آية الله خامنئي.. من الثورة إلى كرسي الشاه
الإثنين 25/ديسمبر/2023 - 06:58 ص
طباعة
علي رجب
يعد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، الشخص المتحكم في السياسة الإيرانية، حيث يمنح الدستور الإيراني المرشد الأعلى سلطة هائلة على جميع مؤسسات الدولة الرئيسة، ويجد خامنئي الذي تولى منصبه منذ عام 1989 وسائل أخرى كثيرة لتوسعة نفوذه.
حياته:
هو علي بن جواد بن حسین بن محمد بن محمد تقي بن میرزا علي أکبر بن فخر الدین بن ظهیرالدین بن قطب الدین بن روح الله بن رضا بن جلال بن بایزید بن باباهاشم محمد بن حسن بن حسین بن محمود بن نجم الدین بن مجدالدین بن فتح الله بن روح الله بن نیک الدین بن عبدالله بن محمد بن عبدالمجید بن شریف الدین بن عبدالفتاح بن میرعلي بن علي بن علي بن عباس الضریر بن أحمد بن محمد المدائني بن محمد المدائني بن حسن الأفطس بن حسین بن حسن بن علي أصغر بن علي السجاد زین العابدین بن الحسين بن علي بن أبي طالب
ولد خامنئي في مدينة مشهد شمال شرقي إيران في 17 يوليو 1939. في كنف أسرة اشتهرت بالعلم والاجتهاد. والده المرحوم آية الله الحاج السيد جواد الخامنئي، سار خامنئي، وهو الثاني بين ثمانية أبناء، على نهج والده والتحق بالمدرسة الدينية (كما أن له شقيقين من رجال الدين أيضا).
تعليمه:
في سن الرابعة من عمره تعلّم في الكتّاب مع شقيقه الأكبر، ثم أتمّ دراسته الابتدائية في مدرسة «دار التعليم الديني».
بعد إتمامه الدراسة الابتدائية دخل مدرسة «سليمان خان» ثم مدرسة «نواب» لتلقي دروس آداب اللغة العربية والمنطق والفقه والأصول والفلسفة وذلك على يد أشهر المدرسين والعلماء في مدينة مشهد في تلك الفترة من أمثال المرحوم الحاج الشيخ هاشم قزويني والمرحوم الحاج ميرزا جواد آقا طهراني والمرحوم الحاج ميرزا أحمد مدرس يزدي.
في سنّ الـ16، أي بعد إتمامه مرحلة السطح، بدأ بتلقي دروس الخارج(المرحلة العليا) لدى المرجع الكبير المرحوم آية الله العظمى الميلاني.
استغرقت دراسته هذه سنتين، حيث عزم بعدها على زيارة العتبات المقدسة في العراق، وأتاحت له تلك الرحلة فرصة حضور دروس معظم جهابذة علماء النجف، حيث ملكت دروس بعضهم لبه مما حدا به إلى البقاء لولا ان اصطدم ذلك بمعارضة والده فرجع إلى إيران.
في عام 1958م قدِم إلى مدينة قم المقدسة ودخل حوزتها العلمية لإكمال دراسته الدينية العالية في الفقه والأصول من خلال حضوره دروس كبار الأساتذة فيها من قبيل المرحوم آية الله العظمى البروجردي والإمام الخميني والحاج آقا مرتضى الحائري والعلامة الطباطبائي.
وفي قم التحق حركة المعارضة الدينية التي قادها آية الله الخميني في عام 1962.
وفي 1964 عاد إلى مشهد عقب مرض والده فواصل الدراسة، حيث حضر دروس المرحوم آية الله ميلاني بعد بضع سنوات من ذلك، كما قام خامنئي بتدريس الفقه والأصول لطلبة العلوم الدينية، وعمد في نفس الوقت إلى إقامة اجتماعات متعددة وذلك تزامناً مع اشتعال جذوة النضال الإسلامي وحاجة المجتمع الماسة آنذاك إلى استقاء المعارف والعلوم الإسلامية، وكانت تلك الاجتماعات تعج بطبقات الشعب المختلفة وخصوصاً الشباب والجامعيين، وقد اكتسبت شهرة واسعة بين أوساط المجاهدين "الثوار" في أنحاء ايران.
حكومة مصدق ودور أمريكا:
أدت علاقات خامنئي الواسعة مع المثقفين العلمانيين في إيران إلى تطرف آرائه بشأن الولايات المتحدة، نظرًا لأن هذه الأوساط كانت معارضة للولايات المتحدة بشدة بعد انقلاب عام 1953، وبعد تأييد الولايات المتحدة للشاه وقمعه التالي للمعارضين، وكما قال صديق خامنئي الشاعر مهدي إخوان ثالث، في أحد الأبيات: «لن أنسى أننا كنا شعلة، وهم أطفأونا بالماء». تحدث خامنئي عن دور الولايات المتحدة في انقلاب عام 1953 عدة مرات، وتستمر الذكرى تتردد لديه حتى الآن.
صرح خامنئي في لقاء مع طلاب الجامعات في طهران قائلا: من المثير للاهتمام أن ندرك أن أمريكا أطاحت بحكومة مصدق حتى على الرغم من أنه لم يظهر عداء تجاهها. لقد تصدى للبريطانيين ووثق في الأمريكان. كان يرجو أن يساعده الأمريكان، وكانت له علاقات ودية معهم، وأعرب عن اهتمامه بهم، لعله أبدى لهم خضوعا. (ولكن) أطاح الأميركيون بهذه الحكومة. لم تكن الحكومة القائمة في طهران حينها معارضة لأمريكا، لا، بل كانت صديقة لها، ولكن مصالح الغطرسة (وهو المصطلح الذي يستخدمه خامنئي غالبا ليرمز إلى الولايات المتحدة) استلزمت تحالف الأمريكيين مع البريطانيين. جمعوا الأموال وجلبوها إلى هنا وقاموا بمهمتهم. ثم عندما تحقق انقلابهم وأعادوا الشاه الذي كان قد هرب، تمكنوا من السيطرة على البلاد".
فكر الإخوان وشخصية الخامنئي:
هناك العديد من العوامل التي اثرت في شخصية ايه الله علي خامنئي وفي مقدمتها اطلاعه علي فكر جماعة الاخوان المسلمين، وخاصة كتب وافكار سيد قطب
ورغم تردد خامنئي على الأوساط الثقافية العلمانية قبل الثورة، وكونه طالبا للثقافة الغربية بصورة عامة، فإنه كان أولا وقبل كل شيء عالم دين يكرس ذاته لتحقيق تغيير اجتماعي بما يتفق مع تعاليم الدين، وفي هذا الصدد، كان سيد قطب، المفكر والمنظر الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين، هو من استولى على قلب خامنئي في شبابه.
