بعد مبايعة فصيل النصرة "البوكمال" .. هل تبسط داعش سيطرتها على الفصائل المسلحة؟!
الأربعاء 25/يونيو/2014 - 09:28 م
طباعة
اللون الأحمر يوضح مناطق سيطرة داعش
لقاء البيعة في اليوكمال
بايع فصيل من "جبهة النصرة" في مدينة البوكمال الواقعة على الحدود مع العراق، تنظيم "داعش" الذي كان يقاتلها حتى أيام قليلة خلت، بحسب ما أفاد جهاديون الأربعاء.
وكتبت صفحة "ولاية حمص" الموالية لـ"داعش": "بحمد الله دخلت مدينة البوكمال تحت سيطرة الدولة بدون قتال ولله الحمد، حيث بايع جنود جبهة الجولاني ـ في إشارة إلى زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني ـ الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ونشر أبو حفص الأثري الموالي لـ"داعش" على حسابه، صورة لكل من عمر الشيشاني (قيادي في داعش) وأبو يوسف المصري (قيادي في النصرة) يتصافحان قرب مكتب، وبدا في الخلفية علم "الدولة الإسلامية" الأسود وزهور وكرة أرضية.
تأسس "داعش" في سوريا قبل نحو عام، بعد تحالف فرعي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وفي سوريا، لكنه تمكن خلال هذه الفترة البسيطة من السيطرة على عدد من المناطق الاستراتيجية من بينها بلدة أعزاز، وأقام "داعش" عدة إمارات تابعة له في ريفي حلب وإدلب، وفرض قواعد دينية واجتماعية متشددة أدت إلى استياء قطاعات عريضة من سكان تلك المناطق، كما دخل في صراع مع فصائل المعارضة الأخرى، وقتل العديد من قادتهم الميدانيين.
فيما وُلدت جبهة النصرة في سوريا عام 2012، بعد أشهر من بدء النزاع، أما "الدولة الإسلامية" بقيادة أبو بكر البغدادي، فقد تمددت من العراق الى سوريا.
وبعد أشهر من القتال جنبًا إلى جنب، أعلن تنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري ان "جبهة النصرة" تمثله في سوريا، داعيًا "الدولة الإسلامية" إلى الانكفاء نحو العراق، ووقفت فصائل المعارضة المسلحة كلها ضد "داعش"، متهمة إياه بأنه "من صنع النظام" السوري و"ينفذ مآربه".
واوقعت المعارك بين "الدولة الاسلامية في العراق والشام" والفصائل الأخرى وبينها النصرة منذ بداية هذه السنة في مناطق سورية عدة اكثر من ستة آلاف قتيل، بحسب المرصد السوري.
من الصراع للتحالف
جبهة النصرة
يبدو أن بيعة النصرة في منطقة البو كمال، تأتي مخالفة لسير الأحداث خلال المرحلة الماضية، فقد كانت الجبهة لفترة طويلة، في صراع مع "داعش" أو في حالة مهادنة ولكن ليس في تحالف أو" بيعة" .
ففي يناير الماضي حاصرت "جبهة النصرة" تنظيم (داعش) في مدينة الرقة شمالي سوريا، واستطاع مقاتلو الجبهة تحرير نحو 50 سجينًا، من أحد المباني التابعة لداعش في الرقة.
وقد توحدت أربع جبهات جديدة تحت راية الحرب على "داعش"، هي الجبهة الإسلامية والجيش السوري الحر، وجيش المجاهدين، وجبهة ثوار سوريا، وشكلوا في بداية 2014 تجمعًا جديدًا أطلقوا عليه اسم "جيش المجاهدين"، وأعلن زعيم التجمع الجديد، الشيخ توفيق شهاب الدين، في بيان أن الهدف الأساسي من تشكيل "جيش المجاهدين" هو مواجهة "داعش"، داعيًا جميع الفصائل للانضمام إليه في قتال داعش، وهي الدعوة التي لاقت استجابة سريعة من قبل "جبهة النصرة" والجبهة الإسلامية".
وشهدت مناطق ريف إدلب وريف حلب في يناير الماضي، بدء المواجهات بين تحالف "جيش المجاهدين" و"جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية" من جهة، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) من جهة أخرى. وأفادت الأنباء بتكبد "داعش" خسائر فادحة على مدار يومين، دفعته الأحد إلى المطالبة بهدنة فورية في شمال سوريا، مهددًا بالانسحاب من الحرب ضد الجيش العربي السوري ما لم يُستجب لطلب الهدنة.
