القمع والأزمة السورية والأكراد تهدد طموح أردوغان في الانتخابات البرلمانية

السبت 06/يونيو/2015 - 07:56 م
طباعة القمع والأزمة السورية
 
يبدو أن مشاركة أكثر من مليون مواطن تركى خارج البلاد بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية التركية، في 54 دولة حول العالم، تنبيء بزيادة اقبال الناخبين على الانتخابات المقرر عقدها الأحد 7 يونيو الجاري، بعد أن ارتفعت نسبة المشاركة الأتراك في الخارج إلى 35.89 %، بعد أن كانت في الانتخابات الرئاسية السابقة التى أجريت في أغسطس الماضي 18.98% فقط، حيث يبلغ عدد الناخبين الأتراك 2 مليون و800 ألف ناخب، نصفهم تقريبا يتواجدون في المانيا، التى تحتضن أكبر عدد من المواطنين الأتراك بالخارج، وحسب الأرقام الرسمية شارك منهم اكثر من 400 الف في هذه الانتخابات.
وحسب الأرقام الرسمية يبلغ عدد الناخبين في تركيا 53 مليون و765 ألف و231 ناخبا، بينما يصل عدد الناخبين خارج البلاد 2 مليون و876 ألفا و658 ناخبا، ووصلت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية السابقة في 2011 حوالى 84%، بينما بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة حولبى 75%.
يأتى ذلك في الوقت الذى وسع فيه الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" من هجومه على المعارضين وجماعة فتح الله جولن، والتى يصفها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان  دائما بـ"الكيان الموازى"، فى الوقت الذى نشرت فيه تقارير تفند مزاعم أردوغان بشأن عدم وجود فقراء فى تركيا فى عهده، إلى جانب اندلاع احداث شغب واسعة على اثر مقتل رجل بالرصاص بعد أن أطلق مسلحون مجهولون النار على حافلة لحملة انتخابية لحزب الشعوب الديموقراطي القريب من الأكراد، ووقع الهجوم في منطقة كارليوفا في محافظة بينجول حيث غالبية السكان من الأكراد.
ومع مخاوف عدم حسم حزب العدالة والتنمية للأغلبية داخل البرلمان، تهاوت الليرة التركية وتراجعت بشكل ملحوظ، حيث اشارت وكالة رويترز فى تقرير سابق لها إلى أن العملة التركية تراجعت بنحو 14% منذ بداية العام وهو ما يجعلها واحدة من العملات الأسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة، وسجلت الليرة التركية مقابل الدولار إلى 2.7 ليرة (حوالى جنيهان وثمانون قرشا لليرة بعد أن كانت أربع جنيهات وخمس وعشرون قرشا قبل أحداث تكسيم فى يونيو 2013).

تراجع الليرة وزيادة معدلات الفقر

تراجع الليرة وزيادة
الخسائر التى تواجه أردوغان لم تتوقف عند تهاوى الليرة وانتقادات المعارضة بسبب قمع الحريات وملاحقة المعارضين ووضع مزيد من القيود على الصحف ووسائل الاعلام، واستمرار ملاحقة عناصر جماعة فتح الله جولن فى مؤسسات الدولة، بعد ان ساهموا فى الكشف عن قضايا فساد عديدة تورط فيها أردوغان وعناصر حكومته، بل وصلت إلى اتهام أردوغان بالكذب، وانكار وجود فقراء فى تركيا، واعتمدت المعارضة على تقرير هيئة الإحصاء التركية بشأن معدلات الفقر في البلاد، وبحسب التقارير الرسمية هناك 16 مليونا و706 آلاف فقير في البلاد ـوبحسب التقارير فإن الفقير هو كل من يحصل على دخل يقل عن 501 ليرة تركية، كما تم الإعلان عنه عام 2013.
من جانبه قال نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض بالبرلمان عن مدينة إسطنبول أوموت أوران العدد الحقيقي للفقراء يزيد عن الأرقام المعلنة بكثير، فعدد الفقراء يصل إلى 21 مليونا و979 ألف فقير إذا تم احتساب معدل الفقر لمن يحصل على دخل أقل من 585 ليرة تركية، مشيرا إلى أن أردوغان الذي يجلس في قصر بلغت تكلفة بنائه 1.5 مليار ليرة، بالإضافة إلى 6.5 مليون ليرة للطاولات والكراسي فقط، و1000 ليرة للكأس الواحد المُزخرف بماء الذهب، وتصل المصروفات الشهرية إلى 21 مليون ليرة تركية، من الطبيعي ألا يرى جيوش الفقراء على الأبواب، ويتجاهلهم. فضلا عن اتهامه لمن يقولون إن هناك فقراء، بالكذب".  