وفي عام 1966 ترجم علي خامنئي كتاب سيد قطب: (المستقبل لهذا الدين) للغة الفارسية، وكتب مقدمة للترجمة يصف فيها قطب بـ "المفكر المجاهد" الذي أثبت في كتابه "أن العالم سيتَّجه نحو رسالتنا، وأن المستقبل لهذا الدين".
كانت إيران وباكستان مقصد شحنات بالبواخر لكتاب سيد قطب: «في ظلال القرآن»، بعد طباعته في الستينات في بيروت، يقول المؤلف “لا يمكن عزل اتجاه (ولاية الفقيه)، و(الحكومة الإسلامية)، عند الخميني في الستينات، عن فكرة (الحاكمية) عند المودودي وسيد قطب”.
وكتب خامنئي في مقدمة ترجمته لكتاب سيد قطب «المستقبل لهذا الدين» في عام 1967: «حاول هذا الكاتب العظيم عبر فصول هذا الكتاب.. تقديم روح الدين كما هي، ثم توضيح أنه منهج للحياة.. (وأكد) بعباراته البليغة ومنظوره العالمي الخاص أن حكم العالم في النهاية سوف يكون في يد مدرستنا وأن (المستقبل سيكون للإسلام. لذلك يري المراقبون ان خامني يعد تلميذ سيد قطب.
في عهد علي خامنئي، الذي أصبح «مرشداً» بعد وفاة الخميني، أصبحت نظريات سيد قطب تُدَرَّس في مدارس الإعداد العقائدي لـ «الحرس الثوري الإيراني»، كما برز نفوذ لمرجعيات دينية مثل آية الله مصباح يزدي، وهو الأستاذ الروحي لأحمدي نجاد، الذي لا يخفي إعجابه بسيد قطب وتأثره به.
تأثره برواية البؤساء:
كما لم يتوقف تأثر خامنئي بكتب وفكر جماعة الإخوان المسلمين، بل كان خامنئي في شبابه يحب الروايات. قرأ لكتاب إيرانيين مثل محمد علي جمال زاده وصادق شوباك وصادق هدايت، ولكنه شعر بأنهم يتوارون أمام الكتاب الكلاسيكيين الغربيين من فرنسا وروسيا وبريطانيا. وأثنى خامنئي على ليو تولستوي وميخائيل شولوخوف وأمثال أونوريه دي بلزاك وميشال زيفاغو، ولكنه يعتبر فيكتور هوغو الأفضل. وفي تصريحات لبعض مسئولي شبكة التلفزيون الحكومية الإيرانية عام 2004، قال خامنئي :في رأيي، إن رواية (البؤساء) لفيكتور هوغو أفضل رواية كتبت في التاريخ. طبعا لم أقرأ جميع الروايات المكتوبة في التاريخ، ولكني قرأت العديد من الروايات المتعلقة بأحداث قرون مختلفة.
شعر خامنئي بأن الروايات تمنحه بصيرة نافذة إلى الواقع العميق في حياة الغرب، حتى إنه نصح جمهورا من الكُتاب والفنانين في عام 1996 قائلا: «اقرأوا روايات بعض الكتاب ذوي الاتجاهات اليسارية، مثل هوارد فاست. اقرأوا (عناقيد الغضب) الشهيرة التي ألفها جون ستيانبيك.. وانظروا كيف تتحدث عن موقف اليسار وكيف تعامل معهم الرأسماليون في مركز الديمقراطية".
نظرته للحرية:
يرى خامنئي أن القضية التي تطرح بشأن الحرية هي انتهاج المبدأ الاستقلالي. والسير على منهج التقليد، قد يعكس نتائج مريرة، و الحرية الاجتماعية التي هي عبارة عن حرّية التفكير والقول والاختيار، وما إلى ذلك، حق إنساني ورد تكريمها في الكتاب والسُنّة، و الحرية مقولة إسلامية. ولکن يرى هناک مجموعات تتظافر جهودهما ضد النظر إلى الحرية باعتبارها مقولة إسلامية کاستشهادهم على الدوام في كلماتهم عن الحرّية بأقوال الفلاسفة الغربيين الذين ظهروا خلال القرون الثلاثة الأخيرة و التي ما ان تسمع بمفهوم الحرية حتى يعتريها الرعب وتأخذ بإطلاق صيحات الخوف على ذهاب الدين .لكن يرى أنهم واهمون في مواقفهم لأن الدين أكبر مناد للحرية الصحيحة و المعقولة، ونماء الأفكار و ازدهار الطاقات قد يكون من فضائل وجود الحرية.
الثورة ضد الشاه:
أطلقت الشرارة الأولى لكفاحه السياسي المعادي لنظام الشاه من خلال دوره النضالي في حركة المجاهد الكبير وشهيد المبادئ الإسلامية المرحوم «نواب صفوي»، وكذلك بعد رحلة الأخير إلى مشهد عام 1952 وإلقائه الخطابات الثورية الملهبة للمشاعر هناك.
وجاء استشهاد «نواب صفوي» بعد ذلك ليضع تأثيره العميق في نفسية سماحة آية الله الخامنئي.
ومع بدء نهضة الإمام الخميني دخل سماحة السيد الخامنئي ساحة النضال من أوسع أبوابها باعتباره أحد أقرب الموالين للإمام، وكان رائداً في مجال إرساء القواعد الفكرية وبيان المفاهيم الإسلامية والثورية السامية وكذلك في مجال النضال العملي، استمر نضاله طيلة 16عاما وقد تخللتها صعوبات جمة من سجن وتعذيب، ولم يأبه خلال هذه المسيرة للأخطار. في محرم عام 1383هـ وتمثيلاً لأمر الإمام الخميني، حمل الخامنئي رسالة من الإمام الخميني إلى آية الله العظمى الميلاني وباقي علماء خراسان يدعوهم فيها إلى ضرورة فضح ممارسات نظام الشاه خلال شهر محرّم الحرام. وبعد إنجاز سماحته لتلك المهمة، واستكمالاً لتنفيذ أمر الإمام الخميني غادر إلى مدينة «بيرجند» للدعوة هناك، وكشف حقيقة نظام الشاه، حيث أثارت خطاباته الحماسية التي ألقاها في مسجد «بيرجند» حول أحداث الـرابع من 1963م " فاجعة خراداد". إلا أنّه تعرض للاعتقال بسببها، وتبع ذلك اعتصام الشعب، بعدها تم نقله إلى مدينة مشهد، إلى أن أطلق سراحه من المعتقل العسكري بعد عشرة أيام من اعتقاله.
