مؤتمر القبائل الليبية في مصر.. بين حظر الإخوان واشتعال الحرب مع "فجر ليبيا"

السبت 30/مايو/2015 - 11:42 ص
طباعة مؤتمر القبائل الليبية
 
بعد أربعة أيام من المناقشات والمباحثات بشأن حل الأزمة الليبية، التي وصلت إلى ذروتها في الفترة الأخيرة؛ حيث إصرار كل طرف من الأطراف المتناحرة على موقفه دون الأخذ في الاعتبار مصلحة البلاد- اختتم ملتقى القبائل الليبية أعماله في القاهرة والذي حضره نحو 530 شخصية، بالتشديد على نبذ التنظيمات الإرهابية بعيدًا عن العملية السياسية، ودعوة المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته في ليبيا.
مؤتمر القبائل الليبية
كان للقبائل الليبية دور مهم في السعي لاحتواء الأزمة والوصول إلى بناء دولة حديثة تقوم على المساواة في الحقوق والواجبات، حيث انعقد، وذلك تحت شعار "معا من أجل بناء ليبيا"، التي أنهى فعالياته، بالتأكيد على دعم مجلس النواب الشرعي والجيش الليبي في مواجهة العناصر الإرهابية.
وأكد البيان الختامي للملتقى على أن استمرار الحوار المجتمعي يعد ضرورة للمضي قُدمًا في الحفاظ على وحدة ليبيا، التي تعد خطا أحمر لا يمكن تجاوزه كما جاء في البيان، وأشار أيضا إلى أن جماعة الإخوان إرهابية، وأنه لا مكان لأي تنظيم إرهابي في العملية السياسية.
ضم المؤتمر عددًا من القبائل والأحزاب الليبية، إضافة إلى ممثلي الحكومة المصرية، كما قاطعت بعض القبائل المؤتمر مطالبين بعقد المباحثات في ليبيا.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، على ضرورة عزل الجماعات الإرهابية في ليبيا ودحرها، مشيرًا إلى أهمية الوقوف بحزم ضد التدخلات الخارجية في الشأن الليبي.
من جانبه، قال إبراهيم محلب رئيس الحكومة المصرية، أمام ملتقى القبائل الليبية، "إن استقرار ليبيا من استقرار مصر"، مؤكدًا على دعم الجهات الشرعية في مواجهة العناصر الإرهابية.
وأشار إلى موجات الإرهاب والعنف التي تضرب في المنطقة والمجتمعات التي تمزقها دعاوى الطائفية والتطرف الديني والتقسيم والتفتيت.
وأعلنت القبائل المشاركة، في ختام الفاعليات، تشكيل مجلس تمثيلي للقبائل يستمد شرعيته من مجلس النواب، مشددًا على رفض التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين التي اعتبرها إرهابية، وأوصى بحظرها في ليبيا.
وأظهرت القاهرة اهتماماً كبيراً بالمؤتمر الذي نظمته وشارك فيه أكثر من 220 من شيوخ وزعامات القبائل الليبية، غالبيتهم من شرق البلاد. 
مؤتمر القبائل الليبية
وألقى الشيخ عبدالمطلوب الأبيض البيان الختامي للمؤتمر الذي حمل اسم "معاً من أجل بناء ليبيا"، مؤكدًا أن تجزئة ليبيا خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ولا يسمح بتخطيه... تبين أننا تعرضنا لمؤامرات خارجية في السنوات الماضية تنفذ للأسف الشديد بأيدٍ ليبية وفق أجندات سياسية ودينية وفكرية، وكانت نتائجها كارثية بكل المقاييس.
وأكد البيان أن مجلس النواب له الشرعية وانعقدت له ولاية الأمر، وهو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي، ويجب دعمه ودعم ما يصدر عنه من قرارات، داعياً إلى دعم الجيش الليبي البطل الذي يقارع الآن قوى الظلام والإرهاب الأسود، ومده بالسلاح ليضمن أمن الوطن ويقضي على الإرهاب فكراً وسلوكاً، ويحقق وحدة القوة التي تُنهي كل المظاهر المسلحة غير المشروعة.
واعتبر أن الحوار المجتمعي من أهم السبل للخروج من الأزمة الراهنة، والمؤتمر مقدمة لحوار مجتمعي جامع يتم داخل الوطن.
 لكنه أكد التبرؤ المطلق من الإرهاب والإرهابيين، ودعوة القبائل إلى تحديد موقفها من الإرهاب ومحاربة كل من ينتمي إليه أو يدعمه، مطالباً الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور بالإسراع في مهمتها.
وأقر المؤتمر إنشاء مجلس للقبائل الليبية تتم تسمية أعضائه في الداخل في أسرع وقت ممكن، ويستمد شرعيته من مجلس النواب، ويحافظ على السلم والأمن الاجتماعي، ويلتزم بشئون النازحين والمهجرين والمصالحة الوطنية وينمي العلاقات الاجتماعية بدول الجوار والدول العربية.
وشدد على أن لا حوار مع أي تنظيم إرهابي، مؤكداً رفض جميع الأحزاب على اختلاف مسمياتها، بما في ذلك الإخوان المسلمون، وهم المفسدون، والتأكيد على أن تنظيم الإخوان منظمة إرهابية مع حظرها، ورفع الغطاء الشرعي عنها في ليبيا.