الحزب الحاكم يتقدم

الحزب الحاكم يتقدم
وكشف أحدث استطلاع لشركة ORC لاستطلاعات الرأي فى تركيا –والتى كثيرا ما تكون نتائجها متقاربة مع النتائج النهائية للانتخابات-، إمكانية حصول حزب العدالة والتنمية الحاكم على 46% من الأصوات يليه حزب الشعب الجمهوري بـ25.3% ثم حزب الحركة القومية بـ 15.5% فحزب الشعوب الديمقراطي الكردي بـ 9% فيما تنال بقية الأحزاب الصغيرة ما مجموعه 4.2% من الأصوات، وهو ما يعنى حصول حزب العدالة والتنمية على أغلبية ثلثي مقاعد البرلمان بعد أن يتم إلغاء مقاعد حزب الشعوب الديمقراطية الكردي بسبب عدم حصوله على نسبة 10% التي يشترطها القانون الانتخابي التركي لتمكين الأحزاب من دخول البرلمان، وهو ما سيترتب عليه حصول حزب العدالة والتنمية على ثلثي مقاعد البرلمان، ومن ثم تشكيل الحكومة وتعديل الدستور مباشرة.
ونتيجة لما ورد في هذا الاستطلاع يتوقع الكثيرون  انه حتى في حال تجاوز حزب الشعوب الديمقراطية لحاجز 10%، لن يصبح عقبة أمام حزب العدالة والتنمية ، خاصة وأن النسبة المتوقعة له 46% تمكنه من الفوز بأغلبية النصف + 1 ، وهو ما يعنى تكليفه بتشكيل الحكومة، ثم من تغيير الدستور ولكن من خلال الدعوة إلى استفتاء شعبي، وليس عبر قرار للبرلمان، بينما فى حال فشل حزب الشعوب الديمقراطية الكردية في عدم اقتناص 10% من أصوات الناخبين على الأقل، فهذا يعني انه لن يتمكن من دخول البرلمان ليصبح خاليا من أى تمثيل سياسي للأكراد ، وهناك من يدعم ويفضل دخول الشعوب الديمقراطية إلى البرلمان لتقوية المعارضة حتى تجر العدالة والتنمية إلى وضع أكثر توازنا ولا تسمح لأردوغان بزيادة سلطته وتطبيق النظام الرئاسي،  خاصة وأن فشل حزب الشعوب الديمقراطية فى تخطي نسبة 10% من أصوات الناخبين، ولا يحقق الحزبان المعارضان الكبيران الشعب الجمهوري والحركة القومية أهدافهما في الحصول على مزيد من الأصوات، سيصل عدد نواب العدالة والتنمية إلى 330 تقريبا، وهو ما سيكون في صالح أردوغان ، ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ، وإظهار مشروع دستور جديد وعرضه على البرلمان ، لتنتقل تركيا من النظام البرلماني والفصل بين السلطات إلى النظام الرئاسي، وانتهاء مهام أوغلو، بحيث يتم تشكيل حكومة جديدة وبصلاحيات محدودة لرئيس الوزراء الجديد، حتى لو تم إعادة تكليف أوغلو بذلك.

سيناريوهات الانتخابات

سيناريوهات الانتخابات
يبلغ عدد مقاعد البرلمان التركي 550 مقعدا، ويهدف حزب العدالة والتنمية لحصد 400 مقعد من أجل تغيير الدستور دون الاحتياج لأى خطوات أخرى، مع الوضع فى الاعتبار أن عدد المقاعد التى حصل عليها فى المرة السابقة 327 مقعدا، مقابل 137 لحزب الشعب الجمهورى، و52 مقعدا للحركة القومية، و26 مقعدا لحزب السلام والديمقراطية، وأربعة مقاعد للحزب الديمقراطى الشعبى، و17 مقعدًا أخرى للمستقلين وأحزاب أخرى. 
وحسب السيناريوهات الموضوعة، إذا تمكن حزب العدالة والتنمية من رفع عدد نوابه إلى 330 نائبا، يمكنه إصدار قرار بإجراء استفتاء على التعديلات الدستورية التي يريدها، أما إذا فاز بـ367 مقعدا - أغلبية الثلثين - فإن ذلك يعني أن الحزب يستطيع تمرير التعديلات التي يريد دون الحاجة إلى استفتاء عام  بموجب الدستور الحالي.

الإخوان يدعمون الحزب الحاكم

وكشفت وكالة جيهان التركية عن مشاركة يحيى حامد وزير الاستثمار المصري في عهد المعزول محمد مرسي في الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، حيث قام حامد بزيارة للمكتب الانتخابي لحزب العدالة والتنمية الحاكم في مدينة "وان" وألقى كلمة استهلها بقوله" أحمل لكم سلام وتحيّات الرئيس محمد مرسي، مشيرا إلى أن الانتخابات البرلمانية في تركيا لا تهم تركيا وحدها بل ترتبط ارتباطا وثيقا بالعالم الإسلامي أيضا، وإن الرئيس محمد مرسي يبلغ سلامه للجميع من محبسه، موضحا بقوله "  نسعى لتوحيد صفوف العالم الإسلامي الممزق،  ونحن نرى أن هذه الانتخابات فرصة مهمّة للغاية لتوحيد المظلومين، لذا يقع على عاتقكم مهام كبيرة جدا للمِّ شمل الناس، وأنا أتيت لأجل هذا الهدف وسأعمل معكم".

إصلاحات اقتصادية ودستورية

إصلاحات اقتصادية
و يعتمد حزب العدالة والتنمية في برنامجه الانتخابي على إجراء اصلاحات عديدة في المجال الاقتصادي، وتوفير فرص عمل، وتلبية مطالب الشرائح الاجتماعية المختلفة، واقرار قانون الشفافية، وإعادة هيكلة الأجهزة الإدارية ووضع  مخططات لإعادة تأهيل المدن وتطويرها، إلى جانب صياغة دستور جديد، والمضي قدما في إيجاد حل جذري للمسألة الكردية.
وفى محاولة انتخابية لاقتناص مزيد من الأصوات، أعلن رئيس الوزراء التركى أحمد داود أوغلو عن تخصيص 100 ليرة تركية مساعدة شهرية لكل طفل يتيم، والكشف عن بدء صناعة سيارة من مكونات تركية محلية الصنع خلال الأشهر القادمة، إلى جانب اعتماد الحزب على مغازلة الجماعات الدينية والبسطاء والفقراء وخاصة فى القرى والأرياف، واستمرار اللهجة الدينية فى خطابات الرئيس التركى او رئيس الوزراء. 

