تعذيب الإسلاميين في سجن "رومية".. هل يشعل الحرب الأهلية في لبنان؟

الثلاثاء 23/يونيو/2015 - 06:37 م
طباعة تعذيب الإسلاميين
 
أثار تسريب مقطع الفيديو، الأحد، والذي أظهر المساجين الإسلاميين بلباسهم الداخلي وهم يتعرضون للضرب المبرح في سجن رومية، موجة غضب عارمة في الشارع اللبناني، حيث شهدت العديد من المناطق اعتصامات واسعة بعد صلاة التراويح.
طالب حقوقيون ومشايخ لبنانيون، الحكومة اللبنانية بإنهاء ملف المعتقلين من ذوي التوجهات الإسلامية، وتعذيبهم، بعد تسريب مقطع فيديو، يظهر عناصر أمنية تنهال بالضرب الشديد على عشرات المساجين في سجن رومية

مفتي لبنان:

مفتي لبنان:
وفي السياق نفسه، أصدر مفتي الجمهورية اللبنانية السابق، الشيخ محمد قباني بياناً طالب فيه بـ"محاسبة من أصدر أوامر التعذيب مهما علا شأنهم"، مشددا أنه "يستحيل أن يمارس أحد التعذيب الوحشي فضلاً عن العادي ضد معتقلين داخل السجون دون تكليف من مرجعه الأمني المباشر".
وشدد قباني على "ضرورة إقفال ملف المعتقلين الإسلاميين نهائياً”، مضيفا "لا يستغربَن أحد إذا قلنا إن وسائل التعذيب تعلّم المعتقل كيف يكون إرهابياً ومنتقماً".

إسلاميو لبنان:

إسلاميو لبنان:
من جانبه هدد رئيس هيئة علماء المسلمين في لبنان، الشيخ أحمد العمري، بان لديهم "خطوات تصعيدية بالتنسيق مع القوى الإسلامية والوطنية والطوائف الأخرى"، اذا لم يتم محاسبة القائمين على التعذيب وانهاء ملف المحتجزين الاسلاميين في سجن رومية.
وقال العمري إن :"ما شهدناه في هذه المقاطع المصورة، من أساليب وحشية إجرامية في التعذيب، أمر معيب في بلد يتغنى بالحضارة والحرية والديمقراطية”، مطالبا بـ"رفع الظلم وإقامة العدل".
وطالب العمري وزير الداخلية، والحكومة مجتمعة بـ"تحمل مسؤولياتهم"، مضيفا: إن كانت استقالة المشنوق تخرج الموقوفين من السجون، وتوقف الظلم والتعذيب عنهم، فنحن لا نمانع من ذلك"، مستدركاً أن "أي وزير لا يقدر على متابعة مسؤولياته فليجس في بيته"..
ودعا العمري إلى تشكيل لجان من الحقوقيين اللبنانيين والدوليين لدخول السجون اللبنانية واللقاء مع الموقوفين والمساجين والاطلاع على أوضاعهم وظروف سجنهم، داعيًا إلى الابتعاد عن "التجاذبات السياسية التي يتصارع فيها السياسيون لأجل مصالحهم وعدم السماح للبعض بالاصطياد بالماء العكر".
وشدد العمري أنه "إن استشرى الظلم فإن هذا سيؤدي إلى تفجير الساحة اللبنانية، ونحن أحرص الناس أن نجنب بلدنا الفتن كافة، بالرغم من محاولات البعض استهداف طائفة بعينها دون غيرها".
واعتبر رئيس هيئة العلماء أن “هذا المستوى من التعامل مع السجناء في لبنان نذير شؤم لا يبشر بالخير، ويدفع بالبلد لساحات فتن واسعة".

