"عبد الله بن جبرين".. أحد مؤسسي الوهابية المعاصرة
السبت 13/يوليو/2024 - 01:00 ص
طباعة
حسام الحداد
عبد الله بن عبد الرحمن بن حمد بن جبرين من آل رشيد من قبيلة بني زيد، داعية وفقيه إسلامي، ولد عام (1933- 13 يوليو 2009) في إحدى قرى القويعية، وتوفي في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض يوم الاثنين 20 رجب 1430 هـ عن عمر يقارب 77 سنة بعد أن عانى من المرض
نشأته
ابتدأ التعليم في عام 1359هـ، وأتقن القرآن وسنه اثنا عشر عاماً وتعلم الكتابة وقواعد الإملاء ثم ابتدأ في الحفظ وأكمله في عام 1367هـ، وقد قرأ على أبيه وبعد أن أكمل حفظ القرآن ابتدأ في القراءة على شيخه الثاني بعد أبيه، وهو الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري المعروف بأبي حبيب وكان جل القراءة عليه في كتب الحديث كما قرأ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وقرأ في الفقه الحنبلي وكذا قرأ في كتب أخرى في الأدب والتاريخ والتراجم، واستمر إلى أن انتقل أول عام أربع وسبعين مع شيخه أبي حبيب إلى الرياض وانتظم طالباً في معهد إمام الدعوة العلمي فحصل على الشهادة الثانوية عام 1377هـ، وكان ترتيبه الثاني بين الطلاب الناجحين، ثم انتظم في القسم العالي في المعهد المذكور ومنح الشهادة الجامعية عام 1381هـ، وكان ترتيبه الأول بين الطلاب الناجحين ونال شهادة الماجستير في عام 1390 هـ والدكتوراه في الفقه وأصوله في عام 1407 هـ.
مذهبه الفقهي
كان الشيخ عبد الله بن جبرين قد درس وتتلمذ على مشايخه الذين كانوا منتسبين إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وكانوا لا يخرجون عنه غالباً. ولقد اقتصر ابن جبرين على هذا المذهب، وأكثر من قراءة كتب الحنابلة وشروحها والتعليق عليها، وفي التدريس كانت عنايته بكتب المذهب الحنبلي. وبالرغم من تعمق الشيخ ابن جبرين في المذهب الحنبلي وتدريسه له، فهو متوسع في الاطلاع على الحديث والأدلة وأقوال الفقهاء، وكان يربط بينها ويحلل ثم يختار القول الصحيح، حتى لو خالف بعض آراء مشايخه. وهو يرى أن الاختلاف الواقع بين الأئمة الأربعة سببه الاجتهاد في الوقائع والحوادث؛ لأن العالم يفتي بما ظهر له، وقد ثبت عن كل واحد منهم الرجوع إلى الحق، ونهوا عن تقليدهم إذا اتضح أن الدليل مخالف لأقوالهم.
موقفه من الآخر
لا يختلف موقف الشيخ ابن جبرين من الآخر، عن موقف أقرانه من أصحاب الدعوة الوهابية، والتي تُقصي الآخر وتستحل ماله ودمه وعرضه انطلاقًا من عقيدة الولاء والبراء، فقد سئل الشيخ عن حكم إكرام الرجل الكافر وهو ليس الذي يدين بالإسلام فقط، بل يدخل في إطار الكفر عندهم من لا يؤمن بما يؤمنون به من اجتهادات حنبلية أو وهابية فكل من هو خارج الجماعة الوهابية فهو كافر ولا يجب إكرامه ولا موالاته، فيقول في الإجابة على هذا السؤال "الجواب: ورد النهي عن ذلك؛ لأنه من التولي المذكور في قوله-تعالي-: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وقد روى أحمد عن أبي موسى- رضي الله عنه- قال: قلت لعمر إن لي كاتبًا نصرانيًّا. فقال: مالك قاتلك الله؟! أما سمعت قول الله- تعالى- {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}؟! قلت: لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله. رواه البيهقي وعنده: فانتهرني وضرب فخذي، وقال: أما وجدت في أهل الإسلام من يكتب؟ لا تأمنهم إذ أخانهم الله... إلخ. ولأحمد عن عمر "لا تستعملوا اليهود والنصارى؛ فإنهم يستحلون الرشا".
وقال شيخ الإسلام في الاقتضاء: الولاية إعزاز وأمانة، وهم يستحقون للذل والخيانة، والله يغني عنهم المسلمين، فلا يجوز استعمالهم لما فيه من إعلائهم على المسلمين، وقد قال-صلى الله عليه وسلم-: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق، فاضطروهم إلى أضيقه "، وقال: "الإسلام يعلو ولا يعلى عليه" .