مع الذكرى السنوية للاستفتاء الزائف الذي أجري في 25 يناير، وقد أدى ذلك إلى اعتقاله من قِبل عملاء الشرطة السرّية (السافاك) في 15 رمضان (ذكرى ولادة الإمام الحسن المجتبى-عليه السلام-)، وتمّ نقله جواً إلى العاصمة طهران برفقة اثنين من أفراد الشرطة، حيث قضى شهرين في سجن «قزل قلعه». أقبل الشباب الثوري المتحمس في مدينتي مشهد وطهران بشكل ملفت على حضور دروس الخامنئي في التفسير والحديث والفكر الإسلامي، الأمر الذي أثار حنق جهاز الشرطة السرية(السافاك) وقام بملاحقته، مما اضطره إلى العيش في طهران متوارياً وذلك في عام 1966م، لكنه اعتقل من قبل السافاك بعد عام واحد أي في عام 1967م.
واعتقل من قبل جهاز السافاك في نظام الشاه في عام 1970م. في عام 1969م ارتسمت ملامح الحركة المسلحة في إيران بجلاء، وتوصل النظام الديكتاتوري آنذاك إلى قرائن تشير إلى ارتباط شخصيات من أمثال خامنئي بمثل هذه الحركة، ممّا دعا النظام المذكور وأجهزته الأمنية إلى التركيز على خامنئي وتضييق الخناق عليه وبالتالي اعتقاله للمرة الخامسة عام 1971م، وقد دلت بوضوح ممارسات جهاز السافاك الوحشية في السجون على مدى القلق الذي كان يشعر به بسبب انضواء الحركات المسلحة تحت مظلة التيارات الفكرية الإسلامية، ولم يكن السافاك ليفصل بين نشاطات سماحته الفكرية والدعوية في مشهد وطهران وبين تلك التيارات. وبعد إطلاق سراحه، بدأت حلقة دروسه السرية العامة في التفسير والدروس العقائدية تتسع وتكبر كان سماحة آية الله العظمى الخامنئي يُلقي دروسه في التفسير والعقائد في مسجدي «الإمام الحسن ـ عليه السلامـ» و«كرامت» وكذلك في مدرسة «ميرزا جعفر» في مدينة مشهد المقدسة، وذلك بين عامي 1971 و 1974م، مما جعل هذه الأماكن مراكز استقطاب للجماهير المتعطشة خصوصاً الشباب الواعي والمثقف والجامعيين وطلاب العلوم الدينية الثوريين، حيث كانوا ينهلون الفكر الإسلامي الأصيل. وعند منبر سماحته تعلم طلبة العلوم الدينية درس الحقيقة والنضال، وقاموا بنشر تلك الأفكار النيرة بين أوساط الجماهير خلال زياراتهم للمدن المختلفة لأغراض الدعوة، مما مهّد الطريق لتفجير الثورة الإسلامية العظيمة. دفعت تلك النشاطات جهاز السافاك إلى شن هجوم وحشي على منزل سماحته، وذلك في عام 1974م وتم اعتقاله ومصادرة أوراقه وكتاباته. كانت تلك هي المرة السادسة لاعتقاله والأشدّ والأصعب، حيث بقي في الحبس الانفرادي في سجن اللجنة المشتركة للشرطة العامة الرهيب حتى خريف عام 1975م.
كان خامنئي على اتصال دائم بعالم المثقفين الإيرانيين، وقد تشكل الإطار الأساسي لفكره أثناء شبابه وبدايات سن الرشد، في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. كانت إيران في ذلك الوقت تحت الحكم الملكي وحليفة للولايات المتحدة.
ووفقا للمعارضة الإيرانية في ذلك الوقت، لم يكن الشاه سوى دمية أميركية. وعلى عكس كثير من الإسلاميين الآخرين، كان خامنئي على اتصال مع أهم مثقفي المعارضة العلمانيين واستوعب خطابهم في مرحلة ما قبل الثورة. ولكنه كان أيضا طالبا في المعهد الديني الذي ينصب تركيزه الأساسي على تعليم الشريعة الإسلامية، فتعرف على منظري الإخوان المسلمين وتأثر بأعمال سيد قطب، التي ترجم خامنئي ذاته بعضا منها إلى الفارسية.
عندما كان شابا، شهد خامنئي الخلاف بين الغرب والعالم الثالث، وتصلبت هذه الرؤى أثناء تعامله مع الولايات المتحدة بعد الثورة الإيرانية. وتوصل إلى أن واشنطن عازمة على الإطاحة بالجمهورية الإسلامية وأن جميع القضايا الأخرى التي يثيرها المسؤولون الأمريكيون لا تتجاوز كونها ستارا دخانيا. وحتى اليوم، يعتقد خامنئي أن الحكومة الأميركية مصرة على تغيير النظام في إيران، سواء عن طريق إسقاطه من الداخل أو اندلاع ثورة ديمقراطية أو ممارسة ضغوط اقتصادية أو شن غزو عسكري.
بعد نجاح الثورة:
شية انتصار الثورة الإسلامية ــ وقبل عودته من باريس إلى طهران ــ شكّل الإمام الخميني (قدس سره) "شورى الثورة الإسلامية". ويقول الشيخ الرفسنجاني:
"لقد عيّن الإمام وهو في باريس ستّة أشخاص ليجتمعوا ويديروا الحكومة القادمة... فكنت أحدهم، والشهيد المطهّري الّذي كان يحمل تلك الرسالة، والشهيد البهشتي، والسيّد الموسويّ الأردبيلي وباهنر، ثمّ التحق بنا السيّد علي الخامنئيّ الّذي كان في مشهد آنذاك".
ويقول الخامنئيّ حول هذا الموضوع: وبمقتضى المصلحة، فقد انضمّ إلى المجلس في ما بعد أعضاء جدد، كان بعضهم ذا ميول واتّجاهات سياسيَّة أخرى ( يقصد غير إسلامية). وقد كُشِفَ النقاب عن وجوههم بالتدريج. لكنَّ هؤلاء الإخوة ( يقصد الشيخ رفسنجاني ورفاقه) كانوا الأساس والأركان للثورة والحرّاس لمبادئها وأهدافها. وقد تحمّلوا لأجل الثورة ومصالح الأمّة الإسلاميّة مصاعب العمل مع الليبراليِّين ومع شخص كبني صدر. واستطاعوا بجهودهم ومقاومتهم ومساعيهم المشتركة من تنظيم الأمور وحراسة مبادئ وقيم الثورة.