تحرك حقوقي:

تحرك حقوقي:
من ناحيته، قال رئيس المؤسسة اللبنانية للديموقراطية وحقوق الإنسان “لايف” نبيل الحلبي، إن ما ظهر بالفيديو المسرب “جزء بسيط من التعذيب الممارس في السجون اللبنانية”، مشيرا إلى وجود مقاطع فيديو لم تنشر في الإعلام “تظهر عناصر وهم يتبولون على المعتقلين، ومن ثم يدعونهم للصلاة".
ولفت الحلبي في تصريح له إلى وجود اعتداءات جنسية تطال العديد من المعتقلين أيضا، مؤكدا أن “وزير الداخلية يعلم بهذه الحالات”.
وشدد أن ما حصل “جريمة بكل معنى الكلمة”، داعيا إلى “استئصال العناصر الأمنية المشاركة بهذه العمليات الإجرامية”.
وطالب الحلبي المعنيين بـ”ضبط الشارع وعدم القيام بأي ردات فعل تضر بسير متابعة الملف حقوقيا وتبعدنا عن تحقيق العدالة”، مشددا أنه “لا مصلحة بزعزعة استقرار البلاد، ونحن سنتابع الملف حتى النهاية”.
وأوضح أن مؤسسة حقوق الإنسان "ستجتمع اليوم الثلاثاء لمناقشة ثقافة التعذيب الجديدة على سجوننا بالرغم من أوضاعها السيئة”، معتبرا أن هذا التطور “سيء جداً”.
وأكد أنه “سيتم التواصل مع اللجان الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، من أجل الضغط على الحكومة اللبنانية وإجراء إصلاحات بهذا الشأن”، متوقعا أن “تمارس الدول المانحة للبنان ضغطا كبيرا على الحكومة لتحسين ظروف المساجين والمعتقلين”.
ولفت أن “أعمال التعذيب في السجون اللبنانية بدأت في عهد الوصاية الأمنية المخابراتية للنظام السوري على لبنان، والمرتكبين لهذه الأعمال لم يحاسبوا ولم يحاكموا، وبالتالي تشجعوا على الاستمرار بهذا النهج حتى اليوم".

تمرّد في رومية:

تمرّد في رومية:
تطوّرت حركة احتجاج في مبنى المحكومين في سجن رومية قبل ظهر اليوم، الى تمرُّد يقوده السجين طارق شمص.
وعُلم أن المتمرّدين في رومية اعتدوا بالضرب على 3 سجناء هم كامل طهماز وعبد السلام حميّة وحسام هزيمة، يعملون في السنترال والمطبخ والقلم العدلي، وتم ضربهم وتحطيم غرفهم في الطابق الثالث من المبنى، بتهمة "التعامل مع إدارة السجن".
واقدم المتمرّدين في السجن على خلع أبواب زنزانات الطابق الأول في مبنى المحكومين، مشيرة الى أن شعبة المعلومات تعمل على معالجة الوضع، كما ذكرت أن المتمردين يطالبون بحضور الوزير نهاد المشنوق.