وكتب خالد بن الوليد إلى عمر أن بالشام كاتبا نصرانيا لا يقوم خراج الشام إلا به، فكتب إليه عمر مات النصراني، والسلام. أي: قدر موته.
وذكر ابن القاسم عن مالك قال: لا يستكتب النصراني؛ لأن الكاتب يستشار، فلا يستشار النصراني في أمر المسلمين.
وذكر ابن عبد البر أن بعض الفقهاء دخل على المأمون وعنده كاتب يهودي مقرب لديه، فأنشده قوله:
إن الذي شرفت من أجله يزعم هـذا أنه كاذب
فخجل المأمون وأمر بإخراج اليهودي مسحوبًا على وجهه، وأنفذ عهدا أن لا يستعان بأحد من أهل الذمة في شيء من أعماله.
وقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز تصديرهم في المجالس، ولا القيام لهم، وأنهم يمتهنون عند أخذ الجزية، ويطال وقوفهم وتجر أيديهم.
ومن خلال هذا النص يتضح أن الشيخ لا يقر بالدولة المدنية الحديثة ولا بالمواطنة، فهو يؤسس للطائفية وعدم الأمن والسلم الاجتماعيين بين أبناء الوطن الواحد لاختلاف عقيدتهم.
الموقف من المرأة
وكما هو موقف الوهابية من المرأة من حيث إقصائها والحض على دونيتها وقهرها، فهي لديهم ليست إلا خادمة في بيت زوجها ووعاء للولد، ضاربين عرض الحائط بالآيات التي تكرمها وتحض على مساواتها مع الرجل، منطلقين من مجموعة من المرويات المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم، والشيخ ابن جبرين لا يكتفي بالحجاب المتعارف عليه ولا بالأحاديث التي تسمح بظهور وجه المرأة، بل يحرم على المرأة ظهور وجهها على اعتبار أن المرأة كلها عوره، فيقول في إحدى فتاويه على موقعه الشخصي: "الحجاب الشرعي هو حجب المرأة ما يحرم عليها إظهاره أي سترها ما يجب عليها ستره، وأولى ذلك وأوله ستر الوجه؛ لأنه محل الفتنة ومحل الرغبة، فالواجب على المرأة أن تستر وجهها عن من ليسوا بمحارمها، وأما من زعم أن الحجاب الشرعي هو ستر الرأس والعنق والنحر والقدم والساق والذراع، وأباح للمرأة أن تخرج وجهها وكفيها فإن هذا من أعجب ما يكون من الأقوال؛ لأنه من المعلوم أن الرغبة ومحل الفتنة هو الوجه وكيف يمكن أن يقال: إن الشريعة تمنع كشف القدم من المرأة وتبيح لها أن تخرج الوجه، هذا لا يمكن أن يكون واقعًا في الشريعة العظيمة الحكيمة المطهرة من التناقض.
وكل إنسان يعرف أن الفتنة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة بكشف القدم، وكل إنسان يعرف أن محل رغبة الرجال في النساء إنما هي الوجوه؛ ولهذا لو قيل للخاطب: إن مخطوبتك قبيحة الوجه ولكنها جميلة القدم ما أقدم على خطبتها، ولو قيل له: إنها جميلة الوجه ولكن في يديها أو في كفيها أو في قدميها أو في ساقيها نزول في الجمال لكان يقدم عليها، فعلم بهذا أن الوجه أولى ما يجب حجابه، وهناك أدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة وأقوال أئمة الإسلام وعلماء الإسلام تدل على وجوب احتجاب المرأة في جميع بدنها عن من ليسوا بمحارمها، وتدل على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها وليس هذا موضع ذكر ذلك، والله أعلم."
شيوخه
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.
الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري.
الشيخ صالح بن مطلق.
الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري .
الشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد.
الشيخ حماد بن مجد الأنصاري.
الشيخ محمد البيحاني.
الشيخ عبد الحميد عمار الجزائري.
الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد.
الشيخ عبد الرزاق عفيفي.
الشيخ عبد العزيز بن باز.
مؤلفاته
أخبار الآحاد في الحديث النبوي.
التدخين مادته وحكمه في الإسلام.
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق.
الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما.
البدع المنتشرة لدى الحجاج والمعتمرين.
حقيقة الحجاب والغيرة على الأعراض.
حوار حول الاعتكاف.
حوار رمضاني.
خواطر رمضانية.
وغيرها من المؤلفات والفتاوى والحوارات.
وفاته
توفي يوم الاثنين 13 يوليو 2009 عن عمر يناهز 80 سنة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض.