بعد نجاح "أميصوم".. هل تلفظ الشباب الصومالية أنفاسها الأخيرة ؟
السبت 25/يوليو/2015 - 01:31 م
طباعة
سيطرت القوات الصومالية على مدينة دينسور جنوب البلاد والتي تعد من أهم معاقل حركة الشباب الاسلامية المتشددة والتي تمثل فرع تنظيم القاعدة في الصومال، في ضربة جديدة للمتشددين بعد استعادة قوات الاتحاد الأفريقي لبلدة بارديري.
سيطر الجيش الصومالي
سيطر الجيش الصومالي وقوة الاتحاد الافريقي في الصومال على معقل لحركة الشباب الاسلامية في جنوب البلاد هو الثاني الذي يتم استرداده من الحركات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة خلال اقل من اسبوع.
وأعلن وزير الدفاع الصومالي عبد القادر شيخ علي ديني، الجمعة 24 يوليو، عن سيطرة القوات الصومالية مدعومة بقوات الاتحاد الإفريقي، على معقل لحركة "الشباب" جنوب الصومال.
وكان السلطات الصومالية قد اعلنت الأربعاء 22 يوليو 2015، سيطرة الجيش الصومالي وقوات الاتحاد الإفريقي الأربعاء، على باردهيري في الجنوب الصومالي، أحد آخر معاقل حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال.
وذكر الجنرال عبد القادر شيخ علي ديني في تصريح صحفي بأن القوات العسكرية الصومالية سيطرت على منطقة دينسور في ثاني انتصار لها في أقل من أسبوع، مؤكدا أن عناصر الحركة لاذوا بالفرار فيما تقوم القوات الصومالية بإعادة الأمن إلى المكان.
واستعادت القوات الصومالية مدعومة بقوات الاتحاد الإفريقي "أميصوم"، الأربعاء 22 يوليو السيطرة على بلدة "بارديري" جنوب الصومال أحد آخر معاقل متمردي حركة "الشباب" التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال.
واكد احد قياديي حركة الشباب شيخ احمد ابو عبيدة ان رجاله خسروا المدينة لكنه شدد على انهم لم يهزموا وان المعارك مستمرة.
وقال "ان قوات النصارى الغزاة والمرتدين الصوماليين دخلوا الى بعض اجزاء باردهيري بعد ظهر اليوم (...) لكن المجاهدين يكثفون مقاومتهم"، مضيفا "ان المقاتلين المجاهدين ما زالوا في المنطقة وهذه المواجهة ستستمر لمدة اطول مما يعتقده العدو".
قوة "اميصوم"
ويتمركز في الصومال نحو 22 ألف جندي من عناصر قوة "أميصوم" التي تشكلت من عدة بلدان إفريقية، أبرزها أوغندا، وإثيوبيا، وكينيا، وتتعاون مع القوات الحكومية الصومالية في مساعيها لحفظ السلام، وإعادة بسط سيطرتها على البلاد، والتصدي للجماعات المسلحة المتمردة، وعلى رأسها حركة "الشباب" التي تشكلت في العام 2004 والتي تمثل فرع تنظيم القاعدة في الصومال.
وتنتشر قوة الاتحاد الافريقي في الصومال منذ 2007 للتصدي لحركة الشباب. وقد طردت قبل أربع اعوام حركة الشباب المتشددة من مقديشو ثم من معظم البلدات التي كانوا يحتلونها في وسط وجنوب الصومال حيث بسطوا سلطتهم على جزء كبير من المناطق لفترة طويلة.
وتأتي السيطرة على باردهيري بعد اقل من اسبوع من اطلاق قوة اميصوم عملية "ممر جوبا"، في هجوم جديد تشارك فيه قوات اثيوبية وكينية ويهدف الى اخراج عناصر حركة الشباب الاسلامية من المناطق الريفية بجنوب البلاد.
ووصف بيان للجيش الكيني ب"لحظة اساسية في القتال ضد الشباب" السيطرة على جسر قريب من باردهيري، النقطة الاستراتيجية التي ينقل الاسلاميون عبرها المقاتلين والعتاد من الصومال الى كينيا المجاورة.