أين حزب الله من التعذيب؟

أين حزب الله من التعذيب؟
وذكرت تقارير إعلامية أن التقاء مصالح بين رئيس تكتل "التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، ومن خلفهما “حزب الله” دفع إلى اختيار هذا التوقيت للتسريب، خصوصاً أن هذه الأشرطة كان تم تداولها على نطاق ضيق في السابق، من دون أن تسرب. وتقول المصادر أنه “ لصحيفة "المدن" من الواضح أن ما حصل أتى بتنسيق بين جماعة الميقاتي وعون، والمستهدف فيها رأس المشنوق، ليستفيد منها “حزب الله"، وهدفت إلى حرف الأنظار عن معارك القلمون، وإشاحة النظر عن وثائق ويكيليكس السعودية، التي تبين أنها سخيفة، ولم تكشف شيئاً، ولا ترقى إلى مستوى الحملة الدعائية التي سبقتها، وصبت في صالح قوى 14 آذار، لجهة اقتصار الدعم السعودي على تمويل مؤسسات صحافية وليس ميليشيات، وثانياً شمولها شخصيات من “حزب الله” ونائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، وشخصيات أخرى كالنائب علي بزي، ما يعني أن الجميع كان على علاقة مع المملكة.
واضافت قد يكون استثمار “حزب الله” لما جرى محاولة لاستهداف الحوار، أو تمهيداً للانقلاب على قواعد اللعبة في هذه المرحلة الهادئة، إلّا أن المصادر تعتبر خلاف ذلك، إذ تشير إلى أن الحزب لا يستطيع أن يشن معركة ولو إعلامية في جرود عرسال، من دون أن يكون لديه تواصل مع أحد في البلد يمثل تلك المنطقة، ويمثل الطائفة السنية، ومن هنا يأتي دفاع “حزب الله” ومنظومته الإعلامية عن المشنوق، وهو أكثر المتمسكين بالحوار في هذه المرحلة على الرغم من استثماره بما جرى أولاً لضرب الشارع السني ببعضه البعض، وثانياً عبر الإيحاء للجمهور السني بأن قياداتكم ومسئوليكم لا يمثلوكم، ليس لكم سوى التطرف. أبعد من ذلك، قد يبدو هذا الإيحاء محاولة لشيطنة الشارع السني من قبل “حزب الله” على غرار شيطنته للحراك الشعبي السوري منذ بداية الثورة السورية وإلى اليوم عبر التأكيد أن من يتحرك في سوريا هم مجموعات متطرفة، أي "داعش" و"النصرة"، وهذه مسؤولية فريق “المستقبل” في تحصين شارعه وإعادة الأمور إلى نصابها.
اتهم وزير العدل أشرف ريفي، اليوم الثلاثاء، "حزب الله" بتسريب الفيلم المصور حول تعذيب الموقوفين في سجن رومية، مضيفا: "أنا مسؤول عن كلامي في شأن تسريب الحزب للفيديوهات".
وقال ريفي، في مؤتمر صحافي من وزارة الداخلية، إن "هناك شريطين مصورين إضافيين موجودين لدى الحزب".
وأشار إلى أن "التحقيق في ما جرى في رومية سيتابع حتى النهاية ولن نتساهل في التحقيق والمحاكمات".
من جهته، قال وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إن "كل ما يحدث لا يخدم إلا التطرف"، معتبراً أن "من يرتكب خطأ يحاسب في القانون لا في الاعلام ولا بالشتائم ولا بالتكفير".

تقرير أممي:

تقرير أممي:
والتعذيب في لبنان ليس أمراً جديداً، ولم يرغب أحد في السلطة السياسية في مواجهته. ففي تقرير للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، أعدته بعثة تحقيق تابعة للجنة، ونشر ملخص "سري وعاجل جداً" في نوفمبر الماضي، خلص إلى أن "التعذيب يُمارس ومورس على نحو منهجي في لبنان، لا سيما في سياق التحقيق وبغرض انتزاع الاعترافات". 
وخلص التقرير إلى أن التعذيب في لبنان "تقنية منتشرة تستخدمها القوات المسلحة وأجهزة إنفاذ القانون، بغرض التحقيق وانتزاع الاعترافات لاستخدامها في المحاكمات الجنائية، وفي بعض الحالات للمعاقبة على أفعال يشتبه في أن الضحية قد ارتكبها".
وأشار التقرير إلى ما سماه "مزاعم تورط جهات غير حكومية في أعمال توقيف خارج نطاق القانون، وأعمال تعذيب"، مسمّي حزب الله إضافة إلى مليشيات أخرى.

