"القاعدة" يجدد نشاطه في بلاد المغرب الإسلامي بهجوم في "الجزائر"
الإثنين 20/يوليو/2015 - 10:05 ص
طباعة

مواصلة للعمليات الإرهابية التي توغلت في بلاد المغرب الإسلامي، شهدت الجزائر عملية إرهابية الجمعة الماضية 17 يوليو 2015، أدت إلى مقتل عدد من الجنود إثر هجوم إرهابي في ولاية عين الدفلى.
عودة القاعدة مجددًا

أكدت وزارة الدفاع الجزائرية، أمس الأحد، في بيان لها أن تسعة جنود جزائريين على الأقل قتلوا وجرح اثنان آخران بعد تعرضهم لإطلاق نار بمحافظة عين الدفلى على بعد 150 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة الجزائرية، في واحدة من أعنف الهجمات منذ أشهر.
وقال بيان وزارة الدفاع الذي نشرته على موقعها الإلكتروني إنه خلال عملية بحث وتمشيط بمحافظة عين الدفلى تعرضت مفرزة للجيش الوطني الشعبي لإطلاق نار من قبل مجموعة إرهابية.
وأفادت الوزارة بأنه فور وقوع هذه الجريمة، تم تطويق المنطقة ومباشرة عملية تمشيط واسعة ومطاردة هؤلاء المجرمين واكتشاف مخابئهم وتدميرها.
ولم تعلن الوزارة عن حصيلة القتلى في صفوف منفذي الهجوم، ولكنها أكدت أن مثل هذه الأعمال الإجرامية التي تأتي بعد الضربات الموجعة التي تلقتها الجماعات الإرهابية والخسائر الفادحة التي تكبدتها في الأشهر الأخيرة، لن تُزيد أفراد الجيش الوطني الشعبي إلا عزيمة وإصرارا لمطاردة المجرمين والقضاء عليهم.
كانت شهدت الجزائر حالة من الاستقرار بعد الصراع الذي دار في التسعينيات مع الجماعات المتطرفة، فيما عادت الجماعات الإرهابية تنشط في المناطق الجبلية النائية معظمها ينتمي لتنظيم القاعدة وداعش، كان آخرها عام 2011 حينما استهدفت مجموعة مسلحة رتلًا عسكريًّا بمحافظة تيزي وزو بوسط البلاد، وراح ضحيتها 10 عسكريين، لتتجه بعهدها المجموعات المتطرفة لأسلوب التفجيرات والقنابل اليدوية والاغتيالات الفردية واستهداف المقار الأمنية والحكومية؛ الأمر الذي يعد انتقالًا نوعيًّا في نشاط الجهاديين.
استهداف الجزائر

فيما أكدت مصادر عسكرية أن دورية لإحدى وحدات الجيش الجزائري تعرضت إلى كمين مزدوج نصبه لها فصيل جهادي مسلح، ببلدتي وادي الجمعة وأولاد عنتر بمحافظة عين الدفلى، فقتلت 14 عسكريًّا، وأصابت عددًا آخر، واستولت على أسلحتهم، قبل أن تخلي مسرح العملية وتنسحب إلى قواعدها في جبال وغابات المنطقة.
وأكد متابعون أن العملية الأولى نفذها إرهابي تنكر في زي راعي غنم بالقرب من بلدة وادي الجمعة شرقي المحافظة، وقُتِلَ فيها جنديان وأصيب آخر بجروح بليغة، كانوا على متن سيارة مدنية في عملية ترقب للوضع في المنطقة، قبل أن يباغتهم الإرهابي الذي كان يترصد حركتهم بوابل من الرصاص.
أما العملية الثانية فقد نفذت ببلدة أولاد عنتر غربي المحافظة، استعمل فيها الإرهابيون كوكبة من الحمير لتعطيل حركة سير الدورية العسكرية، لتتم مباغتتهم بإطلاق نار كثيف وقنابل يدوية، فقُتل 11 عسكريًّا وجُرح عددٌ آخر.
وتبنى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هذا الهجوم، وقال في بيان نشرته مواقع جهادية: إن عناصره تمكنت من قتل 14 عسكريًّا إثر كمين نصبته لمجموعة من جنود الجيش الجزائري.
تهديدات "داعش"