و اسس خامنئي الحزب الجمهوري الإسلامي بالتعاون مع نخبة من رجال الدين ورفاق دربه من أمثال الشهيد محمد بهشتي والشهيد محمد جواد باهنر والشيخ هاشمي رفسنجاني والسيد موسوي أردبيلي في مارس من عام 1978م، هذا الإقدام الذي هيأ الفرصة لحضور فعال وتنظيمي للقوى الحليفة للنظام في مواجهة الجماعات المعادية والملحدة.
وتولي خامنئي العديد من المناصب بعد نجاح الثورة الاسلامية في الجمهورية الاسلامية الوليدة، 1- نائب وزير الدفاع (1979م).
2- مسؤول قوات حرس الثورة الإسلامية (1979م).
3- إمام جمعة طهران (1979م).
4- ممثل الإمام الخميني في مجلس الدفاع الأعلى (1980م).
5- ممثل الإمام لحلّ المعضلات السياسية وغيرها في محافظة سيستان وبلوجستان (مارس عام 1979م).
6- ممثل مدينة طهران في مجلس الشورى الإسلامي (1979م).
7- عند اندلاع الحرب العراقية الايرانية، عام 1980م حصل الخامنئي على إذن من الإمام الخميني للحضور في جبهات القتال الجنوبية، وقد تكررت زياراته إلى جبهات الحق ضد الباطل حيث كان حضوره يضفي حيوية ونشاطاً على المقاتلين.
8- تعرض في 26 يونيه عام 1981م إلى محاولة اغتيال دنيئة في مسجد «أبي ذر» بمدينة طهران قام بها جماعة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة، نقل على أثرها إلى مستشفى الأمراض القلبية، وظل راقداً في المستشفى بسبب شدة جراحه إلى حين انتخابه لمنصب رئيس الجمهورية.
9- رئيس المجلس الأعلى للثورة الثقافية عام 1981م.
10- رئيس مجلس سياسات البلاد العليا عام 1987م.
11- منصب رئيس الجمهورية:
بعد استشهاد السيد رجائي (ثاني رئيس للجمهورية الإسلامية في إيران) رشحت القوى الثورية سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي لخوض معركة رئاسة الجمهورية، وبالفعل فقد حصل على أكثر من 16 مليوناً صوتاً من مجموع 17 مليوناً، وأصبح في عام 1981م ثالث رئيس للجمهورية الإسلامية في إيران وذلك بعد مصادقة الإمام الخميني على مرسوم تنصيبه، وأعيد انتخابه لفترة رئاسية ثانية من 1985م – 1989م. واقترنت فترتا رئاسة بأهمية خاصة وذلك لأنها سجلت تقلبات مرحلة حساسة وهي الحرب المفروضة، والتحديات الكبيرة التي كانت تواجهها البلاد آنذاك، وبدء عملية الإعمار بعد الحرب، وكثير من الأحداث الخطيرة الأخرى مما جعلها فترة حساسة في تاريخ الثورة الإسلامية حاضراً ومستقبلاً.
في عام 1987، ذهب خامنئي في رحلته الوحيدة حتى الآن إلى الولايات المتحدة من أجل المشاركة بصفته رئيس دولة إيران في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي خطابه، تحدث عن العلاقة بين إيران والولايات المتحدة.
وفي خطاب جماهيري في العام التالي، تحدث عما مر به أثناء إقامته في نيويورك قائلا: «جاء مسؤول رفيع المستوى في دولة أوروبية لمقابلتي وقال لي (يجب أن تحل مشكلتك مع أمريكا)! اعتقدوا أنني بمجيئي إلى نيويورك ووجودي في أمريكا قد يستطيعون استغلال الموقف. ولكني قلت (مستحيل. قضية الأمم المتحدة شأن آخر. مجيئي إلى الأمم المتحدة للحديث مع شخصيات من العالم وهذا ليس له علاقة بأمريكا. قضية أمريكا لها شأن آخر).
موقفه من اقتحام السفارة الأمريكية:
في الأيام الأولى من الثورة الإيرانية، بعد أن أعلنت واشنطن أنها سوف تسمح للشاه المريض بدخول الولايات المتحدة لتلقي العلاج، استولت مجموعة من الطلاب الإيرانيين المتطرفين على السفارة الأميركية في طهران واحتجزوا من فيها كرهائن، مما تسبب في خلق أزمة جديدة في العلاقات الأميركية الإيرانية. لم يكن جميع أفراد النخبة الحاكمة الجديدة يعرفون بشأن الخطة أو يوافقون عليها. ووفقا للرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر رفسنجاني، لم يؤيد هو أو خامنئي هذه الخطوة: «كان آية الله خامنئي وأنا في مكة عندما سمعنا أخبار الاستيلاء على السفارة الأميركية عبر الإذاعة ليلا، عندما كنا في مكان إقامتنا نستعد للنوم. أصبنا بالصدمة، لأننا لم نكن نتوقع مثل هذا الحدث. ليست هذه سياستنا. حتى في بداية انتصار الثورة، عندما كانت الجماعات السياسية تهتف بشعارات متطرفة ضد أمريكا، ساعد المسؤولون الأميركيون الموجودون في إيران على العودة إلى بلادهم سالمين، بل وحمل كثير منهم ممتلكاتهم معهم. وبمجرد أن هاجمت مجموعة مسلحة السفارة الأميركية واحتلتها، جاء ممثل عن الحكومة المؤقتة وأنهى المشكلة. لذلك من الواضح أن المجلس الثوري والحكومة المؤقتة لا يميلان إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات».
ولكن بعد أن خرج الخميني مؤيدا للاستيلاء على السفارة، سار حكام آخرون في الجمهورية الإسلامية على نهجه.
وفي نهاية الثمانينات، كان الجيش الأميركي يواجه إيران مباشرة من خلال مهاجمة منصات النفط الإيرانية في الخليج عام 1987، وإسقاط طائرة ركاب إيرانية في عام 1988.
طوال فترته كمرشد أعلى، دائما ما يدافع خامنئي عن الاستيلاء على السفارة. ويدفع بأنه أحيانا ما تحتفظ الأنظمة الثورية بعلاقاتها مع القوى الاستعمارية السابقة وتعاني نتيجة لذلك. وفي الحالة الإيرانية، ساعد الاستيلاء على السفارة على جعل ذلك مستحيلا، وقد أشار في خطاب له عام 1993 إلى ذلك قائلا: «قطعت قضية وكر الجواسيس (وهو المصطلح الذي يستخدمه الثوار للإشارة إلى السفارة الأميركية) آخر خيط يمكن أن يصل بين الثورة وأمريكا». وأضاف أن احتلال السفارة «كان خدمة عظيمة وجليلة لصالح ثورتنا".