الاقتصاد والتنمية أولا

من جانبه قال كمال كيلجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية انه ينبغى تغيير سياسة تركيا الخارجية، وضرورة الكف عن التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى وخاصة مصر، واتهام أردوغان باتخاذ مسار خاطيء له نتائج سلبية على الاقتصاد التركى، إلى جانب معاناة أكثر مليوني سوري في تركيا كثير منهم يتسولون في الشوارع دون أن توفر لهم الحكومة التركية الحالية حلولًا مناسبة، خاصة أن البعض منهم ربما يقوم بأعمال سرية.
ويهدف الحزب إذا نجح، إلى تأسيس مدينة جديدة لتكون مشروعا عالميا ومركزًا يربط العالم عبر ميناءين في البحر المتوسط والبحر الأسود، ومدينة جاذبة وتتوافر بها وسائل الراحة، يعيش فيها 3 ملايين من السكان وتقع في مركز خطوط المواصلات والسكك الحديدية، ومراعاة  معايير التنمية والتطوير على غرار المدن المتكاملة وستكون أكثر المدن من ناحية المساحات الخضراء، ويساهم المشروع بتحقيق قيمة مضافة تبلغ 100 مليار دولار في عام 2035، وستدخل تركيا في هذا العام ضمن أول 20 دولة في مجال التنمية البشرية، وستنخفض معدلات البطالة لأقل من 5 في المئة، وسيكون متوسط سرعة النمو 6 %، ويهدف المشروع المسمى بـ "مشروع تركيا المركز" إلى إقامة مدينة ضخمة باستثمارات يبلغ حجمها 200 مليار دولار خلال 20 عاما، ستوفر فرص عمل لمليونين و200 ألف شخص، وترفع نصيب الفرد من الدخل القومي إلى 35 ألف دولار .

العدالة في التوزيع

العدالة في التوزيع
من جانبه يراهن رئيس حزب الحركة القومية المعارض "دولت بهتشيلي" على تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين الأتراك، في ظل اتهامات العدالة والتنمية بعد الإنصات لهموم المواطنين، مع وعد الناخبين بتأمين الراحة لذوي الدخل المتوسط، وتوزيع الدخل بين الغني والفقير بشكل عادل لمعالجة الجروح التي سببتها البطالة وتأمين فرص عمل لكل المحتاجين.
ومعروف عن بهتشلى مواقفه المعارضة دوما للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث سبق واتهم مؤسسات الدولة التركية باستخدام أكاذيب وافتراءات من أجل فوز أردوغان، وسلكوا طرقاً غير ديمقراطية في الانتخابات الرئاسية السابقة، معتبرا أن لم يستقِل من منصبه كرئيس للوزراء ابان ترشحه للرئاسة، وانما استفاد أردوغان من جميع صلاحياته في هذا المنصب في حملته الدعائية.

الشباب والقضية الكردية

نجاح صلاح الدين ديميرتاش زعيم حزب الشعوب الديمقراطية الكردي فى الحصول على 9% من أصوات الناخبين فى الانتخابات الرئاسية السابقة جعلته يخوض سباق الانتخابات البرلمانية بقوة وخلط الأوراق، ومزاحمة حزب العدالة والتنمية فى مقاعد البرلمان، ووصل به التحدى إلى تأكيده على التقدم باستقالته من منصبه إذا فشل حزبه فى الحصول على نسبة ١٠٪ من أصوات الناخبين التى ينص عليها القانون للتأهّل إلى البرلمان، ويعتقد ديميرتاش أن نجاحا فى تحقيق أهدافه يساهم فى إنهاء طموح حزب العدالة والتنمية فى تعديل النظام السياسى وتقوية صلاحيات رئيس الجمهورية، إلى جانب استئناف عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمّال الكردستانى، بالإضافة إلى وضع دستور مدنى وديمقراطى جديد للبلاد، وحاول الحزب استقطاب مرشحين أتراك في المناطق التي لا يتوفر فيها على نفوذ، لكسر الصورة السلبية والنمطية التي تلاحقه وكسب تأييد أصوات جديدة لا تنتمي إلى مناطق الأكراد، كما قام بترشيح ترشيح "باريس سولو" في رسالة سياسية إلى المثليين للحصول على أصواتهم، وهم كتلة ليست بقليلة في المجتمع التركى، إلى جانب مخاطبة الكتلة التصويتية للمرأة ، حيث يبلغ نصف مرشحيه الـ 550 من فئة النساء، كما أنه الحزب الوحيد الذي اعتمد صيغة المقاعد الثنائية البديلة بحيث يكون لكل مقعد مخصص للرجال في الحزب، آخر مخصص للنساء، مع محاولة استقطاب أصوات الأكراد الاتراك المتواجدين بالخارج، وخصوصا في أوروبا.

شارك