وشهدت الأسابيع الأولى من العام الجاري معارك ومواجهات تُعد الأعنف بين داعش والفصائل المسلحة الأخرى، فقد فيها التنظيم سيطرته على مدينة اتارب في محافظة حلب، كما خسر مواقعه في اطمة وبلدة الدانا الإستراتيجيتين في إدلب، وفي سرمدا القريبة من الحدود التركية، إضافة إلى فقدان مقاتليه سيطرتهم على معبر باب الهوى الحيوي، واستمرار حصار المقر الرئيسي للتنظيم في الرقة.
و حشد تحالف "النصرة والإسلامية" عشرات الكتائب في مدينة دير الزور، ووقع الجميع في ما بينهم اتفاقاً لحماية المدينة من هجوم "داعش"، ونصّ الاتفاق على "اعتبار المدينة خطاً أحمر، وتجنيبها الصراعات لأنها ساحة قتال مع النظام الكافر وخط تماس أول"، و"منع جميع الفصائل المقاتلة من نقل الصراع إلى داخل المدينة"، و"الفصيل الذي يقتحم المدينة سيكون خصماً لجميع الفصائل الموقعة على الاتفاق"، والتأكيد على أن "الهيئة الشرعية هي الجهة المعترف بها من قبل كل الفصائل والفعاليات" وعلى أي فصيل يريد دخول المدينة أن يخاطب "الهيئة الشرعية" ويأخذ موافقتها المسبقة على ذلك.
ولكن التنظيم استطاع في وقت لاحق، إلحاق الهزائم بخصومه من الفصائل المسلحة المقاتلة في سوريا، بالإضافة إلى توسعه في العراق وسيطرته علي العديد من المدن العراقية وفي مقدمتها "الموصل"، وهو ما أدى إلى أن يبايع فرع جبهة النصرة البو كمال أو ما يعرف بـ"جنود الحق" تنظيم "داعش".
تأثير البيعة علي الفصائل الاسلامية
فصائل اسلامية
رأى العديد من المراقبين في الأراضي السورية، أن بيعة جبهة النصرة لتنظيم الدولة الاسلامية في العرق والشام، سوف تؤدي الي مزيد من التوتر بين الفصائل المسلحة،، والتي تري ان توحد هذه "داعش" وجبهة النصر" هو انتهاء لذه الفصائل.
و قال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، هذه الخطوة بين التنظيمين اللذين يتقاتلان في سوريا منذ يناير الماضي، تسمح "للدولة الاسلامية في العراق والشام" بان تكون موجودة على جانبي الحدود السوري والعراقي، بما أنها تسيطر أصلاً على بلدة القائم في العراق المقابلة لدير الزور.
وأشار إلى أن "هذه المبايعة تأتي بينما 'الدولة الاسلامية في العراق والشام" تتقدم في محافظة دير الزور، حيث تقع البوكمال في شرق سوريا والحدودية مع العراق، مضيفًا أن هذه المبايعة ستؤدي الى توتر مع الكتائب المقاتلة الأخرى بما فيها الإسلاميون.
وقال ناشطون عبر الإنترنت، إن المبايعة جاءت بعد توتر كبير يسود المنطقة بين النصرة من جهة والفصائل المقاتلة في المعارضة السورية والعشائر من جهة أخرى.
وقال ناشط قدم نفسه باسم هادي سلامة "هناك توتر كبير، والوضع الى الأسوأ بالتاكيد"، مشيرًا إلى أن العشائر لن تقبل بهذا التغيير.
وأضاف الناشط عبدالسلام الحسين، أن "العشائر منقسمة"، مضيفًا: "على الرغم من أن النصرة في البوكمال هم فقط الذين بايعوا داعش، لكن هذا يعني أن "داعش" الآن متمركزون على أطراف مدينة البوكمال".
من جهة أخرى هددت حسابات تابعة لتنظيم داعش، بشن حرب شاملة على من سمتهم "الصحوات" في الغوطة الشرقية، حتى أن بعض رموز التنظيم هددوا بنقل المعركة إلى مناطق كـ "داريا" و "حوران"، انتقامًا من "عملاء آل سعود" "بحسب ما يطلق إعلاميو التنظيم على الفصائل التابعة للجبهة الإسلامية"، وتظهر الحملات الإعلامية للتنظيم بمستوى عالٍ من الدقة والإتقان على الشبكات الاجتماعية، إلا أنها تخلو من أي تهديد أو اتهام لنظام الأسد!