خامنئي.. المرشد الأعلى:
في نهاية 1989 وبعد وفاة قائد الثورة الاسلامية ايه الله الموسوي الخميني في 4 (يونيه) 1989، اختير خامنئي ليكون المرشد الأعلى لإيران في عام 1989، أصبحت آراء خامنئي حيال سياسة الولايات المتحدة الأميركية أكثر حدة. وفي الوقت الحالي، موقفه واضح وبسيط: ترغب الحكومات الغربية، بقيادة واشنطن، في الإطاحة بالجمهورية الإسلامية وتدمير الثورة الإسلامية، تمامًا مثلما حدث مع الاتحاد السوفياتي.
يعتقد خامنئي أن هناك العديد من التدابير التي بإمكانها ضمان أن الجمهورية الإسلامية لن تلق المصير ذاته الذي حل بالاتحاد السوفياتي. أولا، ينبغي تحديد المتمردين السياسيين المحتملين - النسخ الإيرانية المحلية من بوريس يلتسن - ومعرفتهم. ثانيا، ينبغي الإعلان بوضوح عن خطط إصلاح منطقية، وبالتالي لن يكون من الممكن إساءة فهمها أو تحريفها. ووفقًا لوصفه، فإن التدابير الإصلاحية ينبغي أن «يقودها مركز قوي وصارم، بحيث لا تخرج عن السيطرة». ثالثا، لا ينبغي السماح لوسائل الإعلام بعرقلة عمل الحكومة. ورابعا، ينبغي منع أية تدخلات من قبل أي قوى خارجية، مثل الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.
نظرته للغرب والأزمة الاقتصادية:
لا ينكر خامنئي التقدم الكبير الذي شهده الغرب على مدار القرن الماضي. فكما صرح في أحد خطاباته في شهر يونيه عام 2004، «بالولايات المتحدة الأميركية، تستطيع أن تلحظ ذروة نهضة الحضارة المادية من ناحية العلم والثروة والسلطة العسكرية، والجهود السياسية والدبلوماسية. فالولايات المتحدة الأميركية تتمتع بثروة أسطورية وقوة عسكرية هائلة، علاوة على الحراك السياسي الاستثنائي». يتقبل خامنئي العلم والتكنولوجيا اللذين يتمتع بهما الغرب، فيما أنه يرثي حقيقة أن الأنظمة الاستبدادية التي تعاني منها إيران ودول أخرى بالعالم النامي هي المسؤولة عن التخلف السائد في هذه البلدان. ويصرح خامنئي بإعجابه ببعض الجوانب التي تتسم بها المجتمعات الغربية.
وأشار خامنئي إلى أن الأزمة المالية التي بدأت في عام 2008 تُعد دليلا داعما لوجهة نظره المتشائمة حول توقعاته للغرب. فقد رأى أن حركة الاحتجاجات التي تدعو إلى احتلال وول ستريت تُعد بمثابة بداية لأزمة ضخمة في الرأسمالية.
بالنسبة لخامنئي، فإن تاريخ العالم «يتجه نحو الأفضل» وسوف يبدأ «عصر جديد في العالم بأسره». فقد فقدت العقائد الماركسية والليبرالية والقومية جاذبيتها، ولكن الإسلام لا يزال يتمتع بجاذبيته. فالربيع العربي - أو «الصحوة الإسلامية»، كما يُطلق عليه - يُعد بمثابة بداية لانتفاضة في جميع أنحاء العالم ضد الولايات المتحدة الأميركية والصهيونية العالمية.
في شهر أغسطس عام 1989، أي بعد مرور شهرين على انتخابه مرشدا أعلى، صرح خامنئي للولايات المتحدة بأنه «لم يجر أي شخص في الجمهورية الإسلامية أية مفاوضات في وقت مضى مع الولايات المتحدة الأميركية مطلقا، ولن يحدث ذلك.. وما دامت السياسة الأميركية تقوم على الأكاذيب والخداع والنفاق وتدعم الأنظمة الفاسدة مثل إسرائيل، وتديم حالة الظلم ضد الشعوب الضعيفة والفقيرة، وما دامت الجرائم والتجاوزات التي يرتكبها الحكام الأميركيون، مثل إسقاط طائرة الركاب واحتجاز (الملكية الإيرانية)، لا تزال حاضرة في ذاكرة أمتنا، فليس هناك أية احتمالية لدينا لعقد مفاوضات مع الحكومة الأميركية أو إقامة علاقات دبلوماسية معها. فنحن نرفض تمامًا إقامة أية علاقات بيننا وبينهم».
وبعد مرور سبعة عشر عامًا، تناول خامنئي الموضوع ذاته خلال اجتماعه مع طلاب بوسط مدينة يزد خلال شهر ديسمبر لعام 2007، ليذكر أن:إحدى سياساتنا الأساسية تتمثل في قطع العلاقات مع الولايات المتحدة. ولكننا لم نقل يوما إننا سوف نقطع هذه العلاقات إلى الأبد. لا، ليس هناك أية أسباب لقطع العلاقات مع أية دولة إلى الأبد.. (ولكن) العلاقات مع الولايات المتحدة تمثل ضررا بالنسبة لنا. أولا، إقامة علاقات مع الولايات المتحدة لن يقلل من الخطر الذي تمثله علينا. فقد قامت الولايات المتحدة بغزو العراق في حين أنه كانت لديها علاقات دبلوماسية معه.. ثانيا، وجود علاقات مع الأمريكيين يعد طريقة بالنسبة لهم لزيادة نفوذهم داخل طبقات معينة.. داخل إيران».
وفي شهر أغسطس عام 2010، خلال لقائه مع مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى في ظل ولاية الرئيس محمود أحمدي نجاد، قدم خامنئي تفسيره لعبارة «حالتان من المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا، إحداهما كانت تتعلق بالقضايا العراقية». وكان ذلك حينما صرح أحمدي نجاد بأنه على استعداد لإجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة. ووصف خامنئي فهمه لأسلوب التفاوض مع الولايات المتحدة كما يلي:«عندما لا تكون لدى الأمريكيين حجج قوية، وعندما لا يكون بإمكانهم تقديم حجة مقبولة ومنطقية، فإنهم يلجأون إلى أسلوب الضغط. وحيث إن أسلوب الضغط ذلك ليس له أي تأثير على الجمهورية الإسلامية، فإنهم سوف يعلنون نهاية المفاوضات من جانب واحد! حسنا، ما هو نوع تلك المفاوضات؟ وتلك هي تجربتنا في كلتا الحالتين. لذلك، عندما يقول الأشخاص مثل السيد الرئيس (أحمدي نجاد) إننا على استعداد للتفاوض، فحينها سوف أقول نعم، نحن مستعدون للتفاوض، ولكن ليس مع الولايات المتحدة.
