تراجع الحل السياسي واستمرار الصراع.. وعودة الحديث عن تقسيم اليمن
الأربعاء 24/يونيو/2015 - 08:18 م
طباعة
تستمر أصوات البنادق في التحكم بالمشهد اليمني وسط صراع جماعة أنصار الله "الحوثيين" واللجان الشعبية والقوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، وسط دعم من طيران التحالف بقيادة السعودية، في ظل تراجع فرص الحل السياسي وتفاقم الوضع الإنساني الذي وصفته تقارير الأمم المتحدة بالكارثة الإنسانية
الوضع الميداني:
كثّفت مقاتلات التحالف بقيادة السعودية، غاراتها على مليشيات الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، في أكثر من جبهة، جنوب اليمن، فيما تحتدم المواجهات بين "المقاومة الشعبية" وبين مليشيات الحوثيين، وسط خسائر كبيرة للمليشيات، في وقتٍ تستمر فيه بقصف الأحياء السكنية.
وفي عدن، ردّت مليشيات الحوثيين والرئيس السابق صالح على ضربات التحالف وتقدم المقاومة، بقصف الأحياء السكنية الشمالية والغربية، حسب مصادر "المقاومة" وسكان محليين.
وقتل قيادي حوثي مساء الثلاثاء في كمين نصبه مسلحون مجهولون بمنطقة مدغل في محافظة مأرب اليمنية.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن مسلحين أطلقوا النار على القيادي الحوثي ناجي عبد الله شرهان أثناء عودته إلى منزله في مدغل، وتوفي شرهان متأثرا بجروحه، مضيفة أن أحد مرافقيه جرح في الكمين.
على صعيد متصل، أعلن مصدر في الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، عن استهداف مناطق تواجد المليشيات في لحج، ولا سيما في منطقتي صبر والوهط، فضلاً عن غارات نفذتها طائرات التحالف، على مواقع المليشيات في محيط عدن.
وقتل 7 مدنيين وأصيب 94 آخرون بينهم نساء وأطفال جراء "قصف عشوائي للحوثيين وقوات (الرئيس السابق علي عبدالله) صالح على أحياء سكنية في مناطق المنصورة والتقنية وإنماء" بمدينة عدن، حسب مسئول حكومي ومصدر طبي.
وفي لحج أيضاً، هاجمت الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، في الحوطة عاصمة المحافظة، مليشيات الحوثيين والمخلوع، وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإنّ "مواجهات عنيفة اندلعت في المدينة بين المقاومة، التي تحاول إعادة ترتيب صفوفها، ومليشيات الحوثيين والمخلوع".
وفي هذا السياق، تواصلت المواجهات العنيفة شمال وشمال غرب قاعدة العند الجوية، فيما شنت طائرات التحالف غارات على معسكر لبوزة، الذي تتمركز فيه المليشيات شمال غرب القاعدة، لتأمين طرق الإمدادات إليها، بعد تضييق الخناق عليها من قبل "المقاومة".
كما شنت المقاتلات غارتين على معسكر لبوزة، بحسب سكان محليين، فضلاً عن غارة أخرى على منطقة نخلة، أثناء محاولة الحوثيين الالتفاف على المقاومة في جبهة بله، ودمرت الغارة عتاداً عسكرياً للمليشيات، كما تسببت بسقوط قتلى وجرحى في صفوفهم.
إلى ذلك، قصفت مقاتلات التحالف المجمع الحكومي في منطقة مكيراس، الواقعة بين محافظتي ابين والبيضاء، الذي يتمركز فيه الحوثيون وقوات المخلوع، وتم تدميره وتدمير الآليات العسكرية والأسلحة التي كانت موجودة فيه بحسب مصدر في السلطة المحلية.
وفي مدينة الضالع الجنوبية أدت المواجهات في الأطراف الشمالية والشرقية للمدينة بين "المقاومة الشعبية" وقوات الحوثي وصالح إلى سقوط 32 قتيلا ونحو 60 جريحا من الطرفين، حسب مسئول محلي.
أما في إب، أكد سكان محليون لموقع "المشهد اليمني" وقوع انفجار قوي في وقت مبكر الأربعاء 24 يونيو استهدف منزل أحد قادة جماعة الحوثي وأدى إلى مقتل 6 من القيادات الحوثية كانت في ضيافته.
الوضع الإنساني:
وعلى صعيد الوضع الانساني، قرت منظمة الأمم المتحدة وجود 13.4 مليون شخص (يمثلون نصف إجمالي عدد السكان) يموتون عطشاً، حيث لا يمكنهم الحصول على المياه الآمنة للشرب أو النظافة،. ويمثل هذا الرقم ما نسبته 79% من إجمالي عدد اليمنيين المحتاجين لمساعدات إنسانية في قطاعات الحياة المختلفة.