تحرك حكومي:

تحرك حكومي:
وفي اطار التحرك الحكومي  لمواجهة ازمة التعذيب، هذا وعقد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام اجتماعا في السراي الكبير في بيروت، مع وزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي ومدعي عام التمييز القاضي سمير حمود ومدير عام قوى الأمن الداخلي (الشرطة) ابراهيم بصبوص لـ"بحث قضية التعذيب الذي أظهرته أشرطة الفيديو”.
واكد رئيس الحكومة اللبنانية، أن ما ارتكب بحق نزلاء سجن رومية «عمل مشين وغير أخلاقي ومخالف للدستور». ودعا الأجهزة الأمنية والقضائية إلى المضي في تحقيقاتها بكل مهنية وشفافية لمعرفة تفاصيل ما جرى وتحديد المسؤوليات وإنزال العقوبات الجنائية والمسلكية بحق من تثبت مخالفته للقوانين وتعسفه في استعمال العنف بطريقة غير مبررة.
وقال وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، في تصريح أمس الإثنين، إنه مستعد للاستقالة على خلفية كشف حالات تعذيب ضد موقوفين في أحد السجون، ولفت أن المساجين من ذوي التوجهات الإسلامية سينالون الحقوق نفسها التي يتمتع المساجين الآخرون بها.
وقال المشنوق الا احد له مصلحة بضرب الاعتدال ولا خلافات بشأن ذلك، مشددا على ان المحاسبة على ما جرى في سجن رومية تكون بالقانون وليس بالإعلام والشتائم والتكفير فثمة قانون عسكري يضبط عمل العسكريين والتحقيق سينتهي بعد يومين او 3.
وأحالت السلطات اللبنانية رجلي أمن للمحاكمة العسكرية للاشتباه في تورطهما في تعذيب معتقلين بسجن رومية (شرق بيروت)، بعد أن تسربت صور لهذا التعذيب وأثارت غضبا شعبيا في البلاد.
وأعلن وزير العدل اللبناني أشرف ريفي أمس الأحد توقيف عنصري أمن في سجن رومية، أكبر سجون البلاد، وقال في مؤتمر صحفي إن ما نشر حول تعذيب المساجين "جريمة في الوطنية والإنسانية"، مضيفا أنها "لا يمكن أن تمر من دون عقاب".
وتعهد الوزير بحماية حقوق المساجين بغض النظر عن انتماءاتهم، وطالب بعدم استغلال الحادث سياسيا واستخدامه للهجوم على الحكومة.
وأوضح  المدعى العام اللبناني القاضي سمير حمود أن «التحقيق الذي جرى لم يُظهر أي خلفية سياسية أو دينية أو مذهبية لعملية التعذيب وما حصل لم يكن عملية ممنهجة من قبل شعبة المعلومات إنما جريمة فردية باتت بمتناول القضاء الذي سيتخذ إجراءات عقابية مشددة».
واضاف انه تم توقيف 5 عناصر من قوى الأمن الداخلي، في قضية تعذيب سجناء في سجن رومية أكبر السجون اللبنانية.

المشهد اللبناني:

المشهد اللبناني:
يخشي ان يتحول ملف التعذيب في سجون روميه من ملف إنساني بالدرجة الأولى إلى ملف مذهبي، ويتحمّل المدافعون عنه مسؤوليّة في هذا الأمر، خصوصاً أن معظمهم ينطلق من منطلقات مذهبية، وهو ما يؤدي الي تأجيج الفتنة المذهبية والطائفية ويؤدي الي عودة الحرب الأهلية في لبنان مرة اخري، وهو ما يخشاه المراقبون للشأن اللبناني.
فمعالجة ملف سجن رومية معالجة جذرية تنفيذية تلغي كونها سيفاً مسلطاً وخطيراً يهدد أمن لبنان العام.
وإن لم يعالج ملف سجن "روميه" وتداعياته  فإنّ تفاعلاته ستهدد السلم الأهلي وتغرق لبنان في حروب التمذهب المفتوحة التي لطالما حاول اللبنانيون الهروب منها. وبهذا نكون قد استدعينا الحرب السورية المفتوحة استدعاءً إلى لبنان..
لكن في الوقت عينه، يتحمّل المجتمع المدني اللبناني مسؤوليّة أساسيّة إذ لم تدع أي جهة لتحرك، وتعاملت مع الملف وكأنه ملك الإسلاميين وحدهم.

شارك