ويؤكد الجيش الكيني ان قواته التي تقاتل الى جانب الجنود الصوماليين قتلت 24 اسلاميا على الاقل خلال هذه العمليات. ولم تتوفر اي حصيلة من مصدر مستقل.
ويأتي هجوم اميصوم بعد اعلان السلطات الكينية، ان قصف طائرة اميركية بدون طيار ادى الى مقتل نحو ثلاثين عنصرا من الشباب بينهم عدد من قياديها في جنوب الصومال.
صراع حركة الشباب
وتأتي جهود الجيش الصومالي مدعوما بالقوات الاتحاد الافريقي لتضع حدا لجمات مقاتلي الحركة المتشددة في الصومال، وتؤشر علي قرب نهاية التنظيم في البلاد،
وتؤكد حركة الشباب المتشددة الذين يخوضون صراعا مع الحكومة الصومالية منذ 2007 تصميمهم على الحاق الهزيمة بالجيش الصومالي المدعوم عسكريا بـ 22 الف جندي في قوة الاتحاد الافريقي.
وبالرغم من الهزائم العسكرية التي لحقت بهم وطردهم من معظم معاقلهم في وسط وجنوب الصومال لا يزال الشباب يسيطرون على مناطق ريفية واسعة ويكثفون عملياتهم ضد المؤسسات الصومالية وقوة الاتحاد الافريقي حتى في وسط مقديشو.
ورغم ما تواجه الحركة من تراجع الدعم المالي والعسكري، مما جعلها تنتهج أسلوب حرب عصابات وعمليات انتحارية وخصوصا في مقديشو، في اطار التخلي عن اسلوب الحرب التقليدي، مما يكون اكثر ازعاجا لقوات الحكومة.
ولم تقف هجمات الشباب الصومالية في الداخل بل كثفت هجماتها ايضا خارج الصومال وخصوصا في كينيا حيث شنوا هجومين ضخمين ضد مركز ويستغيت التجاري في نيروبي (67 قتيلا في سبتمبر 2013) وجامعة غاريسا شمال شرق البلاد (148 قتيلا في ابريل2015).
واخر هجوم للشباب على اميصوم الى 26 يونيو، استهدف قاعدة بشمال غرب مقديشو. وقتل نحو خمسين شخصا غالبيتهم من الجنود البوروندييين اثناء ذلك الهجوم الذي يعد من الهجمات الاكثر دموية ضد اميصوم منذ انتشارها في الصومال قبل ثماني سنوات.
وفي 7يوليو2015، أعلنت الحركة مسؤوليتها عن هجوم مسلح على بلدة مانديرا بشمال شرق كينيا في غارة قالت إنها ضمن حملتها ضد كينيا.
وقال الشيخ عبد العزيز أبو مصعب المتحدث باسم العمليات العسكرية في حركة الشباب "نفذنا هجوم مانديرا.. قتلتا أكثر من عشرة كينيين مسيحيين.. إنه جزء من عملياتنا المستمرة ضد كينيا".
وقتل 14 شخصا على الاقل واصيب 11 بجروح في هجوم على قرية في شمال كينيا بالقرب من الحدود مع الصومال نسبته السلطات الكينية الى حركة الشباب.
مستقبل الحركة
وجاءت هزيمة الحركة علي يد القوات الجيش الصومالي وقوات اللاتاحاد الافر يقي، في أهم معاقلها بمدينة باردهيري جنوب الصومال، لتفتح تساؤلات علي مستقبل الحركة في ظل رفع اغلب دول العالم راية الحرب علي الإرهاب وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا، والتي تعاني من الجماعات المتشددة الموالية لتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الاسلامية "داعش".
وجاءت تراجع حركة الشباب الصومالية وتغير تكتيك عملياتها واستراتجية المواجهة مع القوات النظامية عبر حرب العصابات واتخاذ اسلوب التفجيرات وعدم المواجهة المباشرة، ليؤشر علي تراجع الدعم الشعبي من قبل الصوماليين للحركة.
تحرير اهم معاقل الحركة في جنوب الصومال يؤكد علي تراجع نفوذ حركة الشباب المتشدد في جنوب الصومال والتي تعتبر الموطن الرئيسي للحركة ومعقل انتشارها في البلاد ومصدر قوتها.