عشائر تبايع "داعش"
عشائر تبايع دتعش
وهذه البيعة من قبل فصيل جبهة النصرة لـ"داعش"، ليست الأولى، فقد عُقدت بيعة من عشيرة البكارة، التي يتزعمها المعارض السوري نواف البشير، وأدت الي تزايد الانقسام العشائري في دير الزور بسبب الصراع المحتدم، واتجاه هذا الانقسام إلى العسكرة.
قد حصلت "داعش" في منتصف مايو الماضي، على بيعة من الشيخ أسعد، ابن الشيخ نواف البشير زعيم عشيرة البكارة وعضو "الأمانة العامة لإعلان دمشق" المعارض. جاء ذك عقب اجتماع ضمّ قيادات من "داعش" مع ابن البشير عقد في قرية المحيميدة في الريف الغربي من دير الزور اول مايو الماضي.
كما أعلنت مجموعة من الكتائب والألوية من عشيرة بكير توحدها تحت مسمّى واحد، هو "جيش زلزال بكير" وذلك "للمساهمة في إرجاع حكم الشريعة الإسلامية". ورغم أن البيان أكد أن "الجيش" الجديد لا يتبع تنظيمياً لأي فصيل مقاتل على أرض الشام، إلا أن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن هذا "الجيش" جرى تشكيله برعاية من تنظيم "الدولة الإسلامية" ليكون بمثابة "الجيش" الرديف له، لا سيما أن عشيرة "بكير" سبق لها أن اتخذت مواقف مؤيدة لـ"داعش" وقاتل العديد من أبنائها معه في "غزوة" البوكمال الأخيرة.
وأفاد مركز "الرقة الإعلامي" في نوفمبر 2013 ، أن 14 عشيرة من عشائر الرقة ان بايعت "داعش"
وفقاً للمركز الإعلامي في الرقة:1- الشيخ هاشم الضيف (عشيرة البوجابر)، 2- الشيخ عبد الكريم الراكان (شيخ السبخة)،3- الشيخ مصطفى الخلف العيسى (عشيرة البوعساف)،4- الشيخ خليل الهنداوي (عشيرة الهنادة)،5- الشيخ هويدي شلاش المجحم و الشيخ بشير الفيصل (عشيرة العفادلة)،6- الشيخ خمري شواخ البرسان (عشيرة الولدة، وعد بالبيعة بعد المشاورة)،7- الشيخ سعدون فهد الكره (عشيرة الروس من عنزة)، 8- الشيخ ثامر الملحم الدرويش (عشيرة الشبل)9- الشيخ احمد الكنو (عشيرة البورجب)10- الشيخ عبد الله الستار (عشيرة زور شمر)، و11- الشيخ فيصل المطر والشيخ يحيى الخطيب (عشيرة سخاني الرقة في المدينة)12- الشيخ حسن البريجّ والشيخ علي الخابور (عشيرة البريج)13- الشيخ محمد الخلف ابو ياسر (عشيرة الحويوات)14- إبراهيم الاسماعيل و حسن الشريدة (ممثلين عن عشيرة البوسرايا)، وهو ما يعتبر ظهير قبلي لـ"داعش" في الاراضي التي تسيطر عليها بعكس الفصائل الاخري.
هل تلحق الجبهة الإسلامية بـ"داعش"
الجبهة الإسلامية في سوريا
ثمة تنظيمات في سوريا لم تحسم موقفها من "داعش" بعد، فرئيس الهيئة السياسية للجبهة الإسلامية حسان عبود قال: "نحن كجبهة لم نتخذ قراراً بطرد الدولة الإسلامية في الشام والعراق".
وأضاف:" نحن لا نراهم إلا فصيلاً وهم لا يرون أنفسهم إلا دولة ".
ورغم أن الجبهة دخلت في معارك ضد "داعش"، غير أن الواقع الجديد الذي فرضه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، قد أدى إلى مراجعة العديد من الفصائل موقفها من "داعش"، وربما تدخل معه في مرحلة مهادنة إن لم تصل إلى "تحالف" و"بيعه".
المشهد الحالي
خريطة داعش
الآن أصبحت المعادلة تتغير على الأرض في سوريا والعراق لصالح تنظيم "داعش"، التنظيم الذي صمد أمام حروب الفصائل المسلحة الأخرى في سوريا، واستطاع أن يجبر العديد منهم على التفكير كثيرًا قبل الاشتباك معه، ودخول تنظيم جبهة النصرة تحت لوائه ولو بشكل ليس كاملًا، يؤكد أن التنظيم يحقق تقدمًا يومًا بعد يوم، وربما تصير "داعش" دولة أقرب إلى الواقع من الحلم۔