أوضحت دراسة قام بها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في العام 2014، أن 70% من الصراعات الداخلية في اليمن تقوم بسبب النزاعات على المياه، كما أكدت دراسة سابقة لوزارة الداخلية اليمنية أن ضحايا هذه النزاعات يبلغون معدل 4.000 شخص سنوياً. قبل سنوات. وقدّر البنك الدولي المياه المتجددة في اليمن بحوالي 2.5 مليار متر مكعب سنوياً، بينما قدر الاستهلاك بما نسبته 3.4 مليارات متر مكعب، أي أن العجز المائي السنوي وصل إلى 900 مليون متر مكعب، وهذا يجعل تعويض نقص الآبار تتناقص بشكل مهول، إذ تتناقص مستوياتها من متر إلى 7 أمتار سنوياً.
أكد التقرير الوطني الأول لرصد الحماية الاجتماعية في اليمن، الذي أعدته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" أن 28% من الأسر اليمنية تتمتع بوجود شبكة التزويد بالمياه التي تديرها الحكومة. ويتمتع 40% من منازل العاصمة صنعاء بارتباطها بتلك الشبكات، غير أنها تكون محظوظة لو وصلت المياه إلى صنابيرها مرة أسبوعياً، بالرغم من أن تلك المياه ليست بالضرورة مياها صالحة للشرب.
ولقي أكثر من 2000 شخص مصرعهم منذ انطلاق عاصفة الحزم في الـ26 من مارس ، والتي استهدفت المسلحين الحوثيين وقوات الموالين لـ علي عبد الله صالح.
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوشا"، يحتاج أكثر من 20 مليون يمني إلى المساعدات الإنسانية، ومن جهتها أوضحت منظمة الصحة العالمية أن 53 مرفقا صحيا أغلق، إضافة إلى سوء التغذية، مشيرة إلى أن أكثر من 15 مليون يمني لا يحصلون على الرعاية الصحية الأساسية.
الحوار اليمني:
وعلى صعيد الحوار اليمني، ن المقرر أن يستمع مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الاربعاء، في جلسة مغلقة إلى تقرير من مبعوث الامم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، حول نتائج مشاورات جنيف، وتقرير آخر من مدير العمليات في مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة جون غنغ، وسيطلع ولد الشيخ، أعضاء المجلس الدولي على الخطوات القادمة التي ينوي اتخاذها، وخطة النقاط السبع التي يريد أن تشكل أساساً لأي مفاوضات مستقبلية بين الأطراف اليمنية. وكانت جميع الأطراف رفضت هذه النقاط الـ 7 في مشاورات جنيف، مطالبة بـ"تعديلات جذرية" عليها.
وكشف الحوثيون ، للمرة الأولى، عن موافقتهم المبدئية على الانسحاب من المدن الرئيسية في اليمن ضمن المقترحات التي تقدموا بها أثناء المفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة في جنيف، ولكن بصيغة تشمل انسحاب جميع الأطراف. واتهمت رسالة وجهها الحوثيون والمكونات السياسية المشاركة معهم في جنيف، إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من وصفوه "العدوان" بممارسة العراقيل لإفشال تلك المشاورات عن طريق تأجيل الموعد، ثم فرض الشروط المسبقة، والسعي لإفراغ المؤتمر عن مضمونه، حسب الرسالة.
وأشار الحوثيون إلى أنهم تقدموا بعدد من "الأفكار البناءة"، وتضمنت "وقف إطلاق نار شامل ودائم بشكل فوري، و"الإنهاء الفوري للحصار المفروض على الشعب اليمني بكافة أشكاله بما يكفل دخول كل الاحتياجات من دون قيود وبما يسمح بإدخال واستيراد الغذاء والدواء والمشتقات النفطية وغيرها".
فيما اعتبر أمين عام حزب الشعب الديمقراطي "حشد" صلاح الصيادي إن أي مفاوضات مع الحوثيين عبثية إن لم تبادر تلك الجماعة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ودون أي شرط وتسلم المؤسسات للدولة، مؤكدا أن الحل لن يكون إلا على الأرض وستحدد معالمه المقاومة الشعبية خلال الايام القليلة المقبلة.
واشار الصيادي في تصريح لصحيفة "عكاظ" السعودية في عددها الصادر اليوم، إلى أن المقاومة الشعبية لايزال ينقصها السلاح والقيادة الموحدة رغم تصديها الباسل لمليشيات الحوثي، وقال "الحوثيون يمارسون انتهاكات كبيرة في جميع المدن اليمنية من خلال استهداف مساكن الأبرياء وأن معظم مستشفيات المحافظة مغلقة بسبب شح الامدادات الطبية الناتجة عن حصار ميليشيات جماعة الحوثي للمحافظة مما ادى الى انتشار حمى الضنك والامراض المعدية".