وخلال شهر فبراير لعام 2013، صرح جوزيف بايدن نائب الرئيس الأميركي، خلال حضوره أحد المؤتمرات الأمنية بميونيخ، بأن الولايات المتحدة الأميركية قد فرضت «أقسى العقوبات في التاريخ» على إيران، وذلك ضمن جهودها الرامية إلى منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، وأن قادة إيران يعاقبون شعبهم من خلال الحرمان الاقتصادي والعزلة الدولية. وأشار بايدن إلى أن الخيار الدبلوماسي لا يزال متاحا، ولكن لن تكون هناك محادثات مباشرة إلا «عندما تكون القيادة الإيرانية والقائد الأعلى جادين في الأمر".
ورد خامنئي سريعا وعلى نحو مباشر. ففي كلمته أمام قادة سلاح الجو الإيراني، صرح خامنئي بأنه منذ انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2008، كان قد أعلن أن القيادة الإيرانية سوف تنظر إلى سلوك الحكومة الجديدة بنظرة غير متحيزة، ومن ثم سوف تتخذ قرارها. ولكن ماذا كانت نتائج الفترة الأولى من ولاية أوباما؟ دعمت واشنطن «التمرد الداخلي» (الحركة الخضراء)؛ وفرضت عقوبات معوقة، على حد زعمه. ومن ثم، تناول دعوة بايدن لإجراء محادثات قائلا:«من هؤلاء الذين تريدون إعاقتهم (بتلك العقوبات)؟ هل أردتم أن تصيبوا الشعب الإيراني بحالة من الشلل؟ هل يوجد أية نية حسنة في ذلك؟ أنا لست دبلوماسيا. إنني شخص ثوري وأتحدث بطريقة واضحة وصريحة.. يقول الدبلوماسيون شيئا ما، ويعنون به شيئا آخر».
البرنامج النووي:
ويرفض خامنئي فكرة تمركز الخلافات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية حول البرنامج النووي. وخلال حضوره لاجتماع علني مع وفد من العلماء وأسر الشهداء من منطقة أذربيجان الإيرانية خلال شهر فبراير الماضي، ذكر خامنئي قائلا: «إذا أردنا تصنيع أسلحة نووية، كيف ستمنعوننا من ذلك؟ إذا كانت إيران مصرة على امتلاك أسلحة نووية، فلن تستطيع الولايات المتحدة منعها بأي شكل من الأشكال. نحن لا نرغب في تصنيع أسلحة نووية. ليس لأن أمريكا مستاءة حيال ذلك، ولكن الأمر يتعلق بمعتقداتنا الخاصة. فنحن نعتقد أن الأسلحة النووية تمثل جريمة ضد الإنسانية ويجب أن لا يتم تصنيعها، كما يجب القضاء على تلك الأسلحة النووية الموجودة بالفعل في العالم بأسره. ذلك هو اعتقادنا. فهو لا يتعلق بالولايات المتحدة على الإطلاق. إذا لم يكن لدينا هذا الاعتقاد، وقررنا حينها تصنيع أسلحة نووية، فلم تكن لتتمكن أية قوة من منعنا، تماما مثلما أنها لم تكن قادرة على منع ذلك في بلدان أخرى - فهي لم تتمكن من منع تصنيع الأسلحة النووية في الهند وباكستان وكوريا الشمالية».
وفي 21 يونيه 2015 أقر مجلس الشورى الإيراني "البرلمان"، اليوم الأحد، مشروع قانون يمنح هيئة أمنية تأتمر مباشرة بالمرشد الاعلى للجمهورية الإسلامية آية الله على خامنئي، صلاحية الموافقة على اتفاق نووي مع القوى العظمى.
وقال رئيس مجلس الشورى على لاريجاني إن "مجلس الأمن القومي الاعلى يخضع لإشراف المرشد الاعلى ويجب الا نكبل يدي المرشد، ويجب أن نمتثل لأي قرار يتخذه المرشد الاعلى، ومجلس الأمن القومي الأعلى ليس خاضعا للحكومة بل للمرشد".
وأبرز التعديلات التي طرأت على مشروع القانون المعدل هو "احترام قرارات مجلس الأمن القومي الاعلى" حول نقاط أساسية في هذا الاتفاق التاريخي، مما يعطي هذه الهيئة المكلفة النظر في المسائل السياسية والأمنية الكبيرة في البلاد، مزيدا من الصلاحيات.
ويقر النص المعدل أيضا بصلاحية مجلس الأمن القومي الأعلى الموافقة على عمليات التفتيش التي ستقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من احترام طهران الاتفاق النووي، وفي إطار الانشطة الإيرانية للبحث والتطوير.
وفي 25 يونيه2015 شدد آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى في إيران من موقفه تجاه المفاوضات النووية رغم اقتراب الموعد النهائي للتوصل لاتفاق مع القوى الغربية.
واتهم في خطاب أذاعه التلفزيون الرسمي مساء الثلاثاء، الولايات المتحدة بالسعي وراء تدمير الصناعة النووية الإيرانية برمتها.
وقال خامنئي، نقلا عن التلفزيون الإيراني الرسمي، "أمريكا تسعى لتدمير صناعتنا النووية برمتها.. مفاوضونا يهدفون إلى ضمان سلامة البلاد.. وانجازاتنا النووية خلال المحادثات".
واستبعد خامنئي تجميد أنشطة إيران النووية الحساسة لفترة طويلة قائلا إن "جميع العقوبات المفروضة على البلاد ينبغي أن ترفع على الفور".
وأضاف "تجميد الأبحاث والتطوير الإيراني لفترة طويلة تصل إلى 10 أو 12 عاما أمر غير مقبول.. ينبغي رفع العقوبات على الفور عندما يوقع الاتفاق، ولا ينبغي أن يرتبط ذلك بعمليات التحقق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وتابع قوله "تفتيش منشآتنا العسكرية غير ممكن بتاتا وهو أحد خطوطنا الحمراء".
كما يحجم ما جاء في خطاب خامنئي من قدرة المفاوضيين الإيرانيين على تقديم أي تنازلات خلال المفاوضات مع اقتراب الموعد النهائي للتوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي لإيران المقرر في 30 يونيه المقبل.
ويتمتع المرشد الأعلى في إيران بصلاحيات تجعل له الكلمة الأخيرة في كافة القرارات العليا في الدولة.
واتهم خامنئي القوى الغربية بفرض صيغة مركبة كشرط لرفع العقوبات عن إيران. وقال "يجب أن لا يعتمد رفع العقوبات المفروضة على تنفيذ إيران لالتزاماتها".