ويرى مراقبون أن العملية كانت منتظرة وبالأخص عقب التهديدات التي طالت الجزائر في الأسبوع الأخير من شهر رمضان، حيث بث تنظيم داعش الإرهابي، نهاية الأسبوع الماضي، فيديو من 5 دقائق بعنوان "رسالة إلى أهل الجزائر"، دعا فيه إلى الحرب على البلاد وتكفير مواطنيها.
ويظهر في الفيديو شخصيتان رئيسيتان، هما "أبو البراء الجزائري" و"أبو حفص الجزائري"، حيث انتقد هذا الأخير تدخل الحكومة في مالي، معتبراً أن "ولاء الجزائر للنظام العالمي وثيق، وحربها للإسلام قديمة".
وادعى أبو حفص أن "تكفيرهم والبراءة منهم وقتالهم ملة إبراهيم، ودعوة جميع الأنبياء"، مشدداً على أن "الطريق الأوحد لحاكمية الشريعة هو الجهاد".
ووجه التنظيم رسالة إلى "جند الخلافة في ولاية الجزائر"، معتبراً أنهم "الأمل"، ودعا "الجماعات الجهادية الأخرى" لمبايعة هذا التنظيم الإرهابي.
وتابع أبو حفص: "رحنا ببيعة إخواننا بسكيكدة وصحراء الجزائر، ونقول للجماعات الجهادية الأخرى: يجب لزوم الجماعة.
وهدّد التنظيم الإرهابي، على لسان أبو البراء، الجزائريين قائلاً: "إنكم ستكونون حطب الحرب المقبلة، إن اشتعلت في أرض الجزائر، ولن نقبل حتى نصل إلى الأندلس".
وكانت "جند الخلافة" من الجماعات التي بايعت تنظيم داعش من أشهر، كما قامت باختطاف سائح فرنسي، هو هيرفيه غورديل، وبثت شريط فيديو لقتله.
يذكر أن أجهزة الأمن الجزائرية تضيِّق الخناق على الإرهابيين، عبر القضاء على بعضهم واعتقال آخرين.
الجيش يقتل 16 عنصرًا من القاعدة

ويرى متابعون للشأن الجزائري، أن عملية عين الدفلى تأتي لتحقيق الصدى الإعلامي أسوة بالعمليات التي عرفتها عدة دول خلال أيام عيد الفطر، وكرد استعراضي على جهود الجيش والأمن الجزائريين في محاربة الإرهاب.
ولم تستبعد مصادر أمنية أن تكون العملية محاولة من الفصيل الجهادي للتنفيس عن عناصر كتيبة الأنصار الواقعة منذ أسابيع تحت حصار مشدد وعملية تمشيط واسعة تنفذها وحدات مشتركة للجيش الجزائري من الناحية العسكرية الأولى البليدة، ويشرف عليها اللواء الحبيب شنتوف.
وشددت قيادات الجيش الجزائري في الآونة الأخيرة، وعلى رأسها قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، على ضرورة الاستعداد التام لمختلف التطورات الأمنية، وتم بموجب ذلك رفع حالة التأهب والاستنفار إلى الدرجات القصوى؛ تحسبا لأي عمل إرهابي.
هذا وقد أكدت صحيفة جزائرية أن قوات الجيش قتلت 16 عنصرًا من القاعدة بينهم أجانب في عملية لا تزال متواصلة وجاءت ردًّا على هجوم عين.
وذكرت صحيفة الخبر في موقعها الإلكتروني مساء أمس الأحد 19 يوليو 2015، أن قوات الجيش الجزائري تمكنت بعد إغلاق المنطقة تماما انطلاقا من طارق بن زياد بالجنوب الغربي لولاية عين الدفلى، مرورًا بواد الجمعة وجبل اللوح مرورًا بمنطقتي أولاد عنتر بالناحية الجنوبية لولاية المدية إلى غاية أولاد أحمد ببلدة بربوش، من القضاء على 16 إرهابيًّا من تنظيم القاعدة بينهم عناصر أجنبية.
وكشف ذات المصادر أن الجيش أحكم الطوق على المجموعة الإرهابية التي يتراوح عددها بين 20 و25 إرهابيا، من خلال استخدام المدفعية الثقيلة، في وقت كانت سيارات الإسعاف العسكرية التي رافقت عشرات الآليات والشاحنات التي اتجهت صوب المنطقة المحاصرة على امتداد حوالي 40 كيلومترًا تنقل جثث الإرهابيين.
وينشط في الجزائر 6 جماعات إرهابية، ويعد تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، أكبر تنظيم إرهابي في الجزائر، وتأسس عام 2007 على أنقاض "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي حلت بعد صراع بين أمرائها.
ويتركز نشاط هذا التنظيم الذي يقوده عبد المالك دروكدال المشهور بـ "أبو مصعب عبد الودود" في محافظات وسط الجزائر وخاصة الواقعة شرق العاصمة التي يقول خبراء أمنيون: إنها المعقل الرئيس للتنظيم.
ويفرض التنظيم نفوذه في المنطقة خلال السنوات الماضية نحو الساحل الإفريقي وكذا تونس وليبيا؛ حيث تنشط كتائب تابعة له في هذه الدول.