وطالب الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي بالضغط على مجلس الأمن ورفع الحظر عن تسليح الجيش، كما حض الجامعة العربية على العمل على تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك. 
وحض الحكومة المصرية على تسهيل حركة التنقل عبر المنافذ الجوية والبرية بما لا يتعارض ومصلحة وأمن البلدين.
مؤتمر القبائل الليبية
وحمّل البيان المجتمع الدولي مسئولياته تجاه تخليه عن الشعب الليبي، داعياً إلى عقد مؤتمر دولي لإعمار ليبيا وتحميل الدول المتسببة في الأزمة المسئولية الكاملة عن ذلك.
 فيما أدان كل الأطراف الخارجية الداعمة للإرهاب في ليبيا، مباركًا أي جهود مخلصة مجردة من الأمم المتحدة، شرط أن تحقق الصالح الليبي وتنأى عن الأجندات غير المخلصة لليبيا، مشدداً على رفض أي ترتيبات دولية فيما يخص الشأن الليبي، ما لم تمكن نابعة من إرادة حرة وتوافق وطني ليبي خالص.
كان أبدى بعض المتابعين والمهتمين بالشأن الليبي تشاؤمهم من نتائج مؤتمر القبائل الليبية، على اعتبار أن شيوخ القبائل الليبية الموجودين في زمام فجر ليبيا والكتائب المسلحة لن يستطيعوا الحضور إلى القاهرة لاعتبارات أمنية، وأن هذه المناطق هي مناطق قتال صعب التحرك فيها أمنيا، بالإضافة إلى رفض بعض شيوخ القبائل الجلوس على مائدة حوار تكون الأمم المتحدة شريكًا فيها؛ بسبب اتهامات المبعوث الأممي لدى ليبيا، برناردينو ليون، بأنه يعمل لتنفيذ مخطط أمريكي بريطاني لتقسيم ليبيا إلى مناطق، والتشكيك في نوايا الأمم المتحدة بشأن الأزمة الليبية.
وكانت انسحبت قبائل الغرب والجنوب الليبي مؤتمر القبائل الليبية المنعقد، احتجاجًا على وجود عدد من سفراء بعض الدول التي شاركت مع حلف الناتو في ضرب ليبيا. 
وأبدى شيوخ وأعيان القبائل اعتراضهم عن عدم توجيه دعوات للقبائل الفاعلة في الجنوب والغرب والوسط وإلى المشائخ الفعليين الذين تم تهميشهم.
ويرى مراقبون أن هذا المؤتمر هو آخر الفرص للقبائل الليبية لقيادة وإنجاح حوار ليبي، بعيدًا عن تدخل الأطراف الأجنبية. 
 ويتوقع أن يكون هذا المؤتمر تمهيدًا لمؤتمر كبير سيعقد قريبًا داخل ليبيا يضم كل القبائل وتفعيل دورها في غياب الأحزاب السياسية الغير فاعلة، ويرجح أيضاً أن يتم تشكيل جسم من داخل القبائل يحل محل البرلمان الذي ستنتهي ولايته في أكتوبر القادم وهي خطوة لدعم الجيش. 
مؤتمر القبائل الليبية
وحسبما ذكر، الدكتور محمد الشحومي الإدريسي، ممثل قبيلة أولاد الشيخ زليتن الليبية، رئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، وأمين سر اللجنة التحضيرية ورئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر، أن أبرز ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر القبائل الليبية بالقاهرة، هو التحضير لعقد مؤتمر يضم كل القبائل داخل الأراضي الليبية، وتشكيل لجنة للمصالحة مع جميع القبائل عدا من يحمل السلاح، مضيفًا أن القبائل الليبية الموجودة بالقاهرة أجلت تشكيل هيئة مكتب مجلس القبائل الليبية إلى الاجتماع المقبل الذي سينعقد على الأراضي الليبية خلال الفترة المقبلة، مؤكدا على ضرورة الإصرار بأن الحوار المجتمعي هو خيار استراتيجي؛ لذلك لا يجب تخوين أي فصيل، والعمل على قبول الآخر، قائلاً: "ليبيا متحدة وأنّه آن الأوان للتخلي عن الإقصاء".
وأكد أن دولة ليبيا لا تستطيع التحرك بدون الدولة الحاضنة في إشارة إلى مصر، موضحاً أنّ مصر لم تتدخل في مؤتمر القبائل الليبية بالقاهرة؛ لأنها تقف على مسافة واحدة مع جميع الأطراف.
ويعتبر المؤتمر هو الفرصة الأخيرة لتخطي الأزمة الليبية، على اعتبار أن القبائل الليبية بيدها زمام الأمور في البلاد.
 كذلك نجاح القبائل في التوافق على رأي موحد قد ينهي الخلافات بين الأطراف المتناحرة، وقد يتفاقم الوضع عقب إعلان القبائل إدراج الإخوان في ليبيا على قائمة التنظيمات الإرهابية؛ ما يشعل الأوضاع بين الحكومة الشرعية في طبرق، والحكومة الموازية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين والتي تواليها ميليشيات فجر ليبيا في طرابلس.

شارك