تقسيم اليمن:
ذكرت تقارير صحفية أن الحوثيين المدعومين بقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح باتوا يراهنون على تقسيم اليمن والعودة به إلى واقع الدولتين الذي كان قائما قبل وحدة سنة 1990. وأوضحت صحيفة "العرب" اللندنية أن "الحوثيين الذين يئسوا من السيطرة على كل مناطق اليمن بعد أن واجهتهم مقاومة شرسة في وسطه وجنوبه، لاسيما في محافظة عدن، بصدد التخلي عن هذا الهدف، والعودة إلى الهدف الأصلي الذي سبق أن عبروا عنه خلال مرحلة الحوار الوطني الذي دار بين الفرقاء اليمنيين، وهو الحصول على إقليم واسع يحتوي على موارد نفطية ومنفتح على البحر الأحمر"، وأشارت الصحيفة إلى أن "ما يجري في اليمن راهنا مرتبط بقضية الإقليم تلك، حيث خرجت جماعة الحوثي من معقلها في صعدة بشمال البلاد في حركة غزو واسعة لمختلف المناطق بعد أن أفضى الحوار الوطني إلى اعتماد تقسيم فيدرالي لليمن إلى ستة أقاليم، وجاءت صعدة ضمن "إقليم أزال" وعاصمته صنعاء ويضم أيضا عمران وذمار". ولفتت إلى أن ذلك التقسيم "لم يستجب لطموحات الحوثيين الساعين إلى إقليم تحت حكمهم ويضم أيضا محافظة مأرب الغنية بالنفط، والحديدة المطلة على البحر الأحمر". وأكدت الصحيفة أنه "في حال نجح الحوثيون في تسليم جنوب اليمن إلى الحراك الجنوبي الانفصالي، فإنهم سيوجهون كلّ قواهم للسيطرة على شمال البلاد". وكانت تقارير اعلامية تحدثت أمس، عن أن سلطنة عمان تقود مفاوضات سرية بين الحوثيين وقيادات جنوبية يمنية تدور حول مبادرة تقضي بانسحاب مسلّحي الحوثي من محافظة عدن وتسليمها للقوى الجنوبية.
المشهد الإقليمي:
وعلى صعيد المشهد الإقليمي، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن مشاورات جنيف حول اليمن، كانت خطوة أولى وهناك خطوات أخرى. ولم يكشف الوزير عن ماهية الخطوات الأخرى، إلا أنه كان صرح في حوار سابق مع قناة روسيا اليوم، أن التدخل البري من ضمن الخيارات المطروحة، وأكد الجبير أن عودة الاستقرار لليمن يتم من خلال تطبيق القرارات الدولية، وأوضح الجبير أن المملكة تدعم الشرعية في اليمن وتعمل على إيصال المساعدات الإنسانية. وتقود السعودية منذ 26 مارس الماضي تحالفا يستهدف تجمعات ومواقع الحوثيين وأخرى تابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وتصدرت الأوضاع المتفاقمة في الشرق الأوسط المباحثات التي جرت عبر الهاتف بين سامح شكري وزير الخارجية المصري و نظيره الأمريكي جون كيري وقال السفير بدر عبد العاطي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إنه تم التطرق أيضا خلال الاتصال الهاتفي لتطورات الأزمة السورية والنتائج الايجابية التي تمخض عنها مؤتمر المعارضة السورية الوطنية (القاهرة-2) ومسار الأوضاع في كل من العراق، وتطورات الأزمة اليمنية في ظل مباحثات جنيف الأخيرة.
الحضور الإيراني:
أشار مساعد وزير الخارجية الايرانية للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان إلى أن الوضع الانساني باليمن بات وخيما، مؤكدا ان هذه الكارثة هي افراز للحصار المفروض على هذا البلد واستمرار الغارات الجوية السعودية.
وقدم عبد اللهيان امام اجتماع لجنة الامن القومي في مجلس الشورى الاسلامي الثلاثاء تقريرا عن تطورات المنطقة وخصوصا الازمة اليمنية.
واشار عبد اللهيان الى ان الوضع الانساني في اليمن بات وخيما وقال ان هذه الكارثة هي افراز للحصار المفروض على هذا البلد واستمرار الغارات الجوية، وأوضح ان الجمهورية الاسلامية الايرانية وفي ظل هذه الظروف اجرت مشاورات كثيرة مع الامم المتحدة من اجل وضع حد لهذه الكارثة الانسانية.
واكد ان المشاكل القائمة في المنطقة لا تحل عسكريا ويجب تسوية هذه المشاكل على اساس الحوار بين الاطراف المتنازعة .
وعقب تقرير عبد اللهيان وصفت لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية القرار 2216 بانه من جانب واحد وغير عادل وطالب الامم المتحدة الى التعاطي المنصف مع القضايا الدولية لان التعاطي المزدوج للامم المتحدة سيقود الى اضمحلال هذه المنظمة الدولية وزوالها.
المشهد اليمني:
يدخل اليوم شهره الرابع من الحرب، وسط تراجع آمال الحسم العسكري أو الجهود السياسية ، وتبقي العاصمة العمانية "مسقط"، هي الأمل الأخير للشعب اليمني في إنهاء الصراع بين القوى السياسية وأمراء الحرب الذين اعتادوا على الصراع من أجل الحكم وليس الصراع من أجل الشعب.
وفشل المسارات السياسية والوساطات، كلها تجعل اليمنيين أقل تعويلاً على المسارات السياسية، مثلما أن الغارات الجوية والمواجهات الميدانية أصبحت مكلفة على البنية التحتية والسلم الاجتماعي من دون أفق واضح في الحسم.