خامنئي والإخوان:
وعقب اشتعال ثورة الشباب المصري ضد نظام الرئيس حسني مبارك، خرج خامنئي بخطاب لتأييد الثورة، ففي يوم الجمعة 4 فبراير 2011 -قبل أسبوع من تنحي مبارك-، قام السيد علي خامنئي في خطبة الجمعة بتشبيه ما يجري من ثورة ضد الرئيس المصري بالثورة الإيرانية ضد شاه إيران، وعند إعلان فوز الدكتور محمد مرسي – مرشح الإخوان – بانتخابات رئاسة الجمهورية بمصر كانت إيران من أوائل المسارعين إلى التهنئة.
(يذكر هنا من باب المصادفة والتندر أن الانهيار النهائي لحكومة الشاه في إيران، وإعلان المجلس العسكري الأعلى محايداً في النزاعات السياسية كان في 11 فبراير 1979، وفي مصر كان تنحي الرئيس حسني مبارك، وإعلان المجلس العسكري حاكماً في تاريخ 11 فبراير 2011).
في خطاب رفعه إلى الرئيس الاسبق وعضو جماعة الاخوان محمد مرسي، طالب السيد علي خامنئي ـ المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية ـ مصر أن تستوحي نظام “ولاية الفقيه”، داعياً مرسي إلى تبنى «النموذج الإيراني» والانضمام إلى طهران في بناء ما سماه «الحضارة الإسلامية الجديدة»، ووفقاً للخطاب الذي أوردته صحيفة “الشرق الأوسط” السبت، فإن خامنئي وعد بأن «المفكرين الإسلاميين الإيرانيين على استعداد لتقديم قدراتهم العلمية المتاحة للحكومة المصرية النبيلة وشعب مصر العظيم».
يأتي هذا الخطاب بعد أن استقبلت مصر الأيام الماضية الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، في سابقة من نوعها لأول رئيس إيراني يزور القاهرة منذ 34 عاماً، منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، شكَّلت هذه الزيارة التاريخية منعطفاً كبيراً في العلاقات بين القاهرة وطهران التي شهدت جموداً منذ عقود، لكن الرئيس الاسابق محمد مرسي سبقها حين زار طهران للمشاركة في قمة عدم “الانحياز” في أغسطس 2012، كأول رئيس مصري يزور إيران منذ عام 1979 أيضاً.
نجاد الذي اُستقبل في القاهرة بمناسبة القمة الإسلامية (6-7فبراير2013) بحفاوة رئاسية، وانتقادات أزهرية، أثار في زيارته الكثير من الجدل واللغط كعادته، لكنه أثار معه ملف علاقة الإخوان المسلمين بإيران، ذلك الملف المليء بالتفاصيل القديمة المختبئة بين جزيئات الواقع الجديدة التي تشكِّل بمجموعها مشهداً متأرجحاً مرتبكاً.. لكن تتبع الجذور العميقة يجلي الصورة، ويكشف المشهد بوضوح.
عند وفاة الخميني في 4 (يونيه) 1989 أصدر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حامد أبو النصر نعياً تضمَّن الكلمات الآتية: «الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخميني، القائد الذي فجَّر الثورة الإسلامية ضد الطغاة".
في عهد علي خامنئي، الذي أصبح «مرشداً» بعد وفاة الخميني، أصبحت نظريات سيد قطب تُدَرَّس في مدارس الإعداد العقائدي لـ «الحرس الثوري الإيراني»، كما برز نفوذ لمرجعيات دينية مثل آية الله مصباح يزدي، وهو الأستاذ الروحي لأحمدي نجاد، الذي لا يخفي إعجابه بسيد قطب وتأثره به.
خطاب مشهد السنوي:
وفي كل عام، يلقي خامنئي خطابه الأكثر أهمية بمدينة مشهد الإيرانية في اليوم الأول من فصل الربيع، بداية السنة الإيرانية الجديدة. وعلى الرغم من ذلك، فقد كان الخطاب الذي ألقاه في العام الحالي لافتا للأنظار، حيث من الواضح أن خامنئي قد خفف من حدة موقفه حيال المحادثات. وللمرة الأولى، حتى في الوقت الذي أعرب فيه عن تراجع تفاؤله حيال المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، صرح خامنئي قائلا: «ولكني لا أعترض عليها». وأثناء إشارته إلى أنه على ما يبدو أن واشنطن ليس لديها أية رغبة في إكمال المفاوضات النووية والتوصل إلى حل لهذه المشكلة، ذكر خامنئي على الرغم من ذلك أن حل ذلك النزاع «قريب للغاية وبسيط أيضا».
خامئني وانتخاب أحمدي نجاد:
وتعد ازمة انتخابات الرئاسية الايرانية في 2009 والتي شهدت علي اثرها اندلاع المظاهرات ضد اعادة انتخاب احمدي نجاد رئيسا لإيران، واتهامات بالتزوير لصالح نجاد واستبعاد مرشح الاصلاحيين مير حسين موسوي فادت الي مظاهرات عرفت بالثورة او الحركة "الخضراء".
وفي يونيه 2009، أعلن فوز محمود أحمدي نجاد بالانتخابات الإيرانية، بعد حصوله على 63% من أصوات الناخبين، وتفوقه على المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي رئيس الوزراء الأسبق، والذي حصل على 33.8%، ومحسن رضائي أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام رئيس الحرس الثوري الأسبق، الذي حصل على 1.7%، والشيخ مهدي كروبي رئيس مجلس الشورى الأسبق الذي حصل على 0.9% وفقا للنتائج الرسمية لوزارة الداخلية.
فبمجرد إعلان النتيجة وفوز التيار المحافظ اندلعت في المدن الإيرانية الرئيسية موجة عارمة من الاحتجاجات والمظاهرات قادها موسوي، بمعاونة رضائي وكروبي، حيث رفض موسوي النتائج وأكد أنها مزورة، وأعلن نفسه الفائز بالانتخابات، ونظمت مظاهرات كبرى أمام السفارات الإيرانية في تركيا ودبي وباريس وبرلين ولندن وروما وسيدني وفيينا ولاهاي.
وسقط العشرات من القتلى والجرحى في حمى المظاهرات، والتي اعتمد فيها اللون الأخضر كرمز للاحتجاج، وكان أبرز القتلى الشابة «ندا أغا سلطان» على يد قوات الحرس الثوري في 20 يونيه، وأصبحت رمزًا للاحتجاجات الإيرانية. وتم اعتقال المئات من المعارضين والمسئولين الإصلاحيين ومحاكمتهم وعلى رأسهم محمد علي أبطحي، عبد الله رمضان زاده، بهزاد نبوي، محسن أمين زاده، محسن مير دامادي، ومحمد عطار يانفار.
