلافة أبي بكر البغدادي، تمردت، لتنشق عنه وتعلن انضمامها إلى "داعش".
 وكان "داعش" قد بسط سيطرته على "النوفلية" و"درنة" و"سرت"، وجزء من مدينة بنغازي، مستغلًّا خوض الجيش نزاعًا مع الميليشيات.
وتتفاقم الأزمة الليبية في ظل عناد الأطراف المتناحرة، وتمسك كل طرف بوجهة نظره، متجاهلًا بذلك مصلحة البلاد.
وشهد الحوار الليبي الأخير في مدينة الصخيرات المغربية عدة مشاورات واقتراحات من جانب الأمم المتحدة عن طريق مبعوثها لدى ليبيا برناردينو ليون، والذي اقترح تشكيل حكومة وفاق وطني، إلا أن الاطراف لا زالت معترضة على ذلك.
يعتبر نجاح الحوار الليبي هو الملاذ الوحيد لتخطي الأزمة الراهنة، حيث إن توافق الأطراف المتنازعة سيدفعهم إلى التصدي للجماعات الإرهابية يدًا واحدة؛ الأمر الذي قد يدفع "داعش" وغيرها من المسلحين إلى التراجع والخروج من البلاد.

شارك