في خطوة سريعة، تطورت الأحداث الأخيرة في تركيا على حدودها الجنوبية، خاصة عقب مجزرة مدينة سروج التي راح ضحيتها 32 من النشطاء اليساريين ممن قدموا من إسطنبول وأنقرة؛ الأمر الذي أدى إلى اشتعال غضب تركيا، وشن الجيش التركي غارات جوية علي مواقع تنظيم داعش في سوريا وعناصر حزب العمال الكردستاني شمال العراق، فيما اعتقلت الشرطة في جميع أنحاء تركيا 590 شخصاً متهمين بالارتباط بتنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني.

في الوقت الذي قال رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان البارزان، إن حكومته مستعدة للمساعدة في عقد هدنة والمضي قدمًا في عملية السلام بتركيا، معتبرًا أن استعمال القوة والعنف لا يحل أي مشكلة، رد حزب العمال الكردستاني، في بيان له على هجمات تركيا، قائلا: لقد تم إنهاء الهدنة مع أنقرة، مضيفًا لم يعد للهدنة أي معنى بعد هذه الضربات الجوية المكثفة للجيش التركي.

وبعد كثير من المحاولات الأمريكية بانضمام تركيا للتحالف الدولي التي تشنه ضد تنظيم داعش الإرهابي، وافقت أنقرة مؤخرًا على الانضمام باستخدام طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقواعدها الجوية ضد تنظيم داعش.

وكانت السلطات الأمنية قد أعلنت عن انطلاق عملية أمنية واسعة منذ صباح اليوم الجمعة الماضي شملت 16 مدينة تركية، واعتقلت خلالها العشرات من المشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش.

أضافت الوزارة في بيان لها، أن الطائرات التركية أيضاً ستشارك في عمليات ضد الإرهابيين وأنها تتوقع التنسيق لتعزيز أمن أولئك الذين يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم داعش في سوريا.

وبررت تركيا في رسالة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، غارتها الجوية ضد "داعش" في سوريا بأن الحكومة السورية إما غير قادرة أو غير مستعدة لمواجهة التنظيم، مشيرة إلى أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تعطي الدول بشكل منفرد أو جماعي حق الدفاع عن النفس في مواجهة الهجمات المسلحة كمبرر لعملها.

في الوقت نفسه، ردت الولايات المتحدة على موقف تركيا بانضمامها للتحالف الدولي، بأن أعلنت واشنطن اليوم الأحد 26 يوليو 2015، أن حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية وأيدت ضربات أنقرة لمواقعه، لكنها أكدت أن لا صلة لهذه الضربات باتفاقهما الأخير لتكثيف جهود التصدي لـ داعش، في محاولة من أمريكا لإبعاد الشبهة عنها بوجود صفقة متبادلة مع تركيا عقب انضمام الأخيرة للتحالف الدولي.

وتقاتل عناصر حزب العمال الكردستاني القوات التركية منذ عقود؛ من أجل الحصول على الحكم الذاتي في المناطق ذات الأغلبية الكردية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ محادثات سلام مع الأكراد عام 2012. 

يذكر أن حزب العمال المحظور في تركيا، لديه معسكرات تدريب ومواقع عدة في مناطق، إحدى المحافظات الثلاث لإقليم كردستان في شمال العراق. 

وقال مسئول في البيت الأبيض: إن تركيا يحق لها الدفاع عن نفسها ضد هجمات "المتمردين" الكرد، مُرَحِّبًا كذلك بتزايد تركيز وجهود تركيا للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية.

في نفس السياق قال بريت ماكجيرك نائب المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي: إن الولايات المتحدة تدين الهجمات التي نفذها مقاتلو حزب العمال الكردستاني في تركيا في الآونة الأخيرة.

وتأتي التصريحات الأمريكية بعد أن أعلنت تركيا الحرب على جبهتين، إذ وجهت ضربات لمقرات حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" بالتزامن مع ضرب داعش رداً على مقتل ضباط وجنود أتراك، على يد مقاتلي التنظيم.

في ذات الوقت ذكرت صحيفة "حريت" التركية أن الاتفاق بين تركيا والولايات المتحدة الذي يسمح للطائرات الأمريكية باستخدام قاعدة إنجرليك جنوب تركيا لشن هجمات على تنظيم "داعش" في سوريا، يشمل أيضًا إقامة منطقة حظر طيران على أجزاء من حدود سوريا مع تركيا.

وستضمن منطقة حظر الطيران إنشاء منطقة آمنة على الأرض يمكن أن تمتد لحدود 50 كم في عمق سوريا، وستعمل المنطقة الآمنة على منع تسلل الإرهابيين وتخفيف تدفق اللاجئين إلى تركيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن الطائرات السورية لن تتمكن من التحليق في منطقة حظر الطيران وسيجري استهدافها في حال فعلت ذلك.

ويري مراقبون أن حزب العمال الكردستاني لا يقل خطورة عن تنظيم داعش الإرهابي أو غيره من المنظمات الإرهابية، موضحين أن تجريم هذا الحزب جاء متأخرًا على الرغم من الجرائم الذي ارتكبها والعمليات التفجيرية الذي قام بها في تركيا.

وأوضح محللون تركيون أن الأكراد يريدون اقتطاع جزء من الجنوب التركي والشمال السوري بمباركة أمريكية إسرائيلية.