وتدخل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في الأزمة ودعواته للإيرانيين للتوحد وراء أحمدي نجاد الذي وصف انتصاره بأنه «تقييم إلهي»، لم يسفر عن أي نتيجة سوى المزيد من القمع ضد المعارضين، واستمرت تداعيات الأزمة في التضخم إلى وقتنا الراهن حتى صارت ككرة الثلج، بل وصل الأمر إلى قيام متظاهرين بكسر أحد المحرمات السياسية الإيرانية وأحرقوا صور الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية والمرشد الحالي علي خامنئي في ذكرى يوم الطالب أوائل ديسمبر2009 ووصف المتظاهرون الرئيس أحمدي نجاد بـ«الدكتاتور» وهتفوا: «الموت للطاغية.. سواء كان الشاه أو الزعيم».
وتتسم العلاقة بين خامنئي وموسوي بالندية، نظرا للمكانة التي حازها موسوي في عهد المرشد الأعلى ايه الله الخميني؛ وهذا ما تسبب بعلاقة متوترة بين الرجلين إلى يومنا هذا.
مرض خامنئي:
ويعاني المرشد الأعلى للثورة الإسلامية من المرض، وفي 8 سبتمبر 2014، ول مرة تعلن وكالات الأنباء الرسمية الإيرانية أن المرشد الأعلى علي خامنئي "خضع أمس الاثنين 7 سبتمبر لعملية جراحية بسبب معاناته من سرطان البروستات في أحد مسافي طهران"، حیث "تكللت العملية بالنجاح"، حسب ما أكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا".
ونقلت "إيرنا" عن خامنئي قوله قبیل توجهه إلى المستشفى للخضوع للعملیة الجراحیة إنه "لیس هناك داع للقلق، فهي جراحة عادیة وبسیطة".
أما وكالة أنباء "فارس" الإيرانية الرسمية فزادت أن خامنئي قال عقب تأكيده على بساطة العملية: "هذا بالتأكيد لا يعني أنني لا أحتاج لدعاء الشعب، ولكن بإذن الله ما من ضرورة للقلق".
وأكد الموقع الرسمي التابع للمرشد الإيراني الأعلى الخبر وقد نشر صورة أرشيفية لخامنئي وهو يتحدث واقفاً أمام المايكروفون.
وكانت صحيفة "الغارديان" نشرت عام 2009 تقريراً كتبه مايكل لدين من المحافظين الأمريكيين أثار زوبعة حول تدهور صحة خامنئي، حيث قال إنه "دخل في غيبوبة ولم يتم السماح لأحد بالاقتراب منه سوى نجله والأطباء المختصين".
ويعاني خامنئي البالغ من العمر 75 عاماً من سرطان البروستات منذ سنوات، في حين أفادت تقارير سابقة بأنه تم بناء مستشفى له في محل إقامته بطهران لهذا الغرض.
ويحظى خامنئي كولي فقيه بصلاحيات دستورية واسعة بدءاً من القيادة العامة للقوات المسلحة، وتعيين رئيس السلطة القضائية والمصادقة على صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انتخابه، وتعيين رئيس مجلس صيانة الدستور ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام. كما يحق له إلغاء قرارات البرلمان واعلان الحرب والسلام فهذه الصلاحيات في مجملها تجعل غياب المرشد يحدث فراغاً في غاية الدقة والحساسية في إيران.
الوجه الآخر لخامنئي:
وعن الجانب الاخر من حياة خامنئي، يكشف المخرج الإيراني المنفي محسن مخملباف بفيلمه الوثائقي بعنوان “خفايا حياة خامنئي”، عن الحياة المترفة التي يعيشها المرشد القائد السيّد علي خامنئي فهو يأكل أفخر أصناف الطعام وينفق الملايين لاقتناء الخيول وجمع أنواع الخواتم المرصعة بأحجار كريمة، وذلك بعكس ما يصوّره الاعلام في ايران الذي يظهره زاهدا ومتواضعا كي يضفي هالة من القداسة على شخصه.
يثبت مخملباف في "خفايا حياة خامنئي" أن مرشد الثورة ليس سوى “شاه” آخر، مع فارق غير بسيط، هو أن الشاه المخلوع كان متصالحا مع فساده بينما الشاه الجديد يدعي العفة!
وعلى خطى الشاه المخلوع يسير الشاه الجديد في الأكل والشرب والصرف على جمع المقتنيات والهوايات الشخصية ورفاه العائلة والأقارب والحاشية.
فكره ومؤلفاته:
الهيكلية العامة للفكر الإسلامي في القرآن.
من أعماق الصلاة.
الكتب الأربعة الرئيسية في علم الرجال.
الولاية.
استعراض للماضي التاريخي والواقع الراهن في الحوزة العلمية بمشهد المقدسة.
حياة أئمة التشيع (غير مطبوع).
الإمام الصادق.
الوحدة والتحزب.
الفن من منظور آية الله الخامنئي.
الفهم الصحيح للدين.
عنصر الكفاح في حياة الأئمة.
روح التوحيد رفض عبودية ما سوى الله.
ضرورة العودة إلى القرآن.
سيرة الإمام السجاد.
الإمام رضا وولاية العهد.
الغزو الثقافي (مختارات من كلماته ونداءاته).
شروط واركان الثورة.
الحكومة الإسلامية في ظل ولاية الفقية.
خط الإمام.
الفهم الصحيح للأسلام.
في مكتب الجمعة.
رسالة الحوزة.
شروط واركان الثورة.
الحكومة في الإسلام.
الهجوم الثقافي.
طريق الإمام طريقنا.
روح التوحيد.
المجموعات المعارضة في نهضة الأنبياء والثورة الإسلامية.
حديث الولاية (مجموعة نداءاته وكلماته - صدر منه لحد الآن 9 مجلدات).
وترجم العديد من المؤلفات، منها صلح الحسن، تأليف الشيخ راضي آل ياسين، والمستقبل لهذا الدين - تأليف سيد قطب، والمسلمون في نهضة التحرر في الهند - تأليف عبد المنعم النمري النصري، وبيان ضد الحضارة الغربية - تأليف سيد قطب.
خامنئي من الثورة للشاه:
في الستينيات من القرن الماضي خرج علي خامنئي ورفاقه من رجال الدين واليساريين من اجل محاربة الظلم والديكتاتورية، واليوم بعد 36 عاما من الثورة علي نظام الشاه، اصبح الوضع في ايران كما كان في العهد الملكي البهلوي، ولم يفرق نظام الشاه عن نظام خامنئي بشئ سوا انه شاه أخر في ثوب رجل دين.