و منذ عام 2010 كانت بوادر الانشقاق كامنة في نسيج حركة الشباب بوجود صراع مكتوم بين أمير الحركة أحمد عبده جودانى الملقب بـ (الشيخ مختار أبو زبير)، وبين الشيخ مختار روبو علي الملقب (أبو منصور) الرجل الثاني في الحركة حول إدارة الحرب ضد قوات الحكومة الصومالية وقوات الاتحاد الإفريقي، وكذلك حول مواقف الحركة السياسية والأيديولوجية تجاه الوضع في الصومال، وكذلك الموقف من مفاوضات التوحيد بين حركة الشباب والحزب الإسلامي الذي كان يتزعمه الشيخ حسن طاهر أويس.
ارتفعت حدة الخلافات بين اعضاء الحركة، مما ادي الي ارسال أحد مؤسسي حركة الشباب ومنظري السلفية الجهادية في الصومال، إبراهيم حاجي ميعاد الملقب (إبراهيم أفغاني)في ابريل 2012، رسالة مفتوحة إلى زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بعنوان “أنا النذير العريان” مطالبا إياه بالتدخل وإنقاذ الحركة مما أسماه “النفق المظلم” وقد وجه فيها انتقادات لاذعة لأمير الحركة واصفا إياه بـ”دكتاتور” يتهم كل من خالفه في الرأي بالخيانة.
كما تاتي سياسة أرض المحروقة التي تبنتها حركة الشباب بمنع أي وجود إسلامي مسلح غيرها، والقضاء على الحزب الإسلامي بعد معارك واغتيالات أجبرت الأخير على الاندماج مع حركة الشباب حفاظا على سلامتهم، والعداء الواضح التي تجهر الحركة ضد علماء جماعة الاعتصام السلفية والذي بلغ حد التصفيات الجسدية بسبب تبرؤ المراجع السلفية من نهج الحركة المناقض للسلفية في قضايا عقدية ومنهجية مثل التكفير بالشبهة واستحلال الدماء والأموال بذرائع واهية أدى في النهاية إلى إحداث فجوة كبيرة بين الحركة والعلماء والواجهات الإسلامية الأخرى.
ومن اهم عوامل تراجع الحركة وتشرذمها هو الدعم الافريقي والعربي لجيش والحكومة الصومالية، مع تراجع الدعم المالي والعسكري للحركة الشباب الصومالية يؤكد علي أن مستقبل الحركة بات في خطر وعلي وشك الانتهاء في البلاد.
الحرب العالمية علي الإرهاب ساهمت بشكل كبير في اجتماع الدول الكبري والدول الافريقية المجاورة للصومال علي انهاء سيطرة المليشيات والجماعات المتطرفة علي مقاليد الأمور في البلاد، وهو ما يؤشر علي تغير المعادلة في الصومال لصالح الدولة والمؤسسات الرسمية.
الشباب الصومالية إلى أين؟
المؤشرات تذهب الي أن نجم حركة الشباب المتشددة بدا في الأفول في الصومال.. فالضربات الموجعة والهزائم المتتالية التي مُنيت بها الحركة في العامين الأخيرين قد خلقت حالة من الارتباك النفسي لدى القادة بعد أن فقدت الحركة عددا من المدن الرئيسة، مثل مقديشو وبيداوة وكسمايو ومركا وجوهر وبلدوين، وانحسار نفوذها في الأرياف والمدن الصغيرة في بعض وسط وجنوب الصومال، وعندما تواجه أي حركة مسلحة هذا القدر من الخسائر المادية والبشرية وتفقد كثيرا من سطوتها، فغالبا ما تصبح عرضة لأزمات داخلية ولتصدعات، وهذا ما يصيب حاليا حركة الشباب.
نتائج الصراع علي الارض يؤكد علي أن الشباب بعد أعوام من السيطرة والسطوة العسكرية في الجنوب الصومالي تمر الآن بأصعب مراحلها، حيث إنها تعاني صراعا داخليا مريرا جاء في الوقت الذي فقدت معظم المواقع والمدن الاستراتيجية التي كانت تسيطر عليها، وتزداد عليها الضغوط العسكرية في كل الجبهات ما قد يؤذن باقتراب أفول نجم الحركة في الصومال.
فهل يتنجح الحكومة الصومالية والقوات الافريقية في القضاء